المنفى الاختيارى أمريكا.. الحلم والوهم (8) سيدة مصرية تؤجر شقتها بالسرير للمصريات وتضبط بدلة عسكرية فى حقيبة فتاة إخوانية! موضة "الولادة" فى أمريكا

سامية صادق
من الشخصيات التى لفتت انتباهى فى نيويورك تلك السيدة المصرية التى تعيش بمدينة (جيرسى سيتى) وتؤجر شقتها بالسرير للمغتربات المصريات والعرب رُغْمَ أنها شقة صغيرة غرفتين وصالة.
وكانت الشقة شديدة القُبح من الداخل قديمة متهالكة وكأنها آيلة للسقوط..
كما تضع فى الصالة سريرًا صغيرًا وأريكة قديمة رثة.. وتتناثر الكراكيب هنا وهناك فى شكل غير مريح للعين.. وقد أخبرتنى أنها تؤجر الغرف وتنام فى الصالة!!؛ حيث تعتبر ذلك وسيلة لزيادة الدخل ومواجهة أعباء الحياة.
سألتها وأنا أتفحص بعينَىّ جدران البيت الدائبة:
وكم يبلغ إيجار الغرفة؟
تقول وهى تنظف الأرض من بعض بقايا الطعام المتناثرة فى إهمال:
يزيد إيجار الغرفة أو يقل حسب عدد المستأجرين الذين يشغلون السرائر.. فالغرفة المستقلة إيجارها فى الشهر 700 دولار والغرفة المزدوجة 450 دولارًا للسرير والغرفة الثلاثية 300 دولار للسرير.
ثم تستطرد:
ياريت تسكنى عندى، لدىّ سرير شاغر فى الغرفة المزدوجة بعد أن سافرت الفتاة التى كانت تستأجره إلى مصر وتعود العام المقبل.
ثم تستطرد بلهجة حاسمة:
ولكن لن أسمح لها بالإقامة فى بيتى. مرّة أخرى أسألها فى حيرة:
ولماذا لا تسمحين لها بالسكن عندك.. هل قصَّرَت فى الإيجار؟
تهز السيدة رأسَها بالنفى وتقول:
سأحكى لك الحكاية واحكمى أنت بنفسك.
.. إنها مصرية من محافظة الدقهلية تعمل مُدرسة بمصر وتحضر كل عام إلى جيرسى سيتى فى الإجازة الصيفية لمدة شهرين تعمل خلالهما كبائعة فى المحال التجارية وتجمع عدة آلاف من الدولارات ثم تعود إلى مصر لعملها الأصلى كمُعلمة لغة عربية بإحدى مدارس المنصورة..
وتضيف السيدة:
ورُغم ملامحها الهادئة وصوتها الخفيض والطرحة التى تغطى بها رأسها؛ فإننى لم أرتح لها أبدًا، فشخصيتها تدعو للقلق والتوجس.
لقد اكتشفتُ أن هذه الفتاة (السَّهتونة) تشترى ملابس عسكرية من تلك المخصصة للجيش وترسلها لمصر!!
أجدنى أردد ما ذكرته بدهشة:
- ملابس عسكرية!! كيف؟ وهل مسموح ببيعها هنا؟
تقول السيدة:
لا أدرى إذا كان مسموحًا ببيعها لغير العسكريين أمْ لا.
لكننى رأيت بين مشترياتها بدلة عسكرية تشبه تلك التى يرتديها الجنود والضباط فى الجيش المصرى ولا أعلم لمن تحضر تلك البدلة.
أسألها ولايزال الأمرُ يدهشنى:
وكيف شاهدت هذه البدل، هل تطلعت على مشترياتها؟
تقول السيدة وهى تهز رأسها:
- فى إحدى المرّات أجّلت الفتاة سفرَها بعد أن حجزت التذاكر.. ولكنها أرادت أن ترسل شيئًا إلى مصر عن طريق صديقة لها، وجاءت صديقتها وكانت ترتدى خمارًا طويلًا وقد خرجت الفتاة لتوصيلها بعد أن أمضت معها ما يقرب من الساعتين.. وقد نسيت حقيبة ورقية بجوار الغسالة... فقمت بفتح الحقيبة ظنّا منّى أن بها ملابس غير نظيفة ترغب فى غسلها فقررت أن أساعدها وأضعها لها فى الغسالة، ولكن أدهشنى ما وجدته بها.. لقد كان بداخلها بدلة ضابط!!
ومنذ ذلك اليوم قررت أن أقوم بتفتيش حقيبة سفرها فى غيابها فوجدت بداخلها بدلة عسكرية أخرى!!
فقررت أن أعرف المزيد عنها فدخلت على حسابها بالفيس بوك فكان البروفايل الخاص بصفحتها إشارة (رابعة).. كما وضعت عدة صور لها وهى تجلس بين جماعة الإخوان فى اعتصام رابعة.. وتنشر كل ما يسئ للجيش المصرى وتندد به.. كما لاحظت أن كل أصدقائها من الشخصيات الإخوانية ومن بعض الذين يطلقون ذقونهم أيضًا. فتشككتُ فيها.. وخشيتُ أن تكون على علاقة بتنظيمات إرهابية وتستخدم البدل العسكرية فى تقمص دور ضباط وجنود للقيام بتفجيرات وأعمال إجرامية فى حق الجيش والشعب المصرى.. وقررت ألا أسمح لها بالإقامة فى بيتى مرّة أخرى.
أجدنى أزفر تنهّداتى رُغمًا عنّى وأقول:
ليتك عرّفتينى بها قبل أن تسافر، ربما توصلت لشىء.
أصبحت عادة!
وأثناء وجودى فى بيت السيدة دخلت امرأة تحمل رضيعة على يديها .. وقد أشارت على الطفلة قائلة:
لسَّه مولودة، عمرها أسبوعان.
ثم أخبرتنى أنها جاءت لتلد فى الولايات المتحدة وستعود إلى مصر بعد أن تنتهى من إجراءات تسجيل الوليدة فى أمريكا، وأن لديها خمسة أبناء آخرين جميعهم وُلدوا فى الولايات المتحدة ويحملون الجنسية الأمريكية بينما يعيشون فى مصر .
وبعد أن انصرفت السيدة تخبرنى «عايدة» أنها تستأجر سريرًا لديها؛ حيث تشارك فتاتين بالحجرة.. وأنها حضرت لأمريكا منذ خمس سنوات أيضًا كى تضع مولودَها واستأجرت غرفة عندها أيضًا.. وكل أبنائها يحملون الجنسية الأمريكية لمجرد أنهم وُلدوا بأمريكا رُغْمَ أنها هى وزوجها لا يحملان الجنسية الأمريكية!!...ولكنها جاءت لأول مرّة إلى أمريكا وهى طالبة بالجامعة ضمن برنامج تبادُل الطلبة، وقد حصلت فى ذلك الوقت على تأشيرة خمس سنوات وكانت تحرص على تجديدها باستمرار.. وبعد أن تزوجت قررت أن تلد فى أمريكا كى يحصل أبناؤها على الجنسية الأمريكية.. ودائمًا ما تحرص على أن تتم الولادة بأقل التكاليف.. فتعيش فى غرفة مشتركة وتستخرج بطاقة العلاج المجانى(شيرتى كير) يمكنها من خلالها أن تضع طفلها دون أن تدفع شيئًا.
قلت لـ «عايدة»: إن الولادة فى أمريكا صارت موضة عند المصريات طمعًا فى الجنسية الأمريكية وأعتقد أن تلك الموضة ابتدعتها فى البداية الفنانات والراقصات ثم الشخصيات الشهيرة وبعد ذلك انتقل الأمر إلى العامّة فمن لها قريبة أو شقيقة فى أمريكا تسافر كى تلد لديها.
تلد فى أمريكا وتهرب من دفع مصاريف المستشفى
وأتذكر صديقة لى قد استضافت فى بيتها بنيويورك قريبة لها تعيش بمصر جاءت من أجل الولادة بأمريكا وأقامت عندها ثلاثة أشهُر متواصلة؛ حيث قامت صديقتى بخدمتها ومساعدتها على عمل إجراءات المستشفى إلى حين موعد ولادتها وأنجبت ولدًا.. ورُغم أنها كانت ثرية وزوجها مليونير وتعيش بفيلا بمدينة الرحاب بمصر؛ فإنها تعمدت أن تسافر بعد الولادة وبعد أن استخرجت شهادة الميلاد لوليدها دون أن تدفع ما عليها من مصاريف المستشفى.. حتى إن صديقتى تلقت خطابًا على عنوان بيتها بأمريكا من المستشفى يطالبها بدفع خمسة أربعين ألف دولار مصاريف الولادة؛ حيث إنها وضعت بعملية قيصرية.. كما أنها قد تعبت بعد الولادة وتم حجزها بالمستشفى مرّة أخرى.. فزادت الفاتورة.. ولكن المستشفيات بأمريكا تحصل على أتعابها مؤخرًا بعد أن يعالَج المريض بعكس المستشفيات بمصر التى تجبر المريض على الدفع مقدمًا قبل أن يخطو خطوة واحدة داخل المستشفى!!
وهناك بطاقة للعلاج المجانى(تشيرتى كير) والتى تدفع للمستشفى من أموال التبرعات، وحين حاولت صديقتى الحصول على هذه البطاقة كى تَعفى قريبتها من مستحقات المستشفى اشترطت عليها الحكومة الأمريكية أن تبقى هى ووليدها بأمريكا ولا تغادرها لأن طفلها صار أمريكيّا ويحمل الجنسية.
وتتصل صديقتى بها فى مصر وتخبرها أن المستشفى يناشدها بضرورة دفع تكاليف الولادة وإلّا منعوها من دخول الولايات المتحدة مرّة أخرى.. ولكن السيدة الثرية سافرت دون أن تدفع مصاريف الولادة تصدمها برد فعلها وترفض الدفع وتخبرها بأنها ليست بحاجة لدخول الولايات المتحدة مرّة أخرى وحين يكبر ابنُها الذى وُلد بأمريكا ويحمل جنسيتها يمكنه أن يدخل فى أى وقت يريده!!