السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«كورونا» ضاعفت من أهمية الدفع والتحصيل الإلكترونى: مصر الرقمية

قطعت مصر شوطًا كبيرًا فى مسيرة التحول نحو الاقتصاد الرقمى القائم على المعرفة من خلال تطبيق أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واستهدفت الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة أن تكون مصر بحلول عام 2030 مجتمعًا مبدعًا مبتكرًا ومنتجًا للعلوم والتكنولوجيا والمعارف، ويربط تطبيقات المعرفة ومخرجات الابتكار بالأهداف والتحديات الوطنية، وتحويل المعرفة والابتكار إلى منتجات ذات قيمة يمكن قياسها، وتلبى الاحتياجات التنموية للدولة خلال الخمس عشرة سنة القادمة، ويعتبر المشروع الاستراتيجى «للرقمنة» أكبر ضمانة لتعزيز الحوكمة وحسن إدارة موارد الدولة، حيث يُسهم بشكل فعَّال فى ميكنة الخدمات العامة المُقدمة للمواطنين، وتيسير الحصول عليها بقيمتها الفعلية دون تحميلهم أى أعباء إضافية، وترسيخ دعائم الشفافية وتكافؤ الفرص بين المواطنين.



 

ولقد خصصت وزارة المالية 12٫7 مليار جنيه فى ميزانية العام المالى الحالى لمشروعات التحول التدريجى إلى «مصر الرقمية»، بما يؤكد حرص الحكومة على تعزيز الخطوات التنفيذية لتعميم آليات التحصيل الإلكترونى، كبديل للطرق التقليدية لدفع الخدمات الحكومية، خاصة أن أزمة «كورونا» ضاعفت من أهمية الدفع والتحصيل الإلكترونى فى ظل تطبيق الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية اللازمة للتعامل مع تداعيات «الجائحة».

حددت الاستراتيجية القومية مؤشرات التنمية الرقمية بحيث يمكن من خلال معرفة مدى التطور الذى لحق بالاقتصاد الرقمى على مدى الفترة الزمنية المستهدفة والتى قام بها د.عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، فى دراسة حدد من خلالها التحديات التى تقف أمام النهوض بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورتبتها فيما يلى:ضعف بيئة الأعمال المحفزة والجاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية فى هذا القطاع، وعدم انتشار الثقافة الرقمية وضعف منظومة التجارة الإلكترونية والربط مع شبكة البريد مع ضعف المحتوى الرقمى باللغة العربية وتضاؤل نسبة وجوده، وعدم ملاءمة البيئة القانونية والتنظيمية للاحتياجات التكنولوجية المتطورة، مثل: قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية، وإجراءات تحكيم الاستثمار الدولى.مع ضعف الإنفاق الحكومى على توطين الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأخيرا ضعف ترتيب مصر بالنسبة لمؤشر e-friction، والذى يقيس العوامل التى تحول دون الوصول إلى الإنترنت واستخداماته، الأمر الذى يحد من تعظيم الاستفادة من الاقتصاد الرقمى.  

ولقد انعكست هذه التطورات على وضع وترتيب مصر فى المؤشرات الدولية، وذلك على النحو التالى:

تطور مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى النشاط الاقتصادى

يعد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من أهم القطاعات الرائدة المحركة للنمو الاقتصادى، استنادًا إلى ما حققه هذا القطاع من نمو متزايد، فقد ارتفعت مساهمته فى النمو الاقتصادى من نحو 3.1 % عام 2014/2015 إلى نحو 7.5 %، فى عام 2018/2019.

كما حقق الناتج المحلى لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نموًا متزايدًا من 80.1 مليار جنيه عام 2017/2018، ليصل إلى نحو 108 مليار جنيه وذلك بمعدل نمو بلغ نحو  15.6 % خلال عام 2019/2020 ليكون بذلك أعلى قطاعات الدولة نموًا رغم جائحة كورونا.

ومن ثم فهو يحظى باهتمام متزايد من قبل الحكومة، حيث بلغ حجم الاستثمارات فى قطاع الاتصالات 28,8 مليار جنيه خلال عام 2017/2018، ثم ارتفع خلال عام 2019/2020 حتى وصل حجم الاستثمارات المنفذة فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 48.1 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 35.8 %.

وسعيًا لدعم جهود التحول الرقمى تم تخصيص حوالى 8 مليارات جنيه فى موازنة العام المالى 2019/2020 لمشروع تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمى للدولة المصرية، وارتفعت هذه الاعتمادات لنحو 12.7 مليار جنيه فى العام المالى الحالى لتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستكمال مسيرة هذا التحديث، وتهيئة البنية التكنولوجية والمعلوماتية للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، وميكنة الوثائق الحكومية.

أهم القطاعات الجاهزة للتحول الرقمى فى مصر

عملت الدولة على دمج تكنولوجيا المعلومات فى القطاعات الاقتصادية المختلفة لزيادة كفاءة تلك القطاعات وزيادة إنتاجيتها، ومن أهم هذه القطاعات:

رقمنة المالية العامة

تستهدف السياسة المالية والضريبية تكامل كافة الأنظمة الإلكترونية بوزارة المالية بمختلف قطاعاتها ومصالحها بنهاية يونيو 2021، بما يسهم فى تعزيز الحوكمة وإرساء دعائم الانضباط المالى ورفع كفاءة الإنفاق العام، والعمل على تحديث وميكنة منظومة الإدارة الجمركية وإدارة الصادرات والواردات إلكترونيًا عبر منظومة المراكز اللوجستية، بما يسهم فى تبسيط الإجراءات وتقليص زمن الإفراج لأقل من 5 أيام، وتقليل تكاليف التخليص الجمركى، مما يساعد فى تحفيز بيئة الاستثمار وتحسين ترتيب مصر فى المؤشرات الدولية لأداء الأعمال.

رقمنة الخدمات الحكومية

فى إطار جهود الحكومة للتحول الرقمى تم إطلاق المنصة الرقمية عام 2020 بغرض إتاحة الخدمات الحكومية إلى المواطنين إلكترونيًا دون تدخل عنصر بشرى، من خلال أدوات تضمن التحقق من هوية المواطن من خلال الرقم القومى ورقم المحمول، فضلًا عن الحصول على الخدمات بسهولة ويسر دون الحاجة لإدراج مستندات، مع توفير منظومة دفع مؤمنة، وإتاحة التوصيل عبر البريد، والاستفادة من تعدد منافذ الخدمة لتناسب كافة أطياف المواطنين.

وقد نجح المشروع الرقمى المميز فى توفير 72 خدمة خلال عام 2020، كما يستهدف إضافة 210 خدمات جديدة فى عام 2021 بينها خدمات للشركات والمنشآت الاقتصادية، كما تستهدف فى عام 2022 إضافة 170 خدمة جديدة، ثم 98 خدمة فى 2023، ليصل إجمالى الخدمات التى تقدمها المنصة إلى 550 خدمة.

الشمول المالى

تبنت مصر خطة متكاملة للتحول إلى مركز إقليمى لصناعة التقنيات المالية فى المنطقة العربية وإفريقيا، وفى هذا السياق تم إطلاق العديد من المبادرات منها على سبيل المثال: استراتيجية التقنيات المالية لعام 2019.

مبادرة «الشمول المالى الرقمى لعام2021»

أطلقت الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية، مبادرة «الشمول المالى الرقمى لعام2021»، وذلك باستخدام أدوات الدفع الرقمية بين المتعاملين فى الأنشطة المالية غير المصرفية وبشكل خاص فى الـمشروعات متناهية الصغر، وتهدف مبادرة الرقابة المالية إلى استكمال الجهود المبذولة لتفعيل منظومة الدفع غير النقدى، ورفع معدلات الشمول المالى، واحتواء الاقتصاد غير الرسمى فى وسائل الدفع الإلكترونى وذلك فى إطار تيسير امتثال جهات تمويل المشروعات متناهية الصغر وعملائها من أصحاب المشروعات للالتزام بمتطلبات القانون رقم (18) لسنة 2019 الخاص بتنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى

رقمنة المدن الجديدة

تم اختيار مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات العاصمة الإدارية الجديدة لتكون العاصمة العربية الرقمية لعام 2021، وذلك استنادًا لبنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية فائقة التقدم، ولاحتضانها جهود تحقيق التحول الرقمى وتنمية المهارات والقدرات الرقمية فى الدولة، وكذا استضافتها لجامعة مصر المعلوماتية والتى تعتبر الأولى من نوعها فى المنطقة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات التى ضختها شركة العاصمة الإدارية فى مشروعات التكنولوجيا التى يجرى تنفيذها نحو 25 مليون دولار.

توفير الرعاية الصحية الشاملة

تعد حملة 100 مليون صحة نموذجًا ناجحًا ومتكاملًا لتطبيق التحول الرقمى تم من خلالها الكشف عن مرضى الالتهاب الكبدى الوبائى والأمراض غير السارية بمساعدة وزارة الصحة. وقد جاءت أهمية هذه الحملة فى ظل أهمية معرفة أعداد مرضى الكبد فى مصر وجمع المعلومات الصحية عن المواطنين للبدء فى وضع خطة لعلاج هذه الأمراض وتوفير الكميات المناسبة من العقاقير وتجهيز المستشفيات.

 قطاع التعليم

كان لتكنولوجيا المعلومات إسهام واضح فى تحسين تنافسية نظم ومخرجات التعليم، من خلال تدريب عدد كبير من المعلمين على توظيف التكنولوجيا فى العملية التعليمية، كما اعتمدت منظومة التعليم الجديدة على التابلت والشبكات والبرمجيات، وتم إجراء امتحانات إلكترونية لتفادى التسريب ومحاولات الغش وتفادى أخطاء التصحيح وتحقيق الشفافية والعدالة فى التقييم، بالإضافة إلى بدء الدراسة بعدد 3 مدارس للتكنولوجيا التطبيقية.

الأطر التشريعية الداعمة للاقتصاد الرقمى

يعد الإطار التشريعى إحدى ركائز استراتيجية بناء مصر الرقمية، وفى إطار الجهود المبذولة لتبنى أنظمة التحول الرقمى على مستوى جميع الأصعدة، قامت مصر بتهيئة البيئة التشريعية الداعمة ومن أهم هذه التشريعات: قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 الذى تضمن العديد من الحوافز للمناطق التكنولوجية، للتسهيل على المستثمرين، وتفعيلًا لهذا القانون قامت وزارة الاستثمار والتعاون الدولى والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، بالتعاون مع وزارات العدل والاتصالات والمالية بتفعيل تكنولوجيا التوقيع الإلكترونى فى منظومة تأسيس الشركات، لتسهيل الإجراءات بين الكيانات الحكومية والقطاع الخاص وتبسيط إجراءات الحصول على الخدمات الاستثمارية.

- القانون رقم 18 لسنة 2019 بشأن تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى

واستهدف هذا القانون التحول إلى مجتمع رقمى، تمهيدًا لتحول الاقتصاد إلى اقتصاد غير نقدى 

- القانون رقم 72 لسنة 2019 بإنشاء الجامعات التكنولوجية وإنشاء عدد من الجامعات الإلكترونية لتطوير التعليم الفنى التطبيقى، بالإضافة إلى تبنى الحكومة برنامجًا لتعميق التنمية التكنولوجية بتكلفة كلية حوالى 146 مليون جنيه.

- قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020

حرص هذا القانون على مواكبة التطورات فى الصناعة المصرفية خاصة ما يتعلق بالاستفادة من التكنولوجيا المالية والبنوك الرقمية وإصدار العملات الرقمية، من خلال توفير البنية التشريعية لدعم تطبيق أحدث أنظمة الدفع العالمية، والتعامل فى ظل الاقتصاد الرقمى

قانون حماية البيانات الشخصية 

عمل القانون على تنظيم حيازة وجمع ومعالجة البيانات الشخصية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وخلق بيئة آمنة لتداول المعلومات أيًا كان نوعها حتى ولو إلكترونية، وتجريم جمع البيانات الشخصية بطرق غير مشروعة أو دون موافقة أصحابها.

مؤشرات الاقتصاد الرقمى 

انعكست جهود الدولة بجميع مؤسساتها فى مجال التكنولوجيا والمعرفة والرقمنة، على تحسن ترتيب مصر فى العديد من مؤشرات الاقتصاد الرقمى فى الآونة الأخيرة، ومن أهم هذه المؤشرات:

مؤشر التنافسية الرقمية العالمية

جاءت مصر فى المرتبة الثالثة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد السعودية والجزائر، بمجموع نقاط 114 نقطة، خلال الفترة (2017-2019)، كما حصلت على 29 نقطة فى محور «النظام البيئى الرقمى»، و85 نقطة فى محور «الثقافة الرقمية»، وذلك استنادا إلى أبرز إنجازات مصر فى مجال التنافسية الرقمية؛ حيث أعلنت الحكومة فى 2018 عن إنشاء «مدينة المعرفة» فى العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، لتصبح مركزًا إقليميًّا للابتكار والتطوير العلمى. وفى 2019 أصبحت مدينة بورسعيد أول مدينة رقمية فى مصر، وكذلك تتجه الحكومة إلى إعادة هيكلة شاملة للنظام الضريبى، ووضع إطار تشريعى قوى يكفل حوكمة التجارة الإلكترونية، وأمن البيانات، ومكافحة الجرائم الإلكترونية. كما أعلنت الحكومة عن رغبتها فى بناء 4000 مركز شباب فى مختلف أنحاء الجمهورية؛ لتطوير القدرات البشرية حول التحول الرقمى.

مؤشر الابتكار العالمى

يعد مؤشر الابتكار العالمى من المؤشرات الدولية المهمة التى يتم إصدارها سنويًا بالتعاون مع جامعة كورنيل، والمعهد الأوروبى لإدارة الأعمال (الإنسياد)،والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، ويقوم بترتيب الدول وفقًا للابتكار ومؤسساته والعوامل المساعدة عليه، ويحتسب المؤشر بناءً على 7 محاور رئيسية و80 مؤشرًا فرعيًا تتوزع على مدخلات ومخرجات الابتكار، ويهدف لتقديم رؤى حول مجالات الابتكار المختلفة. 

وقد سجلت مصر تقدمًا فى مؤشر الابتكار العالمى حيث حصلت على المرتبة 92 عالميًّا للعام 2019، بتقدم 3 مراكز عن عام 2018 حيث حصلت على الترتيب 95، وفى عام 2017 على المرتبة 105، والمرتبة 107 فى عام 2016.

مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية

تقدمت مصر 3 مراكز فى مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية فى 2020، لتحتل المركز 111 من بين 193 دولة فى 2020 مقارنة بالمركز 114 فى 2018.  كما انتقلت من فئة التصنيف «ذات الأداء المتوسط» فى 2018، إلى فئة «ذات الأداء المرتفع» فى 2020.

مؤشر التجارة الإلكترونية

ارتفع ترتيب مصر فى مؤشر الأونكتاد التجارة الإلكترونية من 113 عام 2018 إلى 102عام 2019، ويقيس المؤشر مدى استعداد الاقتصاد لدعم التسوق عبر الإنترنت فى 152 دولة وفقًا لبيانات تقرير عام 2019 وذلك من خلال أربعة مؤشرات ترتبط ارتباطًا كبيرًا بالتسوق عبر الإنترنت. 

مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعى

تقدم ترتيب مصر فى مؤشر «جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعى» الصادر عن مؤسسة «أكسفورد إنسايت» ومركز أبحاث التنمية الدولية 55 مركزًا لتصبح فى المركز الـ 56 عالميا بين 172 دولة، مقارنة بالمركز الـ 111 بين 194 دولة فى عام 2019، وهو ما يعكس مدى الجهود التى بذلتها الحكومة لتحقيق هذا الإنجاز والتى من أبرزها التوسع فى تبنى التكنولوجيات الحديثة لتقديم خدمات مصر الرقمية؛ وتنفيذ مشروع ضخم لتطوير البنية التحتية للاتصالات باستثمارات تصل إلى نحو 1.6 مليار دولار فى 2019 وتنفيذ المرحلة الثانية للمشروع فى العام المالى الحالى باستثمارات 300 مليون دولار. بالإضافة إلى تهيئة البيئة التشريعية والقانونية التى تحكم استخدامات الذكاء الاصطناعى، وذلك من خلال إصدار قانون حماية البيانات الشخصية الذى ينظم العلاقة بين مالك البيانات والمستخدمين.

تصنيف (Speed test) العالمى

تقدّمت مصر 34 مركزًا دفعة واحدة فى تصنيف (Speed test) العالمى خلال ديسمبر 2019 فى متوسط سرعة الإنترنت الأرضى لتحتل المركز 97 بدلًا عن 131 فى نوفمبر الماضى، مسجّلة أكثر من 30 ميجابايت، مما مكن البنية التحتية من تحمّل الضغط غير المسبوق فى الإقبال على استخدام الإنترنت فى مصر.