الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لجنة تدمير مكتبة الأسرة

لجنة تدمير مكتبة الأسرة
لجنة تدمير مكتبة الأسرة




ليس أمام د. صابر عرب وزير الثقافة سوى أن يصلح ما أفسده وزير ثقافة سابق جاء فى غفلة من الزمن وخرج من الوزارة كما جاء، فقد كان الأمر أكبر بكثير منه حتى أنه لم يفعل شيئا طوال مدة بقائه فى هذا المنصب المهم سوى أن ارتكب جريمة اختيار أفراد للجنة مكتبة الأسرة.. ذلك المشروع الثقافى الضخم الذى ينتظر القراء من غير القادرين ثماره طوال العام.
 
 اللجنة الجديدة جاءت بدلا من لجنة سابقة كان يرأسها الدكتور فوزى فهمى.. وهو المعروف عنه موسوعية الثقافة وتم اختيار أفراد يساعدونه وهم يطاولونه فى سعة الثقافة والمعرفة، فأبلت لجنة الدكتور فوزى بلاء حسنا وأتحفت القراء المتعطشين إلى المعرفة بمئات من العناوين الزاخرة فى مختلف العلوم والفنون التى تؤسس لتثقيف الفرد ثقافة رفيعة.
 

 
ومن الواضح أن لجنة الدكتور فوزى فهمى التى أثمرت كل هذه الثمار جهدها نابع من عشق رئيسها وأفرادها للكتب، فمن لا يعشق الكتب عشقا حقيقيا لا يستطيع أن يغوص فى بحارها ويختار الثمين منها.
 
الوزير السابق د. عماد أبوغازى رغم أنه كما أعلم من خريجى قسم المكتبات فى كلية الآداب فأنا لست متأكدا - قد اختار مجموعة من الأفراد ليعملوا بدل اللجنة السابقة ولا أحد يعلم مبررات اختياره. ولست أقصد من وراء ذلك العودة إلى اللجنة السابقة، فهناك الكثيرون ممن يستطيعون القيام بهذه المهمة خير قيام ولكنهم غابوا عن تفكيره.
 
أعود مرة أخرى وأقول: إن من يختار الكتب للغير لابد أن تكون لديه معرفة موسوعية مثل معرفة ابن النديم فى فهرسه الشهير وعاشقا للكتب من جراء محبة من الصغر ولا يعنى أيضا أن يكون حصول الفرد على درجة الدكتوراه هو آخر المطاف فى عالم المعرفة. ونحن نعلم جيدا كم من الحاصلين على درجة الدكتوراه لا يتجاوزون فى معرفتهم موضوع رسائلهم. وفى نفس الوقت هناك العديد من الأفراد والمثقفين الذين فى مقدورهم إملاء عناوين مكتبة ضخمة من ذخائر المعرفة وقد عرفوا كتبها وقرأوها أو تصفحوا ما لم يستطيعوا قراءته وعلموا بموضوعاتها.
 
 

 
 
وربما الأبرز فى ذلك هو الجاحظ وابن سينا والكندى والفارابى فيما سبق من الزمان والعقاد والمازنى وسلامة موسى ومحمد عبدالله عنان فى الأزمنة الحديثة وغير هؤلاء الكثير.
 
 وقد يتساءل أحدهم: لماذا أقول هذا الكلام؟ وما الذى دفعنى إلى قوله. والحقيقة أننى تعودت زيارة المكتبات لشراء الجديد أو ما ينقصنى وأحتاج إليه ومعرفة سير رواج الكتب التى أقوم بتأليفها، وقد اعتدت أن أزور مكتبات الهيئة المصرية العامة للكتاب التى قامت بنشر معظم كتبى. فكنت ومازلت أفرح كثيرا عندما يتعرف مدير إحدى هذه المكتبات على شخصى فأسأله عن سير كتبى فيخبرنى دائما أنه فى حاجة إلى المزيد من النسخ. وعندما أحاول أن أتيقن من كلامه لا أجد عنده سوى نسخة أو نسختين من كل كتاب أو أعلم أن بعضها قد نفد، ولكن هذا العام لاحظت ما أثار حنقى واستنكارى.
 
فكلما كنت أدخل أحد الفروع من مكتبات الهيئة أجد تلالا من نسخ مكتبة الأسرة هذا العام دون أن تنخفض هذه التلال لعدم الإقبال على كتبها. وأخذت أتفحص العناوين فلم يلفت نظرى أو يجذبنى سوى عنوانين أو ثلاثة ربما أبرزها كتاب المستشرق نيكلسون عن الصوفية فى الإسلام. أما بقية العناوين فهى كفيلة بتطفيش القارئ الذى يطمع فيما لم يستطع الحصول عليه فى الماضى. فأدركت أن اللجنة التى كان يرأسها الصديق العزيز المرحوم إبراهيم أصلان هى السبب فى هذا التدهور والانحدار.
 

 
وأذكر أننى قمت بالاتصال بالصديق إبراهيم أصلان قبل وفاته بشهر وأخبرته بشكواى فيما تصدره اللجنة من كتب وقمت بترشيح بعض العناوين الجذابة فى مختلف صنوف المعرفة من الأدب والفلسفة والتاريخ والدين والفنون وبالنسبة للعلوم التجريبية، ولأننى مثل أفراد اللجنة الحالية محدود المعرفة فيها ولكنى رشحت له مؤلفات وترجمات الدكتور أحمد زكى، حيث إنها خير الترجمات فى هذا المجال، خاصة كتابه «بواتق وأنابيب» الذى أصدرته مؤسسة فرانكلين ووعدنى إبراهيم أصلان بأنه سوف يعمل بنصيحتى خيرا وقبل أن أنهى المكالمة معه أوصيته خيرا بكتب الثقافة السينمائية وذكرت له بعضها، ولكن للأسف لم يمهله القدر وتركنا إلى دار الحق وترك الحبل على الغارب لأناس محدودى الثقافة مثل الوزير الذى اختارهم فكانت النتيجة هذه التلال التى لا تتحرك من كتب مكتبة الأسرة التى كانت تنفد فور صدورها.
 
ليتهم رجعوا مثلما كنت أفعل من أجل مكتبتى الخاصة إلى قوائم المكتبات الشهيرة بإصدار نفائس الكتب مثل قائمة دار المعارف فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى قبل أن يدركها تأميم الدولة الذى قضى على الأخضر واليابس. وهناك قائمة مكتبة الخانجى ومكتبة عيسى البابى الحلبى ومكتبة الأنجلو العامرة بكتب كبار الأساتذة الجامعيين فى الماضى فى شتى ألوان المعرفة وكذلك مكتبة النهضة المصرية ومكتبة نهضة مصر ودار الفكر العربى وقائمة مؤسسة فرانكلين التى أصدرت العديد من الإصدارات فى شتى ألوان المعرفة للفكر الأمريكى.
 
 

 
فقد أصبحت معظم إصدارات هذه الدور من أهم المراجع لكل باحث.
 
 والغريب أن دار المدى للثقافة والنشر بالتعاون مع جريدة القاهرة التى يرأس تحريرها الأستاذ صلاح عيسى أصدرتا سلسلة من الكتب توزع مجانا مع الجريدة وتجاوز عددها الخمسين عنوانا تعتبر مكتبة ثمينة فى حد ذاتها ومن هذه الكتب على سبيل المثال :
 
1- البخلاء للجاحظ
 
2- دون كيخوتة لسرفانتس ترجمة الدكتور عبدالرحمن بدوى
 
3- إبراهيم الكاتب        للمازنى
 
4- صندوق الدنيا  للمازنى
 
5- إبراهيم الثانى  للمازنى
 
6- مذكرات هدى شعراوى
 
7- مائدة أفلاطون . ترجمة محمد لطفى جمعة
 
8- فى الحب العذرى . د. صادق جلال العظمة
 
9- الملايين الأربعة أو. هنرى
 
10- على الشوك ستندال     
 
11- حول العالم فى ثمانين يوما     جول فيرن
 
12- طبائع الاستبداد عبدالرحمن الكواكبى
 
13- الحب الأول      إيفان تورجنيف
 
14- الفرح ليس مهنتى. محمد الماغوط
 
15- مذكرات نجيب الريحانى
 
16- حرير .إليساندروباريكو
 
17- مذكرات الأميرة جوايدان      زوجة الخديو عباس حلمى
 
 

 
18- العالم الطريف ألدوس هكسلى
 
19- كل الأسماء      جوزيه ساراماجو
 
20- التذكار إرسكين كالدويل ترجمة سيد جاد
 
21- قنديل أم هاشم يحيى حقى
 
22- كناسة الدكان يحيى حقى
 
23- عن الرجال والبنادق غسان كنفانى
 
24- حياتي أحمد أمين
 
25- صوت أبى العلاء طه حسين
 
26- كليلة ودمنة   تعريب ابن المقفع
 
27- المواقف والمخاطبات    النفرى وهو من أهم كتب التصوف
 
28- طونيو كروجر توماس مان
 
29- أحلام شهرزاد طه حسين
 
30- الواسطة فى معرفة أحوال مالطة     أحمد فارس الشدياق
 
31- الأجنحة المتكسرة جبران خليل جبران
 
32- فن التمثيل عند العرب      محمد حسين الأعرجى وهو من أهم المراجع عن فن التمثيل عند العرب
 
33- تصوف نيكوس كزانتزاكس
 
34- سافونا رولا الراهب الثائر حسن عثمان
 
35- أمسيات قرب قرية ديكانكا   نيقولاى جوجول
 
36- ماجلان قاهر البحار   استيفان زافاريج
 
37- نازك الملائكة حياة وشعر وأفكار
 
38- صمت البحر     فيركور
 
هذا غير العناوين الجذابة والعميقة فى مضمونها التى لم نجد مثلها فى إصدارات مكتبة الأسرة هذا العام.
 
ولست أعرف من هذه اللجنة القائمة سوى اسم الدكتور وحيد عبدالمجيد وهو حسب معرفتى دكتور فى السياسة والاقتصاد وقد برز اسمه بعد ثورة يناير، وخاصة انتخابات مجلس الشعب المأسوف عليه، ولكنه واصل مزاحمته فى المجال السياسى مثل زملائه من الدكاترة خريجى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فقد لاحظت أن هؤلاء الدكاترة منذ حصولهم على درجة الدكتوراه وهم يتزاحمون على المناصب السياسية وتحلقوا حول جمال مبارك فى لجنته التى كان يطلق عليها «لجنة السياسات» وهى التى كانت تحكم مصر بالفعل. وبالطبع أهمل هؤلاء الدكاترة محاضراتهم لطلابهم وليس هذا شأنهم فقط.. بل كان شأن معظم أساتذة الجامعة الطامعين فى الوزارة والمناصب العليا وأهملوا التعليم. كان يبدو أنهم تعلموا وحصلوا على أعلى الدرجات العلمية ليس من أجل أن يعلموا غيرهم بأمانة وشرف، ولكن من أجل أن يتقلدوا المناصب، ونصيحتى الأولى من أجل الارتقاء بالتعليم أن يعود كل هؤلاء إلى مدرجات الجامعة ويقتدوا بأساتذتهم العظام الذين وهبوا حياتهم للبحث العلمى والتدريس، وكانت مرتباتهم فى أيامهم تكفيهم فقط لركوب الترام والأتوبيسات وتعلمنا على أيديهم خير تعليم.
 
وقد اشترك الدكتور وحيد عبدالمجيد بعد الثورة فى معارك كلامية فى القنوات الفضائية وفى معارك كتابية على صفحات الجرائد إلى أن اشترك فى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور وأصبح على ما أعتقد المتحدث الرسمى لهذه اللجنة، فهل يعتقد أحد أن مثل هذا الرجل لديه الوقت أو الفكر ليهتم بنشاط مكتبة الأسرة، بل أعتقد أنه يتخذ مشاغله فى عالم الطموح السياسى ذريعة لعدم استطاعته اختيار بعض الكتب المهمة المترجمة والمؤلفة فى علم السياسة والاقتصاد وقد كتب كثيرا منها أساتذة مصريون عظماء لم تأت السنوات الأخيرة بمثلهم وأستطيع أن أرشح للجنة النكبة بعض أسماء هذه الكتب ومؤلفيها من المصريين والأجانب الذين ترجمت أعمالهم منذ أن ترجم لطفى السيد كتاب أرسطو «السياسة».
 
أما العضو الثانى الذى أعرفه جيدا فى هذه اللجنة النكبة فهو الناقد السينمائى كمال رمزى وكنت أعول عليه الكثير، لكن خاب ظنى فيه، هو من خريجى معهد الفنون المسرحية قسم النقد، لكنه فضل أن يقتحم مجال النقد السينمائى تماما مثل زميله سمير فريد الذى يسبقه فى التخرج فى هذا المعهد ربما بسنة أو سنتين، ويدين كمال رمزى بالفكر اليسارى الذي يتطاول إلى الفكر الشيوعى ولست أعرف السبب فى ذلك وربما لأن الدكتور محمد مندور كان يقوم بالتدريس له فى المعهد، ولذلك فإن نظرته إلى الفن وربما قراءاته أيضا لا تخرج عن ذلك، وقد اختار الصديق كمال رمزى كتبا فى الثقافة السينمائية لا تخرج عن كونها مضيعة للوقت مثل كتاب «الرقابة على السينما»، الذى لا يخرج عن معلومات القارئ العادى عن الرقابة، ومثل كتاب كتبه كاتب يقابلنى اسمه لأول مرة «السينما.. العشق والتأويل» لمحمود عبدالرحيم وهو مجموعة مقالات يقال على ظهر غلاف الكتاب أنها نشرت، لكن لا أعرف على وجه التحديد أين نشرت وهى لا تخرج عن انطباعات شخصية لشخص يريد أن يصبح ناقدا، واختار أيضا كتاب «أمريكا بالألوان الطبيعية» لعبدالقادر التلمسانى، وهو عبارة عن وجهة نظر يسارية هزيلة فى الفن السينمائى الأمريكى، وأستطيع أن أستثنى كتاب إيزنشتين «مذكرات مخرج سينمائى» ولكن لا أعتبره الأهم بالنسبة لكتب الثقافة السينمائية الذى ينتظره القارئ للإحاطة بالفن السينمائى والقدرة على التذوق.
 
فهناك العشرات من الكتب التى ينتظرها القارئ من خلال مكتبة الأسرة، حيث نسيها حتى ناشروها.
 
هناك كتاب أرنهايم «الفن السينمائى» ترجمة عبدالعزيز فهمى، وهناك أيضا الكتب الآتية:
«فن السينما» لبودو فكين ترجمة المخرج صلاح التهامى، «ما هى السينما» أندريه بازان ترجمة دكتور ريمون فرانسيس مراجعة أحمد بدرخان، «فن الفيلم» أرنست لنورجرن ترجمة صلاح التهامى، «السينما آلة وفن» ألبرت فولتون، ترجمة صلاح عزالدين وفؤاد كامل، «اللغة السينمائية» مارسيل مارتن ترجمة سعد مكاوى، «فن كتابة السيناريو»، يوجين فال ترجمة مصطفى محرم، الأسس العملية لكتابة السيناريو» لويس هيرمان ترجمة مصطفى محرم، «سيناريو الفيلم السينمائى» أدريان برونيل ترجمة مصطفى محرم، جميع الكتب التى ترجمها أحمد الحضرى، «نجيب محفوظ على الشاشة» هاشم النحاس «العين السينمائية» دزيجافيرتوف ترجمة عدنان مدنات «نظريات الفيلم الكبرى» ج. دورلى أندرو ترجمة جرجس الرشيدى مراجعة هاشم النحاس.
 
إذا كان الأخ كمال رمزى غافلا عن هذه الكتب وغيرها مما تمت ترجمتها فكيف للأسف يعمل بالنقد السينمائى؟
 
والأمثلة كثيرة عن جهل هذه اللجنة بما يجب أن يقدموه للقارئ فى مكتبة الأسرة.. وللحديث بقية ∎