عفاريت الصندوق الـ 5 فى وجه إردوغان

كتب: نور على
بعد 17 يومًا كاملة من الطعون التى تقدم بها الحزب الحاكم، وإعادة فرز الأصوات، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات التركية فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول. بعد أن نجح فى سحق مرشح الحزب الحاكم بن على يلدريم، بفارق يقدر بـ13 ألفًا و729 صوتًا.
نتائج انتخابات البلدية التى أجريت فى تركيا فى 31 مارس الماضى مكنت أحزاب المعارضة من السيطرة على 14 بلدية كبرى، فى مقدمتها إسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاليا وأضنة. الخسارة التى منى بها الحزب الحاكم، وضاع خلالها من بين يديه رئاسة بلديات يسيطر عليها منذ أكثر من 25 عامًا، جعلته يفقد توازنه ويعلن رفضه لنتائج الانتخابات.
العدالة والتنمية ورئيسه إردوغان الذى تغنى كثيرًا بنزاهة الانتخابات فى تركيا، واستحالة تزوير الأصوات، منتقدًا أحزاب المعارضة التى تتقدم بالطعون، سلك هو هذا الطريق هذه المرة، حيث تقدم الحزب بالطعن على أكثر من 300 ألف صوت انتخابى، كما زعم حدوث أخطاء فى إحصاء عدد الأصوات الحاصل عليها كل مرشح.
وعلى مدار أكثر من أسبوعين، تمت إعادة عمليات فرز الأصوات مجددًا فى عدد من المدن التركية، على رأسها إسطنبول. وكان العدالة والتنمية كلما شعر بتأكد هزيمته يطالب بإعادة الفرز مجددًا، حتى أن الرئيس التركى رجب طيب إردوغان طالب اللجنة العليا للانتخابات بإلغاء الانتخابات فى إسطنبول.
وأخيرًا رفضت اللجنة العليا للانتخابات الطلب المقدم من العدالة والتنمية الخاص بإعادة الانتخابات، لتعلن الـ17 من أبريل فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول.
وخلال أول تعليق لإمام أوغلو على حصوله على وثيقة التنصيب فى بلدية إسطنبول، أكد أنه تسلم وثيقة رئاسة بلدية المدينة باسم 16 مليون شخص، مشيرًا إلى أنهم يعرفون احتياجات المدينة وطلبات سكانها وسيبدأون بتقديم الخدمات بشكل سريع.
أسباب تأجيل النتيجة
واحد من أهم التساؤلات التى تداولتها وسائل الإعلام المعارضة، هى أسباب تأخير إعلان نتيجة الانتخابات المحلية فى إسطنبول، حيث تحولت إسطنبول خلال الأيام القليلة الماضية إلى علامة استفهام كبيرة بسبب عدم إعلان نتائجها رغم إعلان نتائج البلديات الأخرى.
الصحفى التركى جان دوندار يفند أسباب تأخير إعلان النتائج فى إسطنبول، فيقول إن السبب الأول لهذه الخطوة إلى أن الحزب الحاكم يحتاج لوقت من أجل إكمال عملية تطهير البلدية من بعض الملفات والأوراق والوثائق التى تكشف عن انتهاكات الإدارة السابقة، وتقديم مناقصات مهمة للغاية للشركات الموالية فى اللحظة الأخيرة، ونقل بعض الموظفين إلى مواقع وأماكن أخرى.
السبب الثانى وفقًا لدوندار فيعود إلى أن إردوغان يحاول أن يبعث إلى قاعدته الشعبية رسالة مفادها أن حزب العدالة والتنمية لم يتعرض للهزيمة، بل إن المعارضة فازت ببلدية إسطنبول الكبرى عن طريق الحيلة والتزوير. السبب الثالث هو سعى إردوغان إلى تحطيم المعنويات وأجواء الفرحة والانتصار عند الأحزاب المعارضة.
أبرز وجوه المعارضة
أبرزت الانتخابات المحلية وجوهًا جديدة على الساحة السياسية، ربما يكون أحد هذه الوجوه مرشحًا لدور أكبر فى الحياة السياسية فى المستقبل القريب.
فى مقدمة هؤلاء أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول وقد ولد فى مدينة طرابزون، شمال شرقى تركيا، عام 1970، وخاض مسيرة سياسية مشابهة بشكل كبير لمسيرة إردوغان. تخرج فى جامعة إسطنبول، حاصلا على بكالوريوس إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية، إردوغان أيضًا درس إدارة الأعمال من جامعة مرمرة، ولهما تاريخ مشابه أيضًا فى عالم كرة القدم.
عام 1992، بدأ حياته العملية من خلال العمل فى شركة العائلة الناشطة بمجال الإنشاءات، ثم تولى منصب رئيس مجلس إدارتها فى مرحلة لاحقة. وخلال سنوات الدراسة، لعب كرة القدم كهاو، وتولى منصبًا إداريًا فى عدد من النوادى الرياضية مثل طرابزون سبور وبيلك دوزو سبور. وبرز اسمه بالمشهد السياسى فى 16 سبتمبر 2009، عندما أصبح رئيسًا لمقاطعة تابعة لحزب الشعب الجمهورى، ثم رشحه الحزب خمس سنوات إثر ذلك لمنصب عمدة بلدية بيليك دوزو، وفاز بها.
فوز إمام أوغلو منحه أهمية سياسية كبيرة، وجلب الأنظار إلى حزبه فى بيليك دوزو، بفضل سياساته المعتمدة على التوسع الحضارى وتزيين الشوارع وإقامة أماكن حضارية مميزة لجذب الشركات للاستثمار، فى إنجازات سرعان ما وضحت ملامحها وأثارت الإعجاب.
منصور يافاش
وجه آخر كشفت عنه الانتخابات المحلية هو رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، وهو محام وسياسى تركى ولد بالعاصمة أنقرة عام 1955، تلقى تعليمه حتى نهاية المرحلة الثانوية فى حى «باى بازارى» الذى ولد به.
وفى العام 1979 التحق بكلية الحقوق جامعة إسطنبول وحصل على درجة البكالوريوس عام 1983، وبعد تخرجه فى الجامعة مارس مهنة المحاماة بشكل حر لمدة 13 عامًا.
بدأت علاقته بالسياسة وهو فى سن الشباب، وخلال الفترة من 1989 وحتى 1994 كان عضوًا بمجلس بلدية «باى بازارى». وفى العام 1994 ترشح لرئاسة بلدية «باى بازارى» عن حزب الحركة القومية لكنه لم ينجح. وفى انتخابات 18 أبريل 1999 أعاد الحزب ترشيحه لرئاسة البلدية ذاتها، وفى هذه المرة نجح بعد حصوله على 55 % من الأصوات.
اختير فى العام 2001 كأفضل رئيس بلدية محلى بفضل الجهود التى بذلها للحفاظ على الآثار التاريخية بالمنطقة التى تقع فيها البلدية التى يترأسها.
وفى الانتخابات المحلية 18 أبريل 2004 أعيد انتخابه رئيسًا لبلدية «باى بازارى» بعد حصوله على 55 % من أصوات الناخبين مرشحًا عن حزب الحركة القومية.
وفى انتخابات 29 مارس 2009 تم ترشيحه من قبل حزب الحركة القومية لرئاسة بلدية أنقرة، لكنه خسر بعد حصوله على27 % من الأصوات، واحتلاله المركز الثالث بعد مرشح العدالة والتنمية، مليح جوكتشك، ومرشح الشعب الجمهورى مراد قارايالجين.
وعام 2014 وبسبب عدم ترشيح الحركة القومية له فى انتخابات 30 مارس بذات العام انشق عن الحزب وانتقل لصفوف حزب الشعب الجمهورى الذى رشحه لرئاسة بلدية أنقرة فى ذلك العام، لكنه خسرها بفارق كبير عن مرشح العدالة والتنمية، مليح غوكتشك.
وفى 17 أبريل 2016 استقال يافاش من عضويته بالشعب الجمهورى، لكن عاد إليه فى 2018 ليعاد ترشيحه لرئاسة بلدية العاصمة فى الانتخابات، وفاز بها على مرشح الحزب الحاكم.
فاتح محمد ماتشو أوغلو
ولأول مرة الحزب الشيوعى يحصل على مقعد حكومى له فى تاريخه البالغ 26 عامًا، وذلك من خلال مرشح حزبهم فاتح محمد ماتشو أوغلو، الذى كان يعمل موظفًا بوزارة الصحة. ماتشو أوغلو، فاز برئاسة بلدية «أوفاجيك» قضاء ولاية تونجلى، التى ولد فيها عام 1968، وأصبح فى 2014 أول رئيس بلدية من الحزب الشيوعى بتاريخ تركيا. ترقى ماتشو أوغلو فى عدد من الوظائف الحكومية، قبل أن يقرر الاستقالة والترشح والفوز برئاسة بلدة أوفاجيك، واستطاع خلال 4 سنوات من العمل بناء ثقة عالية لدى سكان المدينة نتيجة للتحسينات التى جلبها للبلدية وأسلوب إدارته غير المألوف.
هذه الإجراءات مكنته من التنافس على انتخابات بلدية تونجلى والفوز بها، متقدمًا على مرشحة حزب الشعوب الديمقراطية الكردية، نورشات يشال، التى حازت على 5069 صوتًا، بينما حاز ماتشو أوغلو على 5887 صوتًا.
مصطفى تونتش
رئيس بلدية إزمير، مصطفى تونتش سويار، من مواليد العاصمة التركية أنقرة، فى العام 1959. وهو سياسى وحقوقى تركى. تخرج من كلية الحقوق جامعة أنقرة. بدأ عمله السياسى فى صفوف حزب الشعب الجمهورى فى العام 2003، وتولى العديد من المناصب داخل الحزب، إلى أن تم اختياره العام2014 رئيسًا لمقاطعة سافارهيسار بمحافظة إزمير. وفى انتخابات 2019 فاز فى محافظة إزمير -معقل العلمانيين-، حيث حصل على 58.13% متفوقًا على مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم نهاد زيبيكى على نسبة 38.13%.
محيى الدين بوجاك
وكشفت الانتخابات التركية عن محيى الدين بوجاك، الذى ترأس بلدية أنطاليا وذلك بعد حصوله على أكثر من 50.2%، بما يوازى 446 ألفًا و737 صوتًا بينما حقق مرشح الحزب الحاكم مندريس تونيل 47.1% بما يوازى 418 ألفًا و958 صوتًا. وبوجاك من مواليد أنطاليا العام 1962. تخرج من كلية الاقتصاد جامعة الأناضول. وشغل بوجاك منصب رئيس اتحاد بلديات البحر المتوسط لمدة 4 فترات.