الأحد 9 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
حتى نظل دائما أصحاب الحضارة

أحلف بسماها

حتى نظل دائما أصحاب الحضارة

الجوانب المشرقة فى المجتمع المصرى كثيرة، تكونت وترسخت على مدار آلاف السنين وحضارات عظيمة أسست ودعمت المثل العليا «الخلق الحميد، الإيمان والتوحيد».. ورغم توالى الغزاة والمحتلين لقرون طويلة، ظلت السمات الطيبة للمصريين قائمة.. وإن كنا نحتفل اليوم بإنجازات مصر القديمة والحديثة، فلا يجب أن ينسينا ذلك الخلل الذى أصاب بعض جنبات المجتمع، وظهر فى صورة جرائم قتل غير عادية، وتفسخ العلاقات الأسرية بشكل لم نعهده من قبل.



جرائم القتل موجودة منذ قيام البشرية، ولم يخلُ زمان أو مكان على الكرة الأرضية من وقوع جرائم القتل، لكن المشكلة ومع التطور التكنولوجى أصبحت جرائم القتل على الهواء مباشرة، أصبحت متاحة لكل الفئات العمرية وتأثر الناس بما يشاهدونه على الإنترنت من أفلام قتل سادية ومواقع الدارك ويب التى تستدرج الصبية والشباب، حتى أصبحت رؤية مشاهد الذبح والدماء شيئًا عاديًا لا يخيف أحدًا خاصة الشباب.

لأول مرة نتعرف على جرائم قتل فى المجتمعات الغربية ما تسمى القتل المتسلسل يرتكبها شخصيات غير أسوياء  فيما يعرف بالقتل للقتل، وكانت بعيدة كل البعد عن المجتمع المصرى، فكان أشهر وأقسى ما حدث من جرائم تمت لأسباب منطقية، أشهرها جرائم خُط الصعيد التى بدأت بالثأر وتحولت إلى السرقة والخطف والقتل، وسفاح الإسكندرية محمود سليمان التى تحولت قصته إلى رواية وفيلم للكاتب نجيب محفوظ بعنوان اللص والكلاب، وكان القتل بسبب خيانة الزوجة والصديق.

لكن مع تغير بعض السمات المجتمعية وغزو العادات والمظاهر الغريبة، بالإضافة إلى التكنولوجيا السوداء والمخدرات التخليقية مجتمعة، نقلت إلى المجتمع المصرى جرائم مخيفة وغريبة، وقعت بدون أى هدف عقلانى، مثل جرائم سفاح الجيزة وسفاح التجمع، ثم جريمة الإسماعيلية التى قام خلالها شاب متعاطى مخدر الآيس بذبح رجل مسن وفصل رأسه عن جسده، والكارثة الجديدة انتشار جرائم ارتكبها أطفال حدث أعمارهم لا تتعدى الرابعة عشر مثل جريمة بورسعيد التى قتلت خلالها فتاة والدتها بإيعاز ومساعدة صبى صغير، وآخرها طفل الإسماعيلية الذى قام بقتل وتقطيع زميله تقليدًا لمسلسل أجنبى.

هذا العرض الصعب يقودنا إلى التساؤل: هل تلك الجرائم لم تحرك المؤسسات المسئولة، سواء التربوية أو الاجتماعية أو الأمنية؟!.. فى العقود السابقة القريبة، لو حدثت أى جريمة غريبة كانت تلك المؤسسات تنتفض لدراسة وتحليل الخلفيات والأسباب والحلول.. أذكر أننى تعاملت فى بداية عملى مع المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى بعض التحقيقات الاجتماعية، وكان هذا المركز يضم خيرة الباحثين وكان لهم صوت مسموع عند دق ناقوس الخطر لتفشى أى ظاهرة سلبية قد تؤثر على تماسك البناء المجتمعى أو قد تؤدى إلى تصدعه، وكانت توصيات المركز القومى تصل إلى صناع القرار وعادة كان يؤخذ بها.. أما الآن فلا نجد أى تواجد أو تأثير لتلك المؤسسة المهمة التى كانت تقيم مؤتمرات وندوات يأخذ بها المسئول والمجتمع.

الخطر يكمن فى انهيار العلاقات الأسرية خاصة فى الطبقات غير المتعلمة، والتى ينجم عنها جرائم غريبة عن مجتمعنا، وهنا تبرز مسئولية الهيكل التربوى والتعليمى فى مصر الذى أتمنى أن يأخذ الاهتمام الأكبر من الدولة لأنه عماد المجتمع السوى المتقدم.. وحتى نظل دائما أصحاب الحضارة  الرفيعة فى كل سمات المجتمع.