الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من الأمن القومى وفلسطين إلى الدعم.. «الحوار الوطنى».. «سند» الدولة ومؤسساتها

دائما ما تحضر منصة «الحوار الوطنى» فى ساحتها، للقيام بأدوارها وواجباتها، ليس فقط من خلال المتخصصين فى الملفات التى يتم العمل عليها أو ما يستجد من محاور جديدة، فهى حاضرة بتمثيل كافة القوى السياسية والمجتمعية لجميع الفئات، تضع على رأس الأولويات، دعم الدولة والقيادة السياسية، حول قضايا الأمن القومى والعربى، والتى من بينها، صون الدولة وأراضيها، وأيضا عدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية، عبر مخططات لا تتوقف.



منصة «الحوار الوطنى»، لا تغيب أبدا عن الملفات ذات الأولوية والملحة، هو ما ظهر فى الاجتماع الأخير الذى استمر الأسبوع الماضى، لأكثر من 10 ساعات، لمناقشة عدد من الموضوعات الطارئة الداخلية والخارجية، ذات الأولوية لدى المواطن المصرى، وكان على رأس الموضوعات، التى تناولها الاجتماع، القضية الفلسطينية وتأثيرها على الداخل المصرى، وفقا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، بإدراج موضوعات الأمن القومى والسياسة الخارجية ضمن مناقشات الحوار الوطنى، وذلك نظرا للأوضاع الخطيرة التى خلقها العدوان الإسرائيلى الدموى على قطاع غزة، بحيث يتوصل إلى مقترحات تدعم مواقف مصر الثابتة والمستمرة فى مواجهته، وحماية أمنها القومى وسيادتها على أراضيها، وفى دعمها القضية الفلسطينية والوقوف بحزم ضد أى محاولة لتصفيتها.

 

د. طلعت عبدالقوى
د. طلعت عبدالقوى

 

وفى هذا الشأن أكد مجلس الأمناء بالإجماع، دعم ومساندة الموقف المصرى، الذى تميز بالصلابة والجدية؛ حيث أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أكد مرارا وتكرارا على أن القضية الفلسطينية تعتبر قضية القضايا، وهى التى تحفظ للإقليم استقراره، ولا حل لها سوى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، رافضا التهجير وتصفية القضية، وأى مساس بالأمن القومى المصرى وسيادة مصر الكاملة على أراضيها، وشدد المجلس على أهمية وضرورة استمرار الاصطفاف الشعبى والسياسى حول القيادة السياسية ومواقفها المبدئية والعملية الثابتة والحاسمة فى ظل الأوضاع الدقيقة الراهنة.

وأيضا حضر ملف «الدعم» للمواطن، بقوة فى هذا الاجتماع أيضا، حيث رحب مجلس أمناء الحوار الوطنى، بإحالة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء لقضية التحول من الدعم العينى إلى النقدى للحوار الوطنى لمناقشتها، ليعلن تصدى «الحوار الوطنى» عبر آلياته المعتمدة منذ بدئه، لقضية الدعم وما هو مطروح من الحكومة حول إمكانية تحويله من عينى إلى نقدى، فهو يؤكد أنه لم يبلور بعدُ رأيًا فى هذا الموضوع، فى انتظار ما سوف تنتهى إليه آليات الحوار من خلاصات وتوصيات.

وحول أولوية ملف «الأمن القومي» على طاولة مجلس أمناء الحوار الوطنى، قال خبراء ومختصون، إن الحوار الوطنى أصبح آلية من الجمهورية الجديدة فى ظل ما يمر به محيط مصر من تحديات عدة تتطلب التلاحم.

ويقول خبير العلاقات الدولية، د. أحمد سيد أحمد، إن «الحوار الوطني» أصبح آلية مهمة لمناقشة القضايا التى تمس المصلحة المصرية العليا ومنها الأمن القومى فى ظل التحديات الكثيرة التى تواجه مصر، وهى تحديات نابعة مما يشهده الإقليم من توترات، على رأسها بالطبع استمرار العدوان الإسرائيلى على غزة والتهديدات الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية، فضلا عن مخاطر إقليمية، مما يعكس أن مصر تمر بتحديات خارجية، تتطلب التكاتف وتعزيز التلاحم المجتمعى، وأهمية الوعى والإدراك بالمخاطر المتزايدة، ووجود تكاتف وتلاحم بين الدولة والمواطنين، ومنع أى تداعيات سلبية على الأمن القومى المصرى.

ويشدد فى هذا الصدد، على أن «الحوار الوطنى» كـ«آلية»، بات من ملامح الجمهورية الجديدة التى تعكس التفاعل بين الدولة والمواطنين والنخبة للاستفادة من كافة الرؤى فى السياسات وأيضا التطلعات واهتمامات المواطنين.

فيما يوضح عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، د. طلعت عبد القوى، أن الاجتماع الذى استمر 10 ساعات، ناقش بناء على توجيهات رئيس الجمهورية فى إفطار الأسرة المصرية القضايا المتعلقة بالشئون الخارجية والأمن القومى، وتأتى فى مقدمة ذلك، قضية الاعتداء الإسرائيلى على قطاع غزة، وبعد مناقشات بين أعضاء مجلس الأمناء، تم التأكيد على تأييد كافة خطوات الرئيس السيسى، بدءا من إعلانه لمؤتمر السلام ودعوته لوقف إطلاق النار ومنع التهجير القسرى لما فى ذلك من تصفية للقضية الفلسطينية، وكل ما يبذل للحفاظ على الأمن القومى المصرى، ثم تم الانتقال إلى مناقشة بعض الموضوعات الداخلية، وفى مقدمتها توصيات المرحلة الأولى من الحوار البالغة 135 توصية وتفعيلها من اللجنة المشكلة من رئيس الوزراء ومدى وجود برنامج زمنى بتحويل التوصيات إلى تشريعات وسياسات وقرارات، وبعد ذلك تم تناول موضوعات لم يتم استكمالها حيث سيكون برنامجًا زمنيًا يضعه مجلس الأمناء مع مقررى المحاور واللجان.

وأشار «عبد القوي» إلى أن الانتقال إلى ملف تحويل الدعم العينى إلى النقدى، من الموضوعات المهمة وسنحصل على الوقت المطلوب للاستفاضة فيه فى ظل وجود خبراء ومتخصصين مواطنين وجمعيات ومؤسسات، ليكون هناك حوار مجتمعى مفتوح ورصد الإيجابيات والسلبيات.

 

وليد جاب الله
وليد جاب الله

 

«الحوار الوطني» منصة كافة المحاور، وليس معنى أن إعطاء الأولوية لدعم جهود الدولة والقيادة السياسية فى الدفاع عن الأمن القومى المصرى، ومساندة لما يقدم فى إنهاء معاناة أهالى قطاع غزة فى ظل العدوان الإسرائيلى، والتمسك بعدم تصفية القضية الفلسطينية ومواجهة أى مخططات تهدف ترحيل الفلسطينيين خارج أراضيهم، لا ينقص من الاهتمام من جانب «الحوار الوطني»، بالملفات الداخلية ذات الأهمية، والتى تزامن معها، الانتقال إلى ملف الدعم العينى إلى النقدى، الذى يعتبر من الموضوعات المهمة، وهو الملف الذى أعلن بشأنه «مجلس الأمناء» مؤخرا، أنه سيحصل على الوقت المطلوب للاستفاضة فيه فى ظل وجود خبراء ومتخصصين مواطنين وجمعيات ومؤسسات، ليكون هناك حوار مجتمعى مفتوح ورصد الإيجابيات والسلبيات، والتقدم لصانعى القرار، فى ظل الترقب لذلك، والذى يعتبر أمرًا بمثابة مسئولية كبيرة.

وحول هذا الموضوع، يؤكد الخبير الاقتصادى، د.وليد جاب الله، أن الهدف من «الدعم» هو ضمان أكبر قدر من عدالة التوزيع وتوفير الاحتياجات الأساسية للشرائح الأولى بالرعاية، وهناك أنواع للدعم أهمها الدعم العينى والدعم النقدى، ولكل منهما مزاياه وعيوبه، التى جعلت من «الدعم النقدى المشروط» هو الخيار الأنسب عند الكثيرين، وإجمالا فإنه بتتبع المسارات الدولية لقضية الدعم، نجد أنه لكل بلد رؤية فى تصميم نموذج الدعم الذى توجهه إلى مواطنيها، وعندما تجتمع النماذج الدولية مع الدراسات التى تم إعدادها بشأن أنواع الدعم وآليات التحول، فى إطار آلية الحوار الوطنى، يكون الأمر مهمًا للغاية بحيث تنطلق هذه الآلية لتدير نقاشات مع الخبراء والمختصين، للوصول إلى نموذج متكامل يناسب الواقع الحالى، حيث إن مصر بدأت بالفعل فى إجراءات التحول للدعم النقدى، ولديها معاش «تكافل وكرامة» الذى يعتبر آلية من آليات الدعم النقدى المشروط، ليتم فيه توزيع مبالغ مالية على الشرائح المستهدفة، ومن هنا يمكن الانطلاق من الخبرة التى تم تكوينها من خلال توزيع «الدعم النقدي» عبر «تكافل وكرامة» إلى آفاق جديدة تراعى الدراسات العلمية وتستفيد من التجارب الدولية وتقرأ الواقع المحلى، بحيث تتحقق مزايا الدعم النقدى الذى سيكون له أثر كبير فى توجيه الدعم بشكل وصورة صحيحة.

ولفت «جاب الله» إلى أنه عندما تحدث رئيس الوزراء عن ترشيد الدعم، البعض اعتقد أن الأمر خفض الدعم، وهذا غير مطروح لأن مخصصات الدعم فى موازنة العام المالى القادم 2024 - 2025، أكبر من مخصصات الدعم فى العام المالى الحالى، والمخصصات متوفرة والدعم قائم، ولكن عندما يتم التحول للدعم النقدى، سيكون هناك ضمان بوصول الدعم للمواطن المستحق.

وترجم «جاب الله» ذلك، قائلا: «التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى لا يستهدف تقليص الدعم حيث أنه تم تخصيص 635 مليارا و943 مليون جنيه فى الموازنة العامة للدولة للسنة المالية القادمة 2024/2025 للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بزيادة 106 مليارات عن 2023/24».

وتطرق «جاب الله» فى هذا الصدد، إلى وجود نسب ممن يعيشون فى مصر وهم «مقيمون أجانب» بالعديد من الصفات، يحصلون على نسب من الدعم الذى توجهه الدولة للطاقة والمواصلات والمياه والكهرباء وأشياء أخرى، ووجودهم فى ظل «دعم عيني» موزع على كافة المقيمين فى مصر، يجعل الأجنبى يستفيد من الدعم الذى هو بالأساس حق من حقوق المواطن المصرى، لذلك فإن التحول للدعم «النقدي» سيسمح بذهاب مخصصات الدعم إلى المصريين والشرائح المستحقة خاصة أن قاعدة البيانات المرتبطة بالمواطنين، أصبحت أكثر نضجا سواء من حيث تحديد الشرائح والفئات الأولى بالرعاية، أو حتى شرائح الموظفين الحكوميين الذين يطبق عليهم نظام يحكم منظومة الرواتب فى الدولة، فى ظل الشوط الكبير الذى قطعته مصر فى عمليات الميكنة والتحول الرقمى وأصبحت تمتلك قاعدة بيانات، تمكنها من إدارة التحول إلى الدعم النقدى بصورة أكثر نجاحا من ذى قبل.