الأحد 20 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أنا وروزا.. وسنوات السفر

فى الخامس عشر من أبريل عام 1987 أقلعت بى الطائرة إلى أبوظبى لكى أواصل مشوارى الصحفى فى دولة الإمارت. وأنا فى الطائرة قفزت من رأسى العديد من الموضوعات والأخبار التى حققت نجاحا كبيرا بشهادة الجميع، ومنذ تلك اللحظة حتى الوقت الذى أكتب فيه هذا الموضوع لم يمر يوم إلا ويدور فى خاطرى موضوع أو خبر أثار إعجاب الكل على جميع الأصعدة والمستويات.



وكعادتى كل يوم جمعة ذهبت إلى المجلة لمتابعة موضوعاتى وأخبارى قبل النشر. ويومها التقيت بالصديق الراحل فنان الكاريكاتير جمعة فقال لى: إيه اللى جايبك يوم الجمعة؟ فحكيت له وبادرته بنفس السؤال: وأنت إيه اللى جايبك النهارده فقال لى: مطلوب أرسم الغلاف عن صندوق النقد الدولى لكن حتى الآن لم أجد فكرة تناسب الكوارث التى يسببها الصندوق لشعوب دول العالم الثالث.

أخذت أطالع الرسومات وكانت جيدة ولكن على حد قوله لا تتناسب مع كوارث الصندوق وفوق كل رسمة كتب عبارة صندوق النقد الدولى.

أخذت أفكر معه إلى أن طرأت فى ذهنى فكرة فقلت له: اسمع يا جمعة.. كلمة النقد شيل القاف وحط بدلها كاف فاحتضننى بشدة وأخذ يرفعنى لأعلى قائلا: جبت الفكرة دى إزاى؟ أصبح هذا الكاريكاتير هو الأشهر فى تلك الفترة بل والأشهر على الإطلاق فيما يتعلق بنقد صندوق النقد حتى إن الرئيس مبارك كان يلقى خطابه فى عيد العمال وانتقد مطالب صندوق النقد واصفا إياه بأنه صندوق النكد الدولى.

ولا أنسى حوارى مع سفير فرنسا فى وقت كانت كل أصابع الاتهام تشير إلى العرب باعتبارهم هم الذين يرتكبون العمليات الإرهابية وعندما وجهت إليه السؤال: ما رأيك فى ذلك فقال لى بصورة قاطعة: لا علاقة بين الإرهاب والعرب وكان ذلك هو عنوان الغلاف وفى اليوم التالى استقبله الرئيس مبارك بل وأمر بإذاعة الحوار بالكامل فى نشرة أخبار الساعة الثانية والنصف وهو أمر لم يحدث منذ مقالات الأستاذ هيكل التى كانت تذاع فى هذه النشرة كل يوم جمعة.

ولا أنسى حوارى مع الفريق صدقى محمود قائد القوات الجوية خلال حرب عام 1967 وكنت قبل مقابلتى له قد قرأت كل ما كُتب خلال هذه الفترة عن هذه الحرب وكان أهم ما قرأته ما كتبه الأستاذ هيكل فى مقاله الأسبوعى بصراحة حيث قال إن اسرائيل تعمدت ضرب المطارات المصرية فى التاسعة صباحا لأنها تعلم أن الطيارين يستيقظون فى الخامسة صباحا ثم يقومون بتدريباتهم ثم تناول الإفطار وفى التاسعة يكونون فى دورات المياه. وعندما قرأت عليه السؤال ثار ثورة عارمة واحمر وجهه وقال منفعلا: كده هيكل بيفترى على القوات الجوية أنا كان عندى عدد طيارين ضعف عدد الطائرات.. مجموعة تتناول الإفطار وتذهب إلى الحمامات والمجموعة الأخرى تجلس على مقعد قيادة الطائرات وجاهزون للإقلاع فى أى لحظة ثم يتبادلون المواقع.

ولما رأيته منفعلا بشدة عرضت عليه حذف هذا السؤال فرفض بشدة وقال: أرجوك انشر السؤال والجواب.

وبعد صدور العدد كان عنوان الغلاف.. الفريق صدقى محمود: هيكل افترى على القوات الجوية

وفوجئت بالفريق صدقى محمود يتصل بى قائلا: كده يا سعد توقعنى فى حرج مع الأستاذ هيكل الذى اتصل بى معاتبا على هذه العبارة.. أنا قلت لك هذه العبارة لكى تذكرها داخل الموضوع وليس تنشرها على الغلاف فقلت له: ممكن أجى لك دلوقتى فقال: أنا فى انتظارك.

أخذت معى الموضوع ووضعت خطا تحت العبارة التى قالها فقال لى إذن لماذا نشرتها على الغلاف فقلت له أنا ليس لى علاقة بالعناوين التى يتم نشرها على الغلاف إنما رئيس التحرير هو الذى يقرر ذلك وعرضت عليه فكرة يصالح بها الأستاذ هيكل.

تلخصت الفكرة فى خطاب أرسله أنا إلى رئيس التحرير الأستاذ عبدالعزيز خميس رحمه الله موقعا باسم الفريق صدقى محمود يشير فيه إلى أنه حدث لبس وسوء فهم أخل بما قلته للصحفى سعد السيد وأرجو نشر هذا التوضيح وإلا سوف ألجأ إلى القضاء.

عجبته الفكرة وأرسلت الخطاب من مكتب البريد القريب من منزله وبعد ثلاثة أيام وأنا داخل المجلة قال لى موظف الاستعلامات المرحوم أبو طالب: اذهب إلى مكتب رئيس التحرير قبل أن تذهب إلى مكتبك فتوجهت إلى مكتبه فقالت لى السكرتيرة: ادخل على طول، وعندما دخلت وقف أمامى وهو يمسك بالخطاب قائلا: شوفت يا سى سعد الفريق صدقى محمود عاوز يرفع علينا قضية فقلت له: ليه هو قال أن أنا ماقبلتهوش؟ قال: لا بيقول حدث لبس فقلت له: ممكن أقرا الجواب قال لى: اتفضل وبعد أن قرأت الجواب الذى كتبه الفريق صدقى محمود أو بمعنى آخر الذى كتبته أنا فقلت له: مفيش مشكلة ننشره فى بريد القراء فقال لى: أيوه أنشره فى بريد القراء.

وكان اقتراحى بنشره فى بريد القراء لأننى كنت أشرف عليه وبالتالى أستطيع نشره بالكامل بدون حذف بل وإبرازه بشكل كبير.

كان من بين ما يستفزنى كتابة اسم أحد المشاهير فى جريدة بطريقة مختلفة عن الصحف الأخرى ومن بين ذلك كانت إحدى الصحف تنشر الاسم بونازير بوتو وصحيفة أخرى تنشره بانازير بوتو وهكذا فذهبت إلى المستشار الإعلامى لسفارة باكستان وعرضت عليه الأمر كى أعرف أى الاسمين هو الصح وأيهما الخطأ فقال لى للأسف الاتنين غلط فقلت له ما هو الاسم الصح؟ فأخذ ورقة وكتب باللغة العربية: بينظير بوتو، وشرح لى الاسم أن كلمة نظير هى نفس معناها باللغة العربية أى مثل، وبى تعنى العكس ليصبح المعنى التى لا نظير لها فأخذت منه بعض المعلومات عنها وكتبت موضوعا بعنوان: بينظير بوتو وطريق الانتقام وبعد عدة أيام كتب الصحفى الكبير الراحل مصطفى أمين فى عاموده الأشهر «فكرة» عن رئيسة وزراء باكستان ذاكرا اسمها بينظير بوتو فشعرت بسعادة غامرة.

وحتى اليوم لا يزال يقفز فى ذهنى كل يوم بل وكل لحظة العديد من الموضوعات والأخبار المماثلة التى قد تجد طريقها للنشر قريبا.