السبت 25 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عملية إنقاذ مهرجان القاهرة من شطب صفته الدولية

عملية إنقاذ مهرجان القاهرة من شطب صفته الدولية
عملية إنقاذ مهرجان القاهرة من شطب صفته الدولية


وأخيراً.. تتقدم طلائع مهرجان القاهرة السينمائى الرابع والثلاثين حاملة أعلامها تتقدمها الأبواق والهتافات «نحو دار الأوبرا» التى تجمعت فيها جميع الفعاليات المصاحبة للمهرجان، من ندوات وعروض واحتفالات بحيث تتحول هذه الدار الكبيرة خلال عشرة أيام كاملة إلى «قصر» للمهرجان السينمائى أسوة بقصر الاحتفالات فى مهرجان «كان» الشهير.
 

 
جهود لا حدود لها قام بها الفريق الذى شكلته وزارة الثقافة بعد أن رأت أن تحسم الخلاف الذى دار بين أكثر من جهة تدعى حقها فى إقامة المهرجان وبعيداً عن الاتهامات المتبادلة وسيطرة المصالح الشخصية والطموح الذى سيطر على بعض الأفراد للاستئثار بأضواء ومسئولية المهرجان.. تدخلت الوزارة لحسم كل هذا النزاع.. والإشراف على هذه الدورة ومساعدتها على العبور بنجاح.. هذا التيار الهادر الذى كان يهدد وجود المهرجان.. ويوحى بإلغائه وشطبه من قائمة المهرجانات الأربعة عشر التى تتمتع بالحماية الدولية والشرعية الفنية إزاء جميع المهرجانات الكثيرة الأخرى.
 
اعتمدت الوزارة فى إشرافها على دفة المهرجان.. والسماح لها بأن تمخر عباب هذا البحر الهائج المتلاطم الأمواج الذى يحيط بها.. على جهاز مكون من بعض الخبراء السابقين الذين كانوا يديرون المهرجان ويتمتعون بخبرة واسعة وجملة علاقات دولية وعربية لا ينافسهم فيها أحد وشبكة متميزة من العلاقات العامة تستطيع أن تتجاوز كل الصعوبات والعراقيل.. بالإضافة إلى مجموعة جديدة من الشباب يتمتع بروح الحماسة وعشق السينما والتفانى فى الدفاع عنها.
روح الشباب.. إلى جانب خبرة القدامى هذا ما سعت إليه وزارة الثقافة ودعمت تواصل هذا المهرجان واستمرار مسيرته بالإضافة إلى عدد آخر من التظاهرات الفنية المستحدثة التى تتزامن مع التظاهرات التقليدية السابقة.
 
هناك بالطبع المسابقة الدولية.. التى حرصت إدارة المهرجان على أن تضم فيها عدداً من الدول التى لم يسبق للجمهور المصرى أن شاهد أفلاما لها كأذربيجان وفنزويلا إلى جانب اختيار عدد كبير من الأفلام العربية الجيدة التى ستشارك فى المسابقة الرسمية.
 
إلى جانب اشتراكها فى مسابقة الأفلام العربية، كالكويت والأردن وتونس والمغرب بينما تشارك سوريا بفيلم كبير سيعرض عرضا عالميا لأول مرة.. ويتوقع أن يكون بحق واحدة من كبرى مفاجآت المهرجان هذا العام.
 
وبالطبع بالإضافة إلى البلدان الكبرى التى تشارك كالعادة بأفلام منتقاة بعناية من لجان مشاهدة مختصة ضمت ما يقرب من خمسة عشر ناقدًا وصحافيًا وفنانًا من جميع الاتجاهات ومن مختلف الأذواق.
 
إيران أيضا متواجدة بقوة.. سواء فى المسابقة الرسمية أو فى التظاهرات المصاحبة لتظاهرة أفلام العام.. وتظاهرة حقوق الإنسان إلى جانب تركيا التى أرسلت إلى المهرجان ما يقرب من خمسة وأربعين فيلمًا من إنتاجها الأخير اختارت لجان المشاهدة سبعة منها لتوزعها على جميع التظاهرات التى ينظمها المهرجان.
 
مفاجأة هذا العام هى بزوغ شمس السينما الروسية مجددًا.. بعد غياب طويل استمر أعوامًا إنها تعود فى مهرجان القاهرة بعدد من أفلامها لتثبت تفوقًا ملحوظًا فى تكنيك السرد.. واختيار المواضيع.. وروعة التصوير والمونتاج الذى اشتهرت به دوما السينما الروسية، بالإضافة إلى جرأة غير متوقعة فى اختيار المواضيع الملتهبة سواء على الصعيد السياسى أو الصعيد الاجتماعى.
 

 
مفاجآت ثانية يمكن للجمهور المصرى أن يسعد بها من خلال اكتشافه لما تفعله سينمات دول صغيرة.. استطاعت بفضل موهبة مخرجيها ورؤيتهم السينمائية الثاقبة والجرأة فى اقتحام مواضيع متجددة وطريفة.. تضرب فى العمق النفسى والسياسى والاجتماعى.. أن تحقق أهدافها.. وأن تقف على قدم المساواة مع الإنتاج الإيطالى والفرنسى والإسبانى شديد التميز عادة فى تظاهرة الفيلم العربى، تطل علينا الأردن.. التى دخلت السينما مؤخرًا بفيلمين كبيرين.. كما تشارك لبنان أيضا بفيلمين آخرين إلى جانب تونس والمغرب والجزائر وسوريا يضاف إليها اتحاد الإمارات العربية وسلطنة عمان والكويت إلى جانب فلسطين، أى أن الدول العربية جميعًا وبشكل تقريبى تقف على قدم المساواة مع السينما المصرية التى تسهم بأكثر من فيلم من إنتاجها الأخير المصبوغ برائحة الشباب شديدة التأثير.
 
فى تظاهرة حقوق الإنسان.. استطاعت لجان المشاهدة أن تختار أفلاما شديدة التأثير.. تعالج مواضيع حساسة.. ستثير الجمهور الذى يراها وتدفعه إلى كثير من التأمل، الفلبين تقف على قدم المساواة مع روسيا وإيطاليا تنافس بولندا وحتى أمريكا لها باع فى هذه التظاهرة من خلال مأساة شاب التى عربى.. يعانى من الاضطهاد العنصرى فى بلد يدعى تقديس الحريات، الهند وتركيا وكرواتيا.. إلى جانب بلاد جديدة فى سينماها وفى أسلوب معالجتها للأمور.. كباكستان وأذربيجان واليمن.
 
سوريا.. تضيف أيضا سهما جديدا لهذه التظاهرة من خلال فيلم أخرجته مخرجة سورية مقيمة فى الخارج.. هى هالة عبدالله ويحمل عنوانا غريبا ومثيراً «كأنك تمسك بأفعى الكوبرا».
 
مثل هذه الأفلام ستأتى بصحبة مخرجيها أو ممثليها الذين سيناقشونها مع الجمهور فى ندوات فاقت فى مجموعها الخمسين ندوة تجمع بين صناع الأفلام فى شتى التظاهرات «الرسمية وحقوق الإنسان والعربية والأفريقية».
 
ولكن ما هو لافت للنظر غزارة الإنتاج التركى السينمائى وتنوعه وجرأته وقدرته على الاقتحام، وهذا ما أفسح له مجالات واسعة لدى الجمهور العربى، خصوصا أن عمق المشاكل التى يعيشها المجتمع التركى تتناسب مع عمق المشاكل التى يعانى منها المجتمع العربى.
 
وهذا ما يصح قوله بشكل ما على الإنتاج اليونانى الذى سيعرض المهرجان أكثر من نموذج له، وكأنه بذلك يقدم درسا غير مباشر لسينمانا المصرية عساها تجد علاجا لمشاكلها المزمنة والتى أدت بها أخيرا إلى أن تقف على شفا الهاوية.
 
المهرجان..حدث سينمائى كبير.. ينتظر القاهرة ويشهد له ويزغرد.. نيلنا الخالد الذى يسير وئيدا متكبرا خالدا يشهد صامتا على كل ما يدور حوله ويتابع جريانه بلا مبالاة.. نحو البحر الكبير الذى ينتظره بشغف.