الأحد 4 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المرأة المصرية .. «الحشمة الساخنة»!

المرأة المصرية .. «الحشمة الساخنة»!
المرأة المصرية .. «الحشمة الساخنة»!


 




هى أول من اكتشفت أسرار جسدها وعبقرية تكوينه فأبدعت فى إبراز هذا الجمال مهما استتر خلف طبقات من الملابس تساندها الآلهة، حيث اتسمت شخصيتها بالتميز من نسج الأساطير الدينية فكانت أول امرأة فى التاريخ ترتبط علاقاتها بالرجل بالرباط المقدس.
 

 
«صانعة الجمال وكاشفة أسراره»..هكذا وصفها خبراء التجميل فى باريس، حيث فاجأتهم المرأة المصرية بالسبق فى ابتكار فنونه منذ آلاف السنين.
 

 
 
ظلت جيناتها تقاوم موجات الظلاميين لطمث هويتها فأخذت منهم ما يلائم طبيعتها المرحة، خفيفة الظل، المشاكسة، وأخضعت ما فرض عليها إلى مزاجها الخاص فتحول اليشمك التركى إلى برقع شبيكة تتراقص عروسته الذهبية على أنفها فى إغواء مستتر لاستكشاف المجهول وضاقت العباءة السوداء المختومة بصنع الوهابيين من عند الصدر والخصر لتحدد تفاصيل الجسد مزينة بالترتر والرسومات ذات الألوان الزاهية اللافتة للنظر وتكحلت العيون خلف ما كان يعرف بالنقاب ولفظت الأيدى القفازات.
 

مكتشفة الجمال
تفننت المرأة الفرعونية فى تصميم ملابسها سواء بالأثواب البسيطة الضيقة أو الملابس الداخلية بأنواعها وتطور لباسها ليصبح من قطعتين على الأقل إحداهما على هيئة قميص داخلى ضيق ورقيق والآخر على هيئة غلالة فضفاضة مفتوحة ينعقد رباطها فوق الثديين ثم تنسدل الغلالة فوق أحد اليدين على حين تبدو الأخرى حرة مكشوفة.
 
وانتقلت المرأة بملابسها من اللون الأبيض إلى زركشته بالألوان والرسوم الهندسية المرصعة بالزهور وخاصة زهرة اللوتس.. وظهر النسيج مزخرفا مطبوعا أو مخططا بالطول والعرض مفتوحا من الصدر سواء على شكل ديكولتيه واسع بدون أكمام كما يظهر على الأميرة نفرت أو على شكل حرف سبعة إلى ما تحت الصدر لإظهار جمال الرقبة الذى تمتاز به المصريات.
 
والمصرية هى أول من اخترعت النسيج المجعد (البليسيه) سواء فى الأكمام أو الجزء الأسفل من الفستان الذى ينتهى عند أعلى القدم لإظهار جمال الساقين وأصابع القدم التى وجدت راحتها فى النعال أو الصنادل ذات الإصبع، حيث تفننت فى طلاء أظافر صوابع أقدامها بألوان تتفق مع ألوان فساتينها.
 
وتتوالى الحضارات فلا تستطيع تغيير الأسلوب المميز للمرأة المصرية فى الملابس وفى عصور الحضارة الإسلامية، اهتم المسلمون اهتماماً بالغاً بتنوع الأقمشة والألبسة والتفنن فى تصميمها وخياطتها، وقد تأثرت تلك الأزياء إلى حد بعيد بأساليب وأزياء البلاد التى فتحها المسلمون.
 
وكان لباس النساء هو الرداء والإزار والسراويل المذيلة والريطة والصدار والغلائل والمجول أو الدرع والخمار والعصابة.
 
وعندما دخل الفاطميون مصر اختلفت ملابس النساء فى الدولة الفاطمية تبعاً لقيمة من ترتديها، وكان يطلق على الزى النسائى بصفة عامة «حلة» ومعناها أن الملابس كاملة مطرزة إما بالذهب أو الحرير.
 
ابتكار الموضة والتمسك بها 
 
تمتعت المرأة بقسط وافر من الاحترام فى عصر المماليك سواء كانت داخل الطبقة الحاكمة أو عند سائر طبقات الشعب وشاركت فى الحياتين العلمية والدينية وقد لاحظ الرحالة الأجانب الذين زاروا القاهرة فى عصر سلاطين المماليك مثل «سانوتو وغيره» تمتع المرأة بحرية كبيرة فى شوارع القاهرة وأسواقها ومتنزهاتها.
 
وأبدعت المرأة المصرية فى فنون الزينة والموضة، حيث كانت ترسم الوشم على أجزاء مختلفة من جسدها بجانب صبغ يديها بالحناء وطلاء أظافرها بطلاء أحمر ووصل شعرها بشعر أطول والاعتناء بلبس الخلخال فى رجليها لجذب الانتباه.
 
تحدت النساء أوامر السلطة فى ارتدائها لأنواع معينة من الملابس، فقد حدث فى سنة ( 751-1350م) أن وجد نوع خاص من القمصان انتشرت موضته انتشارا كبيرا وأطلق عليه اسم «بهطلة» وكان له ذيل طويل ينسدل على الأرض وأكمام تبلغ اتساعها ثلاثة أذرع وتبدأ تكلفته بحوالى ألف درهم فأبطله الأمير «منجك» وطلب من والى القاهرة قطع أكمام النساء وأخذ ما عليهن فهجموا عليهن وأخذوا ما عندهن من ذلك وتم القبض على بعض النساء، فامتنعت النساء بعض الوقت ثم عادت إلى ارتدائه مرة أخري.
 
وعرفت نساء المماليك أيضا القمصان القصيرة الضيقة التى أطلق عليها اسم «قنادير» وقد عاب أحد المعاصرين على نساء عصره «ارتداء هذه القمصان التى تظهر الصدور والنهود وتركهن لبس السراويل والوقوف على هذه الحالة فى باب الريح وعلى الأسطح وغيرها فمن رفع رأسه أو التفت رأى عورتها»، وهذا يعنى ببساطة أن نساء عصر المماليك قد عرفن المينى جيب قبل نساء العصر الحالى بما يقرب من 600 عام رغم ما عرف به هذا العصر من حجاب المرأة والتشدد على عزلتها.
 
وتأثرت ملابس النساء فى مصر المملوكية بمختلف الحوادث السياسية والاكتشافات الأثرية فلم يتركن حادثة إلا سجلنها فى أزيائهن مثل اكتشاف عمودين كبيرين من الرخام الأبيض بقصر الزمرد أحد القصور الفاطمية فاخترعت النساء زى «جر العمود» وشاع هذا الزى فنظر العلماء إليه بعين السخط لأن الزى كان يكسب الجسم جمالا وروعة وكثيرا ما يكشف عن تفاصيله.
 
ومن المثير للدهشة أن المرأة كانت لا تستطيع التجول فى الشوارع بغير حجاب.
 
 
 
مراوغة المرأة للعثمانيين
 
وإذا كانت المرأة المصرية تحدت أحكام المماليك بشأن ملابسها فقد اتبعت أسلوب المراوغة مع العثمانيين عندما فرضوا عليها ارتداء ملابس معينة وتحريم ارتداء الملابس المملوكية وجاء مصممو الأزياء العثمانية من استانبول إلى مصر ليقدموا للمرأة المصرية مبتكرات وتراكيب جديدة لملابس النساء وكان (اليلك) الزى القومى للمرأة العثمانية وانتقل إلى مصر لترتديه الأميرات ونساء الطبقة العليا وهو عبارة عن رداء منزلى يلبس فوق القميص (الجلباب) مشقوق من الأمام حتى الذيل ومفتوح من الجانبين والكمان ضيقان ينتهيان عند المعصمين ويلف حول الخصر حزام من الحرير والكشمير وقد يكون من المعدن.
 
وترتدى المرأة اليلك صيفا من الحرير والأقمشة القطنية وشتاء من الصوف والكشمير. وفى الواقع ظل هذا زى نساء مصر سواء من علية القوم والطبقة المتوسطة ولم يفلت منه إلا بنات البلد اللاتى كن بعيدات عن رياح التغيير ولايتأثرن باتباع الموضة مثل الفلاحات والبدويات وبنات البلد فى الشوارع المصرية.
 

 
وظل البرقع
 
حاولت المرأة المصرية من بنات الطبقة العليا الاحتفاظ بأسلوب الملابس العثمانية خاصة فى ظل تولى محمد على حكم مصر واستمرار خضوع مصر إلى تركيا سياسيا وظل البرقع هو التيمة الرئيسية فى الزى القومى للمرأة المصرية سواء بين بنات الطبقة العليا متمثلا فى شكل اليشمك التركى أو البرقع الأسود للطبقة الوسطى أو حتى البرقع المزركش بالترتر والخرز لبنات البلد مع الملاية اللف وهى التطور الطبيعى للسبلة فى العصر المملوكي.
 

ثورة 1919 وخلع النقاب
كان من النتائج الاجتماعية لثورة 1919 هو كشف المرأة المصرية عن وجهها، حيث خرجت هدى شعراوى بحجابها التقليدى دون البرقع واتبعتها الكثيرات من نساء الطبقة العليا والمتوسطة فى القاهرة، لكن ظلت بنات البلد والسواحل يرتدين الملاية اللف والتى كانت تضيق وتقصر حسب رغبة المرأة فى إظهار مفاتنها خاصة ساقيها المزينتين بالخلخال والشبشب ذى الكعب، أما الفلاحات فقد تطور الملس الواسع فى الوجه البحرى إلى جلباب ضيق من عند الصدر وله فتحات من جانبى الصدر لسهولة إرضاع الفلاحة لوليدها وواسع بعض الشيء من الأسفل حتى تستطيع العمل والجلوس والنهوض بسهولة.
 
ومع تشجيع ثورة 52 لتعليم المرأة وخروجها للعمل أصبحت الملابس تتسم بالعملية لتناسب طبيعة المرحلة وانفتحت المرأة على الموضة العالمية متأثرة بها وبالحركات الاحتجاجية مثل الهيبز فظهر المينى والميكروجيب ومع توافد أموال النفط ظهر الحجاب الصحراوى وانتشر بصورة كبيرة فى النصف الثانى من الثمانينيات والتسعينيات ثم بدأت المرأة المصرية مراوغتها مرة أخرى فظهرت البنطلونات الجينز (سكيني) أى ملتصقة بالجسد والفيزونات والاستريتش والبادى الكارينا وانكمشت البلوزات لتصل إلى الخصر تقريبا فيما يعرف بالـ «استومك» وتكحلت العيون خلف النقاب واختفت القفازات فظهرت الأيدى حرة وضاقت العباءة الوهابية فالتصقت بالجسد لتكشف مفاتنه بالترتر والرسومات الزاهية.. إنها الحشمة الساخنة للمرأة المصرية.
 
 
 
المصادر:
المرأة المصرية فى عهد الفراعنة.. د. سيد كريم
المرأة فى مصر المملوكية .. دأحمد عبد الرازق