100 مليون معاك ياسيسى.. العيش بكرامة وآدمية.. المبادرة التى غيرت واقع 58 مليون مواطن للأفضل «حياة كريمة» أنقذت الشباب المصرى من التطرف والغرق بـ«مراكب الموت»
شوقى عصام
حياة ملايين من المصريين تغيرت نهائيًا وتمامًا مع مبادرة «حياة كريمة»، هذا التغيير لا يعرفه سوى مئات الآلاف من العائلات والأسر يعيشون فى قرى الريف بمحافظات الدلتا والصعيد التى كان كثير منها محرومًا من أبسط متطلبات الحياة من مياه نظيفة وصرف صحى وكهرباء ومدارس لتعليم أبنائهم، ليس البنين فقط، ولكن البنات أيضًا، مستشفيات ومراكز طبية، أندية ومراكز رياضية تحتوى الصغار لحمايتهم وتأسيسهم وتفريغ طاقاتهم والاستفادة منهم فى يوم ما قريبًا، دعم للمرأة العاملة والفلاحة ابنة هذا الريف.. هذه عناوين بسيطة مما جاءت به المبادرة الرئاسية حياة كريمة فى الأعوام الـ3 الأخيرة.
المبادرة فى البداية عندما تحرك بها الشباب المتحمسون لها، ظن الأهالى أنها عملية دعائية انتخابية مثلاً أو «شو» من أجل الصورة التى تنشر فى وسائل الإعلام وأن كل ذلك سينتهى فى ساعات، ولكن التغيير للأفضل أحاط بمن طالتهم المبادرة التى تتحرك أفقيًا ورأسيًا بين قرى ونجوع محافظات مصر، حتى جاء نجاحها بأمرين عندما تم الوقوف عليها من الخارج بحثًا فى تلك التجربة، الأمر الأول ما صدر من خبراء دوليين فى مجال التنمية البشرية بالتأكيد على أن «حياة كريمة» ساهمت بشكل أساسى فى حماية الشباب المصرى بالقرى من التطرف وأيضًا استغلالهم من جانب عصابات الإتجار بالبشر، وذلك بحسب مسئول بالصليب الأحمر الألمانى، أما الأمر الثانى فهو اهتمام شباب من دول أفريقية بالقدوم إلى مصر والتعرف على تفاصيل التجربة وإمكانية نقلها إلى بلادهم.
مخطط «حياة كريمة» يضع استهدافًا واضحًا يحدث على أرض الواقع بتحقيق هذا العنوان العريض لمن يعيشون فى 4584 قرية فى 20 محافظة داخل 175 مركزًا يتضمن 28000 تابع لتشمل 58000000 مواطن، بعد أن أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 2 يناير 2019، لتكون مبادرة متعددة فى أركانها ومتكاملة فى ملامحها، تنبع من مسئولية حضارية وبعد إنسانى قبل أى شىء آخر، فهى أبعد من كونها مبادرة تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن، لأنها تهدف أيضًا إلى التدخل الآنى والعاجل لحفظ كرامة المواطن وحقه فى العيش الكريم، بعد أن تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى والذى كان خير مساند للدولة فى معركتها نحو البناء والتنمية، ليكون بحسب خبراء التنمية بالأمم المتحدة، أكبر مشروع تنموى فى العالم، وأكبر مشروع إنمائى شامل فى مصر من حيث مخصصات الميزانية، والجدول الزمنى للتنفيذ، وعدد المستفيدين بتكلفة تصل إلى 800 مليار جنيه بمدى زمنى 3 سنوات ويستفيد منه %58 من سكان الريف المصرى، ووفقًا لرؤية الدولة يتضمن البرنامج القومى لتطوير قرى الريف «حياة كريمة»، 3 مراحل رئيسية وهى المرحلة الأولى من المبادرة تشمل القرى ذات نسب الفقر من %70 فيما أكثر والقرى الأكثر احتياجًا وتحتاج إلى تدخلات عاجلة، ووفقًا للأرقام الرسمية بلغت الاعتمادات المالية للمبادرة الموجهة لقرى المرحلة الأولى من المبادرة «200 مليار جنيه» بإجمالى 52 مركزًا، تشمل 1436 قرية، ونجحت المبادرة فى توفير خدمات الصرف الصحى لجميع قرى المرحلة الأولى من خلال إنشاء وتطوير 130 محطة معالجة، وكذا توفير خدمات مياه الشرب وتعزيزها من خلال توسيع محطات التنقية، وكذلك استبدال وإعادة تأهيل البنية التحتية القديمة للمياه، فضلاً عن تطوير خدمات الاتصالات من خلال توسيع مكاتب البريد وتغطية شبكات المحمول ومواقع توزيع الألياف الضوئية ومجمعات الخدمات الحكومية، وكذا توفير 120 ألف وحدة «سكن كريم» فى عام واحد فقط، مع التوسع فى إتاحة الخدمات التعليمية دون تمييز، من خلال إنشاء المدارس وتحسينها، وكذلك توفير فصول دراسية ذكية، فضلاً عن نشر الوعى المجتمعى والثقافى والصحى لضمان استدامة المشروعات المنفذة.
فيما تستهدف المرحلة الثانية لـ«حياة كريمة» 14 محافظة معظمها فى صعيد مصر، حيث تضم محافظات وسط وجنوب الصعيد مجتمعة 315 قرية بنسبة %84 من إجمالى القرى المستهدفة فى المرحلة الثانية ومن المخطط إتمام العمل فى جميع القرى المستهدفة فى المبادرة والبالغ عددها 1000 قرية بنهاية العام المالى 2023/2024، ومن المشروعات التى تستهدفها المرحلة الثانية إنشاء وتطوير 54 مركز شباب، 35 تجمعًا ريفيًا مستهدفًا تطوير الوحدات الصحية بها، وتطوير 925 فصلاً جديدًا فى 69 مدرسة لخفض مستوى كثافة الفصول، وتطوير وتجهيز 35 وحدة بيطرية بالتجمعات الريفية، و271 مشروعًا جديدًا لتدعيم خدمات مياه الشرب بالتجمعات الريفية، وتغطية 68 تجمعًا ريفيًا بخدمات الصرف الصحى.
تحقيق «حياة كريمة» لهذه الأرقام وتجسيدها لحقيقة تتعلق بعيش أفضل لمن يعيشون فى القرى والريف ومناطق كانت تصف فى فترة ماضية قليلة بـ«النائية»، ولكن هناك اعتبارات مهمة كثيرًا ما عملت مؤسسات الدولة على تحقيقها ولم تأتِ بجدوى، عندما كان يهرب الشباب من الواقع، بالارتماء فى أحضان جماعات تستخدم الدين ستارًا لتحقيق أغراض سياسية بنشر أفكار متطرفة مستغلة ابتعاد الدولة عن أبنائها فى الريف والصعيد ومناطق حدودية فى عقود سابقة فتم تحويلهم إلى «عبوات ناسفة»، أو من يتعلقون بحلم تم تسويق تحقيقه من جانب عصابات الإتجار بالبشر، عبر تهريب الشباب إلى أوروبا بمراكب الموت ليغرقوا فى المياه المالحة أملاً فى الوصول إلى الضفة الأخرى للبحر المتوسط وهو ما يعرف بـ«الهجرة غير الشرعية».
وفى هذا السياق، أكد مستشار منظور بالصليب الأحمر الألمانى «حسين خضر» خلال فعاليات منحة ناصر للقيادة الدولية فى نسختها الثالثة، أن مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقتها الدولة المصرية وتنفذها بنجاح، تمثل مواجهة تنموية حقيقية لغرق الشباب فى البحر خلال الهروب إلى واقع أفضل عبر «الهجرة غير الشرعية» أو الانضمام إلى صفوف الجماعات المتطرفة والتأثر بأفكارهم، مشددًا على ضرورة نقل تجربة مشروع «حياة كريمة» للقارة الأفريقية بالكامل، لحل مشاكلها فى مواجهة التطرف أو الإتجار فى البشر فى القارة السمراء، لافتًا إلى أن غياب التنمية الحضرية دائمًا ما كان له تأثيرات عدة دفعت شبابًا كان يعيش فى مناطق معدومة التنمية إلى الهجرة غير الشرعية أو أن يكون ضحية لجماعات نشر التطرف، وهذا ليس مقصورًا على مصر فقط، ولكن فى عدة دول بالعالم.
وأوضح «خضر» أن الجماعات المتطرفة أو عصابات الإتجار فى البشر، حاولت استغلال فكرة غياب دور الدولة فى القرى والنجوع، فأصبح لديها مدخل تصل به إلى هؤلاء الشباب، بالحديث بصيغة الإحباط وانعدام الأمل، وتصدير صورة أن السفر إلى الخارج عبر «مراكب الموت» سيجعل الشاب فى النهاية يعيش فى مجتمع وردى ويحقق مكاسب مادية ضخمة، وهذا ليس حقيقيًا، والأمر ذاته للجماعات المتطرفة التى كانت تستغل ظروف الشباب بتقديم نفسها «الخادم الأمين» فى ظل غياب سابق لدور الدولة الاجتماعى، لتسيطر فى النهاية على أدمغتهم وتحويلهم إلى عناصر متشددة.
وأشار «خضر» إلى أن الدولة اليوم تقوم بتنمية حضرية مثل ما نراه فى الأماكن التى تحتاج ذلك عبر مبادرة «حياة كريمة»، الأمر الذى يعتبر فى غاية الأهمية ومن أنجح الأفكار والمشروعات لمواجهة التطرف والهجرة غير الشرعية لاسيما فى ظل اعتقاد خاطئ ليس فى مصر والمنطقة العربية فى وقت سابق فقط، ولكن حتى فى أوروبا لا تكون عبر التنمية، بأن الحلول الأمنية تستطيع مواجهة تلك الجماعات المتطرفة وعصابات الإتجار فى البشر.
وتابع: «منذ سنوات يتم تحميل الأجهزة الأمنية مهمة مكافحة الهجرة غير الشرعية والتطرف، ولم يتم القضاء عليهم بالشكل المطلوب فى حين أن القرى التى شهدت تنمية عبر مبادرة حياة كريمة، شهدت توفير فرص العمل والمعيشة الكريمة والصحة والتعليم، وقلت فيها نشاط جماعات التطرف وعصابات الإتجار بالبشر».
شباب من مبادرة «حياة كريمة» قدموا بعض التفاصيل بداية من الفكرة التى خرجت من شباب البرنامج الرئاسى والعمل التطوعى ونزولهم إلى القرى لدرجة أن الأهالى فى البداية كانوا يشككون فى حقيقة نوايا وعمل المبادرة وظنوا أنها إما «شو» أو تحركات ذات أبعاد انتخابية تنتهى عند صندوق الانتخابات وإعلان النتائج، ولكنها استمرت فوجدوا أن المبادرة حقيقة ومستمرة ولا تتعلق بأغراض انتخابية أو دعائية، حتى لمسوا العمل على أرض الواقع، لينضم شباب القرى كمتطوعين إلى أعضاء المبادرة، ليكون هذا الانتشار الواسع على مستوى الجمهورية.
الدكتور محمد الصديق، رئيس القطاع الهندسى بمؤسسة «حياة كريمة»، تطرق إلى التحديات والصعوبات التى واجهت المبادرة، وقال إنه بدون شك أى فكرة تسير فى طريق النجاح تواجه الكثير من الصعوبات، ولكن تمت مساندتنا بتكليف وتوجيه ودعم من رئيس الجمهورية لتحقيق ما وصلت إليه المبادرة، فى ظل تحديات عديدة من أبرزها الأوضاع الاقتصادية العالمية والتى وضحت مؤخرًا مع الأزمة الروسية الاوكرانية، مشيرًا إلى أن الموازنة والتكلفة التقديرية التى وضعت لـ«حياة كريمة» تصل إلى 700 مليار جنيه، متسائلاً: «ماذا لو كان هناك انتظار حتى الوقت الحالى لتنفيذ المبادرة؟!. الإجابة: كانت ستصل هذه الميزانية إلى تريليون جنيه، ولكن الدولة برعاية الرئيس السيسى قادرة على استمرارية «حياة كريمة».
وأوضح «الصديق» أن المبادرة عملت على إحداث تغيير إيجابى فى وعى الشعب فى ظل أجيال تعيش منذ أكثر من 40 سنة فى أجواء وعادات وأفكار محددة، والدولة لا تعمل وحدها مع وجود متطوعين، لن تنجح المبادرة بهذا الشكل إلا بوجودهم، وتابع: «فى البداية كان الأهالى غير واثقين، يرون أننا نتحرك فى القرى حتى نلتقط صورًا دعائية ثم سنغادر، ومع مرور الوقت وضحت النوايا، ووجدنا شبابًا من أبناء القرى يقبلون فى العمل معنا برغبتهم متطوعين لما يرونه من تغيير أثّر على حياتهم رأسًا على عقب للأفضل».
واستعرض «صديق» بداية فكرة المشروع القومى «حياة كريمة» التى بدأت كمبادرة بمقترح من شباب البرنامج الرئاسى شمل حوالى 375 قرية باستهداف درجة الفقر المدقع، ثم تم عرض فكرة المبادرة على الرئيس عبدالفتاح السيسى ثم تطورت الفكرة بعد عرضها فى مؤتمر الشباب وطلب الرئيس تحويل المبادرة إلى المشروع القومى ليشارك فيه كل مؤسسات الدولة والقطاع العام والخاص فى إطار توحيد وتكاتف الجهود من أجل عمل دور فعّال فى كل مكان على أن تؤدى كل الجهات دورها ويصبح قياس أثر تلك المبادرة هو أعمال ملموسة يشعر بها المواطن وصولاً إلى إطلاق الرئيس للمشروع القومى «حياة كريمة»، ثم تأسيس مؤسسة «حياة كريمة» كمؤسسة خيرية تابعة للتضامن الاجتماعى وتقوم بمتابعة المشروع القومى لما لها من دور فى التواجد فى اللجنة التيسيرية لمتابعة المشروع القومى والتى تستهدف الوصول إلى %58 من المجتمع وتتوافق محاورها مع أهداف التنمية المستدامة لتوفير أقصى قدر ممكن من الاستفادة للشعب المستهدف.