الأربعاء 6 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جنة الفقراء على رصيف الأزبكية

 



على مدار نصف قرن ظل معرض القاهرة الدولى للكتاب قبلة للمثقفين العرب، باعتباره المعرض الأكبر على مستوى الحجم ومشاركة دور النشر، إضافة إلى أنه يمثل تأكيدًا على دور مصر الثقافى سواء فى المنطقة العربية أو القارة الإفريقية. وفى 23 يناير الجارى يفتح المعرض أبوابه فى دورته الـ51، بالقاهرة الجديدة للعام الثانى على التوالى، وتقام هذه الدورة تحت شعار «مصر إفريقيا.. ثقافة التنوع»، وجمهورية السنغال ضيفًا للشرف، والمفكر الكبير جمال حمدان شخصية المعرض.

كما يشارك هذا العام فى المعرض 38 دولة، و900 دار نشر، ويتضمن 925 فعالية ثقافية وفنية.  على الجانب الآخر فإن الإقبال الكبير على معرض سور الأزبكية للكتاب المخفض خلال العامين الماضيين، جعله يتكرر العام التالى، وتكرار التجربة للمرة الثالثة على التوالى، رغم إعلان إدارة معرض القاهرة الدولى للكتاب، عن مشاركة 41 مكتبة من السور، فإن بائعى السور أعلنوا هذا العام عن تنظيم الدورة الثالثة لمعرضهم، وسط عروض وتخفيضات كبيرة على الكتب فى العام 2020. والذى ترجع بدايته لعام 2018، حيث قرر وقتها بائعو الأزبكية تنظيم معرض مستقل احتجاجًا على عدم المشاركة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب لأول مرة منذ عقود، بعد أن قرر اتحاد الناشرين المصريين والعرب عدم مشاركة أى بائع يقوم بعرض وبيع الكتب المزورة، حماية لحقوق الملكية الفكرية، واستبدل الاتحاد خيمة الأزبكية فى المعرض بجناح كبير للكتب المخفضة تابع لهيئة الكتاب تبدأ أسعاره من جنيه واحد، إضافة للاتفاق مع دور النشر المختلفة لتقديم خصومات على الكتب الأصلية التى يقبل عليها الجمهور.  بعد عامين تحوّل المعرض الذى نشأ فى الأساس احتجاجًا على عدم المشاركة فى المعرض إلى إحدى فعاليات السور السنوية الدائمة، وتقديم تخفيضات كبيرة على الكتب، ما جعله إحدى المحطات المهمة التى يتوقف عندها زوار القاهرة فترة معرض الكتاب، وقبلة مستقلة لمريدى الكتب القديمة. ومنذ بداية شهر يناير لا يقتصر بيع الكتب فى السور على نداءات الباعة فقط، بل تتحول مواقع التواصل الاجتماعى إلى منصة دعاية لمعرض الأزبكية والعروض المقدمة، إضافة لإقامة عدد من الفعاليات المختلفة، للإعلان عن «معرض سور الأزبكية المخفض للكتاب»، والذى يستمر مدة شهر كامل، فيبدأ قبل معرض القاهرة الدولى للكتاب بأسبوع، ويستمر عقب انتهائه أسبوعًا آخر.  مع دقات العاشرة صباح الأربعاء الماضى، تداخلت أصوات باعة السلع المختلفة فى أرجاء ميدان العتبة، بين بائعى الملابس والأحذية، لكن الصوت البارز كان لأصحاب المكتبات المصطفة بجوار بعضها بمحيط سور الأزبكية، معلنين عن انطلاق النسخة الثالثة من معرضهم المخفض، من عروض على الكتب، إضافة لكتب الأطفال وأدوات التلوين والرسم، وكتب المدارس المستعملة والحديثة. فى بداية اليوم، لم يكن الإقبال كبيرًا، إذ تزامن الوقت مع اختبارات الجامعات والمدارس، لكن المشهد تغيّر تمامًا بعد وقت الظهيرة، فبدأت وفود شبابية مختلفة الأعمار على التواجد، وسط تفاعل كبير من قِبل البائعين محاولين جذب الزبائن للمكتبات بالصوت المرتفع.  «عمر سعيد» صاحب الـ 10سنوات، أنهى اختبار الفصل الدراسى الأول، بمدرسته القريبة من سور الكتب القديم، واصطحب رفيقه للعتبة استغلالًا للفرصة التى سمع عنها من خلال والدته منذ أسبوع: «علمت أمى بشأن معرض سور الأزبكية المخفّض من خلال الفيس بوك.. وعرضت على فكرة الذهاب فى أى وقت لاقتناء عدد من الكتب التى أحببت القراءة بها». لم يأت عمر بحثًا عن كتب الأطفال فقط: «أعطتنى أمى مبلغًا جيدًا لاقتناء مجموعة كتب جديدة بمناسبة اقتراب نهاية العام الدراسى كالقصص المصورة وكتب التلوين، لأننى أحب القصص والرسومات، كما طلبت منى جلب بعض الكتب الخاصة بالمطبخ أيضًا، لذلك أتيت أنا وصديقى». أما «أميرة رفعت» فقد واظبت على المجىء للمعرض للعام الثالث، للمشاركة فى فعاليات اليوم الأول «منذ بداية معرض الأزبكية فى 2018 وهو يمثل مصدر سعادة خاصًا بالنسبة لي.. كما تمكننى الأسعار المخفضة من اقتناء عدد كبير من الكتب بميزانية أقل النصف تقريبًا من شراء الكتب فى أوقات متفرقة من العام». أما عن معرض القاهرة الدولى للكتاب فتقول أميرة: «اعتدت الذهاب لمعرض الكتاب بأرض المعارض، بميزانية كبيرة جدًا أحاول تجميعها على مدار شهور، ولا أتمكن من شراء كل احتياجاتى فى النهاية، لكن بعد انتقال المعرض للتجمع الخامس، وبات الأمر صعبًا جدًا والطريق شاقًا بالنسبة لى، أصابنى الإحباط فى البداية رغم توافر مواصلات كثيرة، ثم أعلن سور الأزبكية عن معرضه، فقررت الذهاب لخوض التجربة». وتابعت: الأجواء كانت جميلة للغاية، من احتفالات العرائس ذات الأشكال الكرتونية التى تستقبل الوافدين، والأسعار التى لا يتعدى ثمنها الـ30 جنيهًا للكتب التى أريد شراءها فى قائمة العام الأول، ومن وقتها قررت الذهاب لمعرض الأزبكية كل عام بقائمة جديدة، خاصة يوم الافتتاح لما يحويه من فعاليات متنوعة مبهجة إلى جانب الكتب. الأمر لم يختلف كثيرًا بالنسبة لـ «حسام طه» والذى حاول ادخار جزء من راتبه ليوم 22 من يناير الجارِى، حيث معرض القاهرة الدولى للكتاب، لكنه لم يتمكّن من التمسك برأيه أمام إصرار أصدقائه على زيارة السور للعام الأول بدلًا من المعرض، فاستسلم لرغبتهم وجاء لمعرض السور بناء على رغبتهم. تغيرت وجهة نظره عن السور: «وجدت الكتب المترجمة التى أبحث عنها بجودة جيدة وأسعار زهيدة لم تتعد الـ10 جنيهات، واشتريت حتى الآن 10 كتب ولم أصل لربع الميزانية التى حددتها».  الإقبال الجيد على معرض سور الأزبكية المخفض للكتاب جعل البعض يرى أن بائعى السور يستهدفون إنشاء معرض موازٍ للكتاب وهو ما يرد عليه «حربى»، شيخ بائعى سور الأزبكية قائلًا: «إن فكرة إقامة مهرجان للسور ابتداءً ليست جديدة، فقد سبق أن نفذناها فى 2011، لكنها لم تستمر أكثر من سبعة أيام، نظرًا للظروف الأمنية وقتها». ويتابع: «عدنا لتنظيم المعرض مرة أخرى عام 2018 بعد منعنا من المشاركة فى المعرض الكبير، حيث طلبوا مشاركة 33 تاجرًا فقط من بين 118، لذا اعترضنا على العدد، واعترضنا على المفاضلة بيننا، لأننا مثل المزارعين ننتظر الموسم، وظروفنا ومعاناتنا متشابهة، كما اعترضنا أيضًا على قيمة الحجز، حيث وصل المتر إلى 1500 جنيه ثم تم تخفيضه لـ1200، بينما عضو الناشرين يُمنح المتر بـ960 جنيهًا، فمن منا أولى بالدعم؟! نحن بظروفنا البسيطة أم الناشرون الذين هم فى وضع مالى أفضل منا؟». وعن افتتاح المعرض فى دورته الثالثة قال حربى: «رب ضارة نافعة، فقد أقمنا المهرجان ونجح، وكشف عن مدى حب الشعب والناس لسور الأزبكية». من جانبه قال أحمد خير، أحد باعة الكتب فى الأزبكية: إن الإقبال على المعرض هذا العام معقول جدًا لافتًا لزيادة الإقبال عن الأعوام السابقة: «نعتبر أنفسنا نجحنا فى إقامة المعرض، نحن لا ننافس ولا نوازى المعرض الرسمى وإنما نتكامل معه». ويضيف أحمد: «جمهور الأزبكية يختلف عن جمهور معرض الكتاب من حيث مستوى الدخل والاهتمامات، مثل البحث عن الكتب التراثية والقديمة والموسوعات ومجموعات الأعمال الروائية الكلاسيكية، منخفضة السعر، والكتب المستعملة التى لا يمكن أن تشترى إلا من مكتباتنا، كما أن الفكرة نشأت بسبب أننا اشترينا كميات هائلة لبيعها فى المعرض، وعندما اختلفنا أصبح علينا أن نجد منفذًا لبيعها، ولو اقتصر الأمر على هذا فيكفينا أنها حلت المشكلة». مشيرًا إلى أن أسعار الكتب فى معرض الأزبكية تبدأ من 5 جنيهات، وحتى 50 جنيهًا، والمجلدات أقل من السعر الأساسى بنحو النصف تقريبًا، إضافة لعروض خاصة كانت لكتب الأطفال واسكتشات التلوين. 