السبت 29 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«بتاع» كل العصور

«بتاع» كل العصور
«بتاع» كل العصور


فى عالم السياسة نقع فى حفرة الثعابين لنلدغ مئات المرات، هيكل فعلها ولدغ عقولنا آلاف اللدغات، وفى كل مرة نجرى على حفرته مهللين مستعدين للدغ، حيث يصل تكريم الكاتب محمد حسنين هيكل- عند البعض- إلى حد التقديس. فهو الصحفى الوحيد الذى يشار إليه بألقاب عديدة مثل «الأستاذ» و«الكاتب الأوحد»، ولأن آفة حارتنا النسيان، فننسى بسرعة لدغاته ونقبل على الجديد منها لنستمتع بأكاذيبه الدائمة، ولعل البعض يذكر ذهاب هيكل إلى جهاز الكسب غير المشروع - بعد 25 يناير - للإدلاء بأقواله حول ثروة مبارك إثر حديث له فى جريدة الأهرام. أكد فيه أنه يمتلك معلومات حول هذه الثروة خارج مصر.
 
هذه الواقعة ليست الوحيدة فى تاريخ الرجل الموثق وإذا فتشنا قليلاً فى أرشيف الصحفى الأوحد الذى يرى البعض أن اللقب الأجدر به هو الصحفى الذى فقد ظله.. ويتلون بسهولة مع تحولات كل عصر.
 
الأمر الذى دعا الدكتور فؤاد زكريا أن يذكر فى كتابه «كم عمر الغضب» الذى كتبه رداً على كتاب هيكل «خريف الغضب»: «أن الأمر الملفت للنظر والذى تتجلى فيه سخرية الأقدار بحق هو أن سلاح الأرشيف مثلما هو مصدر قوة هيكل فإنه أيضاً مكمن الضعف فيه ويكفى أن يتم الرجوع إلى قائمة كتاباته فى أواخر الأربعينيات وفى مراحل الخمسينيات والستينيات وأخيراً فى أوائل السبعينيات وأن تقارير هذه الكتابات قد تستخدم ضد هيكل بسهولة مثل «فى عيد ميلادك يا مولاى».
 
وقال هيكل للملك: هذه مصر كلها تحتفل بعيد ملكك.. مصر من أقصاها أفراداً وجماعات وأحزاباً وهيئات ولم تجد مصر ما تحيى به هذا العيد سوى الهتاف باسمك والدعاء لك.
 
وما لبث أن تحول الملك من هذا الديمقراطى الأول كما وصفه هيكل بسن قلمه إلى رمز للفساد والديكتاتورية. بعد قيام ثورة 23 يوليو1952 والتى كان هيكل هو المنظر الأول لها.
 
فهو كاتب كل خطب عبدالناصر ومؤلف كتاب «فلسفة الثورة» و«الميثاق» وبيان 30 مارس، وقد كتب هيكل فى كتابه «عبدالناصر والعالم» يصف صداقته بعبدالناصر بصداقة (الخط والشرف).
 
فمثلاً كيف يمكن أن نصدق ادعاءات هيكل لمطالبته بالديمقراطية والحرية وهو مهندس قانون تأميم الصحافة- والأدق تكميمها- كذلك كيف يمكن أن ننسى دوره فى تزييف الوعى وتزوير التاريخ فكتابات هيكل حولت هزائم وأخطاء عبدالناصر إلى انتصارات كبرى من ذلك على سبيل المثال الهزيمة أمام العدوان الثلاثى عام 1956وكيف تحولت لانتصار، وكذلك اختلاقه لمصطلحات تزهق قلب الحقيقة مثل تسميته هزيمة 1967 بـ«النكسة» لتخفيف وقعها واختلاق مصطلح هواية محببة بنفس هيكل.. حيث هو صاحب مصطلح «مراكز القوى» الذى أطلقه على المختلفين مع سياسة السادات وساعده على التخلص منهم وقام بمدحه فى عشرات المقالات ثم انقلب عليه بعد صدور قرار بإبعاده عن رئاسة تحرير الأهرام واعتقاله بعد ذلك فى سبتمبر 1981 الأمر الذى جعل هيكل يكتب كتابه «خريف الغضب»، وكال فيه الإهانات للرئيس السادات، حيث نشر شهادة ميلاده ليؤكد أن لقبه هو الساداتى وليس السادات للإشارة إلى فقر عائلته، بل ووصل الأمر إلى معايرته بلون بشرته الغامق.
 
وفى عام 2008 نشرت جريدة المصرى اليوم ست مقالات- خطابات- مطولة كان قد كتبها هيكل إلى الرئيس السابق مبارك بعد عام من توليه حكم مصر وهى خطابات يمكن للقارئ المدقق أن يكتشف بسهولة كيف أنه يعرض من خلالها خدماته على الرئيس مبارك ويمدحه فيها بشدة الأمر الذى تجاهله مبارك تماماً، حيث كان هيكل يريد أن يسترد عرشه ككاتب السلطة الأوحد وانظر إلى هيكل كيف يصف الرئيس مبارك فى مقاله المعنون بـ«الرهان على مبارك» فيقول.. إننى يا سيادة الرئيس تابعت سجلكم فى الخدمة العامة بأقرب مما يخطر لكثيرين.
 
وأقول- والله الشاهد- كما أن هناك شهوداً من البشر أحياء أنى كنت موجوداً فى مكتب جمال عبدالناصر حينما وقع الاختيار عليكم لرئاسة أركان حرب سلاح الطيران فى الأوقات العصيبة من حرب الاستنزاف والاستعداد بعدها لعبور قناة السويس بالقوة المسلحة طبقاً لخطة جرانيت.
 
ثم كان لى بعد ذلك شرف الاشتراك فى مناقشة الخطة العامة للعمليات فقد شاءت المصادفات أن أكون وزيراً للإرشاد القومى وقتها، وأن أكون بهذه الصفة عضواً فى مجلس الأمن القومى وكان جمال عبدالناصر يناقش مع هذا المجلس مجتمعاً ومع بعض أعضائه فرادى كثيراً من مشاكله وشواغله.
 
إن التاريخ كان كريماً معى يا سيادة الرئيس عندما أتاح لى فرصاً كثيرة رأيت فيها لمحات من وقائعه وهى لا تزال بعد فى مرحلة الخلق الأولى ومن هذه الوقائع، على سبيل المثال واقعة اختياركم لمنصب نائب رئيس الجمهورية. تذكرون يا سيادة الرئيس أننى كنت قريباً من الرئيس السادات حتى اختلفنا بسبب فك الاشتباك الأول، فافترقنا وحلت بيننا قطيعة، وتفضل هو وأنهاها بعد سبعة أشهر أى فى أكتوبر 1974 وعدت قريباً منه حتى وقع فك الارتباط الثانى فى صيف 1975 فكان فراقنا شبه نهائى، وبالتالى فإننى كنت هناك يا سيادة الرئيس خلال تلك الشهور الحاسمة من ربيع سنة .1975 كنت هناك فى الداخل شاهداً على عملية صنع القرار. ولو أذنتم يا سيدى فإننى أريد أن أروى لكم طرفاً من وقائع تلك الأيام ولعلى أتجاسر دون تجاوز فأقول إن بعضه قد يكون جديداً عليكم لكننى قبل أن أرويه أريد أن أقول لكم بإخلاص عبارة تبدو سابقة لموضوعها وأظن أن مغزاها الحقيقى لا يتضح بكامل أبعاده إلا فى الختام وليس السبق والتقديم وهذه العبارة هى: سيادة الرئيس «أنك لست مديناً لأحد لقد أرادوك لهم ولكن المقادير أرادتك لنا وهكذا يجب أن تكون دائماً».
 
ثم يشرح هيكل فى تفاصيل مطولة اختيار السادات لمبارك ويختتم مقاله قائلاً: إنك يا سيدى لست مديناً لأحد.
 
وحين شاءت إرادة الله أن نلقاكم يوم الإفراج عنا فلقد دخلت مستعداً بحواسى يقظة لالتقاط أى إشارة ورصد أى خلجة.
 
وحين سمعتكم تقولون «أريد صفحة جديدة فى تاريخ مصر وأريد حواراً مع كل القوى الوطنية وأريد وقتاً لأفكر»، فلقد تنفست الصعداء.
 
وذلك كلام عكس شعور رجل يحس فى أعماقه أنه ليس مديناً لأحد وهو الآن أمام صفحة جديدة يكتب فيها بيده وبملء حريته تاريخ عهده كما يريد.
 
وبعد ثورة 25 يناير خرج هيكل فى قناة دريم مع منى الشاذلى مساء 11 فبراير 2011 بعد تنحى مبارك ليصفه ببطء النملة ويحذر من وجوده فى شرم الشيخ كقائد للثورة المضادة وهو المصطلح الذى أطلقه هيكل كعادته وردده الكل خلفه.
 
مما يوحى بطلب طرده من البلد ليعود ويتحدث عن معلومات عن ثروته ولا يقدم أى مستندات عنها.
 
وفى حواره المطول للأهرام 20 مايو 2012 قال هيكل عن جماعة الإخوان إن عدم حكمهم لمصر يمثل خسارة لعدم الاستفادة من مشروعهم واعترف هيكل للأسبوع أونلاين 2 ديسمبر 2012 بأنه اقترح على المشير طنطاوى إسناد رئاسة الحكومة لمرسى ورفض المشير تسليم البلد للإخوان وعند أزمة الإعلان الدستورى قال هيكل، للشروق 6 ديسمبر 2012 إن الرئيس محمد مرسى «ليس هتلر»، وإن الإخوان ليسوا الحزب النازى، مضيفا أن «التيار الإسلامى يخشى العودة إلى ماضٍ شهد الكثير من المآسى، والطرف الآخر متخوف من مستقبل لا يريده»، معتبرا أن «القلق من ذكريات الماضى وشكل المستقبل لا يبشر بالقدرة على التخطيط».
 
وحول المطالبات بتراجع الرئيس مرسى عن الإعلان الدستورى، قال هيكل: ولا يتراجع ولا حاجة، أنا فاهم الظروف اللى هو فيها، مضيفا: «السياسة بالانطباع»، ومهما كانت حججك إذا تشكك فيها الناس لن يقتنعوا بها، قد يكون زائرى لم يصل للرئيس، لا دعوة للحوار بعد فرض الأمر الواقع. فى حين أن هيكل أكد لجريدة الوطن أن عبدالناصر قال له إن الإخوان قتلة، فهل نسى هيكل هذا القول وقت دفاعه عن الإخوان والذين طالب بمنحهم فرصة لاستكمال مشروعهم ووصف مرسى بعد لقائه بأنه طيب جدا كما جاء بالصنداى تايمز 9 يوليو .2012
والآن وبعد كل هذا يتحدث هيكل عن المستقبل ويرسمه لنا.