الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من أسلحة «عاصفة الصحراء» المحرمة إلى «مجزرة التابعين» إبادة برعاية أمريكية تحت شعار: نحمل السلاح للشرق الأوسط!

أكثر من 300 يوم، يعيش سكان قطاع غزة فى مجزرة وإبادة جماعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فبعد استهداف مبانى القطاع كلها بمقدساتها من جوامع وكنائس ومنازل بل خيام النازحين الذين ما زالوا يكافحون للبقاء فقط على قيد الحياة، تلجأ قوات الاحتلال لمجزرة جديدة وتقتل نحو 100 مصلٍّ وهم سُجَّد لله فى مجزرة «الساجدين» أو التابعين. 



رغم تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن ونائبته المرشحه الرئاسية كامالا هاريس عن معاناة سكان غزة إلا أن كلام أمريكا لا يؤخذ به.. فعلى مدار التاريخ كانت هى صاحبة السلاح المدمر الذى يضرب الشرق الأوسط منذ عقود.. تجمل الكلمات للشعوب العربية التى يغلبها العاطفة.. ثم تقتل أبناءهم بسلاح أمريكى الصنع، وتكون أسبابها المعلنة حماية مصالحها فى الشرق، لكن الواقع الأليم يؤكد أن واشنطن تتخذ الشرق الأوسط ساحة لتجربة أسلحتها تارة، أو التخلص من سلاحها «المنتهى الصلاحية» تارة أخرى، براجماتية واشنطن المعهودة تجعلها تذهب إلى أقصى الحدود بل ربما تلجأ لافتعال الحروب فقط لدعم صناعتها فى التسليح، بما أنها أكبر مورد عالمى للسلاح.. ثم يظهر رئيس الولايات المتحدة بمنتهى الهدوء (أيًّا كانت خلفيته السياسية) ليقول بعلو صوته: نحن ندعم سبل السلام فى الشرق الأوسط.. لكن سلام أمريكا دائمًا ما يحمل قطرات دم ملايين الأبرياء..أبرياء الوطن العربى.

المال مقابل «السلام»

للولايات المتحدة الأمريكية ثقل عسكرى كبير فى الشرق الأوسط، إذ يتمركز نحو 30 ألفا من جنودها بشكل دائم فى العشرات من القواعد العسكرية المنتشرة فى أكثر من 15 دولة فى الإقليم، إضافة إلى عشرات آلاف أخرى تتغير بحسب المناسبات والظروف.

وكانت حرب الخليج الثانية التى اندلعت عام 1991 محفزا رئيسيا لنشر مزيد من القوات الأمريكية، وإبرام صفقات تسليح خيالية بعد ذلك، وصلت إلى 400 مليار دولار، وهى الصفقة التى أبرمها دونالد ترامب مع المملكة العربية السعودية فى 2017.

38 مليار دولار لحماية الابن البكر

أما عن حماية الحليف الأول لأمريكا (إسرائيل)، فتعتبر الولايات المتحدة المصدر الأكبر الذى يزود إسرائيل بالأسلحة والذخائر بمليارات الدولارات، إذ إن حوالى 70 % من الأسلحة التى وصلت لإسرائيل خلال الأعوام 2019 و2023 مصدرها واشنطن، وفقا لبيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام «سيبرى».

ولم تترك واشنطن عملية إرسال الأسلحة لإسرائيل مرتبطة بتغير الإدارات الأمريكية، إذ تم توثيق ذلك فى اتفاقية عسكرية تلزم الولايات المتحدة بإرسال أسلحة مجانا لإسرائيل بقيمة 38 مليار دولار على مدار 10 سنوات، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

وآخر اتفاقية تم توقيعها فى 2016 بعهد الرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، والتى تبقى سارية حتى 2026.

 

 

 

وقال الرئيس أوباما حينها: «إن استمرار إمدادات الأسلحة الأكثر تقدما تكنولوجيا فى العالم، سيضمن أن إسرائيل لديها القدرة على الدفاع عن نفسها من جميع أنواع التهديدات».

وتشير «نيويورك تايمز» إلى أن هذا الاتفاق لم يحظ بأى جدل حينها، إذ لم يعرب سوى عدد قليل من المسؤولين فى واشنطن عن قلقهم بشأن كيفية استخدام الأسلحة الأمريكية من قبل إسرائيل.

أسلحة «الفتك» الأمريكية

قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن القنابل الأمريكية الصنع من طراز مارك 84 التى تزن 2000 رطل كانت مسؤولة عن بعض من أسوأ الهجمات على المدنيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب على غزة.

وكان الرئيس الأمريكى جو بايدن، قد هدد بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى دولة الاحتلال إذا غزت مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

ووفقًا لمكتب الجيش الأمريكى الذى يدير الذخيرة لصالح البنتاجون، فإن الأهداف المثالية لأسلحة بهذا الحجم هى «المبانى وساحات السكك الحديدية وخطوط الاتصالات».

وبحسب نيويورك تايمز، فإن إسرائيل تصنع نسخها الخاصة من القنابل، لكن بيانات التصدير تشير إلى أن البلاد تشترى معظم قنابلها من الولايات المتحدة من خلال منحة سنوية بقيمة 3.5 مليار دولار من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين.

تصنع الولايات المتحدة عددًا قليلًا جدًا من القنابل التقليدية التى يزيد وزنها على 2000 رطل، وقد حصلت إسرائيل على واحدة منها، وهى قنبلة ذات غلاف أكثر سماكة تزن 5000 رطل مصممة لمهاجمة أهداف أعمق تحت الأرض.

واشترت إسرائيل 50 قنبلة من هذا القبيل من الولايات المتحدة فى عام 2015، وتحمل كل منها ما يعادل 625 رطلًا فقط من مادة تى إن تى، أما السلاحان الآخران فلم يتم بيعهما أو تقديمهما إلى الحلفاء. إحداهما عبارة عن قنبلة تزن 21000 رطل تسمى Massive Ordnance Air Blast، أو MOAB، والتى تنفجر فوق الأرض مباشرةً بقوة 18700 رطل من مادة TNT ولا يمكن إسقاطها إلا من طائرات الشحن.

وتم استخدامها مرة واحدة فى أفغانستان فى عام 2017، وهو الاستخدام الوحيد المعترف به علنًا لهذا السلاح فى القتال.

من العراق إلى غزة 2024

الأسلحة الأمريكية لم تتوقف عند هذه النقطة، بل اعتادت واشنطن على تصدير أسلحة محرمة دوليًا لمن يدفع الثمن الأكبر، وبالطبع إسرائيل صاحبة نصيب الأسد لهذه الصفقات.

وتعتبر القنابل العنقودية أبرز هذه الأسلحة التى استخدمتها الولايات المتحدة للمرة الأولى فى حرب العراق، تسعينيات القرن الماضى، تحت رئاسة جورج بوش الأب، كما تعد إسرائيل من أكثر الدول استخداما لها فى عدوانها على الفلسطينيين، خاصة بقطاع غزة، كذلك استخدمت أوكرانيا القنابل العنقودية التى تسلمتها من الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ هجمات ضد المواقع التى تسيطر عليها القوات الروسية.

أما الفسفور الأبيض الذى يعتبر من الأسلحة المحرمة دوليًا، فاستخدمته واشنطن فى تسعينيات القرن الماضى فى العراق، ثم تبعتها إسرائيل التى استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض فى الحرب التى شنتها على قطاع غزة نهاية 2008 وبداية 2009؛ رغم أن اتفاقية جنيف عام 1980 تحرم استخدام الفوسفور الأبيض ضد السكان المدنيين أو حتى ضد الأعداء فى المناطق التى يقطنها مدنيون، وتعتبر استخدامه جريمة حرب.

حرب العراق عام 2003 أيضًا كان لها نصيب من ترسانة واشنطن الفتاكة، حيث عملت الإدارة الأمريكية تحت رئاسة جورج بوش الابن على استخدام أسلحة محرمة دوليًا إلى جانب ترسانة الأسلحة المعلنة، واجتمعت ترسانة التحالف الأمريكى البريطانى فى الحرب التى شنت على العراق، واستعملت فيها تقنيات متطورة وأنواعا متعدة جوًا وبحرًا وبرًا، منها: صواريخ كروز التى كانت نجم الأسبوع الأول من الحرب على العراق التى تم إطلاقها بواسطة مقاتلات بى 52 الأمريكية- القنابل العنقودية التى تحتوى على 552 رطل سى بى يو 72 من النوع الذى استخدم فى حرب الخليج على ثلاثة براميل، وزن كل منها 100 رطل. ويحتوى كل برميل على 75 رطلًا من أكسيد الأثيلين.

والقنابل الصغيرة من نوع BLU-97/B التى يعاد انفجارها مساحة ثمانية ملاعب لكرة القدم.

كذلك قذائف الأبخرة الحارقة، التى استخدمها الأمريكيون فى فيتنام وألقوا أكثر من 200 قنبلة فى حرب الخليج. كما استخدمها الروس فى أفغانستان والشيشان، كذلك قنابل محددة الهدف من نوع - GBU - 28 Penetrato وزنها 5 آلاف باوند.

فضلًا عن صاروخ توما هوك جو أرض، وصاروخ AGM – 142وغيرها من أنواع صواريخ أرض- جو.

أما الاستخدام الأول لقنبلة MK-82 A/B فكانت أيضًا فى حرب الخليج الثانية، حيث استخدمت القوات الأمريكية وزنها 500 باوند يتم إسقاطها.

القنابل «الغبية»

وفى مجزرة «التابعين» استخدمت قوات الاحتلال القنبلة MK-84 التى تعرف أيضا بـ«مارك 84»، سميت بـ«المطرقة» للضرر الشديد الذى تلحقه إثر انفجارها، تزن ألفى رطل (900 كيلوجرام تقريبًا)، وهى قنبلة موجهة لها رأس حربية متفجرة، استخدمت فى حربى الخليج وفيتنام.

وسبق أن ألقى جيش الاحتلال القنبلة الأمريكية من طراز MK-84المجهزة بنظام «جدام» على المدنيين فى مجزرتى مستشفى المعمدانى ومخيم جباليا بغزة.

وفى نوفمبر الماضى، قال مسؤولون فى شركة «تروى» التكنولوجية الدفاعية التركية، إنهم بعد مراجعة وتحليل فيديوهات للغارة التى نفذتها إسرائيل على المستشفى المعمدانى فى 17 أكتوبر 2023، وتحليل صوت الانفجار ومدى قوته، خلصوا إلى أن هناك مؤشرات على أن القنبلة المستعملة قد تكون MK-84 المجهزة بنظام «جدام».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، نشرت فى 3 نوفمبر 2023، تقريرًا جاء فيه أن إسرائيل استخدمت ما لا يقل عن قنبلتين، وزن الواحدة منهما 907 كيلوجرامات، خلال الغارة الجوية التى نفذتها فى 31 أكتوبر الماضى، وتسببت فى مجزرة ضد المدنيين فى مخيم جباليا، وهى منطقة مكتظة شمالى مدينة غزة.

صممت «مارك 84» لتكون قنبلة ذات سقوط حر وغير موجهة، ضمن ما يسمى بـ«القنابل الغبية»، وتعد أكبر نسخة من سلسلة قنابل «مارك 80»، وتطورت بشكل يسمح لها بإبطاء سرعتها لضمان ابتعاد الطائرة الحربية عنها قدر الإمكان.

ونظام «جدام» هو حزمة من أجهزة توجيه متعددة تثبت على «القنابل غير الموجهة» (القنابل الغبية) وتحولها إلى قنابل موجهة، مع وحدة تحكم تجمع بين نظام التوجيه بالقصور الذاتى ونظام تحديد المواقع «جى بى إس».

تشكل الذخيرة المتفجرة نسبة 45 % من الوزن الإجمالى للقنبلة، ويمكن أن تحدث حفرة بعرض نحو 15 مترًا وعمق يتجاوز 10 أمتار.

تستطيع القنبلة اختراق المعدن بعمق 38 سنتيمترًا تقريبًا، واختراق نحو 3 أمتار من الخرسانة، اعتمادًا على الارتفاع الذى أسقطت ووجهت منه، وتتسبب بأضرار مميتة حولها تتجاوز دائرة قطرها تقريبا 73 مترًا.

ومنتصف الشهر الماضى، ارتكب الاحتلال مجزرة ضد النازحين فى منطقة مواصى خان يونس، راح ضحيتها نحو 100 شهيد، واستُخدِمت فيها أيضًا قنابل أمريكية مدمرة.

وذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن قنابل موجهة بنظام «جدام» الأمريكى أو ما يسمى «البرد الثقيل» استخدمت فى هذه المجزرة.