الأربعاء 31 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

من أضواء الشهرة إلى قاعات المحاكم

أبناء وقتلة!

قلبى  على ولدى انفطر، وقلب ولدى علىّ حجر.. مقولة شعبية مصرية شهيرة منذ قديم الأزل، ربما تكون هى الأجدر لوصف حوادث مخيفة حدثت فى 2025  لمشاهير كرّسوا حياتهم لأبنائهم، داخل بيوت يُفترض أنها كانت محمية بالحب، أو الشهرة، أو المال، ليجدوا أن رد الجميل طعنة فى الظهر، أو إهمال.



فمنذ أيام قليلة، اهتز الرأى العام الأمريكى والعالمى على حادث مقتل المخرج الشهير «روب راينر»، وزوجته على يد ابنهما، إلاّ أن مقتل «راينر» لم يكن حادثًا فرديًا أو فريدًا، إذ كان 2025 عامًا مريبًا فى ذاكرة الجرائم المرتبطة بالمشاهير.

 هذا الشبل قتل الأسد

فى 14 ديسمبر الجارى، عثرت السلطات الأمريكية فى مدينة «لوس أنجلوس» على جثتىّ المخرج الأمريكى الشهير «روب راينر»، البالغ من العمر 78 عامًا، وزوجته المنتجة «ميشيل» داخل منزلهما فى حى «برينتوود». 

وفى اليوم نفسه، ألقت الشرطة الأمريكية القبض على ابنهما الأصغر «نيك راينر»، البالغ من العمر 32 عامًا؛ حيث أفادت الشرطة بأن ابنهما- الجانى- لم يبد أى مقاومة أثناء توقيفه. 

كما أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية أن ابنة الزوجين «رومى راينر» هى مَن عثرت على الجثتين داخل المنزل.. مؤكدة أن الضحيتين تعرضتا لطعنات متعددة، كما أُدرج فى ملف الاتهام أن «نيك راينر» استخدم (سلاحًا قاتلًا وخطيرًا). 

لم تكن عائلة «راينر» تخفى معاناة ابنها «نيك»؛ حيث تحدّث «روب، وميشيل» علنًا فى مناسبات سابقة عن صراع ابنهما الطويل مع الإدمان؛ خصوصًا خلال فترة المراهقة، ودخوله المتكرر إلى مراكز إعادة التأهيل.. كما وثقت العائلة هذه التجربة بشكل غير مباشر من خلال فيلم (Being Charlie) الذى عرض عام 2015.

 الولد (ليس) سر أبيه

فى الأسبوع الأول من شهر ديسمبر ذاته، هزت واقعة مأساوية أخرى الوسط الفنى والثقافى فى «الولايات المتحدة»؛ حيث لقى مغنى الأوبرا الأمريكى الشهير، والمرشح لجائزة (جرامى) «جوبيلانت سايكس» مصرعه طعنًا داخل منزله فى مدينة «سانتا مونيكا» بولاية «كاليفورنيا»، فى حادثة تحولت سريعًا من بلاغ طارئ لقضية جنائية صادمة؛ خصوصًا بعد إلقاء القبض على ابنه (الوحيد) للاشتباه فى ارتكابه جريمة القتل. 

القصة بدأت حين تلقت شرطة «سانتا مونيكا» اتصالًا، يفيد بوجود اعتداء جارٍ داخل أحد المنازل فى حى سكنى هادئ بالمدينة الساحلية الواقعة غرب «لوس أنجلوس».. وعلى الفور، تحركت الدوريات إلى الموقع؛ حيث عثر الضباط على «سايكس»، البالغ من العمر 71 عامًا، مصابًا بجروح خطيرة، ناجمة عن طعنات متعددة داخل منزله.

وخلال تأمين الموقع، تبيّن وجود نجل الضحية «مايكا سايكس»، البالغ من العمر 31 عامًا، داخل المنزل؛ حيث تم توقيفه دون أى مقاومة تُذكر؛ للاشتباه فى ارتكابه جريمة القتل.

وتبيّن خلال التحقيقات أن والدة المتهم شهدت الهجوم المزعوم وقد تم تقديم معلومات طبية ونفسية حساسة تفيد بأن المتهم يعانى من مرض الفصام، ولا يتلقى العلاج المناسب لحالته.

وفى 13 ديسمبر، نُقل المتهم لمركز احتجاز «بيتر جيه. بيتشيس» بعد أن أكدت لائحة الاتهام الجنائية التى قدمها مكتب المدعى العام، أن «ميكا سايكس» قتل والده مستخدمًا سلاحًا فتاكًا.. موضحة أن أدوات الجريمة شملت (سكينًا، ومقصًا للحدائق، وقضيبًا حديديًا).

 قتل القتيل والبكاء فى جنازته

فى 27 سبتمبر الماضى، كان صدى الصياح والعويل يهز أرجاء الشوارع فى «تركيا»؛ بسبب رثاء ابنة الفنانة المحبوبة، «جولو»- أيقونة موسيقى الأرابيسك-  لوالدتها الراحلة عن عمر يناهز 52 عامًا؛ حيث كانت الابنة «تويان» تصرخ طوال مراسم الدفن، مرددة: «رحلت أمّى».. وذلك بعد أن استفاقت من حالة إغماء تعرضت لها فور رؤية والدتها فى المشرحة!

المفارقة.. أن تلك الابنة هى مَن قتلت أمها بدم بارد؛ حيث دفعتها من نافذة المنزل بالطابق السادس فى منطقة «تشنارجِك» بولاية «يالوفا»، فى واقعة صادمة هزت الرأى العام التركى. 

وبعد توالى الأدلة التقنية والشهادات التى وضعت الابنة «تويان أولكم جولتر» فى قلب دائرة الاتهام، أعلنت نيابة «يالوفا» أنها لا تتعامل مع الوفاة باعتبارها حادثًا عاديًا أو انتحارًا؛ بل كواقعة مشبوهة تتطلب تحقيقًا معمقًا. 

وبالفعل، جرى توقيف 5 أشخاص، على رأسهم «تويان»، وصديقتها «سلطان نور أولو» اللتان تضاربت أقوالهما عما حدث ليلة الوفاة، إضافة إلى سائق، وصاحب الشقة، ووالد الصديقة، الذى تبين أن له سجلًا جنائيًا، ويخضع للإفراج المشروط. 

الأخطر فى القضية جاء من شهادة أحد المقربين من «سلطان» صديقة الابنة؛ إذ أكد أن «تويان» طلبت منها فصل كابل كهربائى فى غرفة المعيشة، ليتضح- لاحقًا- أن هذا الكابل كان يغذى كاميرا المراقبة الداخلية.. ووفق الشهادة نفسها؛ فإن الفنانة «جولو» كانت فى الحمّام قبل لحظات من الواقعة، ثم دارت مشادة كلامية بينها وبين ابنتها قرب النافذة. 

وذكرت الشاهدة أن الابنة قالت لوالدتها: «هناك فراشة عند النافذة، هل يمكنك إبعادها؟»، لترد «جولو» بنبرة ضيق: «سئمت منك، سأتركك وأرحل».. وهنا- بحسب الرواية- ردت الابنة ببرود: «إذًا وداعًا.. باى باى»، قبل أن تدفع والدتها من النافذة. 

إن هذه الأقوال ترافقت مع تحليل تقنى متقدم أجرته فرق من مهندسى الفيزياء، وخبراء الأدلة الجنائية، افترضت فيها النتائج الأولية وجود قوة خارجية، لا تتماشى مع فرضية السقوط العرضى. 

كما أدلى أصدقاء مقربون من «جولو» بشهادات مؤثرة، أبرزهم صديقتها «تشجدم توران»، التى قالت إن الخلافات بين الفنانة وابنتها تصاعدت فى الأشهر الأخيرة، وإن «جولو» قالت لها قبل أيام من وفاتها: «أحتاجك.. سيقتلوننى»؛  أمّا مساعدتها السابقة «بدرية كارابولوت»؛ فأكدت أن الخلافات بين الأم والابنة لم تكن مجرد مشاحنات كلامية؛ بل وصلت- أحيانًا- إلى اشتباكات جسدية، وأنها لا تصدق- مُطلقًا- رواية سقوطها بأنها حادث عرضى.

 الابن البار قبل الدار

فى واحد من أكثر المَشاهد حزنًا وغموضًا فى هوليوود، أُسدل الستار على حياة الممثل الأسطورى «جين هاكمان»- الحاصل على جائزة الأوسكار- بطريقة بعيدة- تمامًا- عن الأضواء؛ حيث رحل فى عزلة ثقيلة داخل منزله، بعدما سبقته زوجته إلى الموت بأيام قليلة، فى مأساة إنسانية تطرح سؤالًا موجعًا: هل مات «هاكمان»، بسبب المرض فقط، أمْ بسبب الإهمال؟ 

فالجناة هنا لم يقتلوا أبويهما عمدًا؛ بل تركوهما فى طى النسيان.

ففى 26 فبراير الماضى، عثر عاملان للصيانة على جثتىّ «جين هاكمان» صاحب الـ71 عامًا، وزوجته «بيتسى أراكاوا» داخل منزلهما فى ولاية «نيو مكسيكو»، بعد غياب ملحوظ، وانقطاع تام عن العالم الخارجى، فى مشهد صادم؛ حيث كانت علامات التحلل واضحة على الجثتين، دون أى آثار عنف أو شبهة جنائية. 

بدروها، كشفت التقارير الطبية عن معاناة «هاكمان» من أمراض قلب خطيرة ومزمنة، إلى جانب الزهايمر فى مرحلة متقدمة جدًا، وهو مرض لا يسرق الذاكرة فقط؛ بل يسلب الإنسان إدراكه للزمان والمكان، وقدرته على طلب النجدة، أو حتى فهم ما يحدث حوله. 

وبحسب نتائج التحاليل، عُثر فى جسده على مؤشرات تدل على صيام طويل أو ضعف تغذية، وهو ما فتح باب التساؤلات: كيف لرجل فى هذا العمر، وبهذه الحالة الصحية، أن يُترَك دون رعاية مباشرة؟ وأين كان أبناؤه الثلاثة طوال تلك المدة التى ظل فيها وحيدًا لأيام دون طعام، بعد وفاة زوجته بهدوء فى نفس المنزل؟.

وبعد رحيلها، يبدو أن «هاكمان» لم يكن قادرًا على إدراك أنها ماتت، أو على طلب المساعدة، أو حتى على إنقاذ نفسه. 

فى النهاية؛ ينتهى 2025 ليتركنا أمام واقع مؤلم بين أبناء قتلوا آباءهم، وآخرين تركوهم يموتون فى صمت.. عام حصد من الحب والثقة ما لم يُقابل إلاّ بالخيانة، والإهمال، والعزلة؛ ليطرح أسئلة عن مصير الولاء، والإخلاص.