الله محبة.. ولكن !

روزاليوسف الأسبوعية
روح التسامح والمغفرة والمحبة من القيم الأصيلة للمسيحية، وهو ما يظهر فى كيان مجلس كنائس مصر وعبر عنه قداسة البابا تواضروس الثانى عندما حضر لأول مرة رسامة بطريرك الكاثوليك، وهنأهم فى الأعياد. أما التعصب فهو نتاج عدم المعرفة والجهل وإحساس بعض رجال الدين من الطوائف المختلفة بأنهم يحملون توكيلا من الله.
يبدو الأمر وكأننا أمام حالة من «الشيزوفرنيا» الدينية.. فقيم التسامح، جزء أصيل من التعاليم المسيحية.. تظهر فى كثير من الأحيان أمام العديد من الأزمات التى تتعرض لها الكنائس من حين لآخر.. لكن عندما يتعلق الأمر بالاختلاف المذهبى «الطائفى» داخل المسيحية نفسها، تختفى هذه الروح تماما.. تتشاجر.. تتناحر.. تسقط من حساباتها كل قيم التسامح.. فمؤخرا ظهرت مشادات وتشاحنات بين الأرثوذوكس والإنجيليين. حيث ندد قس أرثوذكسى بمؤتمر «احسبها صح» وجعل ذلك مدخلا للهجوم على الطائفة الإنجيلية وهو الدور الذى كان يقوم به بجدارة الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ فى مؤتمر تثبيت العقيدة.. الأمر الذى تسبب فى ردود من قساوسة إنجيليين.
وهو صراع قديم يكشف عن جوانب غريبة ما بين قيم المسيحية المتسامحة والتعصب المرفوض. وهو أمر كان يظهر حتى بين أعضاء الطائفة الواحدة مثل الخلاف بين البابا شنودة والأب متى المسكين والأنبا غريغوريوس. وهو خلاف هدأت حدته بعد تولى البابا تواضروس الثانى بما يمتلكه من روح سمحة جدا. ظهر ذلك فى زياراته المتتالية إلى بطريركية الأقباط الكاثوليك. وافتتاحه معرض الكتاب القبطى الذى احتفى بكتب الأب متى المسكين وكذلك تكوين مجلس كنائس مصر. ومع ذلك يبقى التساؤل بين التسامح والغفران لمن حرق، والتشدد والرفض لمن اختلف وهو الأمر الذى نبحث عن سببه فى هذا التحقيق.
فى البداية يقول المفكر كمال زاخر. مؤسس التيار العلمانى بالكنيسة: بين الغفران والتعصب ليس تناقضا بل تعاملا مع الظرف حسب احتياجاته، ونحن نعبر مرحلة انتقالية مرتبكة يكون الأقباط فيها محل حالة من استهداف للقفز على السلطة وبالتالى يكون الأقباط أمام خيارين إما تصعيد المواجهة والذى يصب فى تحقيق هدف القفز على السلطة من قبل الإسلاميين أو فهم اللحظة وتفويتها باعتبار ما يحدث للأقباط لتفويت الفرصة وهذا يتفق مع القيم الأصيلة للمسيحية. أما الهجوم على الإنجيليين فلا يعبر عن الكنيسة بشكل مجمل، فالروح التى تعبر عن التسامح والمحبة ظهرت فى كيان رائع هو مجلس كنائس مصر.
أما المتعصبون فهم أفراد يعبرون عن تكوينهم الفكرى والشخصى ولا يعد رأيا رسميا وقداسة البابا تواضروس قدم نماذج رائعة للتسامح من خلال حضوره ولأول مرة رسامة بطريرك الكاثوليك والذهاب لتهنئتهم فى الأعياد. ويقول عيد سعد: لا أعرف سر هذا التناقض ومؤخرا رأيت صورة فى موقع مسيحى أورثوذكسى عبارة عن فيديو من كنيسة إنجيلية فى قرى الصعيد وترانيم وناس بتصلى ومع الصلاة رقص تعبير عن الفرحة بوجود ربنا معاهم فى وسطهم كما قال الكتاب المقدس أن اجتماع اثنين أو ثلاثة باسمى أكون حاضرا فى وسطهم والموقع يصف الكنيسة الإنجيلية بأنها معابد ويا رب احفظنا وكأن شيطانا أمامه وعلى الجانب من الموقع هناك صورة للرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا أمام أيقونة قديس لا أعرفه ولا أظن أن صاحب الصفحة يعرف من هذا القديس الذى يأخذ بركة من هذه الصورة ويشير إلى أن الرئيس الروسى ينتمى للكنيسة الأرثوذكسية ويدعو له بكل الدعوات وهو لا يفهم أن بوتين لا ينتمى للكنيسة القبطية.
هناك جهل وعدم معرفة من ناحية الأقباط وأيضا من ناحية البروتستانت هناك تعصب.
الأقباط فى الغالب لعدم المعرفة متعصبون وليس الكل لديه المعرفة الكاملة بالإضافة إلى مدى التعصب الذى يصنع الفرقة دائما يمكن أن أختلف، ولكن بعد تجريح أو وصف أن الطائفة هذه أقل أو تعبد آلهة أخرى نحن نختلف وفى رأيى الشخصى أن الأرثوذكسية تحوى الكل ولا تنفر من أحدا والذى لديه المعرفة يفيض على الآخر وأتمنى أن يكون هناك فعلا دعوة بعدم التعصب من الطرفين وندعو الجميع كلمة الله ومعرفة الله الحقيقية بقبول الكل.
وأضاف عيد نحن نلوم على بعض الشركاء فى الوطن بسبب التعصب فلابد أن تتحلى بأخلاق الكتاب المقدس. ومن الشخصيات التى تسببت فى غياب روح التسامح الأنبا بيشوى فهو من أسس التعصب، وأرى أن الصراع مع الإنجيليين بسبب الدور الاجتماعى الذى تلعبه الكنيسة الإنجيلية الأمر الذى يجذب الأرثوذكس.
وهناك إبهار من ناحية الإنجيليين لا أنكر هذا من خلال البرامج ومن خلال الدعم ومن خلال الدور الاجتماعى والاهتمام بالفرد، وهذا الدور لا يوجد بشكل ملحوظ فى الكنيسة الأرثوذكسية وهذا لوجود عدد كبير فى الطائفة القبطية إلى جانب هذا وجود الحرمانية من الذين يذهبون إلى الطائفة الإنجيلية.
ويقول الكاتب ماجد سمير:
على المستوى الدينى فكرة التسامح جزء من عقيدة المسيحى بصرف النظر عن طائفته ويبدو السيد المسيح قدوة لنا ويكفى طلبه السماح والمغفرة من الله لجلاديه وقاتليه وهو على الصليب، لكن الطبيعى أن يختلف التسامح والمغفرة من شخص لآخر طبقا لتأثير التربية عليه، وغالبا طبقا لعلاقة الشخص بمن أخطأ فى حقه تماما كما قال المثل الشعبى العبقرى «حبيبك يبلع لك الزلط.. وعدوك يتمنى لك الغلط».
وأعتقد أنه لا يوجد فارق بين البشر فى هذا الجانب إلا فى هذه النقاط، أما ما يخص مسامحة الأقباط لمن حرقوا كنائسهم.. العقل الجمعى لكل مسيحيى مصر كان مع إنقاذ الوطن وعلى حد تعبير قداسة البابا تواضروس الثانى، الكنائس قربان من أجل حرية مصر ويضيف ماجد قائلا وبشكل ساخر جدا: موضوع رفض التسامح فى حالة الاختلاف الطائفى لا ينطبق عليها إلا مقولة عدوك ابن كارك.. السبب الرئيسى فى التعصب الطائفى من وجهة نظرى سببه رجال الدين من الطوائف المختلفة. وإحساس كل منهم أنه دون غيره يحمل توكيلا من الله ومن الممكن أن نعتبر الأمر مجرد «عاركة على سبوبة» رغم أن المسيحية أكبر وأعظم من كل الطوائف.
ومن أقباط المهجر يقول ماهر الجاولى:
يجب ألا يتسامح الأقباط مع من يتاجر باسمهم، من رجال السياسة أو رجال الأكليروس.. إنهم يغفرون لمن يسيئون إليهم عملا بقول إنجيلهم، وهم لا يقبلون الاختلاف المذهبى نتاج التربية والنشأة فى مجتمع عربى يكرس التعصب القبلى ويعلى النزعة الدينية على احترام الإنسان الآخر ولعل أشهر المتعصبين هم الأرثوذكس يليهم الإنجيليون..
أما الناشط إبرام لويس فيقول:
التسامح يغيب عندما تنتزع المحبة من القلوب وعندما يضعف الإيمان المسيحى الذى تسلمناه من آبائنا وعندما نفقد الثقة فى الإله ولا نجد فروقا بيننا وبين الحيوانات.. هذا ليس معناه أن نفرط فى حقوقنا وعدم المطالبة بها.
من ناحية الطوائف المتعصبة الأرثوذكس بالطبع التسامح ليس هو التنازل أو التساهل أو الحياد تعلمنا وحفظنا من آبائنا أن نحب الآخر وأن نسامح لا أن نفرط فى حقوقنا أو نصمت أو نظهر كالضعفاء.
«مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة.. والسيول لا تغمرها» «نش 7:8»
المحبة ثمرة الروح، ونتائج عمل الله فى حياة كل مؤمن.
ويقول رفعت مايز: هناك رجال دين يصعدون على القضايا والأزمات وتتناقض أقوالهم مع أفعالهم مثل قضية زى أسلمة فتاة مثلا أو اعتداء على كنيسة من أجل بعض المكاسب السياسية وأيضا من يصارعون للتصريح بأن حرق الكنائس فداء لمصر كما كان المسيح فادى للبشرية مثلما حدث فى 30-6
وبما أن التعاليم الأولى للطفل هى ابن الطاعة تحل البركة فينقاد الشعب القبطى للرؤساء الدينيين المدعومين بآيات من الإنجيل والقنوات الدينية.