الأحد 13 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مستقبل مفاوضات «سد النهضة»!

مستقبل مفاوضات «سد النهضة»!
مستقبل مفاوضات «سد النهضة»!


تحركات دبلوماسية واسعة شهدتها القاهرة خلال الأسبوع الماضي، من أجل تحريك الموقف الاثيوبى الغامض تجاه مفاوضات سد النهضة قبل ساعات من الاجتماع السداسى لوزراء الخارجية والرى فى كل من إثيوبيا ومصر والسودان، بعدما تجمدت المفاوضات منذ أبريل الماضى بين الأطراف الثلاثة؛ بسبب الأحداث الأخيرة التى مرت بها السودان، ما تسبب فى تأجيل الاجتماعات السداسية لوزراء المياه والرى فى الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.
على مستوى وزارتى الرى والخارجية كان ملف سد النهضة هو المحور الرئيسى خلال الأسبوع الماضي، فوزير الخارجية سامح شكرى أثار للمرة الأولى مسألة المفاوضات وعرض الموقف امام اجتماع وزراء الخارجية العرب الذى احتضنته الجامعة العربية منتصف الأسبوع الماضى، مشيرًا إلى وجود ما وصفه بـ«المراوغات الإثيوبية»، التى تستهدف تعطيل المفاوضات حول قواعد ملء السد.
وبحسب وصف الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط فى ختام الدورة الـ152 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري،  فإن «تطورًا هامًا للغاية حدث فى الاجتماع هو قيام وزير الخارجية، سامح شكري، بإحاطة المجلس الوزارى بنتائج المفاوضات المصرية- الإثيوبية حول سد النهضة»، حيث أكد الوزراء العرب أن الأمن المائى المصرى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربي.
أعرب الوزراء العرب عن تضامنهم الكامل مع مصر والسودان فى حماية أمنهما المائي، والترحيب بجهد مصر المستمر للتوصل لتوافق يحقق المصالح المشتركة لمصر والسودان وإثيوبيا أيضا، مؤكدين أنهم «أيدوا الرؤية المصرية التى تتطلع لتكثيف المفاوضات الثلاثية وفقا لإطار زمنى مقبول للتوصل لاتفاق ملزم قانونًا يراعى مصالح الأطراف الثلاثة».
لم يتوقف تحرك الخارجية عن إحاطة الدول العربية بتفاصيل المفاوضات والتى وصفها سامح شكرى بأنها تشهد تشددًا فى الموقف الإثيوبى وبعض المراوغات التى تجعل الوضغ ليس مريحًا، حيث دعا الخميس الماضى نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية السفير حمدى سند لوزا سفراء الدول الأوروبية المعتمدين لدى القاهرة، لإطلاعهم على آخر مستجدات المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي.
خلال اللقاء، أكد الوزراء عن عدم ارتياح مصر لطول أمد المفاوضات الخاصة بسد النهضة، مشيرًا إلى أن مصر قدمت- للجانب الإثيوبى- طرحًا عادلًا لقواعد ملء وتشغيل السد يحقق أهداف إثيوبيا فى توليد الكهرباء من سد النهضة ويحفظ فى نفس الوقت مصالح مصر المائية، وهو طرح مبنى على المناقشات التى تمت بين البلدين فى هذا الشأن وعلى الالتزامات الواردة فى اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى 23 مارس 2015 بالخرطوم، والذى يقضى باتفاق الأطراف الثلاثة على قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة.
التحركات المصرية لكشف تفاصيل الموقف الإثيوبى لم تتوقف عند وزارة الخارجية فقط، حيث حرص وزير الرى محمد عبد العاطى على التأكيد على أن عدم وصول مصر لاتفاق مع إثيوبيا حول سد النهضة سيؤدى إلى مشكلة كبيرة، ويؤثر على الأمن الغذائى المصري، مشيرًا إلى أن السد قد يخفض حصة مصر من المياه بنسبة 2 %، مما يهدد ببوار 200 ألف فدان، وما يوازى مليون أسرة تقريبًا.
تحذيرات وزير الرى جاءت خلال كلمته فى الجلسة الافتتاحية لورشة العمل الإقليمية حول دعم تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا المعنية بتغير المناخ فى قطاعى الزراعة والمياه، التى نظمتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو الأسبوع الماضي، مشيرًا إلى أن 95 % من أرض مصر صحراء، ويمثل نهر النيل نحو 95 % من مصادر المياه، مما يجعل القاهرة حساسة جدًا لأى أعمال تقام فى دول المنبع، لم يتم التنسيق معها فيها، مثل سد النهضة فى إثيوبيا، مستطردًا: «لا يزال لدينا أمل فى الوصول إلى حل مشكلة السد بالتفاوض رغم انه استغرق وقتًا طويلًا».
وكانت وزارة الموارد المائية والري، أعلنت تحديد موعد اجتماع سداسى غدًا الأحد 15 سبتمبر؛ لبحث المقترح الذى تقدمت به مصر للجانب الإثيوبى بخصوص الأمور الفنية لسد النهضة، وذلك من أجل تحريك المياه الراكدة فى ملف المفاوضات التى تشير ببطء شديد، وخاصة أن الجانب الإثيوبى لديه حساسية فيما يخص التعاون الثنائى من خلال لجان مشتركة تعرض حالة النيل وما تم تخزينه وحجم التأثير على المناسيب التى تصل إلى مصر.
إثيوبيا أعلنت قبل أسبوع، أن مصر تقدمت بطلب رسمى بشأن ملء سد النهضة على مدار 7 سنوات، حيث قال سيلشى بكلى وزير المياه والرى والطاقة الإثيوبى إن إثيوبيا والسودان ومصر، ستجتمع خلال أيام لمناقشة آخر مستجدات مفاوضات سد النهضة وعملية ملء الخزان.
 وعقدت اللجنة العليا لمياه النيل، فى مصر اجتماعًا فى 21 أغسطس الماضى برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، وبحضور وزراء الخارجية والموارد المائية والرى وممثلى وزارات: الدفاع والمخابرات العامة والرقابة الإدارية، لبحث ملف سد النهضة وسير المفاوضات مع الجانب الإثيوبي.
وصرح المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الوزراء، بأن اللجنة استعرضت المراحل المتعددة للمفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة وما استغرقتها من مدة زمنية طويلة دون التوصل إلى اتفاق، مؤكدًا أن مصر قدمت مقترحًا فنيًا عادلًا يُراعى مصالح إثيوبيا واحتياجاتها إلى الكهرباء من السد دون الإضرار الجسيم بالمصالح المائية المصرية.
يذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى شدد خلال لقائه فى يوليو الماضى وزير الخارجية الإثيوبى جيدو اندارجاشيو، على أهمية الإسراع بالتوصل إلى إجراءات عملية لبلورة اتفاق بشأن سد النهضة فى إطار إعلان المبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان، على أن يراعى الاتفاق أهمية وحيوية موارد مصر المائية بالنسبة للشعب المصرى ومستقبله، والجهود التنموية للشعب الإثيوبي، فى إطار الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة التى تفرض التوظيف الأمثل لطاقة وموارد الدولتين لصالح شعوبهما والأجيال القادمة.
كانت المفاوضات السابقة بين مصر وإثيوبيا والسودان والتى انطلقت منذ ما يزيد على 5 سنوات وشملت أكثر من 20 جلسة تفاوض فنى «بين وزراء الري» وسياسى «بحضور وزراء الخارجية ورؤساء المخابرات»، فضلا عن لقاءات قادة الدول الثلاث، قد أقرت تشكيل لجنة خبراء علمية مستقلة من دول مصر وإثيوبيا والسودان لبحث الأمور الفنية المتعلقة بملء سد النهضة، فضلا على اللعب على وتر المصلحة المشتركة للدول الثلاث من خلال إنشاء صندوق لتنمية البنية التحتية.
وتأتى نقاط الخلاف بين الأطراف الثلاثة، بسبب مدة التخزين وآلية التشغيل وضمان حقوق مصر التاريخية فى المياه المقدرة بحوالى 55.5 مليار متر مكعب، حيث تسعى إثيوبيا إلى تخزين 74 مليار متر مكعب من مياه النيل خلف السد، الأمر الذى من شأنه التأثير على حصة مصر المائية، التى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بينما تروج إثيوبيا للسد لتطوير البلاد، وتؤكد أن له منافع لجميع الدول بما فى ذلك دولتا المصب، مصر والسودان.
مصدر من داخل اللجنة الفنية المسئولة عن تقييم سد النهضة أكد لـ«روز اليوسف» أن مصر تنتظر  الأسبوع الجارى حضور ممثلى السودان وإثيوبيا لاجتماع اللجنة السداسية من أجل تحريك ملف المفاوضات المتجمد منذ عدة أشهر بسبب أحداث السودان وما سبقه من أحداث فى إثيوبيا، من أجل التوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء سد النهضة، خاصة أن مصر قدمت مقترحًا لإثيوبيا حول كيفية ملء السد وتشغيله، إلا أن الجانب الإثيوبى لديه وجهة  نظر مغايرة.
وأضاف المصدر أن المراسلات بين الأطراف لم تتوقف حول اتفاق المبادئ وكيفية تنفيذه، إلا أن هناك تشددًا من الطرف الإثيوبي، خاصة أن ما طرحته أديس أبابا ينقصه الكثير فضلا على عدم مراعاته للمصالح المشتركة لدول المصب، قائلا: «هما عايزين يملوا السد فى أسرع مدة ممكنة وتشغيله بأقصى طاقة، وده طبعا مستحيل القبول به»، مشيرًا إلى أن مصر تسعى لإقناع الأطراف الدولية سواء كانت العربية أوالأوروبية بالرؤية المصرية التى تحقق مصالح الدول الثلاث مجتمعة من أجل الضغط على إثيوبيا للقبول بها والعودة إلى طاولة المفاوضات.