الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكايات الفن والسياسة الحلقة "2"

نستعرض كتاب «حكايات الفن والسياسة» للزميلة الكاتبة الصحفية إيمان القصاص، الذى يضم عشرات الحوارات مع كبار النجوم من ممثلين ومخرجين ومذيعين... 



الكتاب يكشف أسرارًا وحكايات تنشر لأول مرة على لسان هؤلاء النجوم، إلى جانب عدد من الملفات المهمة التى ناقشت علاقة الفن بالسياسة وغيرها من الملفات والموضوعات.

 

وديع الصافى: أبو الفقير الذى أصبح ملكًا

«وديع الصافى» واحد من أهم فنانى زمن الفن الجميل، الذى أثرى الساحة الغنائية بأجمل وأروع الأغانى على مدار عشرات السنوات، حتى لُقب بـ «ملك غناء الجيل»، التقينا بالنجم العربى، فتحدث عن ولديه «أنطوان وجورج»، وعمّا يجرى فى الفن الآن من عُرى وفساد للذوق العام، ورأيه فى العديد من القضايا الفنية، «وديع الصافى» والعطاء المستمر الثامنة والثمانين من العمر، وإلى مزيد من العطاء وطول العمر بإذن الله.

 

 لمن تدين بالقدرة على المواصلة والعطاء؟

- أولًا لله عز وجل، الذى منحنى الموهبة وحب الناس والعمر، والذى منحنى جناحين أطير بهما يرفعاننى ويتحملاننى ويعطيانى الأمل فى الحياة والرغبة فى العمل والمزيد من النجاح.. وفى الحقيقة لولا ولدىَّ «أنطوان وجورج» لا كنت رحت ولا جيت.. وأدعو دائمًا أن يديمهما الله لى ويجازيهما عنى خيرًا.. وأيضًا لا أستطيع هنا نسيان الشعب العربى الذى يشجعنى طوال الوقت، خاصة الشعب السورى الذى شهد على نجاحى، ثم الشعب اللبنانى وبعدهما المصرى والمغربى.

 وأى من هذه البلاد ترتاح بها الآن فى الزيارة أو الإقامة؟

- أى بلد يكرمنى وأحس بحب الناس واحترام شعبه لى.. فهذا هو الفيتامين الذى يقوينى.

 إذن لماذا لا تزور القاهرة كثيرًا على الرغم من حب أهلها الكبير لك؟

- إطلاقًا.. فأنا أعشق هذا البلد وهو من أكثر البلدان التى تقدر الفن وتساهم فى نجاح الفنانين، وأنا لا أفوت فرصة لزيارة مصر وأعشق نيلها وريفها، لأننى فى الأصل إنسان ريفى أعشق الأرض والزرع والبساطة.

بعد كل هذه السنوات من النجومية.. ما سر النجاح والاستمرار؟

- حب الناس والمثابرة هما الطريقة المضمونة للوصول للحلم.. فأنا مثلًا كافحت كثيرًا كى ترضى أسرتى على امتهانى الفن، لأننى من أسرة ليس لها أى علاقة بالفن، على الرغم من تمتع معظمهم بأصوات جميلة، لكن دخول الوسط الفنى كان أشبه بالعار، واعتبروا مجرد تفكيرى فيه شيئًا مخالفًا للآداب والأخلاق العامة، وحدثت خلافات كثيرة تحملتها واجتهدت جدًا فى الدراسة كى أرضيهم وأطمئنهم أنى سأظل على نفس المبادئ، ثم عملت وصعدت خطوة بخطوة وطاردتنى المصاعب والشائعات، لكننى لم أتوقف عن أى شىء سوى عملى والاجتهاد فيه، وحصلت على المركز الأول فى اختبارات الإذاعة وقتها، ثم قررت العمل بمفردى حتى أصبحت نجم الحفلات الأول فى الوطن العربى وفى دول كثيرة من العالم والحمد لله.

 عندما تتذكر رحلة الكفاح.. هل تتوقف عند الصعاب أم المحطات المضيئة والبراقة؟

لا.. أنا أقيم حياتى فى مجملها، فأجدها سعيدة غنية مليئة بالعمل والكفاح، وأكثر مرحلة أتذكرها هى طفولتى رغم صعوبتها، مع أننى أرى أنها كانت نواة مستقبلى، فقد كنت أغنى فى الأفراح بمساعدة خالى الذى كان يصرف علىّ فى هذه المرحلة، وحرصت وقتها على أن أتقن العزف على العود، وكنت طالبًا متفوقًا وحرصت على قيادة كورال المدرسة فى المراحل الأساسية ووقتها كنت أغنى طوال الوقت وأينما ذهبت.

وكيف - رغم عشقك للفن - تربطه الآن بالفساد واللا أخلاق.. ألا ترى أن الفن يترفع عن ذلك؟

- الفن الحقيقى يترفع عن أى سوء، ولكن ما نراه ليس فنًا وليس حقيقيًا، فكيف لا أقول على أم كلثوم وعبدالوهاب وأسمهان وفيروز فنانين، وكيف نقول على ما نسمع ونرى اليوم فنًا.. فى الحقيقة لا أستطيع المقارنة أو حتى تذكر أسماء معظم الأصوات التى أسمعها، بمعنى أدق التى لا أستطيع أن أسمعها.

 أيضًا تقول هذا علی الرغم من سعيك لعمل ابنيك فى ذلك المجال؟

- من دون مجاملة أرى فى «أنطوان وجورج» أفضل الأصوات الموجودة حاليًا.. وأحب لهما جميع أعمالهما، وهناك أغنية قدمتها منذ 44 عامًا يعيد غناءها «أنطوان» الآن بطريقة أفضل منى، وهى أغنية: مشي معى.. وصلنا على التلة.. والكون كله بنغمره بطلة.. مين بيقول السما بعيدة.. بمد إيدى بطالها بإيدى.. لو كان بدى على الجبل بعلى.. ضلى معى شوفى دنيا جديدة.. عصافير سكرانة وزايغة ع النور.. وهيصة وغنانى مع دخنة التنور.. ونايات ولهانة.. صحيت مع الرعيان بتحاسبنى صوت الصدى الهزيان ووديان عم تركض وراء وديان.. والله يديمك أرز يا لبنان.

 أتتعامل معهما بالمبدأ المصرى مين يشهد للعروسة؟! لأنهما ابناك أم تشعر بأنهما الأفضل والأكثر تمكنًا من فنهما والأحسن أخلاقاً؟!

أبدًا والله.. أنا فنان وأستطيع أن أقيم الجيد من القبيح وأرى فيهما فنانين أصيلين، خاصة «جورج» الذى لحن لى أعمالى الأخيرة بموهبة رائعة.. أما أخلاقهما فتلك أتعصب لها كأب يعرف كيف ربّى ابنيه وماذا عليهما.. وفى العموم أنا لا أخشى عليهما من شيء لا من الفن ولا غيره.. ولكن أنصحهما دومًا بالكفاح والمثابرة حتى يحفرا اسميهما فى سماء الفن مثلما فعلت أنا وجيلى.

 رجوعًا لحالة الفن الآن وفساده.. على حد قولك، ما الأسباب وراء تلك الحالة.. وكيف نجد روشتة العلاج من وجهة نظر وديع الصافى؟

- أرى أن فنانى هذه الأيام يهتمون بالقشور أكثر من الإبداع الحقيقى، ويساعدهم فى ذلك كثرة القنوات والفضائيات المهتمة بالملابس والحركات والألوان وليس بالصوت والقيمة والرسالة، وأرى أن الحكومات العربية هى المسئول الأول عن فساد الذوق العام فى الوطن العربى، باهتمامها بعرض كل هذا الهراء على الفضائيات التى تدخل كل بيت دون رقابة وحتى فى التليفزيونات الحكومية نرى ذلك.. ولابد لعلاج تلك الحالة أن تتدخل الدول ممثلة فى وزارات الثقافة والإعلام ومعاهد متخصصة تفحص الأصوات، وقبل السماح لها بالغناء وممارسة الفن، وأن يكون هناك أيضًا رقابة مكثفة على ما تقدمه القنوات الفضائية كى لا تشوه أخلاقيات الناس، ولأن أهل الفن أكثر تأثيرًا فى أى مجتمع، وأتمنى ألا نسمح للصهاينة بإفساد عقولنا وأخلاقنا.

 هل تفسر ما يحدث بنظرية المؤامرة؟

- طبعًا هناك مؤامرة ضخمة على أوطاننا وشبابنا وبلادنا، ولن يحدث التغيير إلا بتدخل الحكومات والسيطرة على الإعلام والفن وجودة التعليم.. فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإذا هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

 وكيف ترى دور الفن فى مساندة الحكومات والمجتمعات على تخطى مثل هذه الأزمات الصعبة؟

- الفن له دور، ولكن ليست له سلطة.. فهو سلطان بلا سلطة وأنا شخصيًا لو لدىّ السلطة كنت منعت أكثر من 90 % مما يراه ويسمعه الشباب العربى الآن.

 ولماذا لا نراك فى فيديو كليب يحمل رسالتك فى الفن؟

- الفيديو كليب ساعدنى فى الانتشار فى بداية حياتى.. فقد كنت أصور حفلاتى وأغنياتى وأعرضها، أما الآن فرسالتى واضحة فى الكلمات والألحان ولا أحتاج مطلقًا للفيديو كليب.

 بعيدًا عن السياسة ومع صوت الجبل وصاحب أغنيات البهجة والتمكن والفرحة.. هل هذا هو الوجه الآخر لوديع الصافى؟

- جدًا.. فأنا شعبى بطبيعتى، وأعيش حياة بسيطة جدًا، ولأننى أتذكر بدايتى باستمرار لقبونى بأبوالفقير.

 أبوالفقير الذى أصبح ملك الغناء.. وأبًا لفنانين واعدين.. ويساعد عشرات الفنانين للدخول إلى الوسط الفنى.. فى نفس الوقت يمنع شقيقته من الغناء، ويكون من أوائل المهاجمين لها.. وأكثر المقدسين للفن وأكثر المهاجمين لفساده.. هل نحن مع رجل المتناقضات؟

- أصبحت ملك الغناء بفضل الله وبمجهودى خلال عشرات السنوات.. شقيقتى خفت عليها من هذا المجال، لأنها رقيقة ولا تتحمل، ومن ساعدتهم فى دخول الوسط الفنى لم أتدخل فى حياتهم بعد ذلك، لذلك تحملت مسئوليتهم بلا خوف.. وعشقى للفن الأصيل هو دافعى للهجوم على الفن المخرب.

ولماذا تعاقدت ثم تركت شركة روتانا؟

- فى البداية.. عرضت علىَّ شركة «روتانا» برنامجًا مشرفًا فى بداية طلبهم للتعاقد معى، لذلك قبلت، وعندما وجدتهم لا يقدرون الفن الجيد ولا يهتمون لا بمضمون ولا برسالة تركتهم غير آسف ولا نادم.. فأنا رجل المواقف وليس المتناقضات.

 بالنسبة لروتانا كل ما قلته وقاله العديد من النجوم - الذين انضموا إليها - عنها.. كيف ترى حرص عدد هائل من نجوم الغناء على الانضمام لها؟

- لحاجة فى نفس يعقوب.. وكفى عليهم هذا!