الإثنين 29 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أطباء مضربون ومرضى يتألمون!

أطباء مضربون ومرضى يتألمون!
أطباء مضربون ومرضى يتألمون!


مهما وصفنا لن تصدقوا مستوى الوضع فى المستشفيات وخاصة الحكومية، مع إضراب من كنا نسميهم «ملائكة رحمة» عن عملهم فى وقت مواجهة خطر الوباء.. وكان من الطبيعى أن يتحول مشهد مواجهات الأهالى والأطباء معتاداً فى أروقة المستشفيات لرفضهم حجز المرضى حتى لو كانت حالاتهم صعبة، والأكثر غرابة أن هؤلاء الأطباء والممرضين يدعون أن إضرابهم لصالح المواطن البسيط وليس لصالحهم فقط حتى يقدموا لهم خدمة علاجية جديدة!
 
«روزاليوسف» رصدت المشهد من داخل المستشفيات الحكومية وقت الإضراب والكواليس التى تدور بين المرضى والأطباء المسئولين، حيث أدى إصرار قطاع عريض من الأطباء على تنفيذ قرارات الإضراب إلى اشتعال المستشفيات، وما زادها اشتعالا هو انضمام قطاع الصيادلة إلى الأطباء تنفيذا لقرارات نقابتهم.
ومن داخل مستشفى الأحرار بالزقازيق رصدنا وجود تجمعات من المرضى وذويهم فى العيادات الخارجية انتظارا لقيام أحد الأطباء المضربين بالكشف عليهم، وتحدث رجل مسن إلى أحد الأطباء المضربين وقال له: «أنا استلفت تمن المواصلات والتذكرة عشان آجى اعتبرنى زى أبوك ومتخلنيش أرجع من غير ماكشف أنا لا سنى ولا صحتى يسمحوا لى آجى تانى»!بينما دخلت سيدة ريفية يبدو عليها الإعياء بصحبة زوجها إلى مكتب سكرتير المدير العام لمقابلة مدير المستشفى وقالت إنها مريضة والمفروض أن يتم حجزها اليوم لكى تجرى جراحة، وفوجئت بالأطباء يخبرونها أن هناك إضرابا ولن يتم حجزها وعليها أن تأتى غدا أو أن تتوجه إلى مستشفى آخر، وقال زوجها بنبرة حادة إنهم سوف يذهبون إلى المحافظ إذا لزم الأمر لأن ما يفعله الأطباء ليس له علاقة بالإنسانية ولا بالأخلاق فهم جالسون يتضاحكون ويمزحون فيما بينهم دون أدنى شعور بالمسئولية.. وتساءل: كيف يأمن المريض على نفسه بين أيدى هؤلاء؟!
 
وزادت التجمعات من المرضى وأهاليهم أمام مكتب المدير العام رغبة فى مقابلته، وارتفعت أصواتهم لشرح وتبرير مواقفهم للسكرتير ليعجل لهم بسرعة مقابلة المدير، وجاءت سيدة مسنة تقول إنها لا تفهم يعنى إيه إضراب وأنها عانت لكى تكشف وهى تعانى الآن لكى تصرف الروشتة من صيدلية المستشفى.. وفوجئت بأن الممرضات قلن لها إن الصيادلة مضربون عن العمل مثل الأطباء!
 
وأكدت لنا بعض المصادر داخل المستشفى أن السبب فى الاحتقان الموجود داخل الكثير من المستشفيات بجانب الكادر هو وجود بعض الخلايا الإخوانية داخل المستشفيات، فهناك قطاع كبير من الأطباء ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية وهدفهم هو استغلال المواقف والمتاجرة بها وإظهار الحكومة الحالية غير قادرة على السيطرة فهم يحثون صغار الأطباء على الإضراب، ومن ناحية أخرى يقنعون المرضى وأهاليهم على ضرورة الوقوف أمام الأطباء والمطالبة بحقهم فى العلاج فى يومى الإضراب حتى يظهر المشهد أكثر تخبطا داخل المستشفيات، وأضاف: إن مشكلة الكادر موجودة منذ أيام حكم الرئيس المعزول، وكان هناك إضراب من بعض الأطباء ولكن النقابة العامة للأطباء وأعضاء مجلسها كانوا يحتوون المشكلة بأوامر من قيادات الإخوان حتى لا تظهر صورة الجماعة والرئيس المعزول أكثر سوءا مما كانت عليه أمام وسائل الإعلام والرأى العام المصرى خاصة بعد الوعود التى قدمها المعزول لهم بتنفيذ مشروع الكادر على مراحل.
 
وعن المشادات الموجودة بين الأطباء والمرضى أكد السيد الغمرى مدير المستشفى، أن أوامر النقابة إلزام تام عليه وسيف على رقبته ولابد من تنفيذها، وهو يراعى الحالات المرضية الإنسانية دائما وهو لا يستطيع إجبار الطبيب على أداء عمله فى وقت الإضراب، وفى نفس الوقت لا يسمح لطبيب أن يتغيب فى أيام الإضراب!
 
وعن إضراب الصيادلة بجانب إضراب الأطباء أشار إلى أن من يتم إجراء الكشف عليه لابد أن تصرف له الأدوية حتى لو لم يكن هناك صيدلى داخل الصيدليات ولو تطلب منه الأمر جعل عامل من العمال هو من يقوم بهذه المهمة أو ينزل بنفسه للصيدليات لصرف الأدوية ويحتوى التقصير الموجود داخل العيادات الخارجية فمن يتواجد من المرضى يكون لزاما عليه إجراء الكشف عليهم ولو فى أماكن أخرى غير العيادات الخارجية. ورغم وجود إضراب من الأطباء والصيادلة داخل المستشفى أكد الغمرى أن أداء الخدمات ونسبة الكفاءة داخل المستشفى تصل إلى مائة بالمائة والوضع تحت السيطرة!
 
وعن الحالات الموجودة بالخارج والموجودة أمام مكتبه تطالب بالحصول على الخدمات إما بإجراء الكشف أو صرف الأدوية أكد الغمرى أن كل الحالات الموجودة بالخارج ستحصل على الخدمة فى خلال نصف ساعة مادامت موجودة داخل المستشفى.
 
ومن داخل مستشفى الزقازيق العام كان المشهد لا يقل تخبطا عن مستشفى الأحرار، فالأطباء والصيادلة مضربون وسيارات الإسعاف خارج المستشفى تسمع أصواتها وهى تحمل المرضى والمصابين وكأنها تنقلهم لمثواهم الأخير! وكان لنا لقاء مع بعض الأطباء المضربين عن العمل بعد أن حدثت معهم مشادة كلامية حادة مع أحد المرضى بعد أن قال لهم: انتو بتاخدوا فلوس على إيه وانتو مش شايفين شغلكوا.. فقالوا له: لو مش عجبك اذهب لمستشفى الجامعة وريح نفسك!
 
حيث أكد عبدالبديع فيصل إخصائى جراحة و«م. ع» طبيبة أنف وأذن أن إضراب الأطباء يرجع فى المقام الأول لرغبتهم فى زيادة ميزانية وزارة الصحة، حيث إن ميزانيتها فى أى دولة فى العالم تصل إلى 15 فى المائة من الإنفاق الحكومى وأن الأطباء هم الطبقة الأكثر ظلما من حيث الرواتب مقارنة بأداء وخطورة عملهم ويتم تقدير الأطباء ماديا فى جميع دول العالم عدا مصر، ولهذا السبب يرحل أكثر من نصف الأطباء للبحث عن فرص عمل بالخارج وأفقر الدول مثل الصومال توجد لديها منظومة صحية أفضل من المنظومة الصحية المصرية من حيث الإنفاق وتوجيهه وبداية راتب الطبيب حديث التعيين هناك 1000 دولار فيما لا يتجاوز راتب نظيره المصرى 300 جنيه!
 
ومن مستشفى بولاق الدكرور العام التقينا بالدكتور محمد مجدى مدير المستشفى، حيث أكد أنه ضد الإضراب شكلا وموضوعا ويأمل أن ينتهى لأنه ليس فى وقته تماما وخاصة مع وجود عدوى الانفلونزا الموسمية وعدم وجود نتائج ملموسة يمكن أن تتحقق نتيجة هذا الإضراب ولابد من تضافر الجهود حتى يتم عبور المرحلة الانتقالية وتحقيق الاستقرار داخل البلاد.. وأشار مجدى إلى أن الجمعية العمومية المنعقدة أخيرا داخل نقابة الأطباء كانت منقسمة على نفسها فالبعض كان مصرا على الإضراب والبعض الآخر رأى أنها وسائل غير مجدية، وأن هناك وسائل أخرى للتعبير عن الآراء غير الإضراب وأفضل وسيلة هى الحوار والتفاهم خاصة أنه لا يصح الإضراب داخل المؤسسات الصحية التى من شأنها أن تلحق الضرر المباشر بالمرضى فإن نتائج الإضراب حتى الآن سلبية وغير مجزية.
 
أضاف مجدى: إن من يتبنى فكرة الإضراب هم فى الغالبية من صغار الأطباء وهم القاعدة العريضة داخل المستشفيات ولا يمكن استثناؤهم أو تهميشهم وأنه تحدث إليهم كثيرا بأن هناك تقصيرا من النقابة فى تبنى مطالبهم وفى وسائل الضغط التى تقوم بها النقابة ويجب أن يكون نقيب الأطباء وأعضاء مجلس النقابة على قدر المسئولية التى انتخبوا من أجلها وإن كانوا غير قادرين على ابتكار وسائل أخرى لتحقيق مطالب الأطباء فليستقيلوا خصوصا أن مطالبتهم بالكادر فى الوقت الذى تبحث فيه الحكومة عن تحقيق الاستقرار غير مناسب تماما، فلابد من الانتظار حتى تخرج البلاد من النفق المظلم الذى نعيش فيه.. وتمنى أن تقتنع النقابة بأن إضراب الأطباء وسيلة غير مثمرة، مؤكدا أن التفاهم بين النقابة والجهات المعنية سواء كانت وزارة المالية أو وزارة الصحة هو أفضل وسيلة لتحقيق الاستقرار وتحقيق الأهداف المنوط بها.
 
وعن المناوشات التى تتم بين أهالى المرضى والأطباء المضربين أشار مجدى إلى أنه يحاول احتواء الموقف ويحاول دائما أن يرضى الطرفين لأنه يرى أن كليهما له حقوق يجب أن يحصلا عليها. ورأى مجدى أن المواطن البسيط الذى يأتى راغبا فى العلاج لن يستطيع تفهم إضراب الأطباء بسهولة ولن يقتنع بأسبابه. وأضاف مجدى أنه يتحدث إلى الأطباء يوميا من أجل إقناعهم بالعدول عن فكرة الإضراب لأنها وسيلة فاشلة لأنهم يقومون باستعداء المجتمع المصرى ضدهم، وأشار مجدى إلى أنه لا يستطيع استخدام سلطته فى ردع الأطباء عن الإضراب فأقصى وسائل العقاب هى خصم ثلاثة أيام وهى بمعدل 50 جنيها من راتب الطبيب وهى لا تمثل معضلة أمامه.
 
وتعليقا على هذه الأزمة من نقابة الأطباء قال الدكتور رشوان شعبان رشوان أمين عام مساعد صندوق الأطباء، إنهم مستمرون فى الإضراب وإنه يحث الأطباء داخل جميع المستشفيات على تنفيذ أوامر النقابة بالإضراب عن العمل يومى الاثنين والأربعاء، بل إنهم كنقابة أطباء بصدد زيادة عدد أيام الإضراب حتى لو وصلت إلى جميع أيام الأسبوع لأنه ليس من العدل أن تتجاهل الحكومة دائما مطالبهم.