الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بلاش أحسن!

فى كل الحوارات الصحفية لصناع الأغنية نجدهم دائمًا ما يصفون أنفسَهم بأنهم أداة من أدوات التعبير عن مشاعر وأحاسيس الجمهور.



 

ربما يكون ما يتحدثون عنه هو الهدف الذى يسعون إليه وليس بالضرورة أن يكون هذا الهدف متحققًا، أو ربما تكون أحاديثهم عبارة عن كليشيهات معتادة تقال دائمًا دون تأمُّل حقيقى، أو دون فهم للمغزَى الذى يتحدثون عنه.

 

ولكن يبقى السؤال: هل ما نستمع إليه من محتوى غنائى يُعبر فعلًا عن احتياجات الجمهور؟ 

 

 

تحدّثنا فى العدد السابق عن ألبوم فريق الراب الأمريكى «Black Eyed Peas»، وقمنا باستعراض أغانيه، التى تتحدث فى أغلبها عن علاقة الرجل بالمرأة بشكل أكثر جراءة وإثارة من حيث استخدام الكلمات أو حتى طريقة تنفيذ الكليبات والاستعراضات الراقصة التى تحتويها، وهذا أمرٌ مفهوم، فهو فى النهاية فريق يسعى لأن تكون أغانيه مذاعة على أوسع نطاق فى الملاهى الليلية، ولكن رُغم ذلك سنجد الفريق يعى جيدًا معنى أن يكون مُعبرًا عمّا يشعر به الجمهور، فقاموا بصناعة أغنية (news today) للحديث عن الأوجاع التى يعانى منها المواطن جراء انتشار فيروس «كورونا».

 

أيضًا كتبناعن ألبوم (everyday life) لفريق الروك الأشهَر «Coldplay»، وكانت جميع أغانى الألبوم تتحدث عن القيم الإنسانية المشتركة فى ظل اشتعال الأزمات والحروب بين الشعوب وبعضها، وتم تصوير كل أغنيات الكليب «لايف» فى دولة الأردن الشقيق للتأكيد على أن أغانى الألبوم ليست مِلكًا لثقافة بعينها، بل هى محاولة للتقريب بين المختلفين مع بعضهم البعض بسبب اللون أو اللغة أو الجنسية أو الدين أو لأى سبب آخر.

 

ولو نظرنا بشكل أوسع عمّا يُقدَّم من أغانٍ على مستوى العالم؛ فسنجد أن هناك تعبيرًا حقيقيّا من الفنانين عن المشاكل التى يشعر بها الجمهور، إلّا فى الوطن العربى ومصرنا الحبيب، فالأغنية عندنا- المَرْضِى عنها أعلاميّا ورقابيّا- أصبحت مملة ومتوقعة ومحفوظة، وموضوعاتها تدور حول الأحضان والشفايف والرموش والشعر والقوام وتفاصيل الجسد والتغزل فيه، أو عن الهجر والفراق والخيانة، وما إلى ذلك من الموضوعات التى لا تتحدث سوى عن علاقة الرجل بالمرأة، وهذا أمرٌ مهم قطعًا، ولكن هل هذه الموضوعات هى فقط التى تشغل الجمهور العربى حاليًا؟

 

أين الأغانى- مثلًا- التى صنعت لتُعبر عن معاناة الجمهور مع فيروس «كورونا»، ولا أقصد الأغانى الدعائية السخيفة التى صُنعت بمفهوم استغلال «الإفيه وركوب الترند»، ولكن الأغانى التى تُعبر عن هموم المواطن نفسه؟!

 

أين الأغانى التى تُعبر عن قلق الجمهور من أزمة سد النهضة الإثيوبى والضرر الذى قد يقع على نهر النيل؟!

 

أليس هذا النيل الذى غنّى له «عبدالوهاب» و«عبدالحليم حافظ» و«محمد منير» و«عمرو دياب» وتناولته الكثير من الأغانى «العاطفية» كمَنظر جمالى ليس إلّا!

 

أين هى الأغانى التى تحذرنا من خطورة سيطرة الأفكار المتطرفة والمتشددة على عقول المجتمع، والتى قد تساهم فى خروج الكثير من الإرهابيين الذين يهددون حياتنا؟!

 

فى الماضى كانت دائمًا الحجة، أننا نعيش فى مرحلة سلام ولا يوجد لدينا تحديات كبرى، فلذلك نغنى للحب ونتغزل فى أجساد النساء، وعندما كنا نأتى لهؤلاء بأعمال لفنانين كان لهم دور فى رفع الروح المعنوية للمواطنين فى فترات الانكسار مثل النكسة، أو حتى فى الاحتفال بالنصر مثلما حدث بعد حرب أكتوبر العظيمة، فكان الرد يأتى أننا لا نمُرّ بمثل هذه الظروف حاليًا، ولكن نحن الآن نمُرّ فعلًا بأوضاع صعبة على مستويات عديدة، فأين أعمالكم؟! 

 

ونتيجة لكل هذا، فمن الطبيعى أن نجد موقع «Billboard» يعلن منذ أيام قليلة عن أن «حمو بيكا» هو الفنان الأهم فى قارة إفريقيا بأكملها بواقع مشاهدات تتجاوز المليار وأكثر من 12 مليون مشاهدة خلال عام!

 

أنتم أيها الفنانون، المسئولون الرئيسيون عن ذهاب الجمهور إلى ما تصفونه بالإسفاف وتسخرون منه، فـ«حمو بيكا» على الأقل يعبر عمّا يشعر به بالطريقة التى يفهمها ويجيدها حتى لو اختلفنا معها، فهو على الأقل عندما شعر بالخوف من «كورونا» صَنع لها أغنية، ونقيس على ذلك العديد من الأمثلة، التى تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن الكثيرين من صُناع الأغنية يتعاملون حاليًا مع الفن بمفهوم.. ولا بلاش أحسن!.>