النجاح ممكن..بس لو مصمم

مي نجيب
ربما نكتئب قليلاً حين يغنى الشيخ إمام «وهبت عمرى للأمل ولا جاشى» لكنّنا نستعيد طاقتنا وحالة التفاؤل المثلى حين تدندن فيروز قائلة «إيه فى أمل».. ولأن الأمل موصول بنا ما دمنا أحياء، ولأن هناك أشخاصا على هذه الأرض علمونا التحدى وسطروا بتجاربهم وصبرهم على المعاناة سواء كانت فى ظل ظروف سياسية أو اجتماعية أو كانوا من ذوى الحاجات الخاصة، قررنا أن نطل عليكم بسطور عن بعض هؤلاء وهم على اختلاف هوياتهم نماذج تبعث على الحياة وتضرب المثل لشباب اليوم الذى أكله الإحباط أنه لولا الإصرار والتحدى والعمل والظروف الصعبة ما كان للنجاح رونقه وجماله.
يوسف «عليه السلام» رمز اقتناص الفرص..
كلنا يعلم قصة نبىّ الله يوسف «عليه السلام» ورحلة مكوثه فى البئر بعدما رماه إخوته تخلصا منه، حيث كان أحب إخوته لأبيه وكيف يلتقطه أحد المارة ثم ينتقل به إلى مصر ويبيعه لعزيز مصر ليمكث سنوات شبابه فى كنف العزيز، ثم يأتى أول اختبار له حين تراوده امرأة العزيز فيمتنع وينجح فى الاختبار الذى يدفع ثمنه من حريته فيما بعد وتجىء فرصته فى النجاة حين يعبّر رؤيا العزيز التى احتار فى تفسيرها كبار المفسرين والتى مفادها أنه سيمر على مصر 7 أعوام من الرخاء تليها 7 أعوام من الفقر والقحط فيثق العزيز به ويمنحه أعلى المناصب ويجعله ملكاً على خزائن الأرض فيضع خطة لتأمين البلاد، وتأتى فرصته كى يثأر لسنوات غربته وابتعاده عن أبيه، ولكنه يغفر لإخوته زلاتهم ليضرب أكبر مثل فى التسامح والجلد والمثابرة واقتناص الفرص.
طه حسين.. البصيرة عوضاً عن البصر..
دوما نجد أن البصيرة والإرادة هى التعويض عن فقدان البصر، ما فعله طه حسين فى تاريخ الأدب العربى والتنوير الذى أشاعه فى مصر يجعلنا نسخر من أنفسنا حين يهزمنا الإحباط، فصاحب دعاء الكروان و«الأيام» وغيرها لم يترك لعاقل فرصة للتذمر من الواقع، فرغم حياته الصعبة مع إخوته الستة وأبيه الموظف البسيط وفقدانه بصره وهو ذو الأعوام الأربعة بسبب مرض الرمد إلا أن التحاقه بكتّاب القرية أوضح نبوغه، حيث حفظ القرآن الكريم فى مدة قصيرة جعلت أباه يصطحبه معه لسماع حلقات الذكر وهو ما كوّن وجدانه وتعلقه باللغة والأدب، طه حسين الذى جمع بين آداب اللغة العربية والفرنسية نال العديد من المناصب والجوائز ورشحته الحكومة المصرية لنيل نوبل فى الآداب تقديرا له، فهو موسوعة واسم ينحنى له الجميع بفضل مثابرته وإصراره على النجاح فلا عجب لأن من يتحدى نفسه وظروفه تذلل له الصعاب وتفتح له السماء أبوابها.
ستيفن هوكينج.. شبح الموت يهاب الأقوياء!
فى بدايات العشرينيات أكد له الأطباء أنه لن يعيش سوى سنتين، ولكن ستيفن القوى الملىء بالتحدى يهابه شبح الموت وظل حيا حتى تخطى السبعين، ستيفن المولود عام 2491 بأكسفورد - إنجلترا يعد أبرز علماء الفيزياء النظرية على مستوى العالم، حصل على مرتبة الشرف الأولى من جامعة أكسفورد ما أهله للحصول على الدكتوراه فى علم الكون من جامعة كمبريدج، مرض ستيفن الذى يعيقه عن الحركة أو النطق لم يمنعه من أن يكون من أبرع العلماء فى مجاله، حيث له العديد من النظريات العلمية المثبتة وله مؤلفات فى المجال حققت شهرة عالمية أبرزها كتابه «تاريخ موجز للزمن» والذى بسط فيه النظريات بشكل سلس ومفهوم، ستيفن الحاصل على ميداليات وجوائز عالمية لم يكتف بكونه عالما ولكنه كان ذا توجه سياسى واضح فكان يرفض حرب العراق وشارك فى المظاهرات ضدها، بالإضافة لموقفه الواضح من إسرائيل، ستيفن يصنع ثورة علمية من على كرسيه المتحرك وعبر حاسوبه يجعلك تمتلئ بالرغبة فى توجيه صفعة لمن تجتاحه موجات الاكتئاب ويسير على طريق الفشل دون رجعة.
نادر المصرى.. عدّاء الأولمبياد يتحدى الاحتلال..
حين تكون صاحب حلم كبير فلن يستطيع الكون أن يثنيك عن حلمك، لكن تبقى المعوقات دوماً محفزاً على تخطيها والنجاح من جديد، فى بلدته بيت حانون بقطاع غزة يتدرب العدّاء الفلسطينى نادر المصرى ذو الـ 43 عاماً يومياً على أمل المشاركة فى ماراثون بيت لحم الثانى بالضفة الغربية ويشاء القدر أن تمنعه السلطات الإسرائيلية للمرة الثانية على التوالى بأمر من المحكمة من العبور للضفة للمشاركة!، نادر الذى مثّل بلده فلسطين بأولمبياد بكين 8002 لا يزال يصرّ على هدفه رغم سطوة السياسة.
هيلين كيلر.. الحياة عبر حاسة اللمس
هيلين كيلر الأديبة والناشطة الأمريكية المولودة عام 0881 بولاية ألاباما بالولايات المتحدة الأمريكية والتى تعانى من فقدان حواس السمع والبصر والنطق منذ كانت فى الثامنة عشرة من عمرها ترى أن السعادة غير مرتبطة بالحواس، على العكس ترى أن حاستى اللمس والشم تعنيان لها الكثير، حيث تكتشف وترى العالم من خلالهما، هيلين التى يذكرها التاريخ دوما كنموذج لسيدة قهرت إعاقتها وتركت ميراثا من الأمل ومؤلفات عدة أبرزها كتابها الأشهر «الخروج من الظلام» تعلمت وكافحت بمساعدة معلمتها «سليفان» التى ابتكرت لها طريقة للتعلم عن طريق اللمس بباطن الكف، هيلين أصبحت كاتبة معروفة عالميا ومحامية عن ذوى الحاجات الخاصة ومدافعة عن حقوق المرأة.
إيمانويل غالى.. بصمة صوته طوق نجاة..
إيمانويل غالى.. عاشق العلم يحصد شهادات عليا ببصمة الصوت!
إيمانويل الشاب المصرى الطموح النشيط ذو الثلاثين عاما والذى سلبه القدر بعض ما منحه فأصيب بشلل رباعى تام من أعلى الرقبة وحتى أطراف قدميه إثر حادث أليم لم يفقد نشاطه وزاد طموحه وعشقه للعلم، ما جعله يراسل جامعته «الجامعة الأمريكية» لاستكمال تعليمه بعد الحادث الذى أصابه ولم يصبه الإحباط حين علم بأنه سيترك الهندسة ليدرس الجانب النظرى فيجتهد فى دراسة إدارة الأعمال عبر جهاز الحاسب وبرنامج خاص ببصمة الصوت يستطيع التواصل من خلاله مع الجامعات، ولأنه دءوب على العلم لم يقتصر على الدراسة، بل عمل مترجماً بإحدى الفضائيات عن طريق الإيميل، وظل دأبه مستمرا ما جعله يدرس بجامعة فينيكس بولاية أريزونا الأمريكية أيضاً عبر الإيميل، كان من الممكن أن تتحول حياة إيمانويل إلى جحيم مستمر وأن تفقده 9 سنوات العلاج الأمل لكنه لا يزال يحلم بتغيير العالم كله إلى الأفضل ويؤمن بالإنسان، عزيمته وصبره الرائع جعلاه نموذجا يجب أن نضعه نصب أعيننا دوماً.