السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد الانتخابات.. هل تنجح العراق فى خلق مستقبل جديد؟

مصطفى الكاظمى
مصطفى الكاظمى

أسدل الستارُ على الانتخابات العراقية بعد فترة عصيبة مرت على البلاد منذ 2019 لتفتح صفحة جديدة تحمل معها مستقبل الشعب العراقى الذى خرج إلى الشوارع مطالبًا بإحداث تغيُّرات سياسية تحمل طموح الخروج من الأزمات المتوالية التى عصفت بالبلاد على مدار أعوام.



ورُغم تغيرات طرأت على السياسة العراقية خلال فترة الحكومة الانتقالية بقيادة مصطفى القاظمى، وشعر بها الشعب والمحيط العربى ككل.

وعبرت عن خطط مستقبلية واعدة للشعب العراقى؛ فإن ما حملته نتائج الانتخابات كانت مفاجئة لعدد من القوى السياسية؛ خصوصًا مع خروج تكل الأحزاب الموالية لإيران من المشهد البرلمانى.. الأمر الذى يحمل العديد من التساؤلات حول مستقبل العراق.. وهل ستتحقق بالفعل آمال قوة الشعب المختلفة بالتغير واستكمال الطريق نحو مستقبل أفضل للعراق الشقيقة؟

> الوعد بالاستقرار

بعد إعلان المفوضية العليا للانتخابات بفوز التيار الصدرى بزعامة مقتدى الصدر بأعلى نسبة أصوات وحصوله على 73 مقعدًا من أصل 329 مقعدًا نيابيًا، وجَّه زعيمُ التيار، رسائل إلى الداخل والخارج؛ حيث شدد «الصدر» على رفض وجود الميليشيات فى البلاد، داعيًا إلى حصر السلاح بيد الدولة.

وأكد «الصدر»، أن تياره لن يسمح للأحزاب أن تسيطر على مقدرات الشعب، مشددًا على ضرورة استفادة المواطنين من موارد بلادهم.

وتابع زعيم التيار الصدرى: «نفط الشعب للشعب وسنُحَسّن الدينار ليكون بمصاف العملات العالمية تدريجيًا»، ثم أردف «سنزيح الفساد بدمائنا».

وقال «الصدر»: إن العمل سيجرى فى العراق من أجل تفعيل دور العشائر، فى إطار دعم استقرار العراق.

وحث زعيمُ التيار الصدرى أنصارَه على تفادى المظاهر المسلحة، خلال الاحتفال بالتصدر الذى تحقق فى خامس انتخابات يشهدها العراق منذ سقوط نظام صدام حسين.

يُذكر أن اللجنة العليا للانتخابات قد أعلنت النتائج الاثنين الماضى، بحصد الكتلة الصدرية للمرتبة الأولى ضمن القوى الشيعية، فيما استطاع تحالف «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسى أن ينال صدارة القوى السُّنية فى الانتخابات.

فى غضون ذلك، حصل الحزب الديمقراطى الكردستانى على المرتبة الأولى ضمن الأحزاب الكردية فى انتخابات العراق التشريعية.

ووصفت الانتخابات التشريعية بأنها الأهم فى تاريخ العراق منذ العام 2003، رُغم أن المشاركة الانتخابية فى بغداد لم تبدُ واسعة النطاق كما كان يأمل منظمو الانتخابات، 41% لكن الإقبال تحسن نسبيًا بمرور الوقت؛ حيث دوافع المشاركة حَكمتها بالأساس الرغبة فى التغيير.

كما شهدت النتائج دخول حركات سياسية جديدة داخل البرلمان؛ حيث حصلت القوى المنبثقة عن الاحتجاجات الشعبية، التى انطلقت عام 2019، من إحراز تقدم كبير فى الكتل التصويتية، وحصل حزب «امتداد» فى محافظة ذى قار، برئاسة الناشط والمتظاهر علاء الركابى، من تحقيق 9 مقاعد على مستوى البلاد، فيما حقق حزب «إشراقة كانون» نحو 6 مقاعد، فضلاً عن نحو 10 مستقلين آخرين، مما يمنحهم كتلة وازنة فى مجلس النواب المكون من 329 مقعدًا.

ويعتبر المراقبون أن تلك القوى، ستكون بمثابة عنصر تغيير فى البرلمان الجديد؛ إذ إنها دخلت إليه، مدعومة من جمهور مختلف، ومتبنية خطابًا جديدًا هو أقرب إلى هموم الشارع. ويبقى التحدى الأكبر الذى يواجه التيار الصدرى وغيره من القوى التى تصدرت النتائج هو جمع عدد كافٍ من المقاعد (165 مقعدًا) لتكوين الكتلة الأكبر التى بمقدورها تشكيل حكومة جديدة.

> رفضُ النخب السابقة للنتائج

وبعدما سجلت تراجعًا كبيرًا فى الانتخابات التشريعية العراقية، نددت قوى شيعية موالية لإيران بحصول «تلاعب» و«احتيال» فى نتائج العملية الانتخابية، التى تفتح الطريق أمام مفاوضات صعبة بين الكتل السياسية الساعية للهيمنة على البرلمان..

وبعدما كان القوة الثانية فى البرلمان المنتهية ولايته، سجّل تحالف «الفتح» الذى يمثل «الحشد الشعبى» ويضم فصائل شيعية موالية لإيران؛ تراجعًا كبيرًا فى البرلمان الجديد، وفق مراقبين ونتائج، إلا أن لعبة التحالفات قد تزيد من حصته لاحقًا- بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الإطار التنسيقى لقوى شيعية يضم تحالف «الفتح» وائتلاف رئيس الوزراء السابق حيدر العبادى، فى بيان «نعلن طعننا بما أعلن من نتائج وعدم قبولنا بها وسنتخذ جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين».

بدوره قال المتحدث باسم تحالف «الفتح» أحمد الأسدى: «يجب على المفوضية أن تعلن النتائج بشفافية، وتقديم كل الأدلة والشواهد والإثباتات التى تثبت أن الأصوات لم تحجب»، وكان رئيس التحالف هادى العامرى قد شدد على عدم القبول «بهذه النتائج المفبركة مَهما كان الثمَن، قائلًا «سندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة».

فى المقابل دعا زعيم التيار الصدرى، مقتدى الصدر، إلى ضبط النفس والالتزام بالطرُق القانونية فيما يخص الاعتراضات على نتائج الانتخابات، وقال «الصدر» فى تغريدة له على «تويتر»: «ليس من المهم من يكون الفائز فى هذه الانتخابات؛ بل المهم كل المهم هو الشعب العراقى من الناحية الخدمية والأمنية وما شاكل ذلك».

وتعالت التحذيرات فى العراق من الدعوة إلى العنف فى أعقاب ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية رُغم أن تراجُعَ القوى الموالية لإيران لم تكن مفاجأة بالنسبة إلى المراقبين، فى بلد تصاعدت فيه حدة الغضب تجاه طهران؛ خصوصًا بعد قمع احتجاجات أكتوبر عام 2019، مع اتهام ناشطين «مجموعات مسلحة» فى إشارة إلى فصائل شيعية مدعومة من إيران، بالوقوف وراء تلك الحملة وهو ما تنفيه الفصائل.

> خريطة التحالفات

يرى مراقبون أن الحُكم الآن على طبيعة التحالفات والاصطفافات السياسية والبرلمانية أمرٌ مبكر، وقال رائد العزاوى، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيچية، فى حديث صحفى: «من الواضح أن نفس القوى والوجوه والعقلية القائمة على المحاصصة بين الشيعة والسُّنة والأكراد مع توافقات فرعية وجانبية أخرى، هى التى ستتولى مهام التشكيلة الحاكمة الجديدة».

وأوضح الأستاذ الجامعى العراقى: «الانتخابات هذه المرة أفرزت تحولا مُهمًا جدًا، فقد أصبحت القوى الشعبية والوطنية المستقلة المنتفضة بقاعدتها الشعبية بالدرجة الأساس، ضد الفساد والطبقة السياسية التقليدية، أصبح لها تمثيل برلمانى، وهذا ما سيجلب تغييرات وتحولات فى طبيعة تعاطى البرلمان والحكومة القادمين، مع التحديات والقضايا الجوهرية فى العراق».

> مواصلة القتال

رُغم عدم ترشح مصطفى الكاظمى فى هذه الانتخابات؛ فإنه أكد على استمراره فى العمل من أجل دولته وشعبه، وقالت المحللة السياسية ماريانا بيلينكايا، فى صحيفة «كوميرسانت» الروسية: إن رئيس الوزراء العراقى، المنتهية ولايته، مصطفى الكاظمى قد حصد انتصارًا مزدوجًا، الاثنين الماضى، بعد تنفيذ وعده بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بنجاح، وكذلك إعلانه بإلقاء القبض على سامى جاسم، نائب الزعيم السابق لتنظيم «داعش» أبو بكر البغدادى. العملية نفذتها، أجهزة الأمن التابعة العراقية.

وقالت المحللة الروسية فى مقالتها المنشورة تحت عنوان: «رئيس حكومة العراق يواصل القتال» إن الكاظمى يؤكد بعدم ترشحه فى الانتخابات التشريعية عن استعداده لترك منصب رئيس الحكومة. وقالت الصحفية: «السؤال هنا: هل سيكون هناك مرشح ليحل محله وبأى سرعة؟ من المرجح أن يتضح توازن القوى فى البرلمان العراقى الجديد، الذى سيكون عليه تسمية رئيس للوزراء، هذا الأسبوع».>