الإثنين 20 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
سقوط مشروع إسرائيل الكبرى

سقوط مشروع إسرائيل الكبرى

لو كانت حرب غزة قد انتهت بأى طريقة أخرى ما عدا لجوء الولايات المتحدة إلى المفاوض المصرى لما كان ممكنًا أن نعلن سقوط مشروع إسرائيل الكبرى.



إذ إن دولة الاحتلال نجحت فى فرض قراءتها الإقليمية على كافة جبهات الحرب، ففى سوريا سقط نظام بشار الأسد، وفى لبنان سقطت مملكة حزب الله سواء دولة الجنوب أو دولة الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت أو إمارة بعلبك شرق لبنان، وفى العراق تم تحييد الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وقصفت تل أبيب عمق إيران واليمن وأسست قواعد اشتباك جديدة مع طهران، إضافة إلى قيام دولة الاحتلال للمرة الأولى بعمل عسكرى فى دائرة الخليج العربى عبر الغارة التى جرت بحق الدوحة عاصمة قطر.

لكن فى غزة فشلت إسرائيل فى تأسيس احتلال مستدام أو وجود دائم سواء كان عسكريًا أو إعادة المستوطنات، وفشلت فى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وفشلت فى خلق واقع جديد فى قطاع غزة ينتصر لمشروع ريفيرا ترامب، وفشلت فى الإضرار بالأمن القومى المصرى عبر قطاع غزة.

ولم تكن المعالجة المصرية للمشهد الأخير فى حرب غزة معالجة متعجلة، أو تلهث خلف وقف إطلاق النار دون معالجة جذور الأزمة وتبعاتها المحتملة على القضية الفلسطينية والأمن القومى المصرى، لكن عبقرية اتفاق ومؤتمر شرم الشيخ للسلام فى الشرق الأوسط ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة أنه شكل نهاية حقيقية وسقوط مشروع إسرائيل الكبرى.

دولة الاحتلال لن يتوافر لها ثانية قط فرصة مثل ما جرى ما بين أكتوبر 2023 وأكتوبر 2025، فى تنفيذ مشروعها الاستعمارى التوسعى الوظيفى، عبر التهام كل ما تقدر عليه من مساحات وأراض فى الشرق الأوسط، وتقديم أوراق اعتمادها إلى مجلس إدارة العالم باعتبارها سيدة الشرق الأوسط وقوته العظمى دون منافس.

ولم يكن لهذا المشروع الإقليمى الوظيفى أن يحدث وينتصر إلا بكسر مصر، فهذا هو ألف باء الصعود الإقليمى فى بلاد المشرق، وفى الطريق إلى مصر تعاركت المشاريع الإقليمية وتآكلت جميعًا، انهيار المشروع الإيراني، ولحق به المشروع التركى والقطري، وسقطت آخر معاقل المشروع البعثى واليسار والاشتراكية العربية، ولم يعد باقيًا سوى سقوط غزة بيد الاحتلال حتى تصبح مرتكز ومنصة الاحتلال لتنفيذ إسرائيل الكبرى، وهو مشروع لا يتعلق بمصر فحسب ولكن بالخليج العربى ومساحات من الشام وتركيا وإيران.

ولكن مصر تحت قيادة الرئيس المشير عبد الفتاح السيسى القائد الأعلى للأمة المصرية، استطاعت مصر خوض حرب حديثة ليست بالسلاح، لكن بالسياسة والدبلوماسية وكل أدوات الدبلوماسية من أجل الوصول إلى لحظة يقتنع فيها صانع القرار فى البيت الأبيض أنه يجب أن يستمع إلى القاهرة وليس تل أبيب، وأن مشروع الغرب الذى تنفذه إسرائيل أصبح له آثار مدمرة على مصالح الغرب فى الشرق الأوسط.

ونتيجة لذلك، فإن إسرائيل فقدت فرصتها الأخيرة للتحول إلى قوة عظمى فى الإقليم، ولم يعد ممكناً المحاولة فى مشروع إسرائيل الكبرى مرة أخرى، اتفاق ومؤتمر شرم الشيخ أنتج بالفعل شرق أوسط جديد، الدور المصرى فيه هو السيد وصاحب السيادة، وبعد التخلص من مشروع إسرائيل الكبرى فان إسرائيل الصغرى لا تقل خطورة، ولا بديل عن أن تصل إيران وتركيا والخليج العربى إلى قناعة عن اقتناع أن الاصطفاف الإقليمى مع مصر هو طوق النجاة لكل الدول الوطنية فى بلاد المشرق، وأن سنوات الصعود الإقليمى المزيف أو المصطنع بالمال السياسى أو الميليشيات أو البترودولار لم تُجدِ فى مزاحمة مصر إقليميًا، فالدور المصرى فى بلاد المشرق غير قابل للإلغاء أو الاستبدال أو الاحتواء، والمعركة مستمرة مع إسرائيل التى أوصلت المنطقة إلى معادلة صفرية ما يعنى عمليًا أن كل من سوف يحاول فى دروب أخرى غير الرؤية المصرية سوف يكون من ضحايا مغامرات إسرائيل الصغرى المقبلة.