الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مكاسبها ليست للمصريين فقط.. الثورة التى أنقذت «العرب» من جهنم «الإخوان»

اعتبر كثيرون أن ثورة «30 يونيو» بمثابة «تكفير ذنب» من جانب المصريين تجاه العرب والمسلمين عن خروج أخطر تنظيم إرهابى «الإخوان» فى «غفلة» من أرض مصر فى عام 1928، فكانت الثورة المصرية منذ 9 سنوات التى محت هذا الذنب فى ظل أكثر من 9 عقود عمل لتنظيم «سرطانى» لم يتوقف مخططه التخريبى داخل مصر أو الدول المجاورة؛ بل خرجت منه فروع وصلت إلى السُّلطة فى دول إفريقية وآسيوية بعيدة باسْم «الدين» فككت تلك البِلدان وجعلتها على قارعة طريق «الجحيم» عبر التنظيم الدولى ذى الصلة الوثيقة بأجهزة مخابرات عالمية شاركت فى تأسيسه وقت «التيه» بين ما كان يُعرَف بـ«الخلافة الدينية» و«القومية العربية».



 

ويجب ألّا نحصر ثورة «30 يونيو» فى أنها «المسمار» الذى دق فى نعش جماعة الإخوان الإرهابية أو الجماعات الدينية التى تتخذ من «الإخوان» مرجعية ومنهجًا بمسميات أخرى فى دول شمال إفريقيا وليبيا والسودان واليمن وسوريا على سبيل المثال، ولكنها امتداد يعطى «خارطة طريق» لشعوب عربية فى يديها، تواجه فيه حُكم الإسلام السياسى الذى يريد الوصول إلى السُّلطة على طريق الفتنة والدماء، هذه الشعوب تتأهب للانتفاضة على جماعات دينية تحكم أو تهيمن على السُّلطة فى بلدانهم سواء سُنّية أو شيعية أو غير ذلك ولكنها دينية، قد تنضم تلك الدول فى ذكرى ثورة يونيو فى 2023 إلى قائمة المستفيدين من تجربة ثورة الشعب المصرى لإسقاط حُكم الجماعة.

وفى هذا السياق؛ يقول مدير مركز بروكسل الدولى للبحوث د.رمضان أبوجزر، إن ثورة «30 يونيو» هى التى أعادت الأمن «أغلى سلعة» وهى التى أنقذت السفينة من الغرَق، والشعب المصرى له الجميل والفضل الكبير على الأمة العربية بعد أن كان هناك مخطط جهنمى عالمى لتمكين تنظيم «الإخوان» الإرهابى على العرب لإعادتهم إلى الظلمات وإضعافهم من خلال تمكين هذا التنظيم غير الوطنى والذى يتبع أچندات مخابراتية لا تخدم المنطقة.

وأوضح «أبو جزر»، أن ثورة «30 يونيو» فاجأت الجميع وبدأ الآن الغرب الأوروبى بعد سنوات من هذه الثورة، يستشعر مدى الإيجابية التى جاءت بها «30 يونيو»؛ حيث كيف سيكون الوضع عندما تسيطر ميليشيات الموت الأسْوَد على جنوب المتوسط من خلال إحكام سيطرتها على دولة مثل مصر؟!، فكان أقل ثمَن هو قيام أوروبا وقتئذ بإرسال قواتها من جديد إلى جنوب المتوسط بحجة حماية حدودها.

ولفت إلى أن تنظيم «الإخوان» ضمن مخطط يخدم الصهيونية العالمية لتمكين كل من هو عدو لتماسُك الخريطة العربية وكانت «30 يونيو» هى الضربة القاضية ليبدأ منها هزائم هذا المخطط بعد أن كانت النواة من مصر ثم اختلف المشهد تمامًا فى ليبيا وتراجعوا فى تونس التى كانت معقلاً لهم واليوم هم خارج الإطار هناك، وأيضًا كان لديهم طموح فى دول الخليج ولكن «30 يونيو» أفشلت ذلك، وحتى فى المشهدَيْن السورى والفلسطينى تغير الوضع تمامًا.

وتابع: «الشعب المصرى قام بمعجزة وأكثر الناس تفاؤلاً لم يكونوا على تصور بحدوث ثورة شعبية للتخلص من هذا التنظيم المُجرم لتأتى بعد ذلك معركة البناء التى نجح فيها الشعب المصرى ومعه قيادته فى السنوات الماضية ليكون الرد على محاولات إيجاد الفوضى فى المنطقة فى ظل وجود داعمين دائمين للتنظيم على المستوى الدولى منهم من هم علنًا ومن وراء ستار، ولو تمكن الإخوان من حُكم مصر ولم يكن هناك «30 يونيو»؛ كان الظلام يعم المنطقة العربية كلها».

وننتقل إلى أستاذ العلاقات الدولية فى بيروت، د.خالد العزى، أكد أن «30 يونيو» تجربة عربية حدثت فى مصر ضد مخطط جزء كبير منه جاء من دول ومنظمات غربية اعتبروا «الإخوان» قوة لتحقيق هدفهم، وهذا ما جاء فى دفاعات الديمقراطى باراك أوباما ومعه هيلارى كلينتون، بدعم الجماعة فى الوصول للسُّلطة ورفض رغبة الشعب فى إسقاط حُكمهم بعد ذلك بثورة شعبية لم يتكدس فيها شعب فى الشوارع بهذا الشكل، ليظهر أنهم ليسوا «قوة فاعلة» أمام المجتمع الدولى وغير مقبولين كما رَوّجوا لأنفسهم ووضح ضيق فكرهم فى الإدارة وأنهم لا يستطيعون إدارة ما هو أكبر من «بقالة» وليس دولة بحجم مصر أو أى دولة أخرى.

ولفت «العزى» إلى أن فشل «الإخوان» جاء فى ظل طموحهم للسُّلطة لخدمة الجماعة وتنفيذ ذلك عبر التعطش للدماء، ومن هنا جاء سقوطهم؛ حيث إن تجربتهم لها اتجاهان، عندما صعدوا إلى السُّلطة ووقف الجيش على الحياد فى تأمين العملية الانتخابية، وعندما فازوا بالرئاسة بالطمع حاولوا السيطرة على مفاصل الدولة بما فيها التركيبات السياسية والاجتماعية وظنوا أن الكلمة للأقاليم من خلال إيفاد الناس للتصويت بالأتوبيسات، ولكن كل ذلك تساقط عندما رفضت جموع الشعب هذا الحُكم ومثلما قام الجيش بحماية الصناديق حمَى ما هو أهم وهو شرعية الشعب.

وأشار «العزى» إلى أن ثوابت وجود «الإخوان» على مَرّ السنين تمحورت فى الدعاة وتحويل الناس قنابل متطرفة موقوتة والعنصر الأهم الرهان على التلاعب بالمساعدات الاجتماعية والصحية نتيجة حكومات سابقة نسيت متطلبات الشعب، وكان وصول «الإخوان» للسُّلطة مرحلة انتقام من الشعوب لأنظمة سابقة وليس تأييدًا للجماعة، ومع وجودهم فى الحُكم كان لهم حالة من الانهيارات فى ظل عدم قدرتهم القيام بالإدارة المثالية المنتظرة التى كانوا يوعدون الشارع بها، ووضح عدم امتلاكهم أى خبرة فى التعامل مع المجتمعات الدولية، وعلى الرغم من حياتهم خلال عقود فى أوروبا، فإنهم كانوا يعيشون فى «جيتوهات»، ليكون الصدام مع مصر، فلا تنفع ممارسة الأعمال المسلحة ضد الشعب فى وجود جيشها وشرطتها.

وفسّر بالقول: «الإخوان عندما جاءوا حاولوا الانتقام من التاريخ والواقع، ثم تعاملوا مع الجيش ونسوا أنه مؤسّسة وطنية وليس مثل دول أخرى ينتمى إلى مَذاهب وأعراق، الجيش حَمى العملية الانتخابية فظنوا إمكانية التعامل معه هو والمؤسّسات الأمنية ولكن كانت الحماية للشعب صاحب الشرعية الأولى والأخيرة ليكون «30 يونيو» الذى نزف لنجاحها أبناء الجيش والشرطة، والإسلام ليس غريبًا عن مصر بتاريخها وحاضرها حتى يُقدّم الإخوان الدين، فكان عملهم على الوصول إلى حرب أهلية والعمل على تأسيس مؤسّسات أمنية راغبين فى أن تكون بديلة تحت شعارات دينية، وفى النهاية وجدناهم أيضًا يزايدون على بعضهم البعض والدليل ما كان يحدث تحت قبة البرلمان المصرى خلال وجودهم».

وقال «العزى» إن مصر كانت سبّاقة بتسجيل هزيمة نكراء للإخوان لينهار هذا حَجَر الأساس للتنظيم وتكون الضربة ليس فقط فى مصر ولكن الدول العربية المنتفضة لتعانى الحركة الإخوانية من انقسامات وتكون مطرودة ومحاصَرة فى الدول العربية؛ لأن مشروعها كان تدميرًا للمنطقة باستغلال الشعوب ووضعت الانتقام فى رأسها، و«30 يونيو» كانت خارطة طريق لمواجهات من المؤسّسات الوطنية والشعب فى ضرب هذا التنظيم، وهذا ما شاهدناه فى ليبيا وسوريا عندما كانت تقود عصابات إخوانية الحرب ضد مؤسّسات الدولة والشعب، ليكون بعد «30 يونيو» توحيد الجيش الليبى وخرجت الجماعات التى عملت تحت إطار الإخوان، وردّة فعل ما جاء فى تونس والسودان وأيضًا سوريا التى شهدت استفاقة أمام عمل الجماعة وضربها شعبيًا قبل أن يكون من جانب مؤسّسات الدولة فى تلك البِلدان، والأردن التى عانت كثيرًا من وجود «الإخوان» ونجت من سطوة وجودهم فى الشارع، ولن يكون ذلك إلا بعد ما حدث من جانب المصريين.

بينما يرى الأستاذ الباحث فى الاقتصاد السياسى والعلاقات الدولية فى فرنسا، التونسى حسان القبى، أن جماعة «الإخوان» استغلوا ثروات مزعومة فى المنطقة العربية بتخطيط من إدارة الديمقراطيين فى ذلك الزمن بالولايات المتحدة وقت «باراك أوباما» و«هيلارى كلينتون» أدخلت المنطقة فى حالة عدم الاستقرار غير مسبوقة بالمرّة للدول الوطنية منذ حقب الاستقلال إلى تاريخ 2011؛ حيث يعرف الجميع أن بداية تلك الأحداث فى تونس فى 14 يناير ثم 25 يناير فى مصر وصولاً إلى فبراير فى ليبيا إلى أن اشتعلت حرب أهلية فى سوريا لا تزال تبعاتها قائمة حتى اليوم.

ويشير «القبى» إلى أن الشعب المصرى كان واعيًا بالخطأ الكبير الذى وقع فيه العديد من الشعوب العربية بداية من 2011 ليكون تصحيح المسار والرفض القطعى لاستمرار حُكم الإخوان عبر «رئيس» يُحركه مكتب الإرشاد، لذلك فإن «30 يونيو» ثورة مهمة للغاية لقت تجاوبًا كبيرًا من الجيش المصرى الذى اختار الاصطفاف إلى جانب الشعب ومن ناحية أخرى، مرحلة جديدة كشفت مدى المؤامرة الكبيرة على العالم العربى، وهنا بدأت الشعوب تستفيق، وكان ذلك فى ليبيا بدخول الجيش الوطنى الليبى فى عملية تطهير ليبيا التى كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تتحول إلى إمارة داعشية على غرار ما حدث فى بقع بدول عربية مثل سوريا والعراق، وهو شىء غير مقبول بالمرّة فى منطقة حساسة مثل شمال إفريقيا بحُكم قربها إلى أوروبا، ثم كان فى تونس مسار «عسير» للغاية مع حُكم حركة النهضة، واليوم تتخلص تونس من حُكم الإخوان ولكن فى وقت متأخر، بفضل انتفاضة الشعب التونسى فى 25 يوليو الماضى عندما حل الرئيس قيس سعيد البرلمان ثم إيقاف العمل بدستور الإخوان، واليوم تونس تستعد إلى الاستفتاء على دستور جديد، لذلك فهى مَرحلة فى غاية الأهمية يجب استخلاص الدروس والعبر منها حتى لا نقع مجددًا فى مؤامرة لأن «ليس فى كل مَرّة تِسْلم الجرّة».