الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حالة كيت وينسلت

حالة كيت وينسلت

ليست فقط تلك الطريقة التى تم بها اغتصاب الممثلة الهوليودية الشهيرة «كيت وينسلت» حين كانت صبية صغيرة فى عمر الخامسة عشرة أثناء تصويرها أول أفلامها: المخلوقات السماوية Heavenly Creatures، هى من ستشرح لنا (حالة الأمريكى) الكاذبة والملتبسة والغائمة والتى تبددت بعض غيماتها أثناء المناظرة الرئاسية المتواضعة والبائسة بين ترامب وبايدن، صباح الأربعاء الماضى، والتى ستوضح لنا أنه مجتمع - ميفرقش كتير عن الصومال - بل تلك الطريقة التى بدت عليها.



من الكتمان والنسيان والتجاهل التى تعاملت بها «كيت» مع سر اغتصابها لمدة ثلاثين عامًا من قبل رجالات متنفذين فى صناعة السينما بهوليود اعتادوا اغتصاب الفنانات الشهيرات مقابل تمثيل أفلام كبيرة ومقابل أجر مادى عظيم ومقابل الحصول على الأوسكار. 

فما الذى جعل الآن من حالة «كيت وينسلت» تريندًا فى معظم صحف ومجلات أمريكا وبريطانيا، يتداولون فيه نفس حوارها الذى أجرته معها صحيفة النيويورك تايمز متحدثةً بخجل شديد وبندم أعظم عن عملها فى أفلام لأشهر منتج وأشهر مخرجى هوليود فنًا واغتصابًا وملاحقة فى المحاكم فى الوقت الذى خمدت فيه تماما أصوات جماعة Me Too إثر اندلاع كورونا واندلاع مظاهرات حامية الوطيس فى عديد من الولايات ضدّ الشرطة الأمريكية.

كيت الإنجليزية الجميلة المحبوبة بطلة «تيتانيك»- ثانى أفلامها- وما تلاه من أفلام ذات قيمة فنية عالية.. هل كانت موهبتها قمنا ومقابلا عادلًا لحصولها على أفلام مثل أن صمتها وقبولها أن تكون ممثلة ومحظية لمشاهير الصناعة فى أهم مؤسسة سينمائية بالعالم؟ منها الفيلمان اللذان فتحت بهما على نفسها أبواب الجحيم، هما (Wonder WheelGjnny) و(Carnage) للمخرجين «رودى آلان ورومان بولونيسكى» المخرجين المتهمين بالتحرش والاغتصاب.. رودى المتهم باغتصاب ابنته بالتبنى وبولونيسكى المتهم باغتصاب ممثلة كانت قاصرًا، 13 عامًا، وهو الآن هارب من حكم قضائى.

حين انضمت كيت وينسلت عام 2017 لجماعة MeToo فى عام تمثيلها لفيلم المذبحة لم تدن المغتصبين بوضوح.. تحدثت بطريقة لبقة وكأنها خارج دائرة الاغتصاب والابتزاز. 

لكنها هذا الشهر من هذا العام الكارثى فتحت قلبها واعترفت بأنها كانت من أوائل الفنانات المغتصبات أثناء تمثيل أول أفلامها (مخلوقات سماوية) حينما سمعت الكاميرا بوى يصدر صوتًا أثناء تصويره مشهدًا لها مع زميلتها ناريتان سوى من ملابس داخلية صغيرة الحجم، ثم أودعهما بليالى مع أصحاب العمل.. وهو ما كان.

كيت التى تؤدى مشاهدها عارية تمامًا وكما ولدتها أمها، وهى نفسها كيت التى تؤدى مشاهد جنس صريحة مع رجال ونساء على السواء، آخرها فيلم سيعرض الشهر القادم وتؤدى فيه شخصية ليسبيان دون دوبلير.. ما الذى جعلها تندم على تمثيلها مع بولانيسكى وآلان المتهمين بالاغتصاب وبالتحرش؟؟ أين الخطأ هنا؟؟ بل أين الالتباس الواضح والغامض فيها وفى طبيعة المواطن الأمريكى وفى رؤساء أمريكا؟؟ أين مفتاح الحجرة الـ40 فى عقل المواطن الأمريكى؟

كيت التى صارت نجمة الإعلام والسوشيال ميديا إثر اكتشاف أن لها فيلما قديمًا لم يحقق إيرادات وقت عرضه واسمه: العدوى Contagion، أُنتِج عام 2011 قد تنبأ بغزو فيروس كورونا للعالم.. الواقع الذى ينقل عن السينما بالقصة وبالسيناريو وبالحوار والمخرج. 

إذا يظل السؤال الأول مطروحًا لا يزال: ما الذى جعل كيت وينسلت تفجر فضية اغتصابها بعد خفوت صوت جماعة MeToo وبعد ثلاثين عامًا من حدوثها وأثناء رحيل الرئيس المتحرش بطبعه؟؟ يقينًا ليس الندم ولا الاعتراف ولا الخوف ولا صحو الضمير.. أظنه مجرد جزء من سيرة التمثيل المستمرة.. أظنه حالة ارتباك المواطن الأمريكى المخدوع والمصدوم فى حجم قيمة بلاده ومجتمعه وتأثيرة فى الداخل والخارج.. أظنه الكشف الواضح لحجم البلاد الحقيقى إثر تفشى كورونا ورفع الغطاء عن فساد شركات التأمين الصحى والمنظومة الصحية كلها.. أظنه تعبير عن ارتباكها كامرأة بيضاء أمام مشاهد العنف الدموية بين المواطنين السود والشرطة البيضاء.. أظنه هو نفس السؤال الصادم عن جدوى الاختيار بين ترامب وبين بايدن.