الإثنين 10 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الكنيسة و الدولة 1

القديس مرقس والبابا إنيانوس

بطاركة الكنيسة القبطية



118 بطريركًا تعاقبوا على كرسى مار مرقس منذ بداية النصف الثانى من القرن الأول الميلادى، وهو تاريخ دخول المسيحية مصر وحتى الآن، بداية من القديس مرقس الرسول إلى قداسة البابا تواضروس الثانى الذى يحمل الرقم 118، وخلال 20 قرنًا تقريبًا ارتبط هؤلاء البطاركة بالدولة والمجتمع المصرى، عبروا عنه وحملوا همومه. فى هذه السلسلة نقدم نبذة سريعة عن بطاركة الكنيسة القبطية للتعريف بهم وبدورهم ورسالة كل منهم.  

البداية كانت مع القديس مرقس الأول فهو الذى أدخل المسيحية مصر، وكان من بين السبعين رسولا الذين تتلمذوا على يد المسيح فى القرن الأول الميلادى وكان بيته أول كنيسة فى المسيحية وفيه تم تأسيس سر الإفخارستيا أى «سر التناول» وذلك عندما تناول المسيح فيه مع تلاميذه العشاء الأخير.

 

ولد فى ترنا بوليس (من الخمس مدن الغربية بشمال أفريقيا) باسم « يوحنا» تعلم اليونانية والعبرية ولقب بمرقس بعد نزوح والديه إلى أورشليم حيث كان بطرس تلميذا للمسيح وهو أحد تلاميذه الاثنى عشر ولأن بطرس كان متزوجا بابنة عم أرسطو بولس والد مرقس لذلك كان يتردد على بيته كثيرا ومنه درس التعاليم المسيحية.

وبعد صعود المسيح أخذه بولس وبرنابا وهما من السبعين رسولا أيضا للبشارة بالإنجيل فى إنطاكية وسلوكية وقبرص وسلاميس وبرجة بمفيلية حيث تركهما وعاد إلى أورشليم وبعد انتهاء المجمع الرسولى بأورشليم، أخذه برنابا معه إلى قبرص.

وبعد وفاة برنابا ذهب مرقس إلى إفريقيا وبرقة والخمس مدن الغربية، ونادى فى تلك الجهات بالإنجيل فآمن على يده الكثير من أهلها.

ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية فى أول بشنس سنة 61 م، وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه وكان عند الباب إسكافى اسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وأثناء تصليحه جرح المخراز إصبعه فصاح من الألم وقال باليونانية «إس ثيؤس» (يا الله الواحد) فقال له مرقس: «هل تعرفون الله؟» فقال «لا، وإنما ندعو باسمه ولا نعرفه». فتفل على التراب ووضع على الجرح فشفى للحال، ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء وبشره بالمسيح.

ولما كثر المؤمنون باسم المسيح وسمع أهل المدينة بهذا الأمر حاولوا قتله، فرسم «مرقس» إنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة ثم سافر إلى الخمس مدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسًا وشمامسة.

ثم عاد إلى الإسكندرية فوجد المؤمنين قد ازدادوا وبنوا لهم كنيسة فى الموضع المعروف ببوكوليا (دار البقر) شرقى الإسكندرية على شاطئ البحر وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68 م، وكان الوثنيون فى اليوم نفسه يعيدون لإلههم سرابيس، خرجوا من معبدهم وألقوا القبض عليه وعذبوه حتى استشهد يوم 30 برمودة وذلك بعد أن تم سحله فى شوارع الإسكندرية وارتوت أرضها بدمائه وأخذ المؤمنون جسده إلى الكنيسة التى شيدوها وكفنوه وصلوا عليه وجعلوه فى تابوت ووضعوه فى مكان خفى من هذه الكنيسة. وهكذا تكون مدة بقائه على الكرسى المرقسى من عام 61 حتى 68 ميلادية.

وكان البابا مرقس الأول شخصية مهمة فى تاريخ الكنيسة المسيحية، حيث أسهم فى تأسيس كنيسة الإسكندرية، وكتب إنجيلًا أصبح جزءًا أساسيًا من الكتاب المقدس وهو إنجيل مرقس الرسول، وساعد فى نشر المسيحية فى مصر.

وبعد رحيله جاء بعده البابا إنيانوس وهو أول أسقف رسمه مرقس الرسول وأول من آمن على يديه بعد دخوله الإسكندرية وهو من أبناء المدينة الساحلية.

ولما قرر مرقس الذهاب إلى الخمس المدن الغربية، عندما كان مهددا بالقتل وضع يده على إنيانوس وكرَّسه أسقفا على مدينة الإسكندرية سنة 64 ميلادية.

فظل يبشر أهلها ويعمدهم سرًا. ويعضدهم ويثبتهم على الإيمان بالمسيح، ثم جعل بيته كنيسة، ويقال إنها هى المعروفة بكنيسة القديس مار مرقس الشهيد. والتى تقوم فى مكانها الآن الكنيسة المرقسية بالإسكندرية.

وأقام هذا البطريرك على الكرسى المرقسى اثنتين وعشرين سنة، ثم توفى عام 83 ميلادية.

ويمثل البابا إنيانوس شخصية مهمة فى تاريخ الكنيسة القبطية، فقد كان رائدًا فى مجال التبشير بالمسيحية فى مصر، حيث ساهم فى نشرها وتوطينها.

ويعد نموذجًا للمنح والخدمة، حيث كان معروفًا بعطائه للفقراء وخدمته للمحتاجين.

 وترك تأثيرًا كبيرًا على الكنيسة القبطية، حيث ساهم فى بناء وتوسيع الكنيسة وتأسيس التقاليد الدينية وساهم فى ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية القديمة، مما ساعد فى نشر المسيحية بين الشعب.

هكذا كانت البداية ومن هنا توالى بطاركة الكنيسة المصرية على كرسى مرقس الرسول، ومن هنا جاء التقليد والتسليم على مدى قرون كثيرة نكتبها لكم تباعا فى أوراق من تاريخ الكنيسة المصرية.