نار «الخاطفين» تحـرق «الإسلامييـن»!
محمد تمساح
علامة استفهام كبيرة ومعقدة تحاصر الإسلاميين بجميع أطيافهم فى أسلوب تعاملهم مع أزمة الجنود العائدين.. حيث كشفت اختلافات شديدة بين السلفية الجهادية والجبهة السلفية والدعوة السلفية والإخوان والجماعة الإسلامية والجهاديين فى موقفهم من الأزمة وتوابعهم، فبعضهم يدافع عن الخاطفين ويرونهم أول خط دفاع عن مصر فى سيناء ويطالبون بتنفيذ طلباتهم ويشجعون صفقة الإفراج عن معتقليهم، وكان غريبا أن الجماعة الإسلامية تعتبر الخاطفين مجرمين يجب القبض عليهم فورا، فيما تطالب الدعوة السلفية بنشر الفكر الوسطى بين أهالى سيناء للتخلص من هذا التطرف، وتدعو أصوات إخوانية بإعادة النظر فى معاهدة «كامب ديفيد» لتغطية الفراغ الأمنى فى المنطقة «ج»
من ناحيته حاول اللواء عبدالفتاح عتمان مدير الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية الدفاع عن الاتهامات الموجهة للأمن بقوله: إنه منذ اختطاف الجنود السبعة فجر الخميس قبل الماضى والجهود والملاحقات الأمنية مستمرة، وتم تحديد أن الخاطفين من مجموعة القبائل المنتشرة فى سيناء خاصة المحصورة ما بين رفح والشيخ زويد، ويستعينون بعناصر أخرى من التكفيريين الجهاديين الموجودين بالمنطقة هناك، وتم تحديد الأماكن المتوقع أن يكون فيها الخاطفون ومحاصرتها لتتم مداهمتها.
أضاف عتمان: إن الحملة الأمنية مستمرة للتعامل مع هذه العناصر ومتابعتها والقبض عليها، محذرا من إمكانية أن يتكرر نفس السيناريو مرة أخرى فى سيناء، فأن تستوقف عسكريا عمره 18 سنة وهو راجع من إجازته ورايح وحدته وتصطحبه فهذا وارد، وهذه عملية سهلة، لكن مغزاها أكبر من كده وهو الدلالة على الاستهانة بقدرة الدولة.د. شعبان عبدالعليم الأمين العام المساعد لحزب النور أكد لنا أن المشكلة لم تنته بعد الإفراج عن الجنود، وهذه بداية لحل المشكلة لا النهاية، والسماح لأصحاب الدعوة خاصة السلفية لنشر الفكر الوسطى الذى لا يميل إلى العنف خاصة أن د. ياسر برهامى والشيخ أحمد الشريف والشيخ شريف الهوارى لهم حضور جيد فى سيناء.
د. خالد سعيد المتحدث الرسمى للجبهة السلفية قال: إن تحرير الجنود المخطوفين أوضح صدق رؤيتهم بأن التفاوض هو الحل، وذلك لا يهز الهيبة المصرية ولن تكون سنة كما يقال أن كل واحد له مطالب يوقف سيارة وينزل العسكرى ويخطفه لأن الذى سيحمى هؤلاء العساكر هم أهالى سيناء، وإذا كان الخاطفون من أبناء مصر ومن أبناء القبائل فى سيناء ولهم مظالم فلنتفاوض معهم وإذا كانت مطالبهم مشروعة فلنستجب لهم، لأن الحل العسكرى ليس حلا لمشاكل لها جذور، فأهل سيناء واقع عليهم الظلم منذ عقود ويجب دفعه، وأهلنا فى سيناء هم جنود ودروع مصر فى سيناء وسيحافظون على هيبة العسكرية المصرية هناك، ولكنه فى الوقت نفسه يستنكر المساس بجنودنا خاصة فى منطقة حساسة مثل سيناء.
مستنكرا حصر البؤر الإجرامية فى سيناء لأن هذا يوحى أن أبناء سيناء مجرمون، فأهل سيناء جزء من أهل مصر لهم مظالم مثل أى واحد فى مصر ولهم حقوق منذ عشرات السنين لم يأخذوها، وممكن أى واحد من أبنائهم يخطئ التصرف كما هو الحال مع أى واحد فى الدنيا وفى مصر، ولكن ليس معنى ذلك أن كل أهل سيناء مخطئون.. موضحا أنه لا فرق بين القبائل فى سيناء والجهاديين، لأن الجهاديين هم أبناء هذه القبائل فى سيناء ومفيش حد غريب يقدر ييجى يدخل بينهم، والجهاديون فى سيناء مخزون استراتيجى للدولة كلها وأعلنوا أنه ليس خطهم الدخول فى مواجهات عنيفة مع الدولة.
جمال سمك - الأمين العام المساعد لحزب البناء والتنمية - الذراع السياسية للجماعة الإسلامية يقول: إن الحل العسكرى فى أزمة الجنود المختطفين كان مطلوبا للحفاظ على هيبة الدولة حتى لا تسقط ولا تُبتز، لأن مش كل اتنين معاهم سلاحين يوقفوا سيارة ويخرجوا العساكر ويخطفوهم، و لكن مشكلة الحل العسكرى أنه كان لا يضمن سلامة الجنود، وأن يعرض الخاطفون مطالب مقابل الإفراج عن المخطوفين فهذا موجود فى كل بلاد العالم، ولكن المعادلة الصعبة هى كيف تتعامل الدولة مع الأزمة للحفاظ على أرواح المخطوفين وأيضا الحفاظ على هيبة الدولة.سمك أضاف أنه عاش فى سيناء 7 سنوات ويستبعد خطف مشايخ القبائل لجنودنا، وغير معلوم حتى الآن من الخاطفون وهل هم مصريون أم أجانب وهل هم من القبائل أم من الجهاديين، لأنه لم يخرج تصريح من الخاطفين بمطالب محددة أو بالإفراج عن مساجين محددين لتتم معرفة من هم.
مضيفا أن المعارضة حاولت أن تستغل حادثة خطف الجنود للنيل من السلطة الحاكمة وكان ممكن تراهن على أرواح هؤلاء الجنود المخطوفين.. لا مستبعدا علاقة حماس بحادثة خطف الجنود، لأنهم أكثر من أضير، فبعد الاختطاف أقفل المعبر على الفلسطينيين وضيق الخناق على جميع الأنفاق، وحماس تتبع الإخوان فى الفكر فقط مثل إخوان الأردن وإخوان سوريا وغيرها، ولكن كل دولة لها تنظيمها الذى يختلف من دولة لأخرى، والتنظيم العالمى للإخوان حق يراد به باطل، لأن الذى يجمعهم الفكرة وهى التعاون والسعى لإقامة شرع الله بأيديولوجية معينة إسلامية مثل الاشتراكية والماركسية لها مبادئ تجتمع حولها أفرادها.
الشيخ طارق البحيرى عضو الهيئة العليا لحزب «الهدف» تحت التأسيس قال: إن خطف الجنود كان الهدف منه عرقل بناء مصر ورئيسها فى هذا التوقيت الصعب الذى تمر به البلاد، والمستفيد من عملية خطف الجنود هم أعداء الإسلام الذين لا يريدون أن تبنى مصر، لأن بناء مصر يهدم الكيان الصهيونى بدون قتال.. مطالبا بضرورة القبض على الخاطفين ومعاقبتهم للتأكيد على هيبة الدولة وعدم تكرار ذلك مستقبلا، وإذا كان الخاطفون قاموا بذلك لعودة حقوق لهم أو ظلم وقع عليهم، فذلك مسلك غير شرعى وكان يجب سلك المسلك الشرعى بالقانون.. مشددا على وجوب استمرار الجهود الأمنية فى سيناء بعد تحرير الجنود لعدم تكرار ذلك ولضمان الاستقرار وللقضاء على البذور الإجرامية المنتشرة هناك، والقوات المسلحة قادرة على ذلك.. وعلى الرئاسة سرعة بناء مؤسسات الدولة لعودة مصر بكامل قوتها إلى الساحة، كما يجب تحقيق العدل لأن العدل يدفع الظلم، وضرورة الإسراع فى تنمية سيناء لأن سيناء مليئة بالكنوز وهى أرض الأديان.
«أحمد إمام» عضو المكتب السياسى لحزب مصر القوية قال: إن النظام الحالى يدير الملف فى سيناء بنفس طريقة النظام السابق، لأن الدولة المصرية سابقا وحاليا تهمش المجتمع السيناوى، والتعامل فيه تقصير طوال الوقت مع المواطن السيناوى الذى يعانى من التهميش وثالوث الجهل والفقر والبطالة، وما نراه جناية منه يراه هذا المواطن معايشة للواقع لأنه لا يستطيع أن يأخذ حقه إلا بالقوة، لذلك يجب التعامل بجدية مع المشكلة السيناوية لإزالة مخاوفهم وإلا فسوف تتكرر الحوادث فى سيناء ما لم تحل مشكلات أهالى سيناء.. مستغربا من ملابسات الخطف والإفراج عن الجنود، لأنه لم يعرف من الخاطفون ولم يتم القبض عليهم، كما لم يتم معرفة هل تم تحرير الجنود أم تركهم الخاطفون بمفاوضات وما المقابل؟.. مضيفا أن الرسائل المتبادلة بين مؤسسات الدولة غريبة، فالجيش يقول إحنا مأمنين جنودنا وتم اختطافهم وهم لابسين مدنى وده غياب أمنى شرطى، والشرطة تقول إنها منتشرة، ثم الرئاسة تقول إنها تقود العملية فى سيناء للإفراج عن الجنود، والجيش يقول ولاؤه للوطن وأنها بدأت الاستعداد للتدخل العسكرى، ثم تعقد الرئاسة اجتماعا مع الأحزاب وتقول: العلاقة مع الجيش جيدة، مما يجعلك تعرف أن هناك مشكلة، فعندما تجد كل طرف يؤكد ما هو معلوم بالضرورة تعرف أن فيه مشكلة موجودة.
وأوضح إمام أن أداء المجلس العسكرى فى سنة ونصف السنة بعد الثورة وطريقة أداء الرئيس محمد مرسى خلال سنة يعطى إحساسا بعدم الثقة، ويجعلنا نعيش أزهى عصور غياب الشفافية فى العلاقات بين مؤسسات الدولة، ويجب على مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية أن تتعامل بشكل أفضل وبشفافية وتطلع كل ملابسات الخطف والتحرير للرأى العام، ويجب أن نتكلم فى الحاجات المسكوت عنها قبل إعادة نشر القوات المسلحة فى سيناء وإعادة صياغة اتفاقية كامب ديفيد، لأن مشكلتنا فى سيناء عدم فرض سيادتنا على كامل الأرض، مما يجعل إمكانية تكرار سيناريو خطف الجنود واردا.. منتقدا الموءامات التى تقوم بها مؤسس الرئاسة، وأولها كانت لا تريد التعامل الأمنى فى سيناء لأنه قد يخل بالرئيس الإسلامى ويستقوى الجماعات الجهادية وغير مطلوب فتح جبهات أخرى، والمشكلة أن «مرسى» مازال حتى الآن لم يستقل عن جماعة الإخوان.
وعلى الجانب الآخر أشاد الدكتور سعد عمارة وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشورى بأداء الرئاسة فى إدارة العملية للإفراج عن الجنود المختطفين، وأن النتيجة أفضل نتيجة لعملية بهذا الشكل، حيث لم يقتل ولم يجرح أحد كما لا توجد مطالب، وكان أمل الإفراج عن هؤلاء الجنود لذلك لا يجب تسييس الموضوع، والإفراج عن الجنود إنجاز للرئيس وللجيش وللمخابرات وللشرطة.. طالبا من المعارضة عدم توظيف السياسة فى الأمور التى تحتاج إلى تجمع وطنى وتلبية دعوة الرئيس مرسى للمعارضة للتوافق من أجل مصر، لأن قضية الاستقطاب لا تفيد لا المعارضة ولا الحكم، فمثلا قبل الإفراج عن الجنود كان فيه حالة استقطاب وحاولوا أن يجعلوا الموضوع على أنه تباطؤ من رئيس الجمهورية للتدخل العسكرى للإفراج عن الجنود ونسوا أن فيه أرواح ممكن تزهق، ولو كان حد قتل من جنودنا كانوا قالوا الرئيس السبب ويتحمل المسئولية السياسية، كما أن البعض قال حادثة خطف الجنود للإطاحة بالفريق السيسى وهذه أوهام، لأن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع يتعامل معه بهذا الشكل والعلاقة طيبة والتعاون بينهما لصالح الوطن.. مضيفا أنه يجب تنمية سيناء لاستعادة الأمن، فوجود ناس وشركات ومصالح وهيئات يحقق التنمية فى سيناء فيحقق الأمن، والحكومة عملت هيئة عليا لتنمية سيناء تضم 13 وزارة تساعدها، خاصة الوزارات ذات العلاقة بالخدمات فى سيناء مثل وزارة الصحة والتعليم والصناعة والكهرباء والزراعة والرى، لأن المشكلة كان فيه وزارات بتشتغل للتنمية فى سيناء ولكنها كانت فى جزر معزولة ولا يرون بعضهم، لذلك قامت هيئة تعمير سيناء لحل هذه المشكلة، مشيرا إلى أن سيناء بها مشكلات كثيرة يجب حلها، ومن المشاكل الغريبة التى طرحها أهالى ونواب سيناء أنه توجد قبائل على الحدود لا تحمل الجنسية المصرية.
وأوضح عمارة أن لجنة الدفاع والأمن القومى أوصت بتفعيل مجلس الأمن القومى وفقا للمادة 293 من الدستور ليجتمع الرئيس مع أعضائه مجتمعين لمناقشة الأزمات بدلا من الاجتماع مع كل عضو على حدة، حيث يتكون المجلس برئاسة رئيس الجمهورية ويضم فى عضويته كلا من رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب والشورى ووزير الدفاع والداخلية والمالية والخارجية والعدل والصحة ورئيس المخابرات العامة ولجنتى الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب والشورى، وللمجلس الحق أن يدعو من يراه من ذوى الاختصاص والخبرة لحضور الاجتماع، ويختص بمواجهة حالات الكوارث والأزمات بشتى أنواعها واتخاذ ما يلزم لاحتوائها.. مشيرا إلى أن اتفاقية كامب ديفيد تسبب فراغا أمنيا، خاصة فى المنطقة جـ، فحسب الاتفاقية يوجد بهذه المنطقة عدد محدد جدا من جنود الشرطة وتسليح خفيف للغاية، ولكن هذه المنطقة من رأس محمد فى خليج العقبة إلى البحر المتوسط بخط طول ما يقرب من 400 كم وبعمق فى أقصى عرض 33 كم وأقل عرض 3 كم، فهذه المساحة الكبيرة تقدر بآلاف الكيلومترات، ومقابلة لعدو إسرائيلى، ورغم ذلك بها عدد محدد من القوت، مما يجعلها منطقة فراغ أمنى واضح، مما كان سببا فى حادثة قتل جنودنا فى رمضان الماضى أو فى حادثة خطف جنودنا الحالية أو فى الحوادث فى سيناء، لذلك مطلوب إعادة النظر فى اتفاقية كامب ديفيد فيما يخص المنطقة جـ، لأن الوضع فى غاية الخطورة هناك وتنتشر البؤر الإجرامية، أما كامل الاتفاقية ربما يكون الوقت غير مناسب الآن، وذلك لإعادة الأمن إلى سيناء.







