الأحد 7 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ما يحدث الآن امتداد لها ونتوقع زيادتها

الدكتور على الوعرى: الموجة الأولى لـ«كورونا» لاتزال مستمرة

يشهد العديد من دول العالم الآن موجة جديدة من الإصابات بالفيروس سَجلت خلالها أرقامًا قياسية منذ ظهور الوباء.. فى وقت لايزال العالم يبحث فيه عن لقاح فعال.



فى حواره معنا كشف الدكتور على الوعرى، أستاذ جراحة الصدر والباحث فى التكنولوجيا البيولوجية فى ووهان، ملامح الموجة الثانية لـ«كوفيد - 19»، وأسباب انخفاض معدل الوفيات، ولماذا لجأت الصين إلى التلقيح الاستباقى لمواطنيها فى بعض الأماكن، ولماذا يبدو الفيروس أكثر شراسة وفتكًا فى بعض البلدان الأوروبية؟.. وإليكم نَص الحوار:

 

 بِمَ تصف الوضعَ الوبائى فى العالم ومدى تأثر الدول العربية.. هل نحن فى مرحلة امتداد للموجة الأولى؟

- الوضع الوبائى الحالى ليس مفاجئًا،  فى جميع الأحوال كنا نتوقع موجة جديدة، تختلف حدتها من بلد لآخر على حسب الإجراءات الاستباقية، والإجراءات التى طبقتها الحكومات فى بلدانها بالنسبة للموجة الأولى.

 هل هذا يعنى انتهاء الموجة الأولى، ودخولنا الموجة الثانية من «كورونا»؟

- انتهاء الموجة الأولى تحدده معايير معينة، مثل أن تستقر الإصابات عند حد معين، ليس شرطا أن تكون صفر ولكن أن تكون قريبة من الصفر، بمعنى وصولها إلى رقم متدنٍّ، وهذا يجعلنا نصف ما نراه الآن بأنه على الأرجح امتداد للموجة الأولى التى لم تتم السيطرة عليها نهائيّا، ولم يتسطح المنحنَى الخاص بها بشكل شامل.

 هل حدث تحوُّر للفيروس؟

- نعم حدث تحور للفيروس، صحيح أنه لم يحدث له طفرة جينية تجعلنا نقول إنه تحوّل إلى فيروس آخر بأعراض جديدة، لكن يمكننا القول إنه غَيَّرَ فى سلالته بجزء بسيط؛ لأن سلالة هذا الفيروس عبارة عن سلسلة بلوكات من الأحماض الأمينية والشفرة الجينية. وقد حدث تغيُّر فى جزء منها، وهذا يُعتبر تحوّرًا، لهذا فإن سلالة الفيروس المنتشرة فى دول العالم وفى الصين الآن ليست هى نفس سلالة الفيروس الذى ظهر فى ووهان نهاية العام الماضى.

 لاحظنا انتشارًا أكبر للإصابات وعددًا أقل من الوفيات.. هل هذه هى مواصفات الموجة الجديدة؟

- الفيروس فى هذه المرحلة بدأ ينتشر بصورة أقوى بكثير عن ذى قبل، ولكن مع تسجيل إصابات طفيفة أو إصابات من دون أعراض.

وتفسير ذلك فى علم الفيروسات، بأن الفيروس حتى يبقى على قيد الحياة بدأ ينتشر بين الناس ويصيبهم إصابات غير بالغة، حتى يحافظ على سلسلة انتشاره وبالتالى بقاءه.

لأنه فى الفترة الأولى كان يصيب الأشخاص إصابات خطيرة تنتهى بالوفاة، وبالتالى تنقطع سلسلة الانتشار بوفاة المصاب الذى كان يُدفن أو تحرق جثته كما حدث فى بعض البلدان، أمّا الآن فأصبح ينتقل بين الأفراد من دون أعراض أو بإصابات طفيفة، وهذا هو السبب وراء انتشاره الواسع فى أوروبا.

 لماذا لجأت الصين للتلقيح الاستباقى فى إحدى المقاطعات؟ وهل انتهت مرحلة التجارب السريرية وأصبح هناك لقاحٌ جاهز للاستخدام التجارى؟

- على مستوى العالم يوجد 100 لقاح دخلت مرحلة التجارب، منها 40 لقاحًا دخلت المراحل السريرية، ولكن 11 لقاحًا فقط وصلت المرحلة السريرية الثالثة، وهى الأخيرة من بينها أربعة لقاحات صينية، لقاحان منها وصلا للمرحلة النهائية، مما يعنى أنه مع نهاية العام الحالى سوف يتم الإعلان عن انتهاء التجارب ليطرح اللقاح تجاريّا مع بداية العام المقبل.

اللقاحان الصينيان أحدهما تابع للأكاديمية العلمية التابعة للجيش الصينى، واللقاح الثانى تنتجه شركة سينوفاك فى بكين بالتعاون مع دول عربية وأوروبية ينتشر فيها الوباء الآن؛ لتجربة مدى فعاليته.

والنتائج على هذيْن اللقاحيْن أعطت مؤشرات إيجابية، لكن جميع اللقاحات لم ترخّص بشكل رسمى فى الصين إلى الآن.

وقبل يومين أصدرت اللجنة الصحية فى الصين، قانونًا باعتماد اللقاح الذى تنتجه الشركة، وإعطائه للصفوف الأمامية للأطباء وكل من يخالط المرضى فى المستشفيات من الكادر الطبى، بالإضافة إلى موظفى الحكومة والموظفين الصينيين الذين يتوجب عليهم مغادرة الصين للعمل بالخارج فى مناطق موبوءة. وكذلك تم منحه للطلاب الصينيين الذين يدرسون فى الخارج فى سبيل حمايتهم.

ولجوء الصين لهذه الخطوة الاستباقية قبل الترخيص، تعتبر رسالة لمواطنيها قبل العالم بأن هذا اللقاح آمن.. ولكن لأنه لم يتم إعلان النتائج النهائية بعد، فيتوجب علينا الانتظار بعض الوقت لإجراء دراسات على اللقاح- كما جرت العادة- خصوصًا أن النتائج لا تظهر إلا بعد شهور.

 ماذا عن لقاح أكسفورد؟

- لم ينشروا نتائج أبحاثهم بشكل واسع حتى الآن.. ونشر أنه تم توقيفه فترة بسبب إصابة بعض المتطوعين بمرض بالنخاع الشوكى، وقيل بعد ذلك أنه ليس لذلك علاقة باللقاح، ولذلك لا أستطيع أن أحكم طالما لم أطلع على النتائج بشكل كامل.

 لكن سلالة الفيروس مختلفة فى أوروبا..حجم الإصابات تشير إلى ذلك؟ 

- بالطبع كل منطقة يتحور فيها الفيروس بسلالته على حسب البيئة وطبيعة الطقس من حيث درجة الحرارة والرطوبة، وحتى على حسب العِرق. ومن المرجح أن يكون نفس الفيروس بنفس السلالة لكنه يسبب إصابات تختلف من شخص لآخر على حسب العِرق والمرحلة العمرية .

 هل تتكرر إصابة الشخص بكورونا، وهل تكون له آثار ممتدة حتى نهاية العمر؟

- الآن هناك ظاهرة نطلق عليها متلازمة فيروس كورونا المستجد المستمرة أو المتلازمة المستمرة لكوفيد 19، ولذلك ستجدين أن الدول المتقدمة بدأت تركز على مسألة ما بعد التعافى.

فالفيروس أصبح الآن يسجل إصابات من دون أعراض،  كما أن المريض من دون أدوية سوف يتعافَى، وذلك سيحدث لنسبة كبيرة من المصابين، والقليل منهم من سيحتاج إلى الرعاية المركزة ودخول المستشفيات.

وحتى الآن لا يوجد علاج فعال، وبالتالى التركيز سيكون على المتعافين؛ لأن الدراسات أثبتت أن كثيرًًا ممن تعافوا فى الصين وحديثًا فى أوروبا ظهرت عليهم أعراض الإرهاق والتعب الشديد، ومنهم أصبح يواصل عمله لساعات أقل من السابق، كما ظهرت أعراض أخرى تؤثر على المدى البعيد على القلب والكبد والكلى، وبعضهم أجريت عليه فحوصات على الأعصاب ودرجة الذاكرة.

ولكن لاتزال الدراسات قائمة، لكن من يصاب بالفيروس تتكون لديه أجسام مضادة فى جسمه، هى التى قاومت الفيروس وطردته.معظم الدراسات ذكرت أن مدة بقاء هذه الأجسام فى الجسم تترواح ما بين 6 أشهر إلى سنة فقط حسب مقاومة الجسم وقوة مناعته، وهذا يطرح تساؤلًا مثيرًا للقلق: هل اللقاحات التى أعلن عنها سواء فى الصين، أو بريطانيا، أو غيرهما، ستحمى الجسم لفترة محددة فقط، وهل سنكون مضطرين للتطعيم باللقاح كل 6 أشهر، خصوصًا أن هذا الفيروس ليس موسميّا، وإن كان انتشاره فى الشتاء أكثر.

 البعض يتساءل عن مدى جدوى لقاح الإنفلونزا الموسمية؟

- نحن قربنا من قدوم فصل الشتاء واحتمال كبير ظهور إصابات بإعداد كبيرة بين الناس، لذا سيصعب تمييز سبب هذه الإصابات بين الإنفلونزا العادية، وإصابة فيروس كورونا المستجد. 

لقاح الإنفلونزا لن يحمى فقط من الإصابة بالإنفلونزا، بل سيقوم على تقوية جهاز المناعة ليصبح أكثر قدرة على التصدى لفيروس كورونا المستجد إن أصابنا فى الفترة المقبلة..

 يتردد أن الصين لجأت لتطعيم سكان مدينة ووهان - بؤرة انتشار كورونا بالكامل؟

- لم نحصل على تطعيم ضد كورونا، ولكن تطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية، وحدث هذا لأعداد كبيرة منا.

 كيف تمكنت السُّلطات الصحية فى الصين، بإجراء فحص الحمض النووى لـ9 ملايين شخص خلال 5 أيام فقط؟

ـ آلية الفحص فى الصين غالبًا تعتمد فى كل مقاطعة على تنظيم اللجان الطبية الشعبية، فى كل منطقة سكنية تقوم هذه اللجان بتسجيل بيانات جميع السكان، ويتم إعطاء مواعيد لكل أسرة؛ لتذهب إلى نقطة الفحص، هى عملية منظمة، والتنظيم هو سر نجاحها بالدرجة الأولى، ثانيًا السرعة هنا ترجع لاختزال عملية الفحص، بمعنى أنه يتم فحص كل مجموعة من الأشخاص بواسطة أنبوب واحد قد يصل العدد لكل أنبوب 10 أشخاص مثلًا. وهذا من شأنه عدم تكلفة الدولة تكاليف باهظة كما يخفف الضغط على مختبرات الفحص، كما يتم إنجاز الفحص فى فترة وجيزة.

 هل تتوقع سيناريو أسوأ من الموجة الأولى؟

- ما أتوقعه هو أن «كوفيد - 19»،  سيظل ينتشر بكثافة أكبر، ولكن رُغم ذلك؛ فإن هناك أشياء كثيرة إيجابية سواء على مستوى المنظومة الصحية، أو المواطنين، فالكادر الطبى أصبح لديه دراية عن كيفية التعامل مع المرضى، والأطباء فى أقسام العناية المركزة أصبح لديهم خبرة كافية. وبالنسبة للمواطن العادى أصبح لديه وعى كافٍ بضرورة التزام النظافة الشخصية والتباعد الاجتماعى. وهذا كله لم يكن موجودًا فى بداية انتشار الفيروس.

والأهم من ذلك أيضًا هو قرب ظهور اللقاح الذى من خلاله ستتم السيطرة على تفشى الوباء، ولكن هذا لن ينفى أن الفيروس سيظل موجودًا وسيصبح مثل فيروسات كثيرة نتعايش معها.