الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
جثامين أجدادنا بين الإباحة والتحريم

جثامين أجدادنا بين الإباحة والتحريم

جاءت احتفالية موكب الموميات الملكية لنقل «22» ملكا من ملوك مصر القديمة من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة فى الفسطاط ضربة قاصمة لأصحاب العقول المتحجرة والآراء المتشددة، الذين لا هم لهم سوى محاصرتنا بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان وليس لها سند شرعى من الكتاب والسنة النبوية الشريفة.



فقد تزامن التحضير لذلك الحدث التاريخى الفريد الذى أبهر العالم وساهم بشكل كبير فى وضع مصر على الخريطة السياحية العالمية وفى المكانة التى تستحقها وأعاد إلى الأذهان عراقة التاريخ المصرى وأمجاده، مع إصدار فتوى صادمة تحرم نبش القبور الفرعونية واستخراج جثامين أجدادنا الفراعنة منها وعرضها فى المتاحف من خلال فاترينات مقابل حصد الدولارات استنادا إلى حرمة الموتى وحقوقهم فى التكريم، لأن قبر الإنسان كحرمة داره فى حياته والقبر نعمة من نعم الله لأن يكون للإنسان مأوى بعد موته وألا يترك كالحيوانات على جانبى الطريق، ورغم أن هذه الفتوى صدرت من عالم دين أزهرى متخصص ومساندة العديد من السلفيين والمتشددين فإن المؤسسات الدينية الرسمية رفضتها وفى مقدمتها دار الإفتاء المصرية التى أكدت على مشروعية قيام الهيئات المتخصصة بدراسة الآثار وطريقة إخراج المومياوات القديمة وعرضها فى المتاحف مع الاحتياط التام فى التعامل معها مما لا يخل بحقوق الموتى فى التكريم، خاصة أن القرآن الكريم حث فى كثير من آياته على السير فى الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع والاستفادة مما وصل إليه أصحاب الحضارات القديمة الذين بسطوا العمران فى الأرض ولجأوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيا وسياسيا وحربيا نقوشا ورسوما ونحتا على الحجارة.

والسؤال.. إلى متى ستظل فوضى إطلاق الفتاوى البعيدة عن روح العصر ومستجدات الدين والدنيا تطالعنا وتثير الفوضى والبلبلة فى المجتمع وبين أبنائه؟

إن الإفتاء ليس بالأمر الهين والاجتهاد أمر صعب جدا وكان الداعية منذ عهد الصحابة لا يجترئ عليه ورغم توافر شروط الإفتاء فى صحابة الرسول وتابعيهم من العلماء فإنهم كانوا يتورعون عن الفتوى فى دين الله تحسبا من الوقوع فى الخطأ وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول دائما «أى أرض تقلنى، وأى سماء تظلنى إذا قلت شيئا فى دين الله من غير علم» وقد روى أن رجلا جاء إلى القاسم بين محمد بين أبى بكر الصديق ليسأله عن شيء فقال القاسم «لا أحسنه» فقال الرجل إنى دفعت إليك ولا أعرف غيرك فقال القاسم لا تنظر إلى طول لحيتى وكثرة الناس حولى والله ما أحسنه والله لأن يقطع لسانى أحب إلىَّ من أن أتكلم بما لا علم لى به، فعلى علماء الدين أن يتجنبوا الفتاوى فى الأمور التى لا يقفون على حقائقها ويعرفونها معرفة مؤكدة وأن يجعلوا فتواهم فى حدود تخصصهم الشرعى وألا يقحموا أنفسهم فى أمور لا يملكون الأدلة القاطعة بشأنها فإن الفتوى أمانة ومسئولية ولسوف يأتى يوم تحاسبون فيه أمام الله عز وجل القادر وحده على حماية مصر.