الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

التشنيع الإخوانى على الرموز المصرية!

التشنيع الإخوانى على الرموز المصرية!
التشنيع الإخوانى على الرموز المصرية!


يثبت الإخوان يوميا أنهم لا يعانون من غباء سياسى فقط، بل لديهم انفصام عن الواقع ويسيرون ضد طبيعة الأشياء والمنطق، وبعد أن استنفدوا كل طرقهم فى الهجوم على ثورة 30 يونيو ونزول الملايين الحاشدة ضد الحكم الدينى الفاشى، يتبعون اليوم حرب الاغتيالات المعنوية لتشويه الرموز الدينية والسياسية، التى تربعت على عرش قلوب المصريين، وعلى رأسهم الفريق السيسى، ويروجون شائعات تفيد بأنه من أصول مغربية يهودية، وأن والدته «مليكة تيتانى» تزوجت فى عام 1953 وحصلت على الجنسية المصرية خلال عام 1958 وألغت الجنسية المغربية حتى يدخل السيسى الكلية الحربية فى عام 1973 وبشكل تلقائى أصبح مواطنا صهيونيا.
 
لم يكن الفريق السيسى أول من تعرض لحملات التشويه، فقد سبقه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والذى نالته سهام الخسة والادعاء سواء على أيدى القرضاوى الذى يمثل بوقا للجماعة الإرهابية أو على أيدى أردوغان واتهامه بأنه يدعم الانقلاب وقتل المسلمين، فضلا عن تشويه البابا تواضروس والمطالبة بمقاطعة كل المنتجات المملوكة لمسيحيين نظير دعم البابا لثورة 30 يونيو.
 
ولكن هل يجب أن نكتفى بالنظر لهذه الحرب المعنوية التى يمارسها الإخوان الآن على أنها «لفظ الأنفاس الأخيرة»، أم أن المشهد أخطر من ذلك وخاصة بعد الاعتداء على المفتى السابق على جمعة على أيدى شباب الإخوان، وأنهم يراهنون مع الوقت على تحقيق مكاسب ما؟ هذا ما أجاب عنه الخبراء والمحللون لـ«روز اليوسف».
 
قال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى إن شباب الإخوان المسلمين لم يتربوا تربية دينية صحيحة، بل تربية إخوانية، وهناك فارق بين الاثنين، فهم تربوا أن الإخوان المسلمين هم الدين الإسلامى وما غير الإخوان هو بعيد عن الإسلام، بالإضافة إلى تربيتهم على مبدأ التقية وهم ورثوه من القطبيين، وهو يقوم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
 
أضاف فرويز: وتربت أجيال الإخوان على هذا المنهج الذى يبيح القتل والسرقة والسب والقذف للآخر المختلف، وهو نفس المنهج الذى استخدموه فى تزوير الانتخابات، من أجل وهم إنشاء دولة الخلافة الإسلامية التى أسس لها حسن البنا منذ 1928ومن ثم ترويج الشائعات اليوم أو تشويه الرموز الدينية والسياسية، بل يصل الأمر للاعتداء اللفظى والجسدى على مفتى الجمهورية السابق د.على جمعة ويدخل تحت هذا المبدأ بأن كل من هو ضد الإخوان فهو مهدور دمه.
 
فرويز يرى الخطورة فى عدم تغيير هذه الأفكار التى يتبناها شباب الجماعة اليوم ويقومون بتنفيذها على أرض الواقع، خاصة أنه يتم تربيتهم بطريقة مختلفة عبر حضانات متخصصة تابعة للإخوان المسلمين، وتعبئ هذه العقول الصغيرة بالأفكار العنصرية المتطرفة، يربون الأطفال على حب كل ما هو إخوانى مثلهم فقط، ومن خارج الجماعة هو شخص غير مهم يمكن الخوض فى عرضه وتشويهه، وهذا ما قاله القيادى صبحى صالح إن الإخوانى لا يتزوج إلا إخوانية.
 
أكد فرويز أن هذه الطريقة فى التربية التى تتبناها الجماعة مع أطفالها تكون نتيجتها الطبيعية ما يصدر عن شبابها من تطاول وتشويه، لأنهم قاموا بتأسيسهم على فكر صهيونى متطرف توحدى، يتطور إلى عنف جسدى، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب الذين أهانوا مفتى الجمهورية إذا استطاعوا الاقتراب منه لقتلوه.
 
أما عن طرق احتواء هؤلاء الشباب وتوعيتهم، قال فرويز التحاور معهم شىء مستحيل وغير مجدٍ على الإطلاق ومن ثم الاستئصال من المجتمع هو الحل الأمثل، حيث يمكن اعتبارهم جماعة صهيونية منغلقة داخل المسلمين، وكلما وقف المجتمع ضدهم ولفظ سلوكياتهم، ستكون ردود أفعالهم أخطر، ولن يتوقف الأمر على تشويه شيخ الأزهر أو بث شائعات عن الفريق السيسى والتطاول على المفتى، بل ستمتد الكراهية الآن لكل أفراد المجتمع، وبدأت تطبيقات أفكارهم التكفيرية المتطرفة بالقنابل التى يتم اكتشافها يوميا.
 
أشار فرويز إلى أنه لا أمل فى إصلاح هؤلاء الشباب الذين تشربوا منذ الصغر عدم الانتماء لهذا البلد، وعدم تحية العلم المصرى، وكراهية الآخر، وأن يكون ولاؤه لجماعته وقياداته فقط، حتى أصبحوا ورما سرطانيا يحتاج إلى استئصال سريع قبل أن يفسد المجتمع ويخربه.
 
ويفسر الدكتور أحمد مجدى حجازى أستاذ علم الاجتماع السياسى - كلية الآداب جامعة القاهرة - الطريقة التى تسلكها الجماعة، مشيرا إلى أنه عندما تفشل مجموعة من الناس، يقومون بالبحث عن تبرير لهذا الفشل بعيدا عن دورهم الأساسى فى هذا الفشل مثلما يبحث التلميذ «الخائب» عن حجج لسقوطه دون أن يعترف أنه لم يجتهد فى المذاكرة ومن ثم فهذه الشائعات التى تقوم بها جماعة الإخوان ما هى إلا تبريرات الفاشل الذى سقط فى الهاوية بعد أن ظن أنه باق فى الحكم لمدة 500 عام.
 
قال حجازى: التيارات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمين فشلت فشلا ذريعا خلال عام من حكمها، الذى يعود لعدة أسباب أولها ثقافة الحرمان التى تمكنت منهم على مدى سنين طويلة، فظلوا يبحثون عن السلطة منذ ,1928 وعن امتلاك أمور الحياة فى المجتمع المصرى، وظل خيالهم يغذيهم بأفكار مثل تأسيس مجتمع إسلامى بمفهومهم الخاص.
 
وأضاف أنه عندما سنحت الفرصة للإخوان المسلمين أن يقتنصوا الحكم والسلطة فى ظل ظروف عالمية وداخلية ساعدتهم على ذلك، لم يصدقوا أنفسهم، واعتقدوا أن هذه المرحلة لا رجعة فيها، وأنهم مستمرون إلى الأبد، فبدا الخيال يتزايد لديهم، وبدأوا يبحثون عن كيفية المحافظة عليها عبر عقد صفقات مختلفة مع العالم الخارجى سواء أمريكا أو إسرائيل وتوزيع الغنائم حتى ولو على حساب الشعب والدولة المصرية.
 
أشار إلى أن الإخوان كانوا يدفعون دائما فواتير لكل من يضمن بقاءهم على سدة الحكم، من خلال ثقافة سلطوية تسعى إلى إنشاء طموحهم فى الخلافة الإسلامية فقط، ولكن عندما نهض الشعب وثار ضدهم ، شعر الإخوان بأنهم سقطوا مرة واحدة فى الهاوية، ومن ثم لا ننتظر منهم غير هذه الأفعال والسلوكيات المتطرفة التى بدأت بالأعمال الإرهابية المعروفة والمرتبطة بتاريخهم ثم اللجوء إلى التلاسن على الآخرين.
 
حجازى يرى أن الجماعة الآن باستخدامها للشائعات تعتبر فى مرحلة البحث عن تبريرات من صنع خيالهم، وهم على علم تماما بأنها غير حقيقية، لإحداث مزيد من الفوضى فى البلاد، معربا أنهم يراهنون على تفشيل الرموز الموجودة حاليا أمام الشعب المصرى، من أجل ضياع وخراب المجتمع، ومن ثم لا يمكن أن نستهين بخطورة هذه الشائعات التى يروجون لها مع مرور الوقت.
 
أما عن محاولات إدماج شباب الإخوان فى المجتمع ليتوقف عن حالة العداء والكراهية قال حجازى إنها تتطلب العمل على محورين؛ «الأول أن نعمل على تعديل سلوكيات هؤلاء الأفراد الذى غرر بهم، حيث نعلم طريقة التيارات الإسلامية فى استقطابها لهذه الفئات، والتى تبدأ بجذب الأطفال فى أعمار 9 و10 سنوات وتنشئتهم على منهج السمع والطاعة العمياء لكلام الشيوخ أو الدعاة وتعليمهم بأن هذه الرموز على حق دائما.
 
أما المحور الثانى فيتطلب إصلاح النظام التعليمى والثقافى المصرى، وأن يلعب الإعلام دورا فى جذب هذه الفئات الضعيفة وتوعيتهم، ومن ثم نحتاج وبسرعة كبيرة أن نزرع فى هذا الجيل منذ الصغر ونربيه على الوطنية التى فقدها لانتمائه لهذه التيارات الإسلامية، وإعادتهم إلى حظيرة المواطنة والدولة، لأنه لا سبيل لهم نحو المستقبل إلا من خلالها، أما القيادات التى تلوثت يدها بالدماء فلا تصالح معها على الإطلاق.
 
بينما يرى الشيخ نبيل نعيم مؤسس تنظيم الجهاد سابقا أن تلك الشائعات التى تطلقها الجماعة الآن والتى وصلت إلى التعدى على مفتى الجمهورية، هى نوع من الحرب المعنوية التى تستخدمها الجماعة فى تصفية المخالفين معها، وهى أمور ليست جديدة على الإخوان، فإذا كانوا يشنون حروبا ضارية على من ينشق عن الجماعة ويمطرونه بوابل من الاتهامات والادعاءات الباطلة.
 
أضاف نعيم: إن الهجوم الذى حدث على المفتى أو اتهام الفريق السيسى بأن أمه «يهودية» هو نتاج التربية الإخوانية المنحطة التى تكفر الآخر، ولا تمنح الآخر حق الاختلاف معها أو الاعتراض على أفكارها، مشيرا إلى أن هذا التكفير للمجتمع لن يتوقف عند حدود الشائعات وتشويه الرموز، ولكنه سيتطور فى أحد الأيام إلى إهدار دم المخالفين بشكل واضح.
 
نعيم يرى أن الجماعة لم تسقط تنظيميا فقط، بل سقطت أخلاقيا أيضا، وهو نتيجة إيجابية كشفت للناس بأن هذه الجماعة ضالة وليست دعوية، أو قادرة على حث الناس على مكارم الأخلاق التى تفتقدها بالأساس، مشيرا إلى أنه لا يعتقد تغيير شباب الجماعة لأفكارهم وأى حديث عن دمجهم بالمجتمع فهو مجرد هراء مؤكدا أن من تربى على كراهية الآخر لن يمكن إصلاحه اليوم.
 
أشار نعيم إلى أن شباب الجماعة أو من تبقى من قياداتها أمامهم طريق واحد فقط هو القيام بمراجعات فكرية يعتذرون فيها للشعب المصرى، عما اقترفوه، وإذا لم يوافقوا فالجزمة فوق رقابهم وليصمتوا كما عاشوا طوال حكم مبارك!
 
أما عن الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية - جامعة الأزهر- إن العاجز لا يملك إلا الصراخ والفاشل لا يملك إلا تلفيق الاتهامات للناجحين، وهو منهج اتبعته جماعة الإخوان المسلمين فى الماضى والحاضر، وهذه الظواهر المشينة والسيئة التى تقوم بها من تشويه الرموز الدينية السياسية تدل فى مجموعها على زيف ادعاءات هذه التيارات بأنهم يمثلون الإسلام أو يلتزمون به.
 
أضاف كريمة: إن جوهر الإسلام هو الأخلاق حيث قال تعالى '' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ''، و'' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ».
 
ومن ثم لا يعرف هؤلاء الخوارج سوى منهج الهمز واللمز والتنابز بالألقاب، نظرا لتمذهبهم وتحزبهم وتعصبهم، وقال الرسول الكريم «ليس منا من دعا».
 
ويرى كريمة أن إصلاح هذا الشباب المبتدئ والمتعاطف وارد ويمكن أن تكون له نتائج طيبة، ولكن من تلوثت يده بدماء أو تشبع عقله بهذه الأفكار المتطرفة، فيجب أن يجتث أمنيا، وقد فعلها الإمام على بن أبى طالب مع الخوارج فى موقعة «النهروان»، عندما استبان له أنهم لا فائدة من علاجهم وأنهم خطر وضرر على الإسلام والمجتمع.
 
أكدت شاهندة مقلد - الناشطة اليسارية - أن الإخوان فى مرحلة استخدام أحط وأدنى الأساليب فى تعاملهم مع الخصوم السياسيين، وما صدر عن أبنائهم فى مواجهة الشيخ الكبير د. على جمعة يدل على أنهم بالفعل أساءوا تربية أبنائهم، ومن ثم خرجت القيادات على المجتمع المصرى وأذاقته المرار طوال عام من الحكم.
 
أضافت مقلد أن الجماعة تعيش الآن فى حالة من عدم التوازن، واستمرارهم فى إطلاق الشائعات هو مراهنة منهم على استمرار الأزمة الاقتصادية والعمل على إشعال سخط الجماهير وتكفيرهم بثورتهم فى 30 يونيو، ومن ثم إخراجهم للشوارع مرة أخرى ضد الحكومة والجيش ومن ثم ينتقمون لعزل مرسى، بل يحلمون بإعادته بهذه الطريقة.
 
أشارت مقلد إلى أن أسوأ جريمة ارتكبها الإخوان المسلمون هو تغييب عقل الشباب وتحويله إلى مجرد آلة طيعة تقوم بتنفيذ الأوامر، وهو ما حدث فى الاعتداء على الشيخ على جمعة، تمت تعبئة عقولهم بأنه ضد الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة، ولكن لو تعود هؤلاء الشباب على التفكير لأدركوا ولو للحظات أن هذا الشيخ الجليل هو حافظ كتاب الله ولن يرضى فى التفريط فيه.
 
أما عن الحلول للتصدى لهذه المؤامرة الذى يبدو ظاهرها شائعة ولكن تخفى فى باطنها كوارث، طالبت مقلد القوى السياسية بالنزول إلى هذه الفئات المضللة وليس أعضاء التنظيمات التى تم استغلال فقرها وعوزها من قبل التيارات الإسلامية، واستقطابهم للحوار المجتمعى وليس السياسى، فضلا عن ضرورة أن يلعب الأزهر والأوقاف دورا فى إرسال قوافل من الدعاة والأزهريين إلى القرى والنجوع البعيدة تعرف المواطنين بصحيح الدين الوسطى وليس المتطرف.