السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العملية السعودية لحماية «الحج» من «الإرهاب» و«كورونا»!

العملية السعودية لحماية «الحج» من «الإرهاب» و«كورونا»!
العملية السعودية لحماية «الحج» من «الإرهاب» و«كورونا»!


أكثر من ثلاثة ملايين حاج يقفون بعد غدٍ الاثنين على صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم فى مشهد إيمانى مهيب ليشهدوا الوقفة الكبرى عند جبل الرحمة ولأداء الركن الأعظم من الحج، اقتداء بالرسول محمد «صلى الله عليه وسلم» الذى قال «الحج عرفة»، ومع غروب شمس التاسع من ذى الحجة يبدأون نفرتهم إلى «مزدلفة» لجمع الجمرات استعداداً لرمى جمرة العقبة الكبرى فى يوم النحر يوم الثلاثاء المقبل وهو أول أيام عيد الأضحى ثم الحلق أو التقصير فيتحللون من إحرامهم تحللا أصغر، ثم يستمر الحجاج فى رمى الجمار خلال الأيام الثلاثة التالية والتى تسمى بـ«أيام التشريق»، وفى ختام مناسك الحج، يعود الحجاج مرة أخرى إلى مكة المكرمة لأداء طواف الإفاضة، والتحلل نهائيا من إحرامهم وأداء طواف الوداع استعداداً لمغادرة المشاعر المقدسة والعودة إلى ديارهم.
 
ويتواصل وفود الملايين من حجاج بيت الله الحرام إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، بينما وصل آخر فوج من الحجاج المصريين إلى المشاعر المقدسة يوم أول أمس الخميس فى ظل التزام جميع دول العالم بتخفيض أعداد حجاج الخارج لهذا العام بنسبة 20٪ وبنسبة 50٪ لحجاج الداخل بسبب أعمال التوسعات الجارية والمشروعات التطويرية التى تعكف حكومة المملكة على تنفيذها فى المشاعر المقدسة خلال السنوات الماضية، ولم تسجل وفيات بفيروس الكورونا بين الحجاج المصريين حتى مثول المجلة للطبع!
 
وشددت السلطات السعودية مرة أخرى على أن الحج مناسبة دينية خالصة، وأنها مستعدة للتعامل مع أى إثارة للاضطرابات وأنها ستتعامل بحسم وحزم مع كل من تسول له نفسه تسييس الحج أو رفع شعارات عدائية أو عنصرية أو دينية على عرفات أو فى المشاعر المقدسة أو فوق أى بقعة من بقاع المملكة العربية السعودية، فى الوقت الذى حذر فيه وزير الحج السعودى الدكتور بندر الحجار بعثات الحج من جميع الدول من اختراق الاتفاقيات التى وقعت مع المملكة ممثلة فى وزارته، والتى تمنع تسييس الحج أو استغلاله فى مسيرات ومظاهرات أو الخروج من النسك صوب أمور أخرى لا علاقة للفريضة بها، وقال إن السعودية دأبت على الاجتماع مع بعثات الحج قبل بداية الموسم، ويتم التوقيع معهم على محاضر، ومن أهم بنودها التزام جميع مكاتب خدمات الحجاج للبعثات لجميع القادمين للحج بالأنظمة التى فرضتها السعودية فى موسم الحج، داعيا الجميع الالتزام.
 
وعلى صعيد التوسعات والتطويرات الجارية فى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، فإن حجم التكلفة الفعلية لتنفيذ المشاريع الموصى بها فى المخطط الشامل لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والذى يستمر حتى عام    2040يقدر بـ723 مليار ريال.
 
وأوضح الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، أن المخطط الشامل لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة التى أشرفت على إعداده وتنفيذه هيئة تطوير مكة والمشاعر والمقدسة وأمانة العاصمة المقدسة، يقدم رؤية تنموية شاملة لمدة 30 عاماً، مؤكداً أن المخطط يكفل إعداد خطط تنموية تراعى شمولية كل مجالات التنمية والتطوير، من خلال تقييم الأوضاع الحالية وتقديم مقترحات البرامج لمعالجة المشكلات وسد جوانب النقص، فضلاً عن تقدير الميزانيات المقترحة للمشاريع المستقبلية.
 
وأفاد أمير منطقة مكة، بأن المخطط الشامل لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلص إلى 21 نتيجة مهمة، من أبرزها: توقعات أعداد السكان والزوار، توسعة المسجد الحرام والمناطق المحيطة، خطة النقل العام، خطة استعمالات الأراضى لاستيعاب النمو السكانى، خطة الإسكان وخياراته المستقبلية، خطة خدمات البنية التحتية، خطة الخدمات الاجتماعية للسكان والزوار، خطة تطوير المشاعر المقدسة، وخطة التنمية الاقتصادية.
 
وأنفقت المملكة مليارات الدولارات لتوسيع المسجد الحرام وإقامة بنية تحتية جديدة لتجنب التدافع وحرائق الخيام التى شابت مواسم حج سابقة راح ضحيتها مئات الأشخاص، ويعد مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد الحرام والأعمال التطويرية فى المشاعر المقدسة، درة الأعمال الجليلة التى أولتها المملكة فائق اهتمامها خدمة للمسلمين انطلاقًا من قناعتها بأن ذلك أمانة شُرفت بها هذه الدولة فتحملت مسئولياتها.
 
وتعد التوسعة الجديدة للمسجد الحرام هى الأكبر فى تاريخه، على مساحة تقدر بـ(400) ألف متر مربع وبعمق (380) مترا بطاقة استيعابية لأكثر من مليون ومائتى ألف مصل تقريبا، حيث تقدر القيمة المالية للعقارات المنزوعة لصالح المشروع بأكثر من أربعين مليار ريال.
 
وجاءت الموافقة السامية على مشروع التوسعة لتواكب الازدياد المضطرد فى أعداد الحجاج والمعتمرين والمصلين فى جنبات المسجد الحرام فى أوقات الذروة من العام، خصوصاً فى رمضان والأعياد وموسم الحج، حيث ستسهم هذه التوسعة فى زيادة الطاقة الاستيعابية للساحات المحيطة بالحرم وتذويب التكدس العمرانى الموجود حول منطقة المسجد الحرام المتمركز فى الجهات الشمالية والغربية وفى الجهة الشمالية الشرقية.
 
وتؤدى التوسعة إلى تفريغ المناطق المحيطة بالمسجد الحرام لتسهيل حركة المصلين وإعطاء مزيد من الراحة والطمأنينة للمصلين، إضافة إلى تحسين وتجميل البيئة العمرانية بالشكل الذى يواكب التطور العمرانى فى هذا العصر مع الأخذ فى الاعتبار روحانية وقدسية المكان.
 
ويضم المشروع هيكلة إنشاء شبكة طرق حديثة مخصصة لمركبات النقل منفصلة تماماً عن ممرات المشاة وأنفاق داخلية مخصصة للمشاة مزودة بسلالم كهربائية تتوافر فيها جميع معايير الأمن والسلامة وسط منظومة متكاملة من الخدمات التى تساعد على سهولة الحركة والانتقال من وإلى الساحات الشمالية والغربية بعيداً عن الحركة المرورية، بما يوفر مصليات جديدة واسعة، وتلبى التوسعة جميع الاحتياجات والتجهيزات والخدمات التى يتطلبها الزائر مثل نوافير الشرب والأنظمة الحديثة للتخلص من النفايات وأنظمة المراقبة الأمنية، إلى جانب تظليل الساحات الشمالية.
 
وترتبط التوسعة الحالية بالتوسعة السعودية الأولى والمسعى من خـلال جسور متعددة لإيجاد التواصل الحركى المأمون من حيث تنظيم حركة الحشود، وتؤمن منظومة متكاملة من عناصر الحركة الرأسية حيث تشمل سلالم متحركة وثابتة ومصاعد روعى فيها أدق معايير الاستدامة، من خلال توفير استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية بحيث تم اعتماد أفضل أنظمـة التكييف والإضاءة التى تراعى ذلك، وشهد بناء وعمارة المسجد الحرام على امتداد أكثر من 14 قرنا، نقلات معمارية كثيرة على مر العصور؛ إلا أن هذه التوسعة شهدت تطوراً وتوسعاً أفقياً ورأسياً وخدمياً، حيث تعد علامة بارزة فى تاريخ عمارة المسجد الحرام تضاف إلى المشروعات العديدة التى شهدها المسجد الحرام فى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ومنها توسعة المسعى الذى ارتفعت طاقته الاستيعابية من 44 ألف ساعٍ فى الساعة إلى 118 ألف ساعٍ فى الساعة، مما سهل على الحجاج والمعتمرين إكمال مناسكهم، كما شهد المطاف توسعة تاريخية تتناسب مع مساحة المسجد الحرام لتكتمل منظومة راحة الحجاج والمعتمرين وسيستوعب المطاف بعد توسعته نحو (130000) مائة وثلاثين ألفاً فى الساعة بدلاً من خمسين ألفاً وستحافظ التوسعة على الرواق العباسى القديم وتتعامل معه بما لا يتعارض مع زيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف.
 
ويتضمن المشروع توسعة سطح المطاف ليصبح بعرض 50 متراً بدلاً من 20متراً ، وبذلك تحل مشكلة الاختناق التى كان يعنى منها الطائفون سابقاً وإنشاء جسور رابطة مع مناسيب الدور الأول ، مع مراعاة التصميم الحالى للمناسيب الأرضية ، إذ سيتم تخفيض مناسيب الحرم ليصبح متوازيا مع منسوب صحن المطاف وتحقيق الارتباط المباشر لبدروم التوسعة الثانية، بالإضافة إلى المسعى ليصبح بكامل عرض المبنى الجديد مما يحقق الارتباط والاتصال البصرى بشكل كامل مع الأخذ فى الاعتبار المحافظة على الإرث التاريخى لعمارة الحرم وتوثيق أشكاله بأدق التفاصيل.
 
ويعد مشروع توسعة المطاف أحد المشاريع المهمة التى تتيح مساحة أرحب لأداء العبادة بيسر وسهولة، حيث سينفذ المشروع من خلال ثلاث مراحل فى ثلاث سنوات.
 
وبدأ العمل فى شهر محرم من هذا العام 1434هـ بإزالة بعض المبانى والقيام ببعض الأعمال التى أدت بشكل طبيعى لانخفاض حجم الطاقة الاستيعابية للمطاف من 48000 طائف إلى 22000 طائف فى الساعة، وسعيا للتقليل من هذه الفجوة فى أعداد الطائفين نفذ المطاف المؤقت الذى رفع الطاقة الاستيعابية إلى 35000 طائف فى الساعة ، بعرض 12 متراً، ويستأنف العمل بعد حج هذا العام لإزالة الجزء الثانى من المبانى وانتقال حركة الطواف إلى الجزء المتاح، حيث تبدأ عندها أعمال إنشاء المرحلة الثانية بعد تركيب الأسوار العازلة لمنطقة العمل مع الإبقاء على الأسوار الجزئية فى المرحلة الأولى لغرض التشطيب النهائى، وبعد حج عام 1435هـ تبدأ أعمال المرحلة الثالثة بتركيب أسوار العزل المؤقت الخاصة بمنطقة العمل ، والشروع بأعمال الإزالة مع بقاء أجزاء من أسوار المرحلة الثانية والأولى حتى نهاية شهر شعبان من عام 1436هـ.
 
 وتأتى هذه المشروعات امتدادا لما شهده المسجد الحرام من توسعات وإنشاءات فى العهد السعودى منذ تأسيس الدولة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه.
 
ويعد جسر الجمرات من أبرز المشروعات فى مشعر منى الذى بلغت تكلفته أكثر من 4 مليارات و200 مليون ريال وتبلغ طاقته الاستيعابية 300 ألف حاج فى الساعة ويبلغ طول الجسر 950 مترا وعرضه 80 مترا وصمم على أن تكون أساسات المشروع قادرة على تحمل 12 طابقا، وخمسة ملايين حاج فى المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك ويتكون من 5 طوابق تتوفر بها جميع الخدمات المساندة لراحة ضيوف الرحمن بما فى ذلك نفق أرضى لنقل الحجاج بحيث يفصل حركة المركبات عن المشاة، يبلغ ارتفاع الدور الواحد «12» مترا.
 
ويشتمل المشروع على ثلاثة أنفاق وأعمال إنشائية مع إمكانية التطوير المستقبلى، كما يشتمل على 11 مدخلا للجمرات و12 مخرجا فى الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى تزويده بمهبط لطائرات مروحية لحالات الطوارئ وأنفاق أرضية ونظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوى يضخ نوعا من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات مما يسهم فى خفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة .
 
ويعد المشروع من أبرز المشروعات التى حرص خادم الحرمين الشريفين على تنفيذها لتوفير الأمن والسلامة لحجاج بيت الله الحرام، كما قضى المشروع على المخاطر التى كانت تحدث بمنطقة الجمرات وتجنب جميع المشكلات الناجمة عن الزحام الشديد الذى كان يحدث عند رمى الجمرات.
 
ويشتمل مشروع منطقة الجمرات إضافة إلى الجسر على تنفيذ مشروعات جديدة فى المنطقة تمثلت فى إعادة تنظيم المنطقة وتسهيل عملية الدخول إلى الجسر عبر توزيعها على 6 اتجاهات، ثلاثا منها من الناحية الجنوبية وثلاثا من الناحية الشمالية وتنظيم الساحات المحيطة بجسر الجمرات لتفادى التجمعات بها والسيطرة على ظاهرة الافتراش حول الجسر إلى جانب مسارات الحجاج.