لا يعرف التمثيل المشرف
منتخب مصر ينافس فى إفريقيا وعينه على المونديال
محمد عادل حسنى
التمثيل المشرف مفهوم يجب أن يختفى من القاموس الكروى؛ لأنه لا يليق بتاريخ منتخب اعتاد الصعود إلى منصات التتويج باللقب؛ ومن بعده الوصول للمونديال لا يجب أن يكون نهاية الطموح بل بدايته.
بدأ منتخب مصر الأول بطولة كأس الأمم الإفريقية؛ وهو يحمل مسؤولية مضاعفة تتجاوز حدود المنافسة القارية لتصل إلى إعادة تصحيح مسار كامل للكرة المصرية؛ بعد سنوات من التعثر على مستوى المنتخبات الأصغر؛ فهذه المشاركة لا يمكن النظر إليها كبطولة مستقلة بل باعتبارها حجر الأساس فى مشروع وطنى يستهدف استعادة الهيبة الإفريقية؛ والانطلاق بثبات نحو تحقيق حلم الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة فى كأس العالم بعقلية لا تعرف الرضا بالحد الأدنى.
منتخب مصر اليوم مطالب بأن يكون الواجهة التى تعوض إخفاقات المنتخبات التى تليه؛ وأن يقدم النموذج الذى يثبت أن المشكلة لم تكن فى اللاعب المصرى؛ ولا فى الموهبة بل فى غياب التخطيط والرؤية,فالمنتخب الأول يملك فرصة حقيقية لإرساء قواعد مشروع متكامل ينعكس إيجابيًا على كل المنتخبات الوطنية؛ ويعيد الثقة فى المنظومة الكروية بالكامل.
الأكثر تتويجًا
خارطة الطريق تبدأ من الاعتراف بقيمة مصر الكروية؛ فمصر هى الأكثر تتويجًا بكأس الأمم الإفريقية والأكبر تاريخا فى القارة واسمها ارتبط دائما بالبطولات لا بالمشاركات؛ وهذا التاريخ لا يجب أن يتحول إلى ضغط بل إلى مصدر قوة يمنح اللاعبين الثقة والإيمان بأن المنافسة على اللقب ليست حلمًا بل حقً مكتسب.
المنافسة
ومن هنا يصبح الهدف فى كأس الأمم الإفريقية واضحا، وهو المنافسة على التتويج حتى اللحظة الأخيرة؛ لا الاكتفاء بالأدوار المتقدمة؛ فالفارق بين البطل ومن يمثل بشكل مشرف هو الفارق فى العقلية قبل الإمكانيات؛ والمنتخب الذى يدخل البطولة وهو يفكر فى تفادى الخسارة لن يستطيع الوصول إلى منصة التتويج.
الفوز
الروشتة الحقيقية لنجاح منتخب مصر؛ تبدأ ببناء عقلية الفوز داخل المعسكر؛ فلا بد من ترسيخ قناعة أن كل مباراة هى خطوة نحو اللقب؛ وأن احترام المنافس لا يعنى الخوف منه؛ وإن اللعب بثقة لا يتعارض مع الانضباط التكتيكى بل يكمله فالبطولات الكبرى تحسمها الفرق التى تجمع بين الجرأة والالتزام.
كما أن الجهاز الفنى مطالب بإدارة البطولة باعتبارها ماراثونا طويلا لا سباقا قصيرًا؛ فالتدوير المدروس ومنح الفرصة لكل العناصر الجاهزة؛ والحفاظ على المعدلات البدنية سيكون عاملًا حاسما فى الوصول إلى الأدوار النهائية؛ فالمنتخب القادر على الصمود بدنيا وذهنيا هو الأقدر على حسم البطولات الإفريقية.
البطل
منتخب مصر أيضا مطالب بأن يقدم شخصية واضحة داخل الملعب؛ شخصية الفريق الذى يفرض أسلوبه ولا ينتظر أخطاء المنافس؛ فاللعب بروح المبادرة لا تعنى التهور بل يعكس الثقة فى القدرات الفنية والبدنية للاعب المصرى؛ وهى قدرات أثبتت نفسها محليا وقاريا وعالميا مع أندية كبرى.
القضاء على عقدة التمثيل المشرف لا يتحقق بالشعارات بل بالممارسة اليومية باختيار أهداف واضحة؛ فالتمثيل المشرف مفهوم يجب أن يختفى من القاموس الكروى المصرى؛ لأنه لا يليق بتاريخ منتخب اعتاد الصعود إلى منصات التتويج فمصر لا تدخل البطولات لتتعلم بل لتنافس وتفوز.
كأس العالم
ومن المهم أن يكون الأداء فى إفريقيا انعكاسا مباشرا للتحضير لكأس العالم؛ فالوصول للمونديال لا يجب أن يكون نهاية الطموح بل بدايته فمنتخب مصر القادر على فرض نفسه قاريا يستطيع أن يذهب إلى كأس العالم وهو مؤمن بحقه فى تجاوز الأدوار الأولى والذهاب لأبعد نقطة ممكنة إذا توافرت له العقلية المناسبة.
خارطة الطريق نحو العالمية تمر عبر إفريقيا بقوة؛ فمواجهة مدارس كروية متنوعة داخل القارة تمنح اللاعبين خبرات لا تقدر بثمن؛ وتجهيزهم نفسيا وبدنيا لمواجهات المونديال؛ والمنتخب الذى ينجح فى التعامل مع الضغوط الإفريقية سيكون أكثر قدرة على مواجهة الضغوط العالمية.
نجاح المنتخب الأول سينعكس تلقائيا على المنتخبات الأصغر؛ وسيمنحها نموذجا يحتذى به فى الالتزام والانضباط والطموح؛ فالقدوة الحقيقية لا تصنعها المحاضرات بل النتائج؛ والمنتخب الأول هو المرآة التى تنظر إليها كل الأجيال القادمة.
دعم الجماهير
ولا يمكن إغفال دور الإعلام والجماهير فى دعم هذه الخارطة؛ فالمطلوب هو مساندة واعية تؤمن بالمشروع وتدعم المنتخب دون تهوين أو تهويل؛ فالمنتخب يحتاج إلى منحه الثقة لا تحميله أعباء إضافية؛ كما يحتاج إلى نقد بناء يهدف إلى التصحيح لا الهدم.
منتخب مصر اليوم مطالب بالثقة والعمل فى هدوء؛ وهو يملك من المقومات ما يؤهله لتحقيق ما هو أكبر من مجرد مشاركة مشرفة، فالتاريخ يقف فى صفه والجماهير خلفه، والطموح مشروع والفرصة قائمة لكتابة فصل جديد يعيد للكرة المصرية مكانتها الطبيعية.
وفى النهاية فإن بطولة كأس الأمم الإفريقية ليست الهدف النهائى بل الخطوة الأولى فى طريق طويل يبدأ من التتويج القارى؛ ولا يتوقف إلا عند الوصول إلى المكانة التى تليق باسم مصر عالميا؛ فمنتخب مصر لا يمثل بل ينافس ولا يشارك بل يسعى للفوز؛ وهذه هى العقلية التى تستحقها الكرة المصرية اليوم وغدًا.







