المصريـون أدمنوا المهدئات والســاسة فى غيبوبة!
محمد الجزار
مع نهاية عام المهزلة وبداية عام تحيطه علامات الاستفهام، كان من الضرورى أن نضع كل رموز المشهد على «شيزلونج» الطبيب النفسى الشهير د.أحمد عكاشة بداية من صناع القرار وحتى المعارضين والشارع ليحلل إلى ماذا وصلنا وإلى ماذا سنصل.. وكان مفاجئا للبعض أن دعا عكاشة إلى أن يوضع أغلب الظاهر من المشهد تحت العلاج النفسى، خاصة هؤلاء الذين يعلون مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن ومن تورطوا فى اغتيالات سابقة ومن هربوا من السجون وحتى النخبة المتخبطة!
وكشف عكاشة عن أن المصريين يعانون من حالة إحباط لا اكتئاب ويدمنون الآن الأدوية النفسية والمهدئات، مؤكدا أن متخذى القرارات وعكسها يعانون من غيبوبة حقيقية، وحمل النخبة مسئولية «نعم» للدستور، لا الأمية واستغلال الإسلاميين لها، لأن النخبة تركت هؤلاء الأميين دون توجيه، محذرا من أن المصرى اعتاد القبح السمعى والبصرى والحسى فى غياب الأمن والأخلاق
∎ بداية ما تحليلك لما يعانى منه المصريون من مساخر ومهازل 2012؟
- كل توقعات الشعب المصرى لحياة أفضل تبخرت فى العام الماضى، وفى الحقيقة أنه عندما قامت الثورة أعطت بعض القوى السياسية والدينية للناس أحلاما وطموحات مخادعة، فأصيبوا بالإحباط مما أدى إلى العنف وعدم القدرة على إدارة الغضب والعصبية الشديدة ثم ظهرت أعراض الاكتئاب وليس مرض الاكتئاب لأن المصريين مصابون بالإحباط وليس بالاكتئاب الذى له أعراض أخرى، وصحيح أن الحالة المزاجية للمصريين تأثرت بشكل كبير خلال العام الماضى وأدمنوا الأدوية المعالجة للأمراض النفسية بشكل ملحوظ، نتاج كل الظروف الحياتية التى مررنا بها وسرعة الأحداث والرغبة فى السيطرة على كل شىء.
∎ ما أسباب وصول المصريين لهذه الحالة النفسية المتدهورة؟
- أى مجتمع عندما تقوم فيه ثورة يقف ويبدأ البناء، ويغلق صفحات الماضى، لكننا لم نقف ولم نفكر فى البناء بل الجميع نزل الشارع وعدد كبير منهم يرفضون العودة لمنازلهم وأعمالهم، وظهر الانفلات الأخلاقى بل غابت المعايير الأخلاقية بشكل كبير، وعن الانفلات الأمنى حدث ولا حرج، والشعب يسأل نفسه فى كل مكان: كيف نعيش بدون أمن، والغريب هو وجود انفلات إعلامى مع زيادة التذوق للقبح، بمعنى أن الإنسان المصرى تعود على القبح السمعى والبصرى والحسى، مما يجعل الحالة الصحية النفسية للمواطن فى تأخر مستمر لغياب الأخلاق والأمن والإعلام الهادف، والجميع ينتظر عودة الوطن.
∎ هل تأثرت الأحوال السياسية بالحالة النفسية للمصريين؟
- نعم والدليل متابعة الانتخابات التى حدثت العام الماضى، حيث بدأ تراجع المواطن عن المشاركة فى الانتخابات تدريجيا بجانب وجود 40٪ من الشعب لا يقرأ ولا يكتب، ونجد فى انتخابات مجلس الشعب 60٪ شاركوا ثم 50٪ انتخابات الرئاسة وكنا نتمنى رئيسا يقوم بأعمال جوهرية وهادفة فى صالح الوطن ويقدم أعمالا جديدة وغير مألوفة وجاء الاستفتاء بنسبة 30٪ مشاركة مما يعنى أن المواطن المصرى فقد اهتمامه بالمشاركة فى الانتخابات إما ظنا بأن النتائج محسومة أو أنه أصبح يائسا من صاحب القرار الرئاسى، وهو دليل أن الذين كانوا يؤيدون التيار الإسلامى يتراجعون، وهذا متوقع فى انتخابات مجلس الشعب القادم بجانب أننا أصلا لا نثق فى بعضنا البعض.
∎ بما تحلل الحماقة السياسية أو الفوضى فى اتخاذ القرار مؤخرا؟
- الشعب أصيب بخيبة أمل فى توقعاته بأن حكم التيار الإسلامى سوف يكون أفضل مما سبق من عهد مبارك، لكن الهجوم والعداوة لمؤسسة القضاء أصابا المواطن فى أهم مقومات الظلم والعدل، وهى وجود من يحمى المواطن من الظلم وينفذ القانون، وهو ما أصاب الجميع بالصدمة ويصنع مواجهات لا مبررة بأن نضع مؤسسة الرئاسة فى مواجهة القضاء.. والصدمة الكبرى فى حصار المحكمة الدستورية والخوف من التحكم فى القضاء، والأصل أن حصار المحكمة هو انهيار لكيان الدولة واستمرار للحماقة وفوضى الأمن وغيابه رغم أنه أحد مقومات الانتماء، مما جعل الخارجين يسعون للانتقام من الشرطة بجانب الغلاء وانهيار الخدمات من صحة وتعليم ومواصلات وجميع الخدمات الأساسية أهمها الاقتصادية.
∎ هل الانشغال بالماضى يجعلنا أمام القرار ونقيضه؟
- نعم.. واضح أننا يشغلنا الماضى ويسيطر علينا وندبر لتصفية الحسابات، فى الوقت الذى يجب أن نفكر فى حاضرنا وننظر لمستقبلنا وإعادة بناء مؤسسات الوطن وهذا التراجع فى القرار ونفيه فى آن واحد يتضح منه أن مؤسسة الرئاسة لا تعمل بمفردها بل تعمل مع مرشد الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد وقيادات الإخوان فى كل مكان وأن خبراتهم السياسية محدودة، وهم يعملون منذ 80 عاما تحت الأرض وغير معتادين على الشفافية وقراراتهم فجائية واندفاعية بل تصل إلى الانتقام وليس فى صالح الوطن ولكن فى صالح الجماعة وعندما يصدر قرار لا يكون فى صالحهم أو يتعارض مع الجماعة يتم التراجع فيه ولا اعتبار للشعب وصالحه ومستقبله.
∎ صف لنا الحالة النفسية لحظة إصدار هذه القرارات والتراجع عنها؟
- صاحب هذه القرارات يكون تحت ضغوط من الترقب الحذر.. اليأس والقلق على المستقبل والخوف على الحاضر والندم على الماضى، مما يؤدى إلى الأعراض الاجتهادية والقلق فى اتخاذ القرار ثم العدول عنه أو الإصرار عليه رغم الأخطاء وهذا يؤسس لديكتاتور جديد.
∎ كيف تقرأ العام القادم لتيار الإسلام السياسى؟
- أريد أن ينتبه إخوانى وأبنائى فى التيار الإسلامى بأنهم ليسوا الأغلبية، وأن إنكار الواقع هو غيبوبة تؤدى إلى عدم الانسجام وانهيار الحكم، وعليهم أن يدركوا أن حجم التصويت على الاستفتاء تراجع جدا، ولا أنكر عليهم قدرتهم على الحشد والتنظيم وأتمنى أن يعلموا أن المشاركة مع الأغلبية هى الأساس لنهضة مصر ويجعل الكل ينتمى للوطن لا لحزب أو جماعة.
∎ فى بداية عام قادم بماذا تنصح الرئيس؟
- أذكره بأنه أقسم بالله وتعهد أن يحترم القانون والدستور وأن يكون رئيسا لكل المصريين، ويؤسفنى أنه فى الشهور السابقة لم يحدث ما أقسم عليه وأدعو الله أن يهدى مكتب الإرشاد وأن يستيقظ الرئيس لمصلحة مصر بدلا من مصلحة الجماعة.
∎ البرادعى، حمدين صباحى وعمرو موسى وقيادات أخرى كيف ترى عملهم السياسى؟
- هو عمل مقدر ومثمن لكننا نتمنى أن يكون كفاحهم ليس فقط على شاشات التليفزيون بل أدعوهم إلى الالتحام مع جموع الشعب والناخب الفقير والأمى الذى يملك إعطاء الصوت.
∎ شيوخ الفتنة والجماعات الإسلامية وتكفير المجتمع هل هم بحاجة إلى إعادة هيكلة نفسيا؟!
- بل إعادة تأهيل وتصويب وعلاج نفسى طويل لأن من دخل السجن أصبح لديه شكل خاص فى اتخاذ القرار، وأغلبهم لديه رؤية غريبة وفى حاجة لعلاج نفسى خاصة الذين شاركوا فى عمليات الاغتيالات السابقة.
∎ خالد يوسف، إلهام شاهين، باسم يوسف واستهداف بعض الدعاة السلفيين لهم.. رؤيتك لما حدث؟
- هو صراع بين التيار المدنى وبعض آراء من التيار السلفى والإسلام السياسى وعلى أصحاب هذا التيار عدم استهداف القوى المدنية ووقف الدعوة على شاشتهم التى لا يراها إلا أنصارهم لأن ذلك قدم شعورا سلبيا لدى المواطن المصرى وليتهم يبعدون عن الفتاوى الشو والدعاوى التى نهى عنها الإسلام وأن يعودوا إلى رشدهم. أما الذين يتعرضون لمثل هذا الهجوم فأطالبهم بعدم التأثر أو الوقوف أمام هذه الصغائر طويلا وأدعو الله أن ينقذ مصر من هذه الانقسامات والصراعات وأن يتكاتف الجميع لصالح هذا الوطن.∎
البرادعى
محمد بديع
حمدين صباحى