الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

4 نساء فى مهمة رجالى!

4 نساء فى مهمة رجالى!
4 نساء فى مهمة رجالى!


«للرجال فقط».. شعار اختفى فى الوقت الحاضر، بعد أن اقتحمت المرأة العديد من المجالات التى لا تخطر على البال بعضها بسبب الظروف الاقتصادية، والبعض الآخر لإثبات الذات والتأكيد على عدم وجود فرق بين رجل وامراة.. فلم يعد عمل المرأة يقتصر على الأعمال الخفيفة أو المنزلية، أو الوظائف الحكومية والقطاع الخاص فقط، لكنها امتدت لتزاحم الرجل فى العديد من المهن الشاقة، والتى كانت حكرًا على الرجال فقط.

إنجى مهندسة بترول تتحدى الرجال
إنجى سالم، مهندسة تعمل فى قطاع البترول، وجدت نفسها فى موقف شبيه بالفنانة سعاد حسنى فى فيلم «للرجال فقط»، الذى تدور أحداثه حول مهندستين، تم تعيينهما فى شركة بترول، وأبديا رغبتهما فى العمل فى الصحراء لاستكشاف آبار بترول جديدة، لتصطدما بقوانين الشركة، التى لا ترسل سوى الرجال للصحراء.
إنجى التى بدأت العمل فى مجال البترول قبل 5 سنوات، كچيولوچى استكشاف فى مجال البترول والغاز فى إحدى الشركات الأمريكية لمدة 4 سنوات، وتعمل الآن مهندسة اختبارات ومعاينة فى إحدى شركات الخدمات البترولية، لتصبح أول فتاة، من العاملات على بريمة حفر، والتى تعد من أصعب قطاعات البترول.
 إنجى ابنة مدينة دسوق، محافظة كفر الشيخ تخرجت من كلية العلوم محافظة المنصورة، لم يكن ضمن رغباتها الالتحاق بمجال البترول، لكنها قررت خوض التجربة، حيث كانت بين العشر الأوائل على قسمها، التحقت بعد ذلك ببرنامج الأمل - المختص بعمل امتحانات للعشر الأوائل بكليات العلوم بالجامعات المصرية - واختيار 40 شخصًا منهم للعمل مع فريق الأمل، وكانت ضمن القائمة المختارة، وأهلها البرنامج على النزول للمواقع الجيولوجية، وبعد الانتهاء من البرنامج، التحقت بالعمل فى شركة أمريكية فى مجال البترول، عملت بها لمدة 4 شهور، وانتقلت لشركة أمريكية أخرى، تهتم باكتشاف البترول والغاز الطبيعى، واستمرت بها 4 سنوات، ومنها انتقلت للعمل بشركة خاصة باختبارات ومعاينة مواقع البترول.
مع بدء عملها فى مجال البترول لم تشعر بالوحدة ولكن بالتميز، خاصة عندما صعدت على بريمة الحفر وسط البحر لتجد نفسها وسط التحدى.. كان تمكث ساعات طويلة، فى العمل، بشكل متواصل على منصة الحفر، حيث كانت ضمن فريق مسئول عن تقييم محتويات التربة بشأن مدى احتوائها على النفط والغاز، لكنها ثابرت حتى انتصرت على التحدى، لتكون من أولى السيدات العاملات على منصات الحفر.
لم تغفل الفتاة العشرينية فضل أهلها عليها فى وصولها إلى هذه المرحلة، فدائمًا ما تذكر كفاحهم من أجلها، وتخص بالذكر الأم، التى تحدت العادات والتقاليد، وكل شيء من حولها حتى تحقق فتاتها ذاتها على النحو الذى ترغب به؛ فهى السبب الأهم بالنسبة لإنجى، لما وصلت إليه، وكانت أول من شجعها على خوض المجال، تقول إنه لا يوجد عمل يحمل شعار للرجال فقط، مهما كانت مشاقه، ومهما تطلبت الظروف المحيطة به.
تمكنت «إنجى»، بجانب عملها فى مجال البترول، الحصول على العديد من الميداليات فى رياضة جرى المسافات الطويلة: «الرياضة مهمة جدًا للحفاظ على الجسم وصحته علشان كده حرصت إنى لازم أمارس رياضة أثناء عملى وحصدت عددًا كبيرًا من الميداليات فى مجال الجرى».
«بندق».. سمكرية من غرف الفنانات لشقى الأسفلت
 من دسوق إلى روض الفرج، ومن داخل زاوية صغيرة، بحارة عبدالوهاب طعيمة، توجد ورشة صغيرة، خاصة بلحام السيارات، لكنها تختلف عن غيرها من الورش، فمع دقات التاسعة صباحًا، تظهر «رضا محمد شفيق» سيدة أربعينية، تستقل دراجتها ذات الثلاث عجلات، بعد أن شاء القدر تعرضها لشلل جزئى أفقدها القدرة على السير بقدميها ليصبح العكاز رفيقها، ومعينها فى محنتها، لتستكمل مسيرتها العملية التى طالما اعتادت عليها منذ سنوات عديدة، لتصبح أشهر سمكرى سيارات بمنطقة روض الفرج، يأتى إليها الزبائن من كافة مناطق القاهرة الكبرى وغيرها من المحافظات.
بداية سيدة روض الفرج لم تكن شاقة، حيث عملت كـ«لبيسة» لكبار الفنانات فى مصر، من بينهن الفنانة يسرا، لما يقرب من 15 عامًا، حتى تعرضت لحادث أفقدها الجزء السفلى من الحركة الجسدية، وأصبحت مضطرة على تقبل الواقع الجديد، فكان أمامها خياران، إما الاستسلام، أو المثابرة ورفض الواقع، والعمل بطرق شتى على تغييره، وكان الخيار الثانى قرارها، حيث لم تعتد على التسول أو الاعتماد على أحد فى تسيير أمور حياتها، فعملت كترزى مساعد لوالدها فى صغرها، حتى انتقلت للعمل مستقلة فى غرف ملابس الفنانات، فى بروفات ومواقع التصوير.
 بعد تعرضها للحادث، عرض عليها أحد جيرانها، العمل فى ورشته الخاصة بصيانة السيارات، ولاحتياجها المادى لم تناقشه، وقررت خوض التجربة، فلم تعتد على الراحة، والجلوس بالمنزل: «مش متعودة على الراحة، بحب الشغل وبجرى على قوت يومى، مش بحب حد يبص لى بشفقة أو يدينى حسنة».
12 ساعة متكاملة تقضيها رضا بالشارع متنقلة بين الورشة، وزاوية المعدات، والظلام أسفل السيارات، لا تبالى لطقس بارد، أو أشعة شمس حارقة، فالحياة الشاقة لم تقف فقط على حد الإصابة التى تعرضت لها، فلم يكن لديها أسرة تساندها فى محنتها، فقسى قلب الأم على ابنتها، بعد مشادة وقعت بين الأم وابنتها الكبرى، غضبت الأم على جميع أبنائها، وطردتهم من المنزل، حتى بقيت «رضا» وحيدة دون معيل، وقررت حينها الاكتفاء بذاتها، والعمل لتحسين حياتها: «لم أتعايش مع حنية الأم التى طالما سمعت عنها، فلو لم أعمل بنفسى لمدة 43 عامًا، وأواجه الحياة ومشاقها يومًا تلو الآخر، لما استطعت جلب طعام لمنزلى، وكدت أموت جوعًا ولم يشعر بى أحد». صديقتها كانت المنقذة لها بعد طردها من منزلها على يد والدتها، فمدت لها يد العون، وجعلتها جارة لها بنفس المسكن، وأصبحت اليوم المعيل لها، فهى من ينفق على علاجها، ويساعدها على استمرار حياتها بشكل طبيعى دون الشعور بإعاقة قدميها، لم تجد من يساندها من أسرتها، لكن سخر الله لها أختًا وأمًا، لتفتح لها منزلها دون مقابل، وتنقذها من التشرد، تتقاسمان الخبز، والضحكة: «لم أجد سوى صديقتى بجانبى، هى معيلى الوحيد فى الدنيا، وأسأل الله أن يقدرنى على رد جزء بسيط من مساندتها ووقوفها بجانبى».
إهانات كثيرة تعرضت لها السيدة الأربعينية طوال فترة عملها كسمكرى، فلم يعتد المحيطون بها فى المنطقة، على هذا النوع من العمل للسيدة، وحاول الكثيرون الوقوف ضدها بحكم العادات والتقاليد: أنزل للعمل لجلب الجنيه لأعيش حياة أقل ما يقال عنها أنها حياة، تعرضت لكثير من الإهانات، أثناء نومى أسفل السيارات، أسمعها بأذنى، لكننى أتحملها لأكمل يومى، يكفى أننى لم أتزوج حتى الآن، وأنام على ضهرى ولا يأبى أحد بذلك، كل ما يهم المحيطين بى، أننى سيدة وتعمل بمهنة حكرًا على الرجال، وكأننى أخذت وظيفة من صاحبها ومنعته من العمل بها».
بملابس رجال، وشعر معقود، تظهر رضا بين عمال ورش السيارات، لتكن واحدة منهم ليس بالعمل فقط، ولكن بالهيئة الرسمية أيضًا، ولتحمى نفسها من النظرات الموجعة بين المارين، وأصحاب القلوب اليابسة، التاركين معاناتها بالحياة، ولا يهتمون إلا بكونها أنثى، فقررت تحطيم مظهرها الأنثوى هذا، والظهور كـ«بندق» كمسرى روض الفرج الأشهر، حتى وإن أكملت الباقى من عمرها وحيدة دون زوج ينتشلها من همومها، أو طفل يكن سندًا لها فى شيخوختها.
كانت لديها قصة حب انتهت بحزن، جعلها تفقد الثقة بالبشر، ولا تتحمل العيش بينهم، فكان الخائن الحبيب الأول، والخائنة صديقتها المقربة: «ارتداء الفستان الأبيض بالنسبة لى شيء من الماضى واستبدلته بحلم آخر وهو ارتداء ملابس الإحرام البيضاء»، وكل ما تريده حاليًا أن تعيش حياة كريمة، بتوفير فرصة عمل مناسبة لها، تستطيع من خلالها أن تجد لقمة عيش دون التخلى عن كرامتها، حتى إذا تدهورت صحتها أكثر من ذلك لا يجبرها الزمن على مد يدها لأحد.
«نرمين».. نقاشة الفيوم التى تحدت عادات الصعيد
«لو شغلى ذنب ربنا يكتر ذنوبى»، كلمات بسيطة، كانت ردًا لما تعرضت له نقاشة الفيوم الأشهر، عندما وصفتها إحدى السيدات على موقع التواصل الاجتماعى بـ«الفاحشة»، التى تعمل بشكل غير أخلاقى، لتمردها على أفكار المجتمع التقليدية، وإعلان الاستقلالية، منذ عدة سنوات، لم تكن تعلم «نرمين ناجح»، قبل 17 عامًا، عندما بدأ خطيبها وزوجها الحالى «عاطف زكى» يعلمها الخطوات الأولى لمهنته «النقاشة»، وتدهيب الرخام، واضعًا فى يدها فرشاة الدهان، لترسم خطوطًا متعرجة، كطفل يتعلم الكتابة، أنها ستضطر بعد سنوات من زواجهما إلى النزول لسوق العمل لتمتهن حرفة ظلت حكرًا على الرجال، بعد مرض زوجها.
 «الأسطى نرمين ناجح»، نقاش الفيوم الأكثر تداولًا وتنقلًا بين القرى والمحافظات، تقيم بقرية منشأة عبدالله، ولديها 4 أبناء بينهم 3 فتيات وفتى، أعمارهم تتراوح مابين 5 سنوات و15 سنة، لم تنل حظها من التعليم حيث توقفت دراستها بعد الشهادة الابتدائية، بدأت قصتها منذ أن بلغت من العمر الـ13، فتقدم لخطبتها زوجها الحالى، العامل بمهنة النقاشة، وهو من بدأ فى تعليمها أساسيات المهنة، لكنها لم تكن تعلم أن التعليم سيفيدها بالمستقبل، بعد تعرض زوجها لحادث أفقده القدرة على الحركة، قررت أن تصبح عكاز قدمه، ومعاون يده، لتبدأ فى امتهان النقاشة.
نزلت أول مرة للعمل منذ 7سنوات، فى منزل زوجين عن طريق إحدى معارفها، فوجدت ترحيبًا كبيرًا من أصحاب الشقة، وبعد إتمام العمل، فوجئت بتشجعيهما لها، وإعطائها أكثر مما اتفقوا عليه، تحفزت بعدها لمواصلة العمل، رغم رفض أهلها نزولها والعمل كالرجال، لكن زوجها ووالدتها كانا داعمين لها.
أما عن طبيعة عملها، فهى تدهيب الرخام والنحاس، لكى يتحمل المياه والعوامل الخارجية من خلال المادة المثبتة، داخل ورشة زوجها، والتى تعمل بها 3 ساعات يوميًا إضافة لـ 6ساعات أو أكثر فى المنازل، لكنها دائمًا ما تأمل أن يعرف الجميع طبيعة عملها النقية، وأن يتفهم المجتمع دورها.
«عبير».. حلاق رجالى بدرجة خبير
«كوافير الإكسلانس للرجال»، للوهلة الأولى يظن الجميع أنه كوافير عادى لا يتميز عن غيره بشيء يذكر، لكن شهرته التى تعدت منطقة عباس العقاد بمدينة نصر حيث مقر المحل، لم تكن أبدًا دون سبب، فمتقن مهنة قص الشعر، ورسم الذقن هنا لم يكن رجلًا محترفًا، وإنما كانت سيدة امتهنت الحلاقة منذ زمن، واحترفت تنظيف الذقن والشارب، إنها عبير مصطفى، طبيعتها الأنثوية لم تمنعها من خوض مجال أحبته، مهنتها باديكير وتقليم أظافر وحلق شعر، ولكن للرجال فقط، ولتجنب نظرات الشك من المارين، دائمًا تحصن نفسها وتجعل «الصنايعى» يقف جانبها، لكنها لا تلتفت كثيرًا لنظرات الآخرين، فهى عادة ما تعمل مع أفراد يعرفونها جيدًا.
لم تكن الفكرة بالبداية مرحبًا بها بشكل كبير، فمن الصعب العمل فى مهنة لا يتردد عليها لتلقى الخدمات سوى الرجال، خاصة أنها ربة منزل، وأم لفتاة وفتى، كذلك الزبائن، لم يتقبلوا الأمر بسهولة فى البداية، ولم يكن من السهل أن يجلس الزبون مقتنعًا تحت يد الأسطى عبير، لكنها استمرت، ونسبت الفضل كاملًا لزوجها الذى ساعدها فى إقامة مشروع كوافير رجالى فى مدينة نصر، بعد أن قضت سنوات طويلة فى العمل بصالونات حلاقة ملكًا لآخرين، ثم قررت أن تمتلك صالونها الخاص، بتشجيع من العائلة، وبصحبة نجلها الأكبر الذى يعمل «مساعد حلاق».
بدأت العمل فى المهنة منذ أن كانت بسن الـ18 عامًا، بمختلف مناطق القاهرة الكبرى فى العديد من الفنادق والصالونات الكبرى، كانت بدايتها كمساعد، قبل أن تنتقل إلى صالونها الخاص، حتى تمت خطبتها وهى تعمل بنفس المجال، كان الأمر فى البداية غريبًا، ثم تحول إلى أمر طبيعى وواقع يجب تقبله، فلم يشكل عملها يومًا مشكلة بالنسبة لزوجها، ولم يؤثر على حياتها الأسرية، لأن زوجها كان متفهمًا لظروف عملها من البداية، أما عن نظرة المجتمع لها كحلاقة رجال، لم تكن تعيبها بل على العكس، فهناك كثيرون يرون أنها سيدة قوية.
نظرات السيدات كانت الأصعب على عبير، وليس الرجال، فجميعها مصحوبة بالاستغراب، وعلامات التعجب، وهو ما عانت منه فى بادئ الأمر، ولكن مع مرور الوقت بدأت فكرة الحلاقة تتغير عند الكثير من السيدات، وتتقن عبير فن التعامل مع الزبائن، فهى لا تستطيع إحراج الزبون، فلو شعرت أن الزبون أتى بغرض الترفيه أو التسلية، تجعل مساعدها يتولى أمره.