الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«تشرد» المصريين بين «تمرد» و«تجرد»!

«تشرد» المصريين بين «تمرد» و«تجرد»!
«تشرد» المصريين بين «تمرد» و«تجرد»!


لكل من فقد الثقة فى الشعب المصرى، ويصرخ ليل نهار أن الثورة المصرية ضاعت وسرقت من جماعة الإخوان المسلمين، ولكل من فقد الإيمان بالثورة كفكرة وأسلوب حياة، جاءت نجاحات حملة «تمرد» والخوف الإخوانى منها لتؤكد أنه لايزال هناك أمل، ومصر لن تركع مهما كانت الضغوط، ولكل هؤلاء الذين أوسعونا حديثا عن الاستقرار والرضاء بالأمر الواقع، فهناك قرابة الـ3 ملايين متمرد حتى الآن يردون على هذا اليأس والإحباط وتثبيط العزيمة ليثبتوا أن الثورة مستمرة والشعب أدرك الدرس ولن يسقط فى عار العبودية والذل مرة أخرى.
حملة «تمرد» اتخذت لنفسها موقفًا صريحًا فى ظل تلك المواقف الغائمة للقوى السياسية والمعارضة المتخبطة بلا هدف، وعندما شعرت التيارات الإسلامية بخطورتها وقدرتها على التأثير فى الشارع أطلقت دعوة «تجرد» التى تدعم الرئيس لاستكمال مدته الرئاسية.. الأمر الذى يحتاج قراءة فى هذا المشهد والتعرف على مدى أهمية هذه الحملات وقوتها على أرض الواقع، ومدى قانونيتها وهل تستطيع هذه التوقيعات أن تسحب الثقة من مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
محمود بدر المتحدث باسم «تمرد» أكد أنه كالعادة يجب أن يثور شباب مصر ويعلنها بشكل صريح وبدون خوف، ودون توازنات، وهى أن الانتخابات الرئاسية المبكرة تحت إشراف رئيس المحكمة الدستورية العليا لضمان عدم  فى ظل حكومة ائتلافية وطنية، هى الحل للخروج من هذا المشهد السياسى المعقد
فى الحالة القانونية العادية يتم سحب  الثقة من خلال مجلس الشعب، ولكن لا يوجد لدينا مجلس شعب الآن، وسلطة التشريع مغتصبة لصالح مجلس الشورى التابع لجماعة الإخوان، وطالما الوكيل غير موجود يبقى اللجوء للأصل وهو الشعب مباشرة لسحب الثقة من مرسى.
وعلى المتشدقين بأن حملة «تمرد» غير قانونية، النظر إلى دلالة إفراج محكمة سوهاج عن أربعة من أعضاء الحملة تم القبض عليهم أثناء تجميعهم توقيعات سحب الثقة كما يقول بدر، وصرح هؤلاء القضاة بأن جمع توقيعات تمرد لا يوجد به أى مخالفة للقانون.
«وليد المصرى» المنسق العام للحملة قال: إن هناك من يريد أن يصل بالمجتمع إلى حالة النصف ثورة أو لا ثورة، ومن ثم قررنا أن نسأل الشعب الذى نزل بالملايين لانتخاب د.محمد مرسى خوفًا من عودة النظام السابق، هل هم موافقون على سحب الثقة من هذا الرئيس الذى مضى على حكمه عام من الفشل أدى لانقسام المجتمع، ومن ثم فنحن نراهن على إرادة الجماهير، ونتوقع نزولهم فى 30 يونيو أمام قصر الاتحادية بشكل سلمى لكى يعبروا عن إرادتهم.
أما عن رقم الـ 15 مليون توقيع فهو ليس إلا دلالة رمزية لإبطال نظرية الإخوان المسلمين التى يروجوا لها باستمرار بأنهم أصحاب الشعبية فى الشارع عكس المعارضة، وأنهم نجحوا بشرعية الصندوق، ومن ثم نريد أن نقول لهم إن الديمقراطية هى وسيلة وليست غاية، فالغاية هى أن تتحقق السعادة للشعب والوسيلة هى الديمقراطية والصندوق، وهذا لم يحدث ومن حق الشعب أن ينزل ويعبر عن إرادته برفض هذا الأمر الواقع.
وتابع «المصرى»: عندما نزل الشباب فى الثورة كانوا يطالبون بتحقيق الكرامة للإنسان المصرى فى الداخل والخارج، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولكن فوجئنا بأنه كما كان مبارك كنزا استراتيجيا لإسرائيل، فمحمد مرسى الصديق الوفى لشيمون بريز، وعندما طالب الثوار بتحقيق العدالة الاجتماعية، اتجه مرسى نحو سياسات رأسمالية ويشحت على المصريين ويستخدم سياسة التسول بدلا من بناء القطاع العام واسترجاع أموال مصر المنهوبة من قبل شلة رجال الأعمال، استبدلهم مرسى برجال أعمال ممن يدخنون البايب إلى رجال أعمال من الحرية والعدالة من مستخدمى السواك.
أما عن الدستور، فقال: إنه فى حال إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة سوف نكتفى إما بتعديل المواد الخلافية، أو العودة لدستور 71  وتعديل تلك المواد التى طالبنا بها مبارك، وحتى لو جاء رئيس جديد وكان أحد مرشحى الثورة مثل حمدين صباحى وتحدى إرادة الجماهير، وتصور نفسه فرعونا، فأنا هكون أول واحد هنزل ضده.
«محمد عبدالعزيز»- عضو التيار الشعبى وعضو مؤسس بـ«تمرد»: البلد وقعت فى أزمة منذ الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى، وكان يمثل خروجًا على شرعية انتخابه التى جاءت وفقا لعقد قانونى محدد، ولكنه خالف هذا العقد، وتم جر البلاد إلى حالة من العنف المنظم والمقصود ونزلت ميليشيات الإخوان المسلمين ضد المتظاهرين السلميين أمام الاتحادية، وفى هذه اللحظة تحولت الأزمة إلى أزمة شرعية، وأصبح كثير من المتظاهرين يرن أن مرسى رئيس غير شرعى، فى مقابل قوى سياسية معارضة كثيرة ظلت تدور حول الكلمة ولا تريد أن تقول أن مرسى رئيس غير شرعى بشكل واضح، وترددت مصطلحاتهم بمثل شرعية مرسى على المحك أو أنه فقد شرعيته الأخلاقية ولم يفقد شرعيته القانونية، ولكن فى النهاية منذ أن سقط الشهداء سقطت شرعيته.
مصطفى السويسى - منسق حملة تمرد بالسويس - يقول: إن أهم مميزات الحملة بالسويس هو إعادة وحدة الصف الثورى فى المحافظة بعد أن كان الشباب فى حالة فرقة.
أما عن الصعوبات التى تواجه العمل الجماهيرى فيقول: المضايقات التى تحدث تكون من مواطنين ينتمون إلى تيارات إسلامية، خاصة أن المحافظة سيطر عليها فى الفترة الأخيرة التيار الإسلامى، يتهمون الحملة بأنها ضد الإسلام، ووصلت للاعتداء على أعضاء الحملة فى ميدان الأربعين ومحاولة طردهم وتمزيق استماراتهم من قبل ملتحين، ولكن مع ذلك نلاحظ أن الحصار بدأ ينكسر بعد نزول الحملة وتفاعلها مع الجماهير التى شاهدنا لهفتها للتوقيع على الحملة، بل يوجد عدد من السلفيين أنفسهم يقومون بالتوقيع على الاستمارات نكاية فى الإخوان.
أما عن الآراء السياسية والقانونية حول الحملة فيقول خالد الشريف- المتحدث الإعلامى لحزب البناء والتنمية-: إن جمع التوقيعات لسحب الثقة من الرئيس التى تمارسها حملة «تمرد» هو قفز على المشهد السياسى، وبُعد عن الآليات الديمقراطية المعروفة، بل تأتى هذه التوقيعات ضد الإرادة الشعبية التى جاءت بمرسى عبر صناديق الانتخابات، مما يؤدى إلى فتح الباب للفوضى والشرور، حيث تقوم أى جماعة بعد ذلك بجمع آلاف التوقيعات لتأييد من تريد وإسقاط الآخر.
الشريف طالب أعضاء «تمرد» بالاستفادة من الاستحقاقات الديمقراطية القادمة كانتخابات مجلس الشعب، وعليهم العمل والالتحام بالجماهير وأن يعاقبوا الرئيس بعدم التصويت لحزبه، ومن ثم يتمكنون من تشكيل الحكومة القادمة، معربا عن أن إقصاء الرئيس بهذه الاستمارات هو جريمة فى حق الشعب وحق الثورة، بل تعطى «تمرد» قبلة الحياة للثورة المضادة التى تتربص بنجاح الثورة، بعد أن حقق الشعب إنجازا تاريخيا بانتخاب أول رئيس مدنى حتى لو كان البعض يكره الإخوان، فعلى هذه الأقلية أن تحترم الأغلبية وتنصاع لاختياراتها.
أما عن موقفه من حملة «تجرد» فقال الشريف: إن الجماعة الإسلامية ليست لها علاقة بهذه الدعوة فهى منظمة من قبل هيئة الأنصار التابعة للشيخ عاصم عبدالماجد ولم تأخذ الجماعة قرارا بشأنها وإن كانت تبدو فكرة صحيحة، لكن أرفض معالجة الفوضى بالفوضى، ولا يمكن الخروج عن القانون الذى تمارسه «تمرد» بمواجهتها بشكل آخر خارج عن القانون، فالفوضى تعالج بالقانون ومن ثم فلست معنيا كمواطن بالدفاع عن الرئيس أو حزب أو معارضة، بل الدفاع عن الشرعية والدستور وسلامة الوطن.
 

 
ويختلف معه أمين إسكندر- القيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى- حاسما بقوله: إن «تمرد» هى حملة تؤكد للمرة الثانية عدم شرعية مرسى من خلال الحصول على 15 مليون توقيع موثقة تقول «لا» لمرسى، مضيفا إن الرئيس فقد شرعيته الأولى عندما حنث باليمين الدستورية وقتل الثوار وسقط فى عصره نحو 100 شهيد، فضلا عن اعتقال المئات ومن ثم دعمتها جبهة الإنقاذ، وبالتالى عندما توقع الجماهير على استمارات سحب الثقة من هذا الرئيس لن يكون من فراغ، والمتشدقون بالصناديق أقول لهم الرئيس وجماعته هم الذين انقلبوا على شرعية الصناديق، وا حرفوا عن مسار الثورة وأهدافها.
وتابع «إسكندر»: الشعب هو القائد والمعلم الذى يمنح الصناديق شرعيتها ويسحبها وقتما شاء، فلن ننتظر أن يكمل مرسى مدته الرئاسية حتى يبيع البلد بأكملها، فقد عشنا معه شهورا من البؤس والفقر والسخرية من المجتمع الدولى والتسول، ومادامت المعارضة سلمية فمن حقها أن تتحرك من أجل إسقاط مرسى وإجباره على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

 
أما عن «تجرد» فقال إسكندر: يجب ألا ينسى عاصم عبدالماجد أنه قتل العشرات من الضباط فى أسيوط 1981 وعلق رقابهم على أسوارها وحملته هى مجرد دعوة تصدر من ذئب فى ثوب حملانى، مضيفا: لا أفهم كيف للإخوان ومؤيديها من التيارات الإسلامية أن تكون لديهم السلطة كاملة، سواء المؤسسة التشريعية بمجلس شورى منتخب بـ7٪ فضلا عن السلطة التفنيذية وتولى مرسى، وفى طريقها للسيطرة على القضاء لديها إصرار للخروج بالشوارع لتأييد نفسها، فالإخوان وأنصارهم «يضحكون على الناس» وهذه المجموعات المؤيدة لهم من الأحزاب السلفية هى تتسلق بهدف الحصول على مناصب وزارية أو محافظين والشعب المصرى ذكى ويفهم ذلك.
وحسما للجدل القانونى أكد د.رأفت فودة- أستاذ القانون بجامعة القاهرة- أن هذه التوقيعات قانونية 100٪ وسندها موجود فى جميع الدساتير المصرية السابقة أو دستور ما بعد الثورة، لأنها تندرج تحت مواد حرية الرأى والتعبير وحرية التظاهر، وبما أن المشرع لم يحدد طريقة معينة للتظاهر، فتأتى هذه التوقيعات باعتبارها صورة من صور التعبير عن الرأى وأحد أشكال التظاهر.
ولكنه أوضح أنه لا يوجد ما يسمى «سحب الثقة» كأحد مواد الدستور، سواء فى الدساتير المصرية أو بأى دولة أخرى بالعالم، فالدستور نظم محاكمة الرئيس وتأتى فى حالة الخيانة العظمى، والتى يعدم فيها أو تسحب الثقة منه وهذه الحالة لاتنطبق بالطبع على د.مرسى حتى الآن على الأقل، ومن ثم فمن الناحية الدستورية، سواء بمصر أو بالعالم لم يجعل المشرع من خلال نص قانونى وسيلة لإسقاط الرئيس من منصبه، إلا من خلال المحاكمة بتهمة الخيانة العظمى أو انتهاء مدة انتخابه.
أما عن الجدوى القانونية لهذه التوقيعات، فقال فودة إنها بمثابة بيان للرأى العام يعبر عن نسبة الغاضبين من الرئيس وسياساته، وإذا فاقت نسبة التوقيعات على الاستمارات وعددها 15 مليون تلك النسبة التى حصل عليها مرسى فى الانتخابات الرئاسية وهى 12 مليونًا، فهذا يكشف أن شعبية الرئيس وصلت للحضيض، مما يترتب عليها آثار سياسية خطيرة وليست قانونية، وعلى الرئيس وقتها أن يسرع بإرضاء هؤلاء المعارضين له، ويتعرف على مطالبهم وأسباب غضبهم، ويترجم ذلك فى تغيير سياساته وأسلوب إدارته للبلاد.
 
 
 
ويتوقع فودة أنه إذا لم يتخذ مرسى هذه الإجراءات واستهتر بهذه التوقيعات، فيؤدى إلى انقلاب هذه الملايين التى وقعت على استمارات سحب الثقة إلى النزول فى الشوارع، لتكون هذه التوقيعات بمثابة مقدمة تمهيدية لثورة جديدة كتلك التى أسقطت مبارك، ومن ثم على الرئيس أن يتفحصها بعناية.
«حملة تمرد» ليست من آليات التغيير الديمقراطية، بل هى افتئات على إرادة الشعب المصرى الذى انتخب الرئيس مرسى بإرادة حرة نزيهة، وهى جزء من العبث السياسى والاستمرار فيها يعبر عن نهاية دولة المؤسسات، هذا ما يراه ياسر محرز المتحدث الإعلامى لجماعة الإخوان المسلمين.
ويرد محرز على تصريحات أعضاء الحملة بأن الرئيس هو الذى انقلب على الشرعية بإصداره الإعلان غير الدستورى، مشيرا إلى أنه أصدره لمدة محددة شهرًا فقط، ثم ألغاه كله، أما جمع «تمرد» توقيعات على استمارات سحب الثقة فهذا غير قانونى وأن نسبة 2 مليون مواطن لاتمثل 90 مليونًا الآخرين ولاتستطيع أن تفرض عليهم رأيها بسحب الثقة من الرئيس، خاصة بعد نسبة التصويت المرتفعة على الدستور والتى عززت شعبية مرسى.
وأكد محرز أن أيضا حملة «تجرد» هى آلية غير ديمقراطية حتى لو جاءت تطالب بالشرعية واستكمال الرئيس لمدته، وعلى الجميع أن يقف خلف الرئيس مرسى بالنصيحة والانتقاد البناء لأن المواطن البسيط سئم هذه الصراعات السياسية، وردا عن تخوفات من نزول ميليشيات الإخوان لمواجهة مظاهرات 30 يونيو قال محرز: الجماعة قررت منذ يناير الماضى عدم النزول إلى الشارع حتى لانعطى فرصة للبلطجية والمجرمين لهدم الوطن.
«خالد المصرى» المتحدث الإعلامى لحركة 6 أبريل يرى أن «تمرد» ولدت عندما أدرك الثوار أن الرئيس المنتخب لايسير فى طريق تحقيق أهداف الثورة، بل تبنى فقط كل سياسات النظام المخلوع من قمع الحريات وملاحقة النشطاء وسجنهم، وتردى الأوضاع الاقتصادية والسياسية، ومن ثم أدركت الحركة أنه لاسبيل للإصلاح أو التغيير مع نظام جماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف المصرى: من يتهم الحملة بأنها افتئات على الشرعية، فنحن كثوار نرى أن الشرعية تأتى من صوت الشعب، وهذا الصوت الذى أعطى مرسى نسبة تصويت قامت بإنجاحه فى الرئاسة، تريد هذه الأصوات أن تسحب تلك الثقة التى منحتها له، وتطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لنصل إلى بديل يحقق أهداف الثورة ويقتص لدماء الشهداء.