الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فرح الديبانى من بحرى و«بنحيوه»

فرح الديبانى من بحرى و«بنحيوه»
فرح الديبانى من بحرى و«بنحيوه»


مع مطلع كل عام ميلادى جديد تعكف دار الأوبرا الفرنسية فى العاصمة باريس على رصد المواهب الشابة الصاعدة داخل الأوبرا، لاختيار الأفضل بينها ومنحه «جائزة التميز من أوبرا باريس الوطنية»، التى تُمنح للمطربين الصاعدين كنوع من التحفيز وتسليط الضوء على قدراتهم الغنائية.
وقبل منح الجائزة، التى تُعد أعرق الجوائز الفنية فى باريس، يتم تقييم المواهب المرشحة لمدة عام كامل، ثم اختيار الأفضل من بينها بناءً على تصويت بين العاملين فى الأوبرا والبالغ عددهم نحو 5400 شخص تقريبًا.
فى مايو الماضى، أعلنت جمعية «إشعاع دار الأوبرا الفرنسية الوطنية فى باريس» اسم الفائز بـ«جائزة التميز»، وهى مغنية السوبرانو المصرية «فرح الديبانى»، بعدما نجحت ابنة الإسكندرية الملتحقة بـ«أكاديمية باريس للفنون» فى التألق خلال الموسم الأوبرالى الماضى.


من الإسكندرية إلى برلين:
داخل «عروس البحر الأبيض المتوسط»، محافظة الإسكندرية، عاشت «فرح الديبانى» والتحقت بـ«المدرسة الألمانية» هناك للدراسة، وعندما بلغت 21 عامًا قررت ترك مصر واستكمال دراستها فى ألمانيا.
وفى ألمانيا، وحتى فى فترة حياتها بالإسكندرية، احتلت الموسيقى مساحة كبيرة بين اهتمامات «فرح»، التى رغبت فى دراسة هذا المجال والتخصص فيه منذ صغرها، لذا التحقت بـ«كورال المدرسة» وبدأت بالغناء الطربى العادى وسط دعم كبير من أسرتها.
 هذا الدعم تَمَثّل فى تكفّل الأسرة بمصروفات مجموعة من «كورسات» الباليه والعزف على البيانو بعيدًا عن المدرسة، لبث الحس الموسيقى الفنى بداخل «فرح» منذ نعومة أظافرها، وكان جدها أول من زرع فى قلبها حب «الموسيقى الكلاسيكية»، وهو «طبيب بشرى عاشق للبيانو».
وفى إحدى الحفلات بألمانيا سمع أحد مدرسى «فرح» صوتها فاقترح عليها «الغناء الأوبرالى»؛ لأنه يناسب خامة صوتها بشكل كبير، وقرر تبنّى موهبتها وتنميتها رفقة الدكتورة نفين علوبة مغنية الأوبرا العالمية، لتبدأ من هنا رحلتها لمدة 14 عامًا تقريبًا فى تعلّم «الغناء الأوبرالى» والموسيقى الكلاسيكية.
وخلال تلك الرحلة، داومت «فرح» على المشاركة فى مسابقة الغناء الأوبرالى فى ألمانيا، وطوال 5 سنوات حصدت مراكز متقدمة بها، متغلبة على قريناتها ممثلات الدول المجاورة المشاركة، ما ساهم فى تكوينها كأوبرالية قادرة على منافسة الغرب ببسالة دون خوف أو تردد.
وفى جامعة برلين بدأت «فرح» فى دراسة الأوبرا بشكل احترافى؛ خصوصًا أن الجامعة هى الأفضل فى هذا المجال عالميّا، وتمكنت من اجتياز التصفيات التى تجريها الجامعة لاختيار الأفضل للحصول على فرصة الدراسة بها، واختيرت ضمن أفضل 4 متقدمين للدراسة من أصل 500 متقدم.
وبالتزامن مع تحقيق حلمها، قررت الالتحاق بكلية الهندسة فى جامعة الإسكندرية، امتثالًا لرغبة والدها المهندس المعمارى، الذى أرادت أن تصبح مثله، لتدرس بذلك الهندسة وتتدرب على «الغناء الأوبرالى» داخل وخارج مصر، حتى تخرّجت فى الجامعتين بتقدير «ممتاز»، ثم حصلت على الماجستير بالدرجة العلمية نفسها.



حاصدة الجوائز:
بالتزامن مع حفلاتها فى الإسكندرية وبرلين وموسكو، قررت «فرح الديبانى» أخذ خطوة احترافية جديدة، تَمثلت فى التقدم للعمل فى «دار أوبرا باريس»، رُغْمَ شعورها بفقدان الأمل فى إمكانية الحصول على هذه الفرصة نظرًا لعراقة وتاريخ الأوبرا الفرنسية المعروفة.
لكن كما اعتادت على خوض التجربة ببسالة دون النظر لأى عواقب، تقدمت وتمكنت من اجتياز الاختبارات، وتم اختيارها ضمن أفضل 6 متقدمين من أصل 600 متقدم، وأصبح لديها عمل ثابت فى «أوبرا باريس» منذ 2016 حتى الآن.
وعن سبب رحيلها للغناء والعمل فى الأوبرا خارج مصر، تقول «فرح»: «أردتُ إثبات قدراتى الغنائية وإمكانية منافستى للأصوات الغربية، كما أن الإمكانيات المطلوبة فى هذا المجال محدودة بشكل كبير فى مصر، ما كان سيقف عائقًا أمام تنمية قدراتى لمواكبة الإمكانيات العالمية الأخرى».
«مصرية تنافس الأوربيين أمْرٌ لم يكن يسهلا، لكن الغرب يدعمون المميز حتى يتفوق بعيدًا عن جنسيته».. تصف «فرح» بهذه الكلمات طبيعة المنافسة خارج مصر ونظرة الآخرين لقدراتها حتى تمكنت خلال بضع سنوات من الإطاحة بمبتكرى الغناء الأوبرالى فى باريس، والتربُّع على عرشهم.
ولم تكن «جائزة التميز» هى الأولى فى مشوار «فرح»، فالبداية كانت مع بلوغها 15 عامًا حين حصدت مجموعة جوائز فى عدة مسابقات للغناء، وفى 2007 حصدت جائزة المجلس الأعلى للثقافة، إضافة إلى مجموعة جوائز عالمية حصلت عليها فى برلين قبل الانتقال إلى باريس، عن الغناء وأدوار البطولة فى الأوبرا.
وفى مارس الماضى كرّمتها «جامعة النيل» فى القاهرة خلال حفل خاص بها، للإشادة بتميزها العالمى، واستضافها الفنان سمير صبرى فى برنامج تليفزيونى عقب سماعه لأدائها داخل الجامعة، وصولًا إلى حصولها على «جائزة التميز» لتصبح أول مصرية تغنى بـ «دار أوبرا باريس» وتحصد هذه الجائزة منها.. وتُعبر «فرح» عن رغبتها فى العودة مرّة أخرى للغناء فى الأوبرا المصرية بشكل مستمر، وتقول: «نفسى أرجع أغنى ويكون ليّا دور فى بلدى»؛ خصوصًا بعد افتتاح أوبرا جديدة فى العاصمة الإدارية. وتوضح: «أرغب فى المساهمة بتشكيل وإدارة تلك الأوبرا والغناء فيها».
وتختتم: «داليدا هى قدوتى.. وأنا زَيّها تمامًا مَهما سافرت وغنيت بَرّة هأرجع مصر مرّة تانية، كما أنى أدين بالفضل للدكتورة نفين علوبة، التى أحلم بالوصول لمستواها الغنائى، وأعتز بوجودها فى حياتى، بعدما ساعدتنى بجانب أستاذتى الألمانية فى تجاوز أزمة فوارق الثقافات فى مصر والدول الأخرى».