الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تتشل الأيادى اللى حرقت علم بلادى!

تتشل الأيادى اللى حرقت علم بلادى!
تتشل الأيادى اللى حرقت علم بلادى!


 
من تربى على أن تحية العلم خطيئة فى الصغر يحرقه فى الكبر، فلماذا كل هذا الاندهاش من حادثة حرق العلم المصرى فى قلب رمز الثورة المصرية، إننا شعرنا بأن ميدان التحرير يبكى تأثرًا بما تعرض له علم من إهانة لن تمر مرور الكرام أبدا، فلن نسكت على إهانة الإرهابيين لرمز الوطن!
فهذا العلم والذى لم يجرؤ أحد من قبل على حرقه حتى «الصهاينة» أنفسهم وطوال فترة الصراع بيننا وبينهم والحروب التى خضناها معا لم يقدموا على فعل هذا الجرم وهو إحراق رمز هذه الدولة.
 
ولكن للأسف الشديد يحرق هذا العلم على يد من يطلق عليهم مصريين هذا المشهد أفزعنا جميعا حينما رأينا بأعيننا حرق علمنا ودهسوه تحت الأقدام، فى الوهلة الأولى تظن انك ترى هذا المشهد فى دولة تكن لنا أشد حالات العداء والكراهية ولكن تكتشف أن هذا المشهد يحدث على أرض مصر ولأول مرة فى تاريخنا بل ويحدث على أرض ميدان التحرير رمز الثورة المصرية .
 
والذى رفع فيه العلم المصرى بشموخ طول تلك الفترة والتى كنا نظنها جميعا انتفاضة شعب ضد الانهيار والتخلف والجهل.
 
وكنا نتوقع جميعا بعد هذه الثورة أن ننطلق إلى الأمام وأن نأخذ مكانتنا الطبيعية كأحد أعرق الأمم وأقدمها.
 
وتأتى تصريحات «نوارة نجم» التى بررت فيه تصرفات من قاموا بحرق علم مصر بميدان التحرير قائلة: «العيال ما يقصدوش كانوا عايزين حاجة يحرقوها تعمل أكبر قدر من النار عشان الغاز وده اللى لقوه فى وشهم.. ما كفاية أفورة بقى». ثم تابعت: «قرفتونا بقى بموضوع العلم ده».
 
هذا هو رأى إحدى الثائرات والتى كنا ننظر لها على أنها أكثرنا مصرية وأشدنا وطنية تبرر هذا الجرم بل وتستخف بعقولنا وتحاول أن تقنعنا أن هذا العلم الصغير هو الذى سوف يكون سببا فى إشعال أكبر قدر من النار نحن من يجب أن نقول لك «قرفتينا بقى بتفكيرك التافه».
 
وعلق آخر على تويتر «تنشل أيادى اللى حرق علم بلادى.. لأن بكده بيعلن أنه يريد بلده خراب.. ومش بعيدة يكون شجع غانا أمام مصر»، وعلم مصر المظلوم دائما معنا وعلى مدار العقود السابقة وخاصة بعد حرب أكتوبر المجيدة تاه فى ذاكرة المصريين ودخل إلى غيابات النسيان حتى إن الذى يرفع دائما فوق المصالح والهيئات الحكومية ومدارس وزارة التربية والتعليم دائما وأبدًا تراه ممزقا مهلهلا أو متسخا ولا يجد من يهتم حتي بشكله.
 
وانحصر اهتمام المصريين بالعلم فقط فى مباريات كرة القدم فعندما تكون هناك بطولة ما أو مباريات لتصفيات فى بطولة ما نجد المصريين يذهبون إلى الاستاد رافعين علم مصر يلوحون بيه يرفعونه فوق الرءوس وبعد انقضاء المباراة وسواء كنا منتصرين أو مهزومين يدخل العلم مرة أخرى إلى منطقة النسيان ولا نتذكره إلا فى المباريات المقبلة.
 
فى الماضى كان للعلم أهمية الرمز ووحدة الدولة حتى أن فى مدارسنا كانت تحية العلم شيئًا مقدسا ويحكى لنا «مهاب حسين» أحد الإخصائيين الاجتماعيين بإدارة المطرية التعليمية أن تحية العلم فى طابور المدرسة الصباحى كان يتم اختيار الطلاب الثلاثة الأوائل على مستوى المدرسة وكان ذلك رمزا بأن الطلاب الثلاثة المتفوقين هم رمز المدرسة وهم من يقومون بتحية العلم رمز الدولة، أما في هذه الأيام فإن اختيار الطلاب يأتى بمعايير أخرى تماما فقط يكون هؤلاء الطلاب أما من أقارب المدرسين أو حتى من الذين يأخذون دروسا خصوصية عند بعض المدرسين، بل والأدهى من ذلك أن هناك العديد من المدارس قد ألغت مراسم تحية العلم فى طابور الصباح واقتصر الطابور على أداء بعض التمارين ثم إنصراف الطابور إلى الفصول مباشرة.
 
ويضيف مهاب: هذه الظاهرة قد بدأت في أيام تولى الإخوان حكم البلاد وللأسف مازالت مستمرة إلى وقتنا هذا.
 
أما عن سؤاله عن شكل العلم ولماذا يكون دائما بشكل مزر إما مقطعا أو متسخا فيقول لنا أن بعض الإدارات التعليمية ترفض تجديد العلم لأن العوامل الجوية تؤثر عليه ومن المفترض أن العلم له فترة صلاحية بعدها يجب تغييره، وعدم تجديد العلم نوع من الإهمال من جانب هذه الإدارات والذى أصبح علة الشعب المصرى.
 
أما مصطفى الدسوقى موظف بإحدى المصالح الحكومية فيقول لنا: إن علم مصر فوق المصلحة لم يتم تغييره منذ أكثر من عشر سنوات لدرجة أن العلم قد أصبح قطعة قماش لاتستطيع أن تميز ملامحه وقد طلبنا مرارا وتكرارا من الإدارة تغييره ولكن دون جدوى، ليس هذا كل شىء بالنسبة للعلم المصري فبعد أن كان هذا العلم قديما رمزا لوحدتنا واتحدنا تحته، أصبح الآن رمزا لفرقتنا وتناحرنا فيما بيننا .
 
فكل فصيل متطرف في بلادنا الآن يعبث بالعلم فالمتطرفون الأقباط في مصر ومن يمثلونهم من اقباط المهجر قاموا برفع النسر من على العلم وقاموا بوضع الصليب بدلا منه وذلك لتدعيم فكرة مسيحية الدولة وأن مصر دولة في الأصل قبطية وأنه يجب تغيير هذا العلم ليمثل ميولهم المتطرفة.
 
وعلى الطرف الآخر نجد أن الإسلاميين المتطرفين فى مصر قد قاموا هم أيضا برفع النسر من على العلم ووضع عبارة «لا إله الا الله محمد رسول الله» وذلك لتصدير صورة الدولة الدينية واللعب على أوتار العقيدة داخل نفوس أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره مابين العقيدة والهوية.
 
فأصبح العلم فريسة لكل هؤلاء من المتطرفين والذين يدعون بذلك إلى فكرة تقسيم الدولة.
لدرجة أن الإخوان ومن والاهم والمتعاطفين معهم من أصحاب العقول المخطوفة قاموا أيضًا بنزع النسر من على العلم ووضع شعار «رابعة» بدلا منه .
 
وكأن مصر قد أصبحت كعكة يرغب فيها كل طامع ولا يرحمها أحد، مصر التى قال عنها «نابليون بونابرت» «فى مصر لو حكمت لن أضيع قطرة واحدة من النيل في البحر، وسأقيم أكبر مزارع ومصانع أطلق بها امبراطورية هائلة».