الأحد 10 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عودة قادتها من تركيا انتهاك للاتفاقيات القائمة: كتيبة آزوڤ «النازيون الجدد» فى أوكرانيا

أعلن الكرملين أن عودة قادة كتيبة آزوڤ الإرهابية من تركيا إلى أوكرانيا تعد انتهاكا لبنود الاتفاقيات القائمة مؤكدا أن شروط العودة انتهكتها أنقرة وكييڤ. وقال المتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف إنه وفقا لبنود الاتفاقيات كان من المفترض أن يبقى قادة جماعة آزوڤ النازية المتطرفة فى تركيا حتى نهاية الصراع مشددا على أن أنقرة وكييڤ انتهكتا الاتفاقية ومشيرا إلى أن روسيا لم تبلغ بشأن نقل المسلحين. وجاء تصريح بيسكوف بعد أن أعلن الرئيس الأوكرانى زيلينسكى أنه عاد إلى أوكرانيا برفقةَ 5 من قادة كتيبة آزوڤ الذين كانوا فى تركيا. وكان القائم بأعمال رئيس جمهورية دونيتسك دينيس بوشلين قد أعلن فى سبتمبر الماضى الإفراج عن 56 شخصا بعد تبادل الأسرى مع كييڤ منهم 55 من العسكريين وتم تسليم 215 شخصا إلى أوكرانيا فى المقابل بينهم قادة كتيبة آزوڤ. وفى يناير الماضى تمت صفقة تبادل للأسرى بين روسيا وأوكرانيا وعندما جاءت ساعة الصفر طرح الجانب الروسى شرط بقاء قادة كتيبة آزوڤ فى تركيا وقبلته أوكرانيا.



 

ومن ناحية أخرى، نددت روسيا بعودة قادة من كتيبة آزوڤ الأوكرانية التى تصنفها مجموعة إرهابية إلى بلادهم برفقة الرئيس الأوكرانى زيلينسكى قادمين من تركيا. وجرى اعتقال هؤلاء القادة خلال معارك فى مدينة ماريوبول العام الماضى ولكن اتفاقا لتبادل الأسرى توسطت فيه أنقرة اشترط بقاءهم فى تركيا حتى نهاية الحرب. وأشارت إلى أن الإفراج عنهم من تركيا جاء نتيجة ضغوط شديدة من حلفاء أنقرة فى حلف شمال الأطلسى (الناتو) قبل القمة التى سيعقدها والتى تأمل أوكرانيا أن تتلقى خلالها إشارة إيجابية بشأن نيلها العضوية فى المستقبل. ولم يقدم زيلينسكى فى تصريحاته أى تفسير للسماح للقادة بالعودة إلى بلدهم الآن.

وتولى قادة آزوڤ الذين يوصفون بالأبطال فى أوكرانيا العام الماضى قيادة جهود الدفاع عن مدينة ماريوبول الساحلية وهى أكبر مدينة سقطت فى الحرب الروسية الأوكرانية فى يد روسيا وسقط الآلاف داخل المدينة وفى مصنع آزوڤ ستال للصلب حيث كان يتحصن المقاتلون الأوكرانيون. وظل المدافعون الأوكرانيون صامدين فى أنفاق وملاجئ أسفل مصنع آزوڤ ستال حتى أمرتهم كييڤ فى نهاية المطاف بالاستسلام فى مايو العام الماضى. وأطلقت موسكو سراح بعضهم فى سبتمبر فى تبادل للأسرى توسطت فيه أنقرة وتلزم شروطه ببقاء هؤلاء القادة فى تركيا حتى نهاية الحرب.

وبعد اجتماع زيلينسكى مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى إسطنبول لإجراء محادثات قال إنه عائد إلى الوطن من تركيا وسيعيد أبطالنا إلى الديار. وأضاف على تيليجرام أن الجنود الأوكرانيين دينيس بروكوبينكو وسفياتوسلاف بالامار وسيرهى فولينسكى وأوليه خومينكو ودينيس شليها سيكونون أخيرا مع ذويهم. ونشر زيلينسكى مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة، يظهر فيه هو ومسئولون آخرون وهم يصافحون ويعانقون القادة قبل أن يستقلوا سويا طائرة تشيكية. وفى مراسم أقيمت فى وقت لاحق مع القادة العائدين فى مدينة لفيف غرب أوكرانيا شكر زيلينسكى أردوغان للمساعدة فى إطلاق سراحهم وتعهد بإعادة بقية السجناء. 

ووفقًا للصحف التركية فإن طائرتين واحدة من روسيا والأخرى من أوكرانيا وصلتا فى اليوم المحدد إلى مطار إيسنبوجا فى العاصمة التركية أنقرة وكان المعارض الأوكرانى ڤيكتور ميدفيدشوك على متن الطائرة الأوكرانية بينما تم إحضار قادة آزوڤ إلى العاصمة التركية على متن الطائرة الروسية. وفى شدة الصراع الأوكرانى الروسى سعت آزوڤ وداعموها إلى إعادة تسمية الكتيبة كمدافعين شجعان عن ماريوبول وهى المدينة التى استخدمتها كقاعدة حتى إن الكتيبة غيرت شاراتها لإسقاط اللون النازى الجديد الذى ظهرت عليه طوال أعوام سابقة. وتم تحرير ماريوبول من جانب الجيش الروسى فى ربيع عام 2022 إلا أن المئات من مقاتلى آزوڤ ظلوا محاصرين فى منشأة آزوڤ ستال قبل الاستسلام فى منتصف مايو من العام نفسه.

ومن ناحية أخرى، فإن تصريحات الرئيس الروسى حول النازيين الجدد كانت تستهدف مجموعات من القوميين المتعصبين بتمويل وتجهيز رجال الأعمال الأوكرانيين الذين يطلق عليهم كتيبة آزوڤ وأبرز المعلومات حول كتيبة آزوڤ وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية:

1 - وحدة مشاة عسكرية يمينية قومية تتبنى أيديولوچية النازيين الجدد وخطاب كراهية وتدعو لتفوق العنصر الأبيض.

2 - يبلغ عددها 150 ألف مقاتل يتمركزون فى دونباس بالقرب من دونيتسك ولوجانسك.

3 - تعرف بكرهها الشديد للمسلمين وتستخدم فى قتالهم أساليب أكثر وحشية.

4 -فى مارس عام 2014 قتلت وعذبت الآلاف من الروس فى حرب دونباس ونفس العام جرى دمجها إلى جانب الجيش الأوكرانى ضد روسيا كمرتزقة مأجورين.

5 -طردت المواطنين الموالين لروسيا من مدينة ماريوبول الاستراتيچية الساحلية واتخذتها مقرا لها.

6 - فى 12 نوفمبر 2014 جرى دمجها رسميا فى الحرس الوطنى الأوكرانى.

7 - فى عام 2015 تلقوا تدريبات سرية مكثفة بالولايات المتحدة الأمريكية كما تلقوا تدريبات استخباراتية تحت إشراف وكالة CIA.

8 - يقودهم بشكل فعال مستشارون ومعلمون عسكريون تابعون للولايات المتحدة والناتو وفقا لبعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا.

9 -منذ عام 2016 شنت عمليات إبادة جماعية ضد المواطنين بشرق أوكرانيا.

10 -فى 6 مارس 2022 أعلنت سلطات جمهورية دونيتسك زرع الكتيبة 10 آلاف لغم بشكل عشوائى فى ماريوبول لمنع خروج المدنيين.

وتعتبر كتيبة آزوڤ من أبرز الحركات النازية الجديدة فى أوكرانيا وأنشئت من جانب أعضاء مجموعتين من النازيين الجدد هما «باتريوت أوكرانيا» و«الجمعية الوطنية الاجتماعية» بعد بداية الصراع الانفصالى فى شرقى أوكرانيا فى عام 2014. ووفق موقع چيوهيستورى فإن كتيبة آزوڤ تعرف عن نفسها بأنها منظمة قومية متطرفة تركز بصورة عامة على الصراع المستمر بين أوكرانيا وروسيا وبأنها دولة داخل دولة. وأوضح الموقع أن كتيبة آزوڤ اكتسبت شهرة ونفوذا وخصوصا بعد توسعها وتطورها من منظمة شبه عسكرية تطوعية إلى جزء من القوات العسكرية الرسمية فى أوكرانيا، قاتلت القوات الانفصالية خلال الحرب فى دونباس. وتشكلت آزوڤ فى البداية كميليشيا متطوعة فى مايو 2014. شهدت أول تجربة قتالية لها فى استعادة ماريوبول من الانفصاليين الموالين لروسيا فى يونيو 2014. فى 12 نوفمبر 2014 تم دمج آزوڤ فى الحرس الوطنى الأوكرانى ومنذ ذلك الحين أصبح جميع الأعضاء جنودًا متعاقدين يخدمون فى الحرس الوطنى. وفى عامى 2015 و2016 اكتسبت الكتيبة الكثير من الاهتمام وحصلت على التعاطف من الحركات النازية الجيدة واستخدمت أيضا الرموز النازية للتعبير عن شعاراتها، وممثلو آزوڤ قالوا إن الرمز هو اختصار لشعار «الفكرة الوطنية» ونفوا أى صلة بالنازية. وفى مارس 2015 قال متحدث باسم الكتيبة إن حوالى 10-20 ٪ من أعضائها من النازيين. وقد تم منع بند فى قانون الاعتمادات الموحدة لعام 2018 الذى أقره الكونجرس الأمريكى المساعدة العسكرية لآزوڤ على أساس أيديولوچيتها المتعصبة للبيض لكنه ألغى بعد ذلك الحظر على مساعدة المجموعة وأعضاء الكتيبة ينتمون لأكثر من 22 دولة مختلفة.

وعلى الرغم من أن أسباب بوتين الحقيقية من الحرب لا تتعلق بشكل رئيسى بالنازية، لكن فى الوقت نفسه فإن وجود ما يعرف بكتيبة آزوڤ اليمينية المتطرفة المشكلة من عناصر من النازيين الجدد كجزء من المشهد العسكرى والسياسى فى أوكرانيا منذ ما يقرب من عقد من الزمن يشكل نقطة ضعف وتهديدًا رئيسيًا للأوكرانيين وحلفائهم الغربيين أنفسهم. ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية فى 10 سبتمبر 2014 تحقيقا ومقابلات مع أعضاء من الكتيبة يثير القلق حول الميول المتطرفة لأعضائها الذين ينتمى بعضهم للنازيين الجدد على الرغم من أنها ربما تكون القوة الأوكرانية الأقوى فى ساحة المعركة ضد الانفصاليين مما جعل الصحيفة البريطانية تصف الكتيبة بأنها التهديد الأكبر لكييڤ. وأشارت الجارديان وقتها إلى أن شعار الكتيبة المكون من حرفى «أن» و«آى» وهو اختصار لشعار «الفكرة الوطنية يشبه فى كتابته شعار النازية ولفسانجيل.

انفصل الجناحان السياسى والعسكرى لآزوڤ عام 2016 عندما تأسس حزب الفيلق الوطنى اليمينى المتطرف كجناح سياسى وتم دمج كتيبة آزوڤ فى الحرس الوطنى الأوكرانى منذ ذلك الوقت. وتقول شبكة سى إن إن الأمريكية إن الكتيبة تتمتع بتاريخ من الميول النازية الجديدة التى لم يتم إخمادها بالكامل من خلال اندماجها فى الجيش الأوكرانى. وتضيف أن كتيبة آزوڤ ارتبطت بالعنصريين البيض والأيديولوچية النازية الجديدة وشاراتها وكانت نشطة بشكل خاص فى ماريوبول والمناطق المحيطة فى عامى 2014 و2015، حيث سجلت فرق المراسلين التابعة للشبكة الأمريكية فى المنطقة فى ذلك الوقت تبنى آزوڤ لشعارات وأدوات النازيين الجدد. وفى عام 2018 وصفت وزارة الخارجية الأمريكية حزب الفيلق الوطنى الذى أسسه القيادى القومى أندرى بيلتسكى بأنه مجموعة كراهية قومية. كما أنه بعد اندماج كتيبة آزوڤ فى الحرس الوطنى الأوكرانى ناقش الكونجرس الأمريكى تصنيف الكتيبة منظمة إرهابية أجنبية إلا أن وزير الشئون الداخلية الأوكرانى فى ذلك الوقت أرسين آڤاكوڤ دافع عن الكتيبة، وقال فى تعليقات لموقع يوكرينسكا براڤادا فى 2019 إن الحملة الإعلامية المخزية حول الانتشار المزعوم للأيديولوچية النازية بين أعضاء آزوڤ هى محاولة متعمدة لتشويه سمعة وحدة آزوڤ والحرس الوطنى الأوكرانى.

وعلى جانب آخر ووفقًا لألكسندر ريتزمان كبير المستشارين فى مشروع مكافحة التطرف (CEP) وهو مركز بحثى مقره برلين فإن حركة آزوڤ هى لاعب رئيسى خطير لليمين المتطرف العابر للحدود وعملت كمركز للشبكة لعدة سنوات حتى الآن مع روابط قوية مع المتطرفين اليمينيين فى العديد من دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة. وفى عام 2014 ذكرت تقارير غربية بأن كتيبة آزوڤ استقطبت متطوعين من اليمين المتطرف فى الخارج مما يعنى أن الكتيبة حاليا تضم العديد من مؤيدى النازية من الدول الأوروبية والولايات المتحدة ممن ربما استجابوا إلى دعوة الرئيس الأوكرانى زيلينسكى الذى دعا فى فبراير الماضى الأجانب للانضمام إلى لواء دولى من المتطوعين باسم الدفاع الإقليمى لدعم الجيش الأوكرانى فى القتال ضد الروس.

وفى أعقاب هذه الدعوة وعلى مدار الأسابيع الماضية ذكرت وسائل الإعلام الغربية بانضمام الكثير من المقاتلين سواء مواطنين غربيين أو عسكريين سابقين للقتال فى أوكرانيا وقالت الإذاعة الألمانية منتصف الشهر الماضى يونيو إن ألمانيين تطوعوا للانضمام إلى جيش زيلينسكى وأنه وفقا للدوائر الحكومية الأوكرانية توجه عدة مئات من المواطنين الألمان إلى أوكرانيا للقتال ضد الجيش الروسى. كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية برغبة عدد متزايد من المحاربين القدامى الأمريكيين للسفر إلى كييڤ فيما تحدثت وسائل الإعلام الأوكرانية عن انضمام أكثر من 20 ألف متطوع من 52 دولة للقتال ضمن كتائب المتطوعين.

تجربة أوكرانيا الخاصة مع النازية دائما ما كانت موضوع نقاش كبير داخل البلاد وخارجها إذ احتلت ألمانيا النازية أوكرانيا بين 1941 و1944 وبينما حارب بعض الأوكرانيين الغزاة النازيين اختار بعض القوميين مثل ستيبان بانديرا الذى سعى للاستقلال عن الاتحاد السوڤيتى التعاون مع برلين ضد موسكو. لكن حاليا تعتبر أوكرانيا كلا من الهولوكوست الذى ارتكبته ألمانيا ومجاعة هولومودور التى وقعت تحت الحكم السوڤيتى قبل حوالى عقد من الزمان إبادة جماعية.