السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ابن الفراعنة «نحات»

يصاحب ظهور أى عمل فنى مبتذل الكثير من الهجوم على السوشيال ميديا،  بين من يعتبر ذلك توجهًا رسميًا للدولة،  وآخر يرى أن ذلك دليل على عدم وجود موهوبين فى المجالات الفنية المختلفة،  على عكس الواقع.  



 ظهر ذلك التباين بوضوح خلال التريند الذى ظهر مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعى حول تمثال «مصر تنهض»،  إذ تجاوزت الآراء مجرد نقد العمل،  إلى تحليلات أخرى لا تمت للواقع بصلة.. فى السطور التالية نلقى الضوء على أبرز الأعمال الفنية لخريجى كلية الفنون الجميلة،  التى تؤكد بدورها أن أى عمل دون المستوى مجرد استثناء للقاعدة،  لا يُمكن القياس عليه.  

احتفل مؤخرًا طلاب كلية فنون جميلة،  بتسليم مشروعات التخرج الخاصة بهم،  فى حفل كبير وضخم،  والتى تم تداولها على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»،  بشكل كبير على الصفحات المهتمة بالفنون وتاريخ مصر القديم وصفحات التراث وغيرها؛ إذ فرض إبداع الطلبة على الجميع التعبير عن إعجابهم،  متسائلين: «لماذا ينتشر بين الحين والآخر نماذج لتماثيل قبيحة رغم وجود فنانين مبدعين؟».

«روز اليوسف» تحدثت مع عدد من الطلبة الذين أثارت مشاريع تخرجهم إعجاب الكثيرين لما تتضمنه من مهارة فنية عالية.

العجيزى يعبر عن حزنه لفراق والده 

خالد العجيزى، خريج فنون جميلة جامعة المنصورة،  قال: «فكرة مشروعى جاءت محاولة لتجسيد فترة وفاة والدى والصدمة التى أصابت كل أسرتى، من خلال لوحاتى،  كما حاولت تجسيد حالة احتياجى لولدى».

وتابع العجيزي: «اخترت هذا المشروع لأنه كان محور تفكيرى من بداية التحاقى فى الكلية.. وكنت مقررًا تجسيد مشروع تخرج يعيش ويستمر،  ويكون خاصًا بى ومعبرًا عنى بشكل شخصى.. فوالدى متوفى منذ 9 أعوام.. وكان هدفى تسليط الضوء من خلال تجربى على صعوبة الفقد للأشخاص المقربين ومدى الاحتياج للدعم فى ذلك الوقت».

وعن الوقت الذى استغرقه تنفيذ مشروع التخرج أوضح أن كل لوحة استغرقت ما بين 20 لـ30 يومًا،  وبالتالى كان تنفيذ المشروع بالكامل خلال ثلاثة أشهر ونصف الشهر تقريبًا.

ويرجع «العجيزى» هجوم رواد مواقع التواصل الاجتماعى على عدد من التماثيل لقبحها،  لوجود عدد من الفنانين يعتمدون على الأسلوب الأكاديمى فى أعمالهم من دون الوصول لفكرة معينة،  ويكون أغلب تلك الأعمال بشكل مبسط،  لافتًا إلى أنه على الجانب الآخر هناك عدد من الفنانين يعملون بشكل أكاديمى وواقعى لتوصيل أفكارهم بشكل ألطف.

 

هاجر والأساطير اليونانية

 

تقول هاجر رأفت،  طالبة فنون جميلة قسم نحت جامعة حلوان: «جاءت فكرة مشروعى من أسطورة يونانية بعنوان (يوم بات فيه زيوس ضعيفا)؛  حيث تختلف القصص والروايات،  وتتعدد الأساطير،  يشترك بينها قوة زيوس وجبروته،  تثقل موازينه عندما تتحدث عن ظلمه وتأتى قشة لا تُذكر لتعلن نهايته المتوقعة بشكل غير متوقع».

وتابعت:«القصة وراء المشروع هى أن زيوس دائمًا بيتم تصويره فى شكل الإله القوى الذى لا يحاسبه أحد على أفعاله،  فأنا قررت فى مشروعى إن لأول مرة يكون زيوس العظيم  ضعيفًا،  ومن خلال المشروع أوضحت نزوله للعالم السفلى طالبًا المساعدة من أخيه هايديس.. ما جعله يستغل فرصة ضعفه ضده وحبسه فى العالم السفلى».

تهدف هاجر من خلال مشروعها تصوير الطبيعة الإنسانية التى تمر بكثير من لحظات الضعف: «المشروع كان منفردًا لأن أغلب مشاريع التخرج كانت من المنزل بسبب الحظر،  ولم تكن هناك رفاهية طلب المساعدة من أحد،  لكنى لم أستغن عن نصائح زملائى والتشارك معهم والمناقشة ما يمكن تعديله من خلال الإنترنت».

وعن رأيها فيما يعرض فى بعض الميادين العامة من تماثيل تحصل على نقد لاذع،  قالت: «المشكلة دى سببها إن المسئولين يبحثون دائمًا عن الأسماء المعروفة سواء فى المعارض أو غيرها.. غير مكترثين لجودة العمل ذاته أو شكله.. وبالتالى لا تتوفر الفرص للجميع بالتساوى لكن السوشيال ميديا ساهمت فى أننا نحصل على جزء من الظهور وعرض أعمالنا.. وعمومًا الفن أمر نسبى يختلف من شخص لآخر».

 

ذنب «أنوبيس»!

«أنا الإله الابن الرابع لرع» كان الاسم الذى أطلقه رامز مجدى على مشروعه،  وعن السبب الذى دفعه لتنفيذ ذلك العمل،  قال: «المشروع يتحدث عن أنوبيس إله المقابر والعالم السفلى، والفكرة كانت عن نظرتى له كإله حارس مقابر وأنه فشل فى العالم الحديث فى حماية أجساد وكنوز الملوك من السرقة،  والمقابر أصبحت فارغة من كنوزها،  حتى اللى فى مصر موجود فى متاحف للمشاهدة فقط ليس فى مكانها الصحيح ليحدث بعث من جديد». وتابع : «كانت وظيفة أنوبيس هى الحفاظ على كل شيء فى المقابر ليضمن حدوث البعث لكنه هُزم،  ليس من جيش مثلا ولكن من أفراد عاديين.. وبصفته إلهًا خالدًا فهو فى حالة إحساس بالذنب إلى الأبد ولكنه ورغم كل ذلك لم يفقد ثقته واعتزازه بنفسه».

حب التاريخ المصرى القديم كان هو ما دفع رامز لاختيار ذلك المشروع بالتحديد: «اخترت المشروع بسبب حبى للميثولوجيا المصرية،  فمعظم الفنانين المهتمين بالتراث يتوجهون لشكل الريف المصرى وقليل منهم ما يذهب لهذا الاتجاه،  ويجددون فى نظرتنا للفراعنة والتراث الفرعونى.. ونفذت المشروع بشكل منفرد كفكرة وتحضير ومتابعات.. واستغرق شهرًا».

وتابع: «فكرت كتير مع زمايلى عرض شغلنا فى الميادين العامة.. لكن الموضوع بيكون مكلف جدا.. فبنعرضهم بخامة الطين الأسوانى بحجم كبير على أمل أن حد يقدر يمول عملية الصب ليتم عرضها فى الميادين.. خاصة أن الطين ميقدرش يتماسك فا لازم يتعمل قالب ونسخة من خامة صلبة تتحمل العوامل الطبيعية زى الشمس والمطر والتراب وغيرها».

عن انتشار تماثيل دون المستوى الفنى، يوضح: «التماثيل السيئة الموجودة والمنتشرة قبحها هو اللى بيخليها تتشهر وتكون مادة للسخرية.. لكن النحاتين الكويسين مفيش أكثر منهم.. المشكلة إن سوق العمل فى النحت تعتمد أكثر على المعارف والعلاقات حتى لو المستوى ضعيف».

القربان الجميل فى قاع النهر 

أثبتت الفنانة منة عبد العزيز،  الطالبة بالسنة النهائية بكلية الفنون الجميلة،  شعبة نحت ميدانى أن مخزون مصر من النحاتين المتميزين لم ينته بعد،  إذ اعتمد مشروع تخرجها الذى يحمل اسم «نفر حتب القربان الجميل» وهى كائن من نور،  ويعود إلى النور بالغوص فى أعماق النيل.

وتقول عن مشروعها: «أردت من خلال مشروعى تصوير ملكة مصرية تعطى ماء النيل إلى كل الأرض،  وتهدى المعرفة لنسلها من أبناء كيميت وتمدهم بالقوة طاقتها الشفائية الهائلة،  وطاقة المحبة والقبول التى ترسلها من الحياة الأبدية إلينا».