السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حساسية الألوان السبعة

رُغْمَ مرور أكثر من أربعة عقود على المَرّة الأولى التى رفع فيها المثليون شعارَهم المكوّن من ألوان قوس قزح فى ساحة الأُمم المُتحدة وسط مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية؛ فإن الألوان السبعة لم تكن حتى وقت قريب تحمل دلالة سلبية فى المجتمع المصرى، وظل الناسُ يستخدمونه فى أزيائهم وفى وتصميماتهم المختلفة وحتى فى شعارات الكتب التعليمية «ملخص الأضواء».



تَعَرَّف المجتمعُ المصرى على نطاق واسع للمَرّة الأولى على «عَلم الرينبو» من خلال الجدل الكبير الذى شهدته مواقع التواصل الاجتماعى على خلفية رفع العَلم خلال حفل «ميوزك بارك» بالتجمّع الخامس فى عام 2017م؛ تأييدًا لميول حامد سنو مؤسّس الفريق الذى أعلن مثليته من قبل، لينقسم الناس منذ ذلك الحين إلى فئتين، الأولى تستخدم الألوان بشكل طبيعى وتلقائى وتُعبر عن حُبها لها سواء بارتداء ملابس تحمل الرينبو أو صُنع حلوَى منها، وذلك إيمانًا منهم بأنها ظاهرة طبيعية من صُنع الله، أمّا الفئة الثانية فباتت تربط كل ما يحمل ألوان قوس قزح بأنه داعم للمثلية الجنسية.  مؤسّسة الأضواء التعليمية نزولًا على التصور السائد راحت تُغير ألوان الشعار الخاص بكتبها وإصداراتها المختلفة التى اشتهرت بها لتشابُهها مع ألوان عَلم المثليين، وذلك بعد سنوات من وجود الشعار الذى اعتادت عليه جميع الأجيال، ونشرت الصفحة الرسمية لها على موقع التواصل الاجتماعى (فيسبوك)، الشكل الجديد للكتب الخاصة بها وعلقت: «شكل جديد بحكاية جديدة.. تابعونا».

 جيلان: الناس هاجمتنى عشان لبّست بناتى فساتين بألوان قوس قزح

بينما كانت «جيلان الغندور» تجلس إلى جوار طفلتها البكرية «أيسل» تتصفحان معًا أحد المواقع الإلكترونية، وقعت عينُ الصغيرة على فستان تزينه ألوان «قوس قزح» التى تبدأ من اللون الأحمر وتتدرج إلى البرتقالى ثم الأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجى، بادرت الأم بشراء الفستان لأجل ابنتيها احتفالًا بعيد الأضحى.

ارتدت الصغيرتان الزّىّ الجديد والتقطت «جيلان» صورة لهما ونشرتها على حسابها الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى (فيسبوك)، وهنا بدأت المأساة، تقول: «أنا بحب الألوان زى أى حد لأنها بتحسّسنى بالبهجة، وبنتى أول ما شافت الفساتين قالتلى حلوين أوى وانبهرت بيهم، البيدج اللى اشترينا من عليها أعجبت بشكل البنات ونزّلت صورهم وأنا نزّلتها على بروفايلى، واتكتبت تعليقات هجومية».

تؤكد الأم أنها لم تلحظ ارتباط الألوان بفئة المثليين الذين اتخذوا منها شعارًا لهم؛ وإنما عرفت ذلك من خلال تعليقات البعض: «مخدّتش بالى إنهم مركزين فى موضوع المثليين غير من الكومنتات، يعنى همّا اللى لفتوا نظرى، بدأت الرسايل تجيلى على الخاص والناس تعلق، الرينبو دى حاجة من تصوير الخالق وظاهرة طبيعية، يعنى هيقدروا يقولوا لأ بعد المطر الرينبو ميطلعش فى السما، مش عشان فئة معينة هنلغى ظاهرة طبيعية، ومش عشان قلة معينة نلغى جزء من الطبيعة، لو المثليين كانوا خدوا البحر رمز ليهم مكناش هنروح نصيّف».

شعرت «جيلان» بحزن شديد وتحوّلت فرحتها بأطفالها إلى مشاعر سلبية خلفها هجوم واتهامات من المحيطين بها: «الموضوع أثّر عليّا نفسيّا جدّا، لكن لمّا قعدت مع نفسى وفكرت لقيت إن أنا اللى صح وهديت؛ لإن نيتى كويسة وشايفة الدنيا من منظور مختلف، لكن همّا دماغهم راحت بيهم فى اتجاه تانى خالص».

«محمد الطويل» كان أحد المتابعين لما حدث، وعَلق على ربط البعض ألوان قوس قزح بالمثلية الجنسية، قائلًا: «لو ألوان قوس قزح اختصرت فقط للدلالة على المثليين وأصبح عيب وحرام على الأطفال حتى ارتدائها فى ملابسهم، لذا أرجو حذف قوس قزح من كتاب العلوم وأيضًا أتمنّى تحريم الخيار والجزر لشبهة الاستخدام على عكس ما خُلقت لأجله، لمّا تنتقدوا لبْس أطفال عشان فيه ألوان قوس قزح يبقى اعترضوا على حكمة ربنا لما تشوفوهم فى السما، الجهل هيفضل آفة مجتمعنا واللى تهاجم فستان طفلة وتحرّمه وتسىء للطفلة ولأهلها  بدعوى أنه محرّم ويدعو للمثلية أقول لها من موقعى هذا روحى اتعلمى وافهمى حرمت عليكى عيشتك».

 «ريم»: اشتريت حلوَى شرايط إسبانى جارتى قالتلى إنتى بتربّى جيل فاسد

كانت «ريم محمد» تتجول برفقة أولادها فقامت بشراء الحلوى لهم، منها «حلوى شرايط إسبانى» و«جيلى كولا»، فى اليوم ذاته زارتها جارتها هى وأولادها، فأحضرت لها بعضًا من الحلوى، ظهرت علامات الغضب والامتعاض على وجه الجارة وسرعان ما أخذت أولادها ورحلت، تقول ريم: «أول ما شافت الحلوى فى إيد العيال شدته منهم ورمته على الأرض  كده، وأنا متنّحة مش عارفة فى إيه وخَدَت بعضها وعيالها ومشيت، حاولت أوقفها بس بلا فايدة، المهم اتصلتْ عليها كتير متردش عليّا».

مضت بعض ساعات وتلقت «ريم» رسالة من جارتها على (الواتس اب) توبّخها على شراء الحلوى: «بتقولى إنتى بتربّى جيل فاسد، بتربّى العيال على إيه، اسألى عن الحاجة قبل ما تشتريها مش رايحة تشترى عَلم الرينبو، وعملتلى بلوك، وطبعًا أنا مش فاهمة حاجة دخلت عملت بحث وفهمت بس والله مكنتش أعرف والأولاد طبعًا مش فاهمين حاجه أصلًا، دا بالنسبة ليهم قوس قزح».

تقول «ميار عراقى»: «أنا بحب الألوان دى جدّا ومليش دعوة بالقرف اللى بيحصل دا اكيد مش هحرم نفسى من الألوان عشان شوية ناس ربنا لعنهم»، بينما تؤكد «مها أحمد» أنها تستخدم هذه الألوان بحُرية تامة دون أن تلتفت لما يُقال عنها، أمّا «ولاء مطاوع»: «لو صادف ولقيت حاجة كدا هشتريها عادى لو عجبتنى وحبيت ألبس ألوانها، الموضوع دا بالنسبالى عادى ولا عَلم ولا غيره، أساسًا لو اعترفنا بالعَلم ده كأننا بنعترف بيهم وكمان بنديهم مساحة يعملوا فيها اللى همّا عايزينه».

توضح «وعد حسام» أن «الرينبو» ظاهرة من صُنع الله ومن الخطأ أن نربطها بالمثليين: «ربنا أبدع فيها بجد، وألوانها تحفة، هنيجى إحنا عشان شوية  نكرهها ونعلم ولادنا إنه غلط وعيب تلبسى «تى شيرت» مرسوم عليه رينبو، عشان تروح بقى تدوّر ليه عيب وتعرف وكدا نكون بننصرهم علينا»، أمّا «أمنية عبدالله»، فتقول: «قوس قزح  حاجة بتحصل بأمر الله وحاجة من الحاجات اللى بتتجلى فيها قدرة ربنا، وكلنا لازم نتعلم أنه حاجة حلوة مالوش أى علاقة بالقرف ده».

  «سمر»: منعت بنتى تلبس الـ «تى شيرت»  عشان عليه عَلم الرينبو

كان لـ «سمر فؤاد» اتجاه آخر؛ حيث قررت أن تمنع ابنتها من ارتداء «تى شيرت» قامت بشرائه لها من قبل، بعدما اكتشفت أن منقوش عليه كلمة «رينبو» بالإنجليزية ويحمل الألوان السبعة أيضًا: «لمّا سألت على جروب على الفيسبوك الناس اتهمونى بالتخلف والرجعية، وأنا سألت عشان خوفت تلبس الـ«تى شيرت» وحد يقولى إيه المكتوب ده ويستظرف، خاصة إن الموضوع عليه كلام كتير، خاصة الشركات والبراندات اللى حاطين العَلم بتاعهم اشمعنا سؤالى أنا إللى يبقى تخلف، أنا شكّيت بس عشان الـ«تى شيرت» مكتوب عليه صُنع فى الهند».

أمّا «رحمة فتحى»، فتقول: «الأفضل إننا منشتريش حاجة عليها العَلم خالص، لأن ممكن يكونوا عاملين دعم للشواذ، لأن فى ناس كتير استخدمت العَلم بتاعهم عشان تدعمهم، وبلاش نسمع كلام الناس اللى بتقول أى حاجة عليها الرينبو نشتريها أو نلبسها، كلنا لازم نرفض أى حاجة فيها دعم لسلوك المثليين، لأن خلاص قوس قزح بقى بيعبر عنهم وبيشير ليهم».

كان لـ «سالى بيبرس» رأى آخر؛ حيث إن أطفالها يحبون دائمًا أن يرسموا الأشياء التى تحتوى على الرينبو، كما تشجعهم على ذلك لأنهم يعلمون جيدًا أنها ظاهرة طبيعية تأتى من السحاب والمطر والشمس: «بنتى 8 سنين بتحب اليونيكورن والرينبو اللى معاه وبترسم الألوان دى دايمًا وابنى كمان، ومش بقولهم حاجة عشان دى ألوان الطبيعة بتاعة ربنا قبل ما تبقى أى حاجة تانية، مش بخليهم يركزوا فى حاجة زى دى ولا بيفهموا فيها، حتى لما كنا مسافرين فى بلد أوروبى وكانوا فى شهر 7 بيحتفلوا باليوم ده و كل البلد كانت رينبو كالرّز وأعلام كلها كده كانوا فاهمين إن همّا بيحتفلوا بيوم الألوان عادى جدّا وأكيد مش بعَلّمهم أى حاجة زى دى غير إنها ألوان».