خطة تحطيم الأهرامات
مرفت الحطيم
وكأن السياحة المصرية ينقصها أيضا أكثر مما تعانى منه طوال الفترة الأخيرة، جدد السلفى الجهادى سالم الجوهرى دعوته المثيرة بتحطيم الأهرامات وأبوالهول على صفحات واحدة من أشهر المجلات الفرنسية العالمية «ڤى إس دي».. أى أن الرسالة الكارثية وصلت لكل العالم، وكأنهم يريدون التأكيد على هذه المعانى الغريبة التى تغلق كل الأبواب أمام أى أمل لعودة السياحة، والتى تعانى أساسا من ضربات زيادة الجمارك الجديدة على مخصصاتها الغذائية وأيضا عواقب انفجار البالون الأقصرى الأخير! والجديد فى الأمر أنه بالفعل هناك خطة للتدمير بزرع المتفجرات فى أركان محددة تحت الأهرامات وأبوالهول، للتطهر من أموال السياحة الملوثة التى يقول إن الإسلام يرفضها!
وكان باسم يوسف قد خصص فقرة مطولة فى برنامجه الساخر للتهكم على هذه الدعوة المستفزة، لكن يبدو أن «مرجان» مصر عليها، ويعد المصريين والعالم بأنهم سيبكون على الأهرامات كما بكى العالم على تماثيل بوذا، فى الوقت الذى كانوا يحتفلون فيه بتدميرها!«مرجان» فور عودته من المشاركة فى تفجير تماثيل بوذا فى أفغانستان مع طالبان، تجول فى شوارع مصر بسيارته «البيچو» القديمة، كما لو كان لم يرهم من قبل، وقال للمجلة الفرنسية التى حاورته بهدف غامض بعد نوم فتنة، أنه بمجرد مشاهدته الأهرامات صرخ: يجب هدم هذه الأصنام، فهى كانت تعبد من قبل الفراعنة كما لو كانت آلهة وحتى اليوم مازالت تعتبر كذلك فى القرآن الكريم، الله يطلب منا أن نصلى له فقط، ويجب القضاء على أى عقبة أمام عبادته.
هذا الرجل تقول عنه المجلة الفرنسية إنه معروف عنه العنف بعد أن حارب فى أفغانستان وباكستان خلال 22 عاما، حتى بلغ عمره اليوم 55 عاما، وأنجب معظم أبنائه الثمانية خارج مصر اهتم كغيره ممن عاشوا فى أفغانستان بتحفيظ أبنائه القرآن حتى حفظه ستة منهم وحصل على بكالوريوس التجارة قسم إدارة الأعمال، ومهد ذلك الطريق له بعد أن عاد من رحلة الاغتراب لكى يعمل بالتجارة، رغم عجزه عن الحركة إلا من خلال الكرسى المتحرك الذى يقضى عليه معظم وقته!
ومن واقع الملفات المصرية صدرت ضده أحكام عسكرية فى قضية «العائدين من ألبانيا» رقم 8 لسنة 98 بالسجن المؤبد، وهى نفس القضية الصادر فيها حكم بالإعدام ضد أيمن الظواهرى وقضية رقم 18 لسنة 93 والمعروفة بـ«تنظيم طلائع الفتح» التى واجه فيها عددا من الشباب الإسلامى العائد من أفغانستان بعد التدريب إلى مصر، تهمة إعادة إحياء تنظيم الجهاد فى مصر للقيام بعمليات إرهابية.
تم احتجازه من قبل جهاز أمن الدولة هو وأسرته لمدة تزيد على عام كامل حتى قيام ثورة 25 يناير، بعد أن تسلمه الأمن المصرى من السلطات الباكستانية التى اختطفته من منطقة وزيرستان القبلية، الجدير بالذكر أن قضية «العائدون من ألبانيا» الذين ينتمى غالبيتهم إلى جماعة الجهاد، تضمنت 107 متهمين، تمت محاكمة 44 منهم حضوريا والباقون غيابيا، وتم إطلاق سراحه بعفو صحى بعد الثورة بعام.
«مرجان» يقول إن هناك الآلاف من المسلمين يتقاسمون معه نفس الأفكار، الأهرامات تأتى لنا بأموال ملوثة من السياحة، والدعارة، والقمار، والكباريهات، والخمور، وكل هذا يرفضه الإسلام، وتدمير تلك الأصنام هو واجب شرعي، وقد أعطانا الله الأمر بذلك.وعلى جانب آخر تقول المجلة الفرنسية إنه منذ وصول مرسى للحكم خرجت علينا الكثير من الوجوه من الإسلام الأصولى التى تطالب بتدمير الحضارة الفرعونية، حيث إنها وفقا لهم وثنيات ضد الدين، وفى منطقة الجيزة يوجد هرم خوفو الذى بنى منذ 4500 عام ومدونة فى التراث العالمى وإحدى عجائب الدنيا السبعة، أصبحت اليوم هدفا للسلفيين الجهاديين.
الغريب أن بعض هؤلاء السلفيين فكروا فى أن يتم طلاء أو تغليف الأهرامات بالشمع حتى يمنع عنها أى نوع من العبادة، ولكن فى الأزهر كان الرأى مختلفا تماما حيث درس أعضاء هيئة الفتوى هذه المطالبات، وكانت آراؤهم الدينية واضحة: الآثار المصرية هى التراث الثقافى للبلاد، الأهرامات وأبوالهول أو التماثيل فى الأقصر لم تكن يوما أصناما تعبد، ولا المصريون ولا السياح قاموا بالصلاة لها.وفى الجيزة كان يجلس الشيخ السلفى مختبئا فى أحد المطاعم التى من الصعب الوصول إليها من قبل الشرطة، وكان الوقت مبكرا وطلب حمام محشو ولم يكن هناك أى شيء يخفض شهيته ونيته وعزمه على تحقيق خطته وقال الجوهرى «لا أحد كان يعتقد أننا قادرون على تدمير تماثيل بوذا فى باميان بأفغانستان، ولكننا فعلناها وسنفعل الشيء نفسه مع الأهرامات».
الجوهرى كان أحد الجهاديين فى مجموعة مسلحة فى كابول وكان أحد رجال زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن» ويقول: أكلت معه على مائدة واحدة عدة مرات، وحتى كيف استعان به الملا عمر زعيم طالبان أفغانستان لكى يشرف على هدم تماثيل بوذا، مضيفا أنهم لم ينجحوا بمفردهم فى تدمير تلك الأصنام بالرغم من استخدامهم للمفرقعات والأوناش، فقد كانت محفورة فى الجبال ولكن مجموعة من عشرة رجال كنت أنا قائدهم قد وضعنا خططا تقنية، ونجحنا بالفعل فى تدميرها، وكانت تلك الخطة هى زرع المتفجرات فى نقاط وأركان معينة، ومحددة وتوصيلها بعضها ببعض ثم التفجير، وفى الوقت الذى كان فيه العالم كله يبكى على تلك التماثيل كنا نحن وطالبان نرقص فرحا على أطلالها!
الجوهرى يكشف للمرة الأولى أن بن لادن كان من المفترض أن يكون موجودا فى لحظة التنفيذ وكان فى طريقه إليهم إلا أنهم اتصلوا به وهو فى منتصف الطريق وأبلغوه بالنبأ السار من وجهة نظرهم بأنهم دمروها بالفعل فعاد.وتقول المجلة الفرنسية فى نهاية حوارها مع الجوهرى إنه بعد تدمير تماثيل بوذا انتهت مهمته وعاد مرة أخرى إلى باكستان إلى أن أصيب فى قصف أمريكى للمناطق القبلية وتم علاجه فى سوريا، ولدى قيام صحفى المجلة الفرنسية والسلفى الجهادى الجوهرى من المطعم قال لهم بإصرار شديد «ما حدث فى أفغانستان سوف يحدث فى مصر المسألة مسألة وقت فقط.وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن السلفية الجهادية مصطلح أطلق منذ نهاية الثمانينيات على بعض جماعات الإسلام السياسى والتى تتبنى الجهاد منهجا للتغيير، برز كتيار فكرى فى عهد السادات!
ويقوم فكرهم على مبادئ الحاكمية وقواعد الولاء والبراء وأساسيات الفكر الجهادى السياسى الشرعى المعاصر.والذى يرى أن التغيير بالقوة هو أنسب وأصح الوسائل للتحرر وتحكيم الشريعة وتصحيح البنية الأساسية الدينية والاجتماعية والسياسية.والسلفية الجهادية هى ثانى أبرز تيارات الحركة السلفية المعاصرة مع السلفية العلمية ومصادرهم واحدة، وإنما يختلفون مع تيار السلفية العلمية والإخوان فى تبنيهم لخط ومنهج التحرك الثورى أو المسلح من أجل التغيير وليس التربية والتعليم أو البرلمان من أجل الإصلاح لرأيهم بأن هذه الأنظمة متجذرة ومدعومة من الخارج وفشل معها الإصلاح، والتيارات الأخرى تعتبر أن هذا استعجال للتغيير وتعريض النفس للتهلكة وبعضها يعتبر هذا خروجا على الحاكم الذى يجب طاعته.







