الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عندما أصبحت «الرجولة» قلة أدب!

عندما أصبحت «الرجولة» قلة أدب!
عندما أصبحت «الرجولة» قلة أدب!


 
بعد زيادة معدلات الطلاق فى المجتمع المصرى والعنف ضد المرأة، لم تجد الكثيرات ملاذًا لهن من العذاب سوى دار رعاية المعنفات والمطلقات والأرامل، والتى تعد الأولى من نوعها فى محافظة القاهرة والتى هى سبيل الهاربات من جحيم العذاب والعقاب الذى يلاقينه إما من أخ مريض نفسيًا أو زوج مدمن مخدرات وتتعدد ألوان التعذيب ويتفنن مدمنو المخدرات فى طرق التعذيب حتى أن إحدى الهاربات إلى الدار بعد أن تحايل عليها أخوها الأكبر وعادت إلى منزل الأسرة أذاقها أشد أنواع التعذيب وهو تحت تأثير المخدر، فكان يستخدم الكهرباء فى تعذيبها ليلاً ونهارًا ونتيجة لهذا أصيبت بالسرطان ولقيت حتفها بعد سنوات من التعذيب وبدون علاج.
 
قامت مجلة «روزاليوسف» بزيارة إلى بيت المطلقات والمعنفات للتعرف على آلام العشرات من السيدات المقيمات فى الدار واللائى لا يجدن من يدافع عنهن ويعمل على حل مشاكلهن الضخمة.
 
الدار بيت كبير مستقل بذاته عن العقارات المجاورة، عليه لافتة تؤكد بيانات الدار وعنوانها لزوارها وهو دور واحد فقط وفى مدخله صالة استقبال كبيرة وعدد من الغرف يصل عددها إلى 25 غرفة لكل سيدة غرفة مستقلة بذاتها إلا أنها بشكل قريب جدًا من الأخرى وليست كنظام شقة منفصلة بذاتها والهدف من ذلك أن تجتمع السيدات فى الاستقبال للحديث مع زميلاتهن الأخصائيات المتواجدات بالدار فهناك الأخصائية النفسية والمشرفة الليلية والأخصائية الاجتماعية ومديرة الدار وكل العاملين بالدار من السيدات فقط.
 
تم إنشاء الدار عام 2005 تحت مسمى مركز رعاية واستضافة المرأة، وهو مشروع تابع لوزارة التأمينات والشئون الاجتماعية، ظهرت الفكرة بعد كثرة مشكلات وشكاوى السيدات الهاربات من بيوتهن أو المطلقات ولهن قضايا منظورة أمام المحاكم، والفكرة جاءت من وجود سيدات معنفات ليس لهن مأوى ولا يجدن مسكنا بعد أن فقدن بيت الزوجية وليس أمامهن سوى الشارع، وحالات الأرامل اللائى طردهن أهل زوجها وليس لهن مكان، أو الأم التى استولى أولادها على شقتها وأساءوا معاملتها وليس لديها مأوى، ومن أكثر المشكلات التى برزت على ساحة الاستضافة - وهى الأكثر حضورا إلى الدار - هى مشكلة الزوجة التى هجرها زوجها وتركها هى وأطفالها دون نفقة، ودون أن يعرفوا له مكانا، والزوجة التى يتعنف عليها الزوج بشدة ليصيبها بأشد أنواع الأذى الجسدى والنفسى الذى قد لا يتوقعه البعض، فقد شهدت الدار أصعب الحالات المأساوية للسيدات فى مصر، ليبدأن حياتهن من جديد.
 
ويوجد تسعة فروع للدار مثل فرع الجيزة، وفرعان فى محافظة الإسكندرية وبنى سويف والمنصورة والقليوبية والفيوم وهم يهتمون بالمرأة المعنفة عموما فى المحافظة.
 
∎ سيدات الدار
 
تقول مديرة الدار نستقبل جميع الحالات للسيدات من عمر 18 عاما فيما أعلى، مهما كانت حالاتهن وسوء صحتهن أو أعمارهن إلا فى حالة واحدة فقط وهى السيدة المسنة أو المعاقة لأن كل سيدة تخدم نفسها فى الدار، ولم تحضر إلينا حالة وأغلقنا الباب فى وجهها، جميعهن تم استقبالهن ورعايتهن واحتضان مشاكلهن مهما كانت حالاتهن حتى ولو تعرضن لجميع أنواع العنف المتوقعة وغير المتوقعة، فالهدف الأول والخطوة الأولى هى استقبال الحالة، ومن أهم الأماكن التى نستقبل عن طريقها الحالات مركز شكاوى المرأة التابع للمجلس القومى للمرأة ومركز النديم للتأهيل النفسى.
 
والدور الأكبر الذى تسعى إليه الدار حمايتهن من العنف، وتأهيلهن نفسيا وتوفير الرعاية الصحية والرعاية الثقافية لهن.
 
∎ إجراءات الاستضافة
 
تقول مديرة الدار: بعد الاستضافة مباشرة نقوم بوضع بيانات أولية لحالة تلك السيدة التى حضرت عليها ووصفها، ثم تعرض على الطبيب إذا كان يوجد ضرورة لذلك ويتم عرضها على الأخصائى النفسى ويتم عمل برنامج تأهيلى متكامل «اجتماعى، قانونى، تمكين اقتصادى» للحالة، وهناك حالتان تتابع الدارمعهم حالة تتواصل معنا عن طريق التليفون وتسمى حالات الاستشارات، وهناك الحالة الأساسية التى توجد معنا فى الدار وهى المرأة المستضافة ولا نفرض عليها آراءنا ونطرح عليها أفكارا إلا أننا كفريق عمل لانجبر أحداً على شىء.
 
ولو كانت سيدة عاملة متزوجة نأخذ منها ربع المرتب، لكن إذا كانت لا تعمل لا نأخذ منها شيئا والدار تتكفل بكل احتياجاتها تحت رعاية وزارة الشئون الاجتماعية.
وفى كل حالة تحضر إلى الدار نعقد اجتماعا يضم الأخصائى النفسى والاجتماعى ووجودى مهم كمديرة الدار لوضع خطوات وجمع آراء حول الحالة، وفى حالة وجود أطفال نقوم بإحضارهم ونطلب منها صحيفة جنائية ونأخذ صورة من البطاقة أو صورة من شهادة الميلاد وقسيمة الزواج أو الطلاق وإخلاء طرف عند خروجها، وفى حالة عدم وجود تلك الأوراق نساعدها على استكمالها ليكون لديها ملف كامل واضح أمامنا.
 
وفى حالة طلبها التواصل مع الزوج أو الأسرة نقوم بذلك مع وضع شروط لعملية الصلح بين الطرفين، وهناك حالات تكون فيها شروط ورقية يوقع عليها الطرفان.
 
وعدد الحالات التى استضافتها الدار تقريبا ألف سيدة حتى الآن منذ إنشائها، وتستضيف الدار ما بين 18 و20 سيدة فى السنة، وتتردد بعض الحالات على الدار ثلاث مرات للاستشارة وتتابع الدار الحالة حتى ولو خرجت، وأكثر المحافظات حضورا إلى الدار محافظة الفيوم.
 
والعمل فى الدار تطوعى من العاملين، فراتبهم الشهرى يتراوح ما بين 150 جنيها إلى 170 جنيها وعددهم 7 أشخاص فى الدار.
 
∎ أسباب معاناة السيدات
 
 أكثر الحالات التى تحضر إلينا من الطبقة المتوسطة والفقيرة، فهى تعانى من سوء الحالة الاقتصادية وهو ما يزيد الخلافات بين الزوجين أو أن الزوج يكون مدمن مخدرات وهى الحالة الأكثر معاناة أو أن تكون الزوجة الثانية وفى كل الحالات تواجة المرأة أبشع صور العنف والإهانة الجسدية والنفسية فقد تحضر إلينا أشلاء فى بعض الأحيان عظامها متهالكة من التعذيب.
 
∎ صعوبات الاستضافة
 
لا يوجد أى معوقات سوى المدة التى تحضر فيها السيدة وهى ثلاثة شهور فقط، وبعض الحالات تحتاج إلى عام كامل، وهذه الحالة تتردد أكثر من مرة فى العام.
 
∎ قصص بعض الحالات فى الدار
 
«س.م» فتاة متزوجة ولديها أطفال تزوجت من شاب ميسور الحال جدا وذى مستوى مادى مرتفع وهى تتسم بالجمال، إلا أنها ليس لديها أسرة كى تلجأ اليها لأنها تزوجت ضد رغبة أهلها والزوج يتعاطى المخدرات ويقوم بضربها بأبشع صور التعذيب، ففى بعض الأحيان يضربها بالساطور ويكسر عظامها وفى مرة من المرات التى حضرت فيها إلى الدار تعرضت لكسر فى الأنف، ثم عادت إلى منزل الزوجية مرة أخرى بعد أن تعافت ثم عادت إلى الدار بعد عامين ثم اختفت وعادت بعد ثلاث سنوات، وأصعب ما فى حالتها هو تدمير أسرتها، فأطفالها يعلمون أسماء جميع أنواع المخدرات التى يشربها الأب والحالة تعانى من حالة نفسية لما تعرضت من إهانة وتعذيب.
 
الحالة الثانية «ك .ع» تبلغ من العمر 35عاما تركت بيتها بعد أن تعرضت للإهانة من الزوج بالضرب، لأن المستوى الاقتصادى ضعيف جدا ولا يعطيها الزوج سوى خمسة جنيهات فقط فى اليوم لها ولأبنائها ويتعاطى المخدرات ويصرف جميع أمواله على المخدرات وكانت زوجة ثانية ورفضت ذلك وحضرت إلى الدار لتعيش وتتعافى ثم أحضرت أبناءها وقامت بالعمل تحت إشراف الدار حتى استطاعت الحصول على شقة والآن فى حالة جيدة هى وأبناؤها وسيدة عاملة ولا تحتاج أى شىء وترددها على الدار حاليا مجرد زيارة فقط.
 
وفى حالة غضب شديد أخذت مديرة الدار تروى قصة مأساوية لفتاة عاشت معهم وهى الأصعب.
 
∎ مروة ضحية تعذيب الأخ
 
الحالة فتاتان صغيرتان تخرجتا فى الجامعة فى محافظة السويس والدهما كان يعمل محاميا وتوفى، وكان أخوهما هو الوصى عليهما لتبدأ رحلة التعذيب حيث كان يقوم الأخ بربط أخته الكبرى بأنابيب الأكسجين فى السرير ويقوم بتعذيبها وصعقها بالكهرباء، والمنزل فيه عقدة نفسية لأن الأم كانت ترى ذلك ولا تتحدث مع ابنها، حتى فكر الأخ أن يقوم بضرب أخته بالسكين فقامت بالقفز من الدور الرابع خوفا على حياتها وذهبت إلى المستشفى وحالتها كانت تحتاج إلى علاج وتكاليف فقامت المستشفى بتحويلها على الدار هنا وحضرت ومعها أختها الصغيرة التى كانت تتعرض إلى التعذيب أيضا لكن ليس بشكل دائم مثل أختها، حتى تعافت وأصبحت فى حالة جيدة جدا، واستقلت بنفسها هى وأختها الصغيرة، إلا أن الأخ كان دائم البحث عنهما واستطاع التواصل معهما، وكنت أتابعهم عن طريق التليفون، وبمجرد أن وصلت الفتاة إلى قبضة أخيها مرة أخرى قام بتخديرها ونقلها إلى مكان آخر جديد لا يعلمه أحد وقام بوضعها فى غرفة مظلمة ووضع السلاسل الحديدية على يديها دون طعام حتى أصيبت الفتاة بمرض «السرطان» وكان الأخ يمنع عنها الدواء، ووضع الأخت الصغرى أيضا فى غرفة مماثلة، وفى ذلك التوقيت كانت أحداث ثورة 25 يناير التى منعتنى من التواصل أو معرفة مكانهما الجديد إلا أننى ذهبت إلى منزلهما لأتواصل معهما فلم أجدهما وقال لى البواب أنهم «عزلوا»، وطلبت منه أن يرشدنى على بيتهما الجديد إلا أنه أكد لى بأنه لا يعلم وأكد لى بأنه كان يستمع إلى صراخ دائم لفتاتين تطلبان العون طوال الليل ولا يعلم أسباب ذلك حتى رحلت تلك الأسرة من العقار.
 
اختفت جميع المعلومات عن الفتاتين، ثم علمت بوجودهما وحاولت التواصل معهما إلا أن مروة ماتت من تعذيب الأخ الذى أتهمه بقتلها بالتعذيب أو منع الدواء عنها حتى الموت وستظل تلك الحالة نصب عينى طوال العمر لأننى أبكى عليها دائما.
 
∎ نشاطات الدار الحرفية:
 
يوجد عدد من الحرف اليدوية قامت بها الدار لمساعدة الفتيات أو السيدات فى حالة استقرارهن واستقلالهن عن أسرهن التى فررن منها هاربات إلى الدار ولا يحتجن إلى شىء من أحد مثل تصنيع الإكسسوار والخياطة، ونقوم بحفلات ورحلات للسيدات للترفيه عنهن.