الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أيقونة الوحدة الوطنية والجمهورية الجديدة تاريخ الاحتفال بعيد الميلاد المجيد فى مصر والعالم

تحتفل الكنائس المصرية الأرثوذكسية بعيد الميلاد المجيد؛ وفقًا للتقويم الشرقى، ووسط أجواء احتفالية شملت الدولة المصرية كلها.



فمنذ بداية شهر ديسمبر الماضى تزينت الشوارع المصرية بألوان الكريسماس المميزة، فتألقت بالأخضر والأحمر والذهبى، كما تزينت الميادين بأشجار الكريسماس وبابا نويل والنجوم الذهبية.

 

أصبح عيد الميلاد المجيد أيقونة ورمزًا لتأسيس وترسيخ مبدأ المواطنة الحقة، الذى وضع أساسه الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذى يحرص دائمًا على زيارة الأقباط قبل بدء صلوات قداس العيد ليقدم لهم التهنئة مُعلنًا ترسيخ مبادئ الجمهورية الجديدة القائمة على المعايشة الحقيقية، وهى العادة التى بدأها فى عام 2015 ولا تزال مستمرة حتى وقتنا الحاضر، وهو ما يترك أثرًا طيبًا فى نفوس الأقباط بشكل خاص.

 ويُعد عيد الميلاد ثانى أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة المجيد، ويُمثل تذكار ميلاد المسيح، وذلك بدءًا من ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر فى التقويمين الغريغورى واليوليانى، غير أنه ونتيجة لاختلاف التقويمين ثلاثة عشر يومًا يقع العيد لدى الكنائس التى تتبع التقويم اليوليانى عشية 6 يناير ونهار 7 يناير.

 ورغم أن الكتاب المقدس لا يذكر تاريخ أو موعد ميلاد المسيح؛ فإن آباء الكنيسة قد حدّدوا ومنذ مجمع نيقية عام 325 الموعد بهذا التاريخ.

 ويتوافق مع عيد الميلاد احتفالات دينية وصلوات خاصة للمناسبة عند أغلبية المسيحيين واجتماعات عائلية واحتفالات اجتماعية، أبرزها وضع شجرة عيد الميلاد وتبادل الهدايا واستقبال بابا نويل وإنشاد الترانيم الميلاديَّة وتناول عَشاء الميلاد.

 ولهذه العادات الاحتفالية المرتبطة بعيد الميلاد فى العديد من البلدان أصول من العصور ما قبل المسيحية وأصول علمانية بالإضافة للأصول المرتبطة بالمسيحية، وتحتفل أعداد كبيرة من غير المسيحيين بالعيد أيضًا.

فى المسيحية المبكرة لم يتم الاحتفال بعيد الميلاد، لاحقًا ومع بدء ترتيب السنة الطقسيّة اقترحت تواريخ متعددة للاحتفال بالعيد قبل أن يتم الركون إلى تاريخ 25 ديسمبر، بعد نقاشات مستفيضة حول التاريخ الأنسب للاحتفال.

غير أن بعض الكنائس كالكنيسة الأرمنيّة كانت ومن قبل التحديد فى 25 ديسمبر قد جمعت الميلاد مع الغطاس فى عيد واحد، ما دفع إلى إقامتها الميلاد مع الغطاس فى 6 يناير لاحقًا، ومع إصلاح التقويم اليوليانى ونشوء التقويم الغريغورى المتبع فى أغلب دول العالم اليوم، نشأ فرق فى التوقيت بين 25 ديسمبر اليوليانى الشرقى و25 ديسمبر الغريغورى الغربى، ولكون الفرق يتزايد بمرور القرون، فالفرق حاليًا ثلاثة عشر يومًا وغدت الكنائس التى تتبع التقويم اليوليانى الشرقى تقيم العيد فى 7 أو 8 يناير، فى حين تقيمه الكنائس التى جمعته مع عيد الغطاس على التقويم الشرقى فى 19 يناير رغم قلّة عددها وأبرزها بطريركية الأرمن الأرثوذكس فى القدس، فى حين أن بطريركية كيلكيا اعتمدت التقويم الغربى وباتت تقيم عيد الميلاد مع عيد الغطاس فى 6 يناير، المألوف.

وعادة يُعَد اللونان الأخضر والأحمر هما اللونان التقليديان للإشارة إلى عيد الميلاد، تطعم أيضًا بشىء من اللونين الذهبى أو الفضى.. يرمز اللون الأخضر «للحياة الأبدية»؛ خصوصًا مع استخدامه للأشجار دائمة الخضرة التى لا تفقد أوراقها، فى حين يرمز الأحمر ليسوع نفسه..  تاريخ نشوء زينة الميلاد طويل للغاية ويرجع للقرن الخامس عشر؛ حيث انتشرت وفى لندن تحديدًا عادة تزيين المنازل والكنائس بمختلف وسائل الزينة، تشمل زينة الميلاد شجرة العيد وهى رمز لقدوم المسيح إلى الأرض من ناحية، وهو حسب التقليد يجب أن تكون من نوع شجرة اللبلاب بحيث ترمز ثمارها الحمراء إلى دم يسوع وإبَرها إلى تاج الشوك الذى ارتداه خلال محاكمته وصلبه وفق العهد الجديد.

 يلحق بالشجرة عادة، مغارة الميلاد، وهى أقدم من الشجرة تاريخيًا، إذ كان تصوير مَشاهد ولادة يسوع منتشرًا فى روما خلال القرن العاشر، وكان القديس فرنسيس الأسيزى قد قام عام 1223 بتشييد مغارة حيّة، أى وضع رجلاً وامرأة لتمثيل مريم ويوسف وطفلاً لتمثيل يسوع مع بقرة وحمار.

وانتشرت بعد مغارة القديس فرنسيس هذا التقليد فى أوروبا ومنه إلى مختلف أنحاء العالم، وهى تمثل حدث الميلاد.

 إلى جانب الشجرة والمغارة؛ فإنّ الأجراس والسلاسل الذهبية والكرات الحمراء وندف الثلج وأكاليل أغصان دائمة الخضرة، والشموع اللولبية والملائكة وحلوى القصب والجوارب الحمراء، والنجوم- رمزًا لنجم بيت لحم- تعتبر داخلة فى إطار زينة الميلاد التقليدية.

 ذلك يشمل أيضًا وجوهًا لبابا نويل وغزلانه؛ حيث درجت التقاليد الشعبية على اعتباره قادمًا على متن عربة يجرها الغزلان؛ أما الأكاليل الأغصان دائمة الخضرة فتوضع عادة على أبواب المنازل أو النوافذ لإظهار أن المسيحيين يؤمنون بأن يسوع هو نور العالم.

ويُعد عَشاء الميلاد الذى يتم فى ليلة العيد أو مأدبة الغداء يومه؛ جزءًا مُهمًا من الاحتفال بالعيد. لا يوجد طبَق موحّد يُقدّم لمناسبة العيد فى مختلف أنحاء العالم؛ بل الأطباق تختلف من بلد إلى بلد باختلاف الثقافات. فى صقلية، الوجبة الخاصة بعيد الميلاد مؤلفة من تقديم 12 نوعًا من الأسماك، وفى بريطانيا والدول التى تأثرت بتقاليدها تضمّ مائدة عيد الميلاد الدجاج المحشى والإوز إلى جانب اللحوم والمرق والخضروات وعصير التفاح فى بعض الأحيان، هناك أيضًا بعض الحلويات الخاصة مثل «حلوى عيد الميلاد» تنتشر فى تلك المناطق.

فى بولندا وأجزاء أخرى من أوروبا الشرقية وإسكندنافيا؛ فإن الأسماك غالبًا ما تكون هى الوجبة الرئيسية فى العَشاء التقليدى، ولكن حديثًا أخذ لحم الخراف والعجول يَحلّ إلى جانب الأسماك.

 أمّا فى ألمانيا وفرنسا والنمسا فعادة ما يشمل عَشاء الميلاد التقليدى لحم الإوز والخنزير والدجاج المحشى. إلى جانب مشروبات كحولية خاصة كالنبيذ الأحمر والليكور، والشوكولا، المنتشر فى فرنسا وبعض الدول الأخرى؛ حيث يشتهر قالب حلوى من الشوكولا يسمى جذع الميلاد.

وفى بلاد الشام؛ وبخاصة سوريا ولبنان وفلسطين تشمل مأدبة عيد الميلاد على الكبة وورق دوالى والدجاج المحشى فضلاً عن المُقبلات أبرزها التبولة والفتوش وبابا غنوج وغيرها من المقبلات التى تشتهر بها تلك البلاد.

وهكذا يظل عيد الميلاد أيقونة يجتمع حولها العالم كله ويحرص مسيحيو العالم على استقبال طفل المذود بأشهَى وأفضل ما يتميزون ويشتهرون به.

وقد احتفل المسيحيون الذين يتبعون التقويم الغربى بميلاد المسيح فى يوم 25 ديسمبر وفى مقدمتهم الكنائس الكاثوليكية..

وهذا الاختلاف سببه أنه قد صدر أمر من أُغسطس قيصر والى اليهودية عندما كانت السيدة العذراء حُبلى أن تُكتتب المسكونة كل واحد فى مسقط رأسه ولذلك سافرت العائلة المقدسة إلى بيت لحم وهناك ولدت العذراء المسيح..

ومن موعد هذا الاكتتاب وملابساته استطاع العلماء بشىء من التدقيق أن يحدِّدوا زمن ميلاد المسيح؛ إذ رجَّحوا أن يكون فى سنة 4 أو 5 قبل الميلاد، والذى ضبط تحديده لأقرب سَنة هو موت هيرودس الملك سنة 4 ق.م، وقد وُلد المسيح قبل موت هيرودس بقليل، وهكذا انحصر بوجه ما ميلاد المسيح فى سنة 5 ق.م.

ولذلك يحتفل الأقباط بعيد الميلاد يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطى، وكان هذا اليوم يوافق 25ديسمبر من كل عام حسب التقويم الرومانى الذى سُمى بعد ذلك بالميلادى،  ولقد تحدد عيد ميلاد المسيح يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر، وذلك فى مجمع نيقية عام 325م؛ حيث يكون عيد ميلاد المسيح فى أطول ليلة وأقصر نهار (فلكيًا) والتى يبدأ بعدها الليل القصير والنهار فى الزيادة، إذ بميلاد المسيح (نور العالم) يبدأ الليل فى النقصان والنهار (النور) فى الزيادة.

لكن فى عام 1582م أيام البابا جريجورى بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد) ليس فى موضعه، أى أنه لا يقع فى أطول ليلة وأقصر نهار؛ بل وجدوا الفرق عشرة أيام، أى يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع فى أطول ليل وأقصر نهار، وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ فى حساب طول السنة (السنة= دورة كاملة للأرض حول الشمس) إذ كانت السنة فى التقويم اليوليانى تحسب على أنها 365 يومًا و6 ساعات.. ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أى أقل من طول السنة السابق حسابها (حسب التقويم اليوليانى) بفارق 11 دقيقة و14 ثانية، ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان نحو عشرة أيام، فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى (اليوليانى) حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسُمى هذا التعديل بالتقويم الغريغورى، إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر فى جميع أنحاء إيطاليا. ووضع البابا غريغوريوس قاعدة تضمن وقوع عيد الميلاد (25 ديسمبر) فى موقعه الفلكى (أطول ليلة وأقصر نهار) وذلك بحذف ثلاثة أيام كل 400 سنة (لأن تجميع فرق الـ11 دقيقة و14 ثانية يساوى ثلاثة أيام كل نحو 400 سنة)، ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذى وصل إلى نحو 13 يومًا..

ولكن لم يعمل بهذا التعديل فى مصر إلا بعد دخول الإنجليز إليها فى أوائل القرن الماضى (13 يومًا من التقويم الميلادى) فأصبح 11 أغسطس هو 24 أغسطس. وفى تلك السنة أصبح 29 كيهك (عيد الميلاد) يوافق يوم 7 يناير (بدلاً من 25 ديسمبر كما كان قبل دخول الإنجليز إلى مصر، أى قبل طرح هذا الفرق) لأن هذا الفرق 13 يومًا لم يطرح من التقويم القبطى.

وظل الأقباط ملتزمين بتاريخ 29 كيهك، معتبرين أن التراث الدينى لا يقوم على الضبط الزمنى بالدقائق والثوانى ولذلك أصبح الغربيون والكاثوليك يحتفلون بعيد الميلاد فى 25 ديسمبر والأقباط والمسيحيون الشرقيون يحتفلون به فى 7 يناير.

يُذكر أن البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية سَمح لأقباط المهجر بأن يُعَيّدوا مع الغربيين فى ديسمبر إلاّ أنهم رفضوا ذلك تأكيدًا على ارتباطهم بالكنيسة المصرية الأم.

«بابا نويل» قديس الأرثوذكسية المنسى

وترتبط أعياد الكريسماس فى العالم كله بشخصية بابا نويل، ذلك الرجل العجوز الذى يرتدى بذلة حمراء ويحمل كيس هدايا ويسير مع حيواناته وعربته..

وقد يعتقد البعض أن بابا نويل شخصية خرافية أو شخصية أوروبية، إلاّ أن الحقيقة هى أنه شخصية حقيقية، وربما يتعجب البعض عندما يعرف أن الكنيسة القبطية تحتفل بذكرى وفاته فى العاشر من كيهك.

والأنبا نيكولاس هو أسقف مورا بآسيا الصغرى فى القرن الرابع الميلادى، وقد وُلد بها من أبوين غنيين اسم أبيه ابيفانيوس وأمّه تونة.

وتدرّج فى الرتب الكنسية؛ حيث رُسم شماسًا ثم ترهب ورُسم قسًا وهو فى التاسعة عشرة من عمره وأعطاه الله موهبة عمل الآيات وشفاء المرضى واشتهر بعمل الإحسان والصدقات. ومن المعروف عنه أنه كان بمدينة مورا رجل غنى فقد ثروته حتى احتاج للقوت الضرورى وكان له ثلاث بنات قد جاوزن سن الزواج ولم يزوجهن لسوء الحالة فقرر أن يوجههن للعمل فى أعمال مهينة.

وعندما علم نيقولاوس أخذ بعض مال أبويه ووضعه فى كيس وتسلل ليلاً وألقاه من نافذة منزل الرجل، وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس وفرح كثيرًا واستطاع أن يزوج بهذا المال ابنته الكبرى.

وفى ليلة أخرى كرر عمله وألقى بكيس ثانٍ من نافذة المنزل، وتمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية.. إلاّ أن الرجل أراد أن يعرف ذلك المُحسن، فظل ساهرًا فى المرة الثالثة وعندما شعر بسقوط الكيس، أسرع إلى خارج المنزل ليرى مَن الذى ألقاه، فعرفه.

وعندما توفى أسقف مورا قامت الكنيسة برسامته أسقفًا عليها ثم تولى دقلديانوس الإمبراطور الرومانى والذى اضطهد المسيحيين بشدة وقبض عليه وألقى فى السجن، فكان وهو فى السجن يكتب إلى رعيته ويشجعهم ويثبتهم. وظل فى السجن إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين وأخرج الذين كانوا فى السجون وكان هو من بينهم، وعاد إلى كرسيه وظل أسقفًا عليها إلى أن توفى وعمره يقارب الثمانين سنة، قضى أربعين سنة منها أسقفًا.

وبعد وفاة القديس انتشرت حكايته فى أماكن عديدة منها روسيا وأوروبا؛ وبخاصة ألمانيا وسويسرا وهولندا، وكانوا يتبادلون الهدايا فى عيد الميلاد على اسمه، وبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة.

وجاء اسم بابا نويل ككلمة فرنسية تعنى أب الميلاد، وظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد، وذهب البعض الآخر أن موطنه فنلندا؛ خصوصًا أن هناك قرية تدعى قرية بابا نويل يروجون لها سياحيًا أنها مسقط رأس بابا نويل.. ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويًا.

ومع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم القديس نيكولاوس أو سانت نيقولا وتطور الاسم حتى صار سانتا كلوز.

وفى مصر انتشر بابا نويل فى الكنائس القبطية فى احتفالها برأس السنة الميلادية وصار رمزًا شعبيًا للاحتفال بالعام الجديد ونسى الكثيرون أنه قديس ومعترف به فى الكنيسة.

 ألوان الكريسماس

ومع اقتراب أعياد الكريسماس تتلون الحياة بالأحمر والأخضر؛ حيث تعتبر هذه الألوان هى الألوان التقليدية لأعياد الكريسماس، ويضاف لهم اللونان الدهبى والفضى.

ولمَن لا يعرف فهذه الألوان لها إشارات ودلائل دينية؛ حيث يرمز اللون الأخضر «للحياة الأبدية» والتى وعد بها المسيح أتباعه، بينما يرمز اللون الأحمر للمسيح نفسه وإشارة لعذابته.

ويرمز اللون الفضى للنجمة التى ظهرت للمجوس وأضاءت طريقهم حتى وصلوا للمكان الذى وُلد فيه المسيح واختفت بعد ذلك، بينما يشير اللون الذهبى للشمس والتى ترمز للمسيح « شمس البر».

وترجع بداية ظهور زينة الميلاد للقرن الخامس عشر؛ حيث انتشرت فى لندن عادة تزيين المنازل والكنائس بمختلف وسائل الزينة والتى تحتوى على شجرة العيد والتى يجب أن تكون من نوع شجرة اللبلاب؛ حيث ترمز ثمارها الحمراء إلى دم المسيح وأغصانها التى على شكل إبَر مدببة إلى تاج الشوك الذى ارتداه خلال محاكمته وصلبه.

ونجد دائمًا تحت الشجرة «مغارة الميلاد»  والتى كانت منتشرة فى روما خلال القرن العاشر؛ حيث شيّد القديس فرنسيس الأسيزى عام 1223 مغارة حقيقية فوضع رجلاً وامرأة يمثلان السيدة العذراء مريم ويوسف النجار خطيبها، كما وضع طفلاً صغيرًا لتمثيل المسيح.

ومنذ ذلك الوقت انتشرت زينة المغارة فى أوروبا ومنه إلى مختلف أنحاء العالم.

ومن أكثر أنواع الزينة المرتبطة بالكريسماس الأجراس والسلاسل الذهبية والكرات الحمراء وكرات الثلج وأكاليل أغصان دائمة الخضرة، والشموع اللولبية والملائكة وحلوى القصب والجوارب الحمراء، والنجوم وبابا نويل وحيوانات الرنة.

ومن المعتاد أن توضع أكاليل الأغصان دائمة الخضرة على أبواب المنازل أو النوافذ، وذلك إشارة إلى أن المسيحيين يؤمنون بأن المسيح هو نور العالم..

 شجرة الكريسماس

وتُعَد شجرة الكريسماس ذات الورق الأخضر الكثيف من أهم ملامح احتفالات أعياد الميلاد، فلا معنى للكريسماس من دون الشجرة.

والغريب فى الأمر أن عادة تزيين شجرة عيد الميلاد مرتبطة بالعبادات الوثنية فى إكرام وعبادة الشجرة وكانت منتشرة فى ألمانيا قبل انتشار المسيحية، ولذلك عملت الكنيسة فى القرون الوسطى على عدم انتشارها.

وظل الأمر كذلك حتى أرسل البابا بونيفاس بابا روما فى الفترة (634 - 709) بعثة تبشيرية لألمانيا ومع اعتناقهم لم تلغ عادة وضع الشجرة فى عيد الميلاد؛ بل تحولت إلى رموز مسيحية ولكنهم ألغوا منها بعض العادات كوضع فأس وأضيف إليها وضع النجمة رمزًا إلى نجمة بيت لحم التى هدت المجوس الثلاثة.

وبالرغم من ذلك التحول؛ فإنها اقتصرت على ألمانيا فقط ولم تنتشر خارجها إلا فى القرن الخامس عشر، بعد أن انتقلت إلى فرنسا؛ حيث قاموا بإدخال الشرائط الحمراء والتفاح الأحمر والشموع وحوّلوها إلى رمز لشجرة الحياة المذكورة فى سِفْر التكوين بالكتاب المقدس.

ولم تنتشر شجرة الكريسماس فى العالم إلا عن طريق الملكة شارلوت زوجة الملك جورج الثالث؛ حيث قامت بتزيين شجرة الميلاد بإنجلترا، ومنها انتشرت فى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.

ومع انتشار شجرة الكريسماس فى العالم أصبحت تجارة رائجة، وبعد أن كانت الأشجار طبيعية انتشرت الصناعية مكانها بأطوال وأحجام وأنواع مختلفة، وكذلك نشأت شركات تهتم بزراعة تلك الأشجار وتسويقها قبل العيد.

 أناشيد الكريسماس

بدأت الموسيقى الشعبية لعيد الميلاد ازدهارها وتطورها فى فرنسا وألمانيا وبشكل كبير فى إيطاليا بتأثير القديس فرنسيس الأسيزى خلال القرن الثالث عشر، والذى يُنسب إليه عدد كبير من الأغانى الشعبية الميلادية فى اللغة الإيطالية.

أمّا أقدم ترانيم وأغانى الميلاد التى ظهرت بالإنكليزية فتعود لعام 1426 على يد جون آودلاى، وهو قسيس فى شروبشاير كتب «ترانيم ميلادية» Christmass Carole، وهو عبارة عن كتاب يضم 25 أغنية شعبية كانت تغنى من قبل زائرى المنازل خلال تبادل الهدايا عشية الميلاد.

وفى عام 1818 ظهرت واحدة أخرى من أشهر ترانيم الميلاد هى «ليلة صامتة» Silent) Night)، وذلك فى النمسا بمناسبة الاحتفال بعيد القديس نقولا عام 1818، وفى عام 1833 نُشر بالإنكليزية كتاب خاص عن ترانيم عيد الميلاد القديمة والحديثة، شكل أول كتاب حديث مطبوع يحوى ترانيم وأغانى الميلاد الكلاسيكية باللغة الإنجليزية، وهو ما ساهم بإحياء الترانيم خلال العهد الفيكتورى.

ومنذ القرن الثامن عشر وضع عدد من القصائد والأناشيد الميلادية الملحنة كقصائد، للمطران عبدالله القراآلى المتوفى عام 1724، وعُرّبت أناشيد أخرى مشتقة من أناشيد سريانية، أمثال «أرسل الله» و«سبحان الكلمة» اللتين لا تزالان مستعملتين بين المسيحيين العرب حتى اليوم؛ وفى عام 1992 قامت الفنانة اللبنانية فيروز بإصدار ألبوم يحوى أربع عشرة أغنية وترنيمة ميلاديّة أغلبها كلمات عربيّة لألحان عالميّة أمثال «عيد الليّل» النسخة العربية من أغنية «ليلة صامتة».