السبت 14 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

العلاقات «المصرية - السودانية» راسخة وأزلية

ارتكزت العلاقات «المصرية - السودانية» على تاريخ ممتد منذ القدم، وتنوعت وشملت مجالات الحياة كافة، إذ تُعد السياسة المصرية تجاه السودان داعمة وقائمة على تاريخ مُشترك جمع البلدين منذ 1820، وتُعد الزيارات المُتبادلة بين القيادات السياسية بين البلدين دليلًا على عمق العلاقات، وتؤكد على إصرار قيادة البلدين على استمرار التشاور بينهما فيما يخص القضايا الإقليمية.



ويقع السودان بحكم موقعه الجغرافى ضمن المجال الحيوى للأمن القومى المصرى، ويمثل العمق الاستراتيجى الجنوبى لمصر، وهو ما انعكس على حرص متواصل على الإبقاء على درجة من التعاون والتنسيق والتفاهم مع الخرطوم، مهما مرت العلاقات الثنائية بمراحل من الصعود والهبوط على مدار تاريخها الممتد.

ونظًرا لوقوع السودان ضمن الدائرتين العربية والأفريقية للسياسة الخارجية المصرية فقد حظى السودان بأولوية على أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسى الخارجية، ترجمت إلى كونه كان الوجهة الأولى لزيارته الخارجية عقب انتخابه رئيسا للجمهورية عام 2014 ضمن جولة شملت ثلاث دول، وأيضا بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018.

وهكذا دشنت القاهرة مرحلة جديدة من علاقاتها مع الخرطوم عنوانها «العلاقات الاستراتيجية الأخوية» عكستها حجم الزيارات المتبادلة بين الجانبين على المستويات الرسمية والحكومية والشعبية، والتنسيق فى كافة المجالات والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، والدعم لخيارات الشعب السودانى فى صياغة مستقبل بلدهم.

تكامل اقتصادى

على الصعيد الاقتصادى شهدت العلاقات بين البلدين عدة خطوات ترجمت الرغبة الحقيقية لدى القاهرة والخرطوم فى المضى نحو التكامل الاقتصادى، حيث تم افتتاح ميناء قسطل البرى بين البلدين، الذى ضم مكاتب إدارية للوصول والسفر لتسهيل حركة الأشخاص، بالإضافة إلى مناطق خدمات جمركية ومخازن وحجر بيطرى وساحات انتظار للسيارات والشاحنات، الأمر الذى ساهم فى زيادة حجم التبادل التجارى بين القاهرة والخرطوم». منفذ أرقين الحدودى كان كذلك إضافة للعمل من ميناء أسوان النهرى الذى تتبادل منه مصر التجارة مع ميناء حلفا السودانى، لتتكامل وسائل النقل للتجارة البينية بين مصر والسودان، وجميع دول إفريقيا بما يدعم اقتصاد البلدين.. وفى إطار تنفيذ وثيقة الشراكة الاستراتيجية، والتى تم التوقيع عليها بين البلدين فى عام 2016 عمل البلدان على اتخاذ كل الخطوات لتفعيل المشروعات الاستراتيجية الكبرى بين البلدين، وهو إرث تاريخى وحضارى يجمع كلا الشعبين مع بعضهما البعض».

مفاوضات المرحلة الانتقالية

ومنذ اندلاع الانتفاضة السودانية فى 19 ديسمبر 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير وتؤكد مصر مرارا على احترام خيارات الشعب السودانى، فقد أظهرت مصر الدعم الكامل للحكومة السودانّية الجديدة فى سعيها إلى تحقيق تطلعات الشعب السودانى.

وقد حرصت مصرعلى نقل خبراتها إلى السودان فيما يخص إدارة المرحلة الانتقالية وبذلت جهوًدا لتجاوز الخلافات وتشكيل سلطة انتقالية لتمهيد الطريق نحو انتخاب حكومة مدنية، تمثلت فى رعاية الوساطة المباشرة لتجميع أطراف الأزمة والمساعدة فى بناء استحقاق سياسى للمرحلة الانتقالية بالمشاركة مع القوى الإقليمية الأخرى مثل إثيوبيا والسعودية والاتحاد الأفريقى والتحرك فى مسار تقريب وجهات النظر من خلال المحادثات الهاتفية واللقاءات مع الأطياف كافة.

وفى هذا الصدد، استضافت القاهرة فى 10 أغسطس 2019 ،اجتماعا بين قوى الحرّية والتغيير والجبهة الثورّية السودانّيين لإجراء مفاوضات استمّرت يومين حول ما طالبت به الجبهة الثورّية بتضمين اتفاقّية السلام التى أبرمت مع الحرّية والتغيير فى أديس أبابا فى 20 يوليو 2019 ، والتى تنص فى وثيقة الإعلان الدستورى على الإسراع فى تشكيل السلطة المدنية الانتقالية وتحقيق اتفاق سالم شامل يبدأ بإجراءات تمهيدية عاجلة تم الاتفاق عليها تعمل على خلق المناخ المواتى للسلام.

كما حضرت مصر التوقيع على اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكرى الانتقالى وممثلى المعارضة فى 17 أغسطس 2019، الذى ينّص على تكوين مجلس حاكم انتقالى من المدنيين والعسكريين.

مكافحة الجماعات الإرهابية

أدت ممارسات الحركة الإسلامية السودانية التابعة لجماعة الإخوان إلى عزل السودان وحكومته عن العديد من الدول، وانتهت به إلى الوضع على قائمة الدول الراعية للإرهاب وعقب سقوط نظام البشير سعت الحكومة الانتقالية إلى التخلص من إرث الماضى، وتفكيك سيطرة تنظيم الإخوان على مفاصل الدولة، وإخراجهم من مراكز صنع القرار، ومحاربة الفكر المتطرف.

ومن هنا، اتجهت الخرطوم للتعاون مع مصر التى سبقتها بست سنوات فى التخلص من حكم الجماعة الإرهابية على المستويين الدينى والأمنى ويمثل محاربة التطرف فى السودان هدفا استراتيجيا لمصر لأن الاضطرابات وأعمال العنف التى يتسبب فيها الإخوان تؤثر على أمن مصر التى تشترك فى الحدود مع السودان.

وتحسن التعاون الدينى بين البلدين منذ الانتفاضة السودانية، حيث زار وزير الأوقاف السودانى نصر الدين مفرح مصر فى ديسمبر 2020، كما نظمت وزارتا أوقاف البلدين دورة تدريبية للأئمة فى 21 ديسمبر 2020 حول التعاون فى مكافحة التطرف ومواجهة أيديولوجيات المتطرفين بهدف تدريب الأئمة السودانيين على تعزيز السلام ومنع الحرب ومحاربة التطرف والعمل نحو تعزيز مبدأ المواطنة.

وضمن جهود محاربة الفكر المتطرف، انطلقت فى فبراير 2021 قافلة من أئمة وخطباء مصريين إلى السودان، ضمن جهود الخير لتجديد الخطاب الدينى ومواجهة الأفكار المتطرفة، ونشر الفكر المستنير ونبذ الفرقة والعنف والتطرف والتركيز على قضية الحفاظ على الوطن وحماية مؤسساته الوطنية وقد عقدت القافلة دورة تدريبية للداعيات المصريات والسودانيات بشمال دارفور فى 6 فبراير تناولت الفكر المتطرف لدى المواطنين السودانيين، خاصة أن تلك المنطقة تشهد تصاعد أعمال العنف ونهب يقودها أنصار البشير وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وهو ما دفع السلطات إلى إغلاق 131 جمعية مرتبطة بالإخوان فى جنوب دارفور فى 23 يناير بعد ثبوت تلقيها أموالًا أجنبية لدعم الأنشطة الإرهابية والتحريض على العنف ونشر الفكر المتطرف فى المنطقة.

يقع السودان بحكم موقعه الجغرافى ضمن المجال الحيوى للأمن القومى المصرى، ويمثل العمق الاستراتيجى الجنوبى لمصر، وهو ما انعكس على حرص متواصل على الإبقاء على درجة من التعاون والتنسيق والتفاهم مع الخرطوم، مهما مرت العلاقات الثنائية بمراحل من الصعود والهبوط على مدار تاريخها الممتد.

وفى هذا الإطار، أولت مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 أهمية بالغة لعلاقتها مع الخرطوم، ضمن إعادة تحديد وصياغة دوائر وتوجهات سياستها الخارجية بما يتلاءم مع المحددات والتحديات الجديدة التى رتبتها التحولات العالمية والإقليمية خلال العقد الماضى.

ونظًرا لوقوع السودان ضمن الدائرتين العربية والأفريقية للسياسة الخارجية المصرية فقد حظى السودان بأولوية على أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسى الخارجية، ترجمت إلى كونه كان الوجهة الأولى لزيارته الخارجية عقب انتخابه رئيسا للجمهورية عام 2014 ضمن جولة شملت ثلاث دول، وأيضا بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018.

ومع استمرار الأزمة السياسية بشأن تقاسم السلطة بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير، حرصت مصرعلى نقل خبراتها إلى السودان فيما يخص إدارة المرحلة الانتقالية، وبذلت جهوًدا لتجاوز الخلافات وتشكيل سلطة انتقالية لتمهيد الطريق نحو انتخاب حكومة مدنية، تمثلت فى رعاية الوساطة المباشرة لتجميع أطراف الأزمة، والمساعدة فى بناء استحقاق سياسى للمرحلة الانتقالية بالمشاركة مع القوى الإقليمية الأخرى مثل إثيوبيا والسعودية والاتحاد الأفريقى والتحرك فى مسار تقريب وجهات النظر من خلال المحادثات الهاتفية واللقاءات مع الأطياف كافة.

ولا يقتصر التعاون بين الجانبين فى مواجهة الإرهاب على الجانب الدينى وحده، بل امتد للصعيد الأمنى، حيث أعلنت وزارة الداخلية السودانية، فى 9 ديسمبر الماضى، سحب الجنسية السودانية من 3000 أجنبى حصلوا عليها إبان البشير بينهم أعضاء من جماعة الإخوان الذين فروا من مصر ودول أخرى، ضمن اتفاق بين البلدين على التنسيق بشأن تسليم أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية الذين فروا إلى السودان فى أعقاب ثورة 30 يونيو عبر سحب جنسيتهم ثم تسليمهم، خلال زيارة رئيس مجلس السيادة السودانى، الفريق عبد الفتاح البرهان، للقاهرة فى 27أكتوبر الماضى.

الصراع الحدودى مع إثيوبيا

راقبت مصر عن كثب التوترات الحدودية السودانية الإثيوبية بشأن منطقة الفشقة الحدودية المتنازع عليها،انطلاقا من دورها فى حماية السلم فى المنطقة الأفريقية، خاصة فى البلدان المجاورة.

وعلى الرغم من أنها لم تتخذ إجراءات على أرض الواقع لدعم أى من الأطراف المتصارعة، إلا أنها اتهمت إثيوبيا فى بيان شديد اللهجة صادر عن وزارة الخارجية فى 31 ديسمبر 2020 بمواصلة ممارسات عدائية مستمرة ضد محيطها الإقليمى فى إشارة إلى الهجمات الإثيوبية على الأراضى السودانية.

وينظر للبيان المصرى على أنه إعلان لوقوفها بجانب الخرطوم ودعمها فى الدفاع عن أراضيها دون أن تدخل فى مواجهة مباشرة مع إثيوبيا، حيث تتبنى مصر سياسات تدعم الحلول السلمية من خلال الحوار والمفاوضات لاستعادة السلم وحل جميع القضايا العالقة.

وفى الوقت الحالى يمكن لمصر دعم السودان من خلال إثارة قضية الحدود فى المحافل الدولية وتقديم الدعم القانونى، لكن سياسة مصر لا تتمثل فى العمل فى الخفاء أو تأجيج الصراع بين دولتين، خاصة أن القاهرة تدرك جيدا أنه إذا لم يعد التوتر السودانى الإثيوبى محصوًرا بالاشتباكات فقط، فسيكون له آثار سلبية وتداعيات على الأمن فى المنطقة.

اتفاق جوبا

كانت مصر حاضرة فى المفاوضات بين الحكومة الانتقالية السودانية والجبهة الثورية التى تضم عدًدا من القوى السياسية والفصائل المسلحة والتى هدفت إلى توقيع اتفاقية سلام سودانية تنهى عقودًا من الصراع والأزمات التى أنهكت الشعب السودانى وقد ركزت جهود مصر على تقريب وجهات النظر وتقليل الفجوة بين الحكومة الانتقالية السودانية والجبهة الثورية.

وكان ملف الترتيبات الأمنية فى قلب الاهتمام المصرى، وأسفر عن اتفاق بتشكيل قوات مشتركة تحت اسم «القوى الوطنية المستدامة للسلام فى دارفور»، قوامها الجيش والشرطة والدعم السريع وقوات من حركات الكفاح المسلح، تكون مهمتها حفظ الأمن وحماية المدنيين ونزع السلاح من الإقليم هذا إلى جانب احتضان مصر ثلاثة اجتماعات للقوى السياسية والحركات المسلحة السودانية فى شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر 2019، شاركت خلالها القوى السياسية السودانية فى إطار تحالف نداء السودان، بهدف توحيد فصائل الجبهة الثورية وترتيب أجندة التفاوض بين الأطراف وفًقا للأولويات التى يطرحونها.

وقد شاركت مصر كشاهد وضامن فى مراسم التوقيع النهائى على «اتفاق جوبا للسلام»، ممثلة فى شخص رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، الذى ألقى كلمة أكد خلالها أن الاتفاق بمثابة نقلة وخطوة كبيرة فى طريق الأمن بالسودان، وخطوة فارقة على صعيد الجهود الممتدة على مدار عقود طويلة لإحلال السلام الشامل فى شتى أنحاء السودان، وبداية لصفحة تتكاتف فيها جهود أبنائه من مختلف الأطياف والتيارات الوطنية للعمل على رفعته وازدهاره.

تطوير المناهج التعليمية

سعت مصر إلى التعاون مع السودان فى تطوير المناهج التعليمية عقب إقالة البشير، خاصة فى ظل مساعى القاهرة لتخليص الخرطوم من بقايا الفكر الرجعى الذى دسته جماعة الإخوان فى المناهج المدرسية التى تضمنت فقرات تكفيرية ومتطرفة.

ومن هذا المنطلق، أرسلت مصر بعثات تربوية ومعلمين مصريين إلى السودان لضمان التقارب بين البلدين، كما عقد مسئولو التعليم فى السودان لقاءات مع مسئولين فى مصر للاستفادة من التجربة المصرية فى التعامل مع أفكار الإخوان المتطرفين.