الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

محمد محمود ممنوع دخول «الثوار»!

محمد محمود ممنوع دخول «الثوار»!
محمد محمود ممنوع دخول «الثوار»!


 
مرت الشهور على انتفاضة «عيون الحرية» ويستعد الثوار الآن لإحياء الذكرى الثالثة لأحداث شارع محمد محمود الذى يُلقب ثوريًا بشارع «عيون الحرية» نسبة إلى الدم الذى سال من عيون الذين هتفوا بسقوط نظام القمع العسكرى، بينما كانت كوادر الإرهاب متحالفة مع هذا النظام لنيل مفتاح برلمان الثورة!
 
الذكرى هذه المرة تختلف كثيرًا عن المرتين السابقتين، خاصة وأن الشارع المصرى مزدحم بأحداث عنف وقتل لم ترحم صغيرًا أو كبيرًا، مسلمًا أو مسيحيا، مدنيًا أو عسكريًا، وبقايا الإخوان تحاول أسبوعيًا أن تكدر المواطنين سواء بغلق شوارع أو تعطيل المواصلات أو تهديد الدراسة بالجامعات، وهذا ما يجعل قوات الأمن متحفزة لأى تظاهرة غير مدعومة حكوميًا أو بموافقة أمنية، مما قد يجعل إحياء ذكرى «عيون الحرية» حدثًا غير واضح المعالم والنتائج.
 
هناك وجهة نظر منطقية تقول إن مظاهرات «عيون الحرية» القادمة ستكون كمينًا مدبرا من قوات الأمن للخلاص من المشاركين فى هذا الحدث حيث إن أغلبهم من الثوار كانوا ومازالوا أعداء للحكم العسكرى والذى حاول الخلاص منهم فى مناسبات عديدة لكن معظمها محاولات فاشلة لعدم وجود مبرر يقنع الناس ولسقوط ضحايا من شباب لم يتجاوزوا العشرين من عمرهم، أما هذه المرة فسيكون الأمر مختلفًا خاصة وأن أعداد المشاركين هذه المرة لن تكون بنفس أعداد المرتين السابقتين لأسباب سياسية، والأمر الأهم أن قوات الأمن قد فوضت للتعامل مع المظاهرات «المشاغبة» وإلباسها ثوب الإخوان ليجدوا المبرر الذى يجعلهم يأخذون حريتهم فى الخلاص من الثوار الذين نجوا من حرب شارع محمد محمود.
 
ورغم ذلك هناك بعض الثوار الذين لا يتفقون مع هذه الرؤية، مؤكدين على أنهم قادرون على منع بقايا المحظورة من دخول الميدان أو إفشال إحياء الذكرى، بينما يرى آخرون أنه ربما يكون الحل فى إحياء الذكرى فى مكان آخر غير «التحرير» و«محمد محمود»، حيث تناولت جبهة الإنقاذ فى اجتماعها الأربعاء الماضى مقترحًا من والد الشهيد «جيكا» بإحياء ذكرى «عيون الحرية» أمام منزل الشهيد بحى عابدين تجنبًا لأى اشتباكات أو احتكاكات مع الأمن أو الإرهابيين.
 
اعتدنا من قوات الأمن المصرية أنها دائمًا تستخدم الحلول العشوائية والسريعة فى تعاملها مع التظاهرات قبل اشتعال مظاهرات المحظورة، حيث إنهم برروا هجومهم على ميدان التحرير وشارعى محمد محمود وقصر العينى متحججين بوجود بلطجية مندسين وسط الثوار السلميين، وبهذا التبرير يعطون لأنفسهم الحق «القانونى» فى إمطار الثوار بقنابل الغاز المسيل للدموع واصطيادهم بالطلقات، فلا مانع من سقوط ضحايا مادام أنهم اعتبروا الثوار بلطجية أهدر القانون دماءهم!
 
وهذه المرة ربما يستبدل الأمن البلطجية ببقايا الإخوان ليستعيد لنفسه الحق فى القتل بدون حساب أو سؤال، وهذا هو التخوف الأبرز الذى يشغل بال كثير من صناع انتفاضة «عيون الحرية»، فمنذ أيام كتبت نوارة نجم على حسابها بـ«تويتر» مُحذرة من المشاركة فى إحياء الذكرى الثالثة لانتفاضة «محمد محمود» قائلة: «كل الناس عارفة إن محمد محمود حيبقى مجزرة ومش حيعدى على خير وأن الإخوان حينطوا عليه والداخلية حتستغله، يبقى ليه دعوات النزول؟''»
 
أما أغرب ما أثير بخصوص إحياء الذكرى، فهو الدعوات الإخوانية المنتشرة منذ أيام للمشاركة فى إحياء ذكرى محمد محمود، ليس فى التحرير فقط وإنما فى ميدانى رابعة والنهضة، لغرض الاعتصام هناك لمواصلة احتجاجاتهم التى اقتربت من الـ100 يوم، فهؤلاء المنتمون للمحظورة هم نفسهم من كانوا يقفون مع المجلس العسكرى السابق ضد أى تظاهرة تعكر صفو انتخابات البرلمان فى 2011 وألقوا بالتهم على ثوار محمد محمود منذ يوم 19 نوفمبر وحتى آخر طلقة خرجت من فوهة بندقية «قناص العيون».
 
فربما يستغل الإخوان هذا اليوم للاشتباك مع قوات الأمن والتى كانت بطلة أحداث «محمد محمود» فى عامى 2011 و2012 فلذلك تجد الجماعة مبررا تخلق به أحداث عنف يتورط فيها الثوار، ففى العام الماضى وأثناء إحياء الذكرى الثانية لـ«عيون الحرية» امتلأ الميدان بالثوار والغاز والخرطوش وغاب عنه الإخوان بأمر الثوار، حيث فرض المتظاهرون حظر التجوال على الإخوان فى المنطقة المحيطة بالميدان وهتفوا ضد خيانة قياداتها وفشل حكومتها، وكان رد الإخوان متمثلا فى عنف الشرطة التى انتقلت من الدفاع عن نظام مبارك إلى الدفاع عن نظام الإخوان آنذاك وقبل أن تغير موقفها من ذلك النظام.
 
وبخصوص نية الإخوان المشاركة يقول أحمد دومة، أحد أبرز الناشطين السياسيين: «الإخوان خانوا الثورة من البداية بتصريحاتهم ضد شباب الثورة ووصفهم للثوار بأنهم بلطجية، بالإضافة لتأييدهم للمجلس العسكرى السابق ، فنزولهم فى ذكرى محمد محمود لا يضيف جديدا فى ظل قبولهم بالوساطة غير المباشرة مع السلطة للوصول لحل للازمة، وتظاهرهم محاولة للضغط على السلطة لقبول مطالبهم ولحماية أنفسهم من الغضب الشعبى».
 
ومن ناحية أخرى تبدأ الحركات السياسية بمناقشة خطة التنظيم وشكل اليوم، حيث أكدت حركة 6 إبريل من خلال مدير مكتبها الإعلامى، محمد كمال، أن إحياء ذكرى محمد محمود تأتى بالتنسيق مع كل القوى الثورية لمنع أى أحداث عنف أو اشتباكات، والحديث عن مشاركة الإخوان إحياء الذكرى محاولة فاشلة لاستغلال اليوم من أجل تحقيق مكاسب سياسية.. وفى نفس السياق قالت جبهة الإنقاذ إن شباب الجبهة يقوم الآن بعمل اجتماعات للتنسيق مع مختلف الكيانات حول شكل المشاركة فى هذا اليوم خاصة أن الجماعة أعلنت أنها ستنظم تظاهرات فى 19 نوفمبر بالتزامن مع عيد ميلاد الفريق عبد الفتاح السيسى.
 
وأكدت أميرة العادلى عضو المكتب التنفيذى لشباب الجبهة على أن الثوار لن يسمحوا بدخول جماعة الإخوان إلى الميدان، حيث إنهم كانوا أول من خانوا الثورة، وباعوا الدم.
 
وسترفع الجبهة مطالب عديدة أهمها القصاص ومحاكمة قتلة الشهداء وإعادة هيكلة وزارة الداخلية والتطهير، وأن شباب الثورة لن يقبلوا باعتذار ''الشرطة'' أو تكريم أسر الشهداء
 
فيما قال طارق الخولى، عضو المكتب السياسى لتكتل القوى الثورية، إنه سيتم تنظيم فعاليات محدودة فى إحياء ذكرى «محمد محمود» الثالثة، وستكون هناك وقفات فى ميدان التحرير وعدم التوجه لشارع «عيون الحرية» لتجنب وقوع اشتباكات جديدة وأيضا حتى لا يستغل الإخوان الذكرى فى إشعال أحداث عنف جديدة، ومن أهم مطالبنا فى هذا اليوم محاكمة المسئولين عن وقوع سقوط شهداء الثورة.
 
يبدو أن معظم القوى الثورية والتى تمثل المعارضة الحقيقية متفقين على عدم وجود أى مناسبة لمشاركة الإخوان بأى شكل من الأشكال، فالعداء بين الجماعة والثوار عمره طويل وأصبح هناك سور من دماء الشهداء الذين سقطوا من الجانبين يمنع الإخوان من تجاوز حدودهم التى صنعوها بأنفسهم، لكن رغم كل ذلك فلا أحد يمكنه أن يتوقع ماذا سوف يحدث يوم 19 نوفمبر القادم، ربما يمر بسلام وربما يشهد «محمد محمود» آخر ليدور من جديد عداد القتلى والمصابين.