السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ناجح إبراهيم عرق التطرف دسّاس

ناجح إبراهيم عرق التطرف دسّاس
ناجح إبراهيم عرق التطرف دسّاس


لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين.. إلا أن هناك من لا يزال يُلدغ ممن يسمون أنفسهم «المنشقون»، أى المنشقون عن الجماعات والتيارات الإسلامية سواء الجماعة الإسلامية أو تنظيم الجهاد أو الإخوان.
لا أحد يشكك فى نوايا هؤلاء، ولا يمكن أن يكون هذا سدًا لباب التوبة، لكن الحقيقة أن بعضهم ما إن يترك جماعته إلا ويعتبر نفسه -فورًا- على النقيض، إذ ينقل نفسه من مقاعد التطرف إلى كرسى التنوير، رغم أن آراءه قد تكون خنجرا فى ظهر التنوير ذاته!.

هذا ليس حكمًا قاطعًا، فهناك من ترك هذه الجماعات نادمًا على ما قضاه فيها، عازمًا على ألا يعود إليها، مستشرفًا لمستقبل لا يكون لهذه الأيديولوجيات وجود فيه، لكن بعضهم لكون توبته نصف توبة أى أنه لم يتخلص من الأفكار التى زرعتها فيه جماعته على مدى سنين وربما عقود ينتكس سريعًا، إذ يسقط - بعد التوبة- فى براثن هذه الجماعات تارة بتأييدها صراحةً فيما تقول، وتارة بأن يُفتضح أمره فى كلمةٍ لا يُلقى لها بالًا فتنكشف حقيقته.
بعض هؤلاء تكون انتكاستهم قريبة، أى يتخلون عن التوبة فى أقرب فرصة، وهو ما يجعل البعض يظن أن مراجعاتهم التى قدموها لم تكن إلا مناورة أو استراحة إرهابى، ومن هؤلاء عاصم عبدالماجد وطارق الزمر، ومنهم من لم ينتكس، لكنه تحول من السلفية الجهادية إلى السلفية الدعوية، ومن هؤلاء ناجح إبراهيم أحد مؤسسى الجماعة الإسلامية.
ناجح إبراهيم كان على رأس مؤسسى الجماعة الإسلامية فى مطلع السبعينيات، وكان مشاركًا أيضًا فى اقتحام مديرية أمن أسيوط التى سقط فيها 118 شهيدًا مثله مثل عاصم عبدالماجد.
لم يؤيد «إبراهيم» الإخوان مثل عبدالماجد والزمر زملاء الأمس، بل لم يتفق مع الجماعة من الأساس، لكنه رغم ذلك يؤيد «ياسر  بُرهامى» نائب رئيس الدعوة السلفية ويدافع عنه.
كل ما اختلف فيه ناجح إبراهيم عما كان قبل المراجعات هو حمل السلاح، أى أنه انتقل من مقاعد السلفية الجهادية إلى السلفية الدعوية، والفرق بين الاثنين هو الفتوى التى تجيز حمل السلاح فقط، بخلاف ذلك تبدو الأمور كما هى.
الأمر ليس افتراءً على الدكتور ناجح إبراهيم، لكن حقيقة الأمر أنه يخرج منظرًا على رفاق الأمس- السلفية الجهادية- ومادحًا لرفاق اليوم- السلفية الدعوية- ومهاجمًا من يختلف معهم، ورافضًا لمن يتصدى لهم، إذ إنه يرى ياسر بُرهامى علمًا وأنه- على حد تعبيره- من القلائل الذين أكرمهم الله بالجمع بين أمور كثيرة من الخير، وعلى رأسها الدعوة إلى الله، وتربية الناس فى زمن عزّ فيه المربون الصالحون، وتخفيف آلام المرضى، والرفق بهم ورحمتهم.
هذا يعنى أنه يوافق على ما قاله له ومنها حوار أجراه ناجح إبراهيم مع بُرهامى هاجم فيه تعليم البنات، إذ قال بُرهامى لـ«إبراهيم»: «أرى ثمرة تعليم البنات ضعيفة جدًا، والثمنَ باهظًا، ويمكن تحصيل المطلوب بالمنزل، مع اختيار الأصلح من العلوم»، أى أنه لا يريد خروج المرأة من منزلها.
فى أحد مؤتمرات حزب النور دافع ناجح عن بُرهامى فى هجومٍ كان قد تعرض له قائلًا: «الشيخ ياسر باع جاهه من أجل إنقاذ أبناء الدعوة السلفية، والحزب- أى النور- لا يخدم أتباعه فقط بل جميع المسلمين، موضحًا: «سيخدم المتبرجة كما يخدم المنتقبة»، مطالبًا الجميع بألا ينظروا إلى ارتفاع صوت العلمانيين، الذى ظهر منذ سنوات قليلة.
المرأة عنده نوعان: إما متبرجة أو منتقبة لا ثالث لهما، أى على أساس المظهر، أما العلمانيون فلم يوضح من هم، إذ إن التيارات السلفية ترى العلمانى أنه الشخص الفجور والفحشاء والشذوذ.
لا يطيق «ناجح» أن يمس «بُرهامى» أى هجوم أو اختلاف إذ كتب مقالًا فى إحدى الصحف يُهاجم من يختلفون مع بُرهامى ويرون أن فكره متطرف، إذ قال: «كلما حدث تفجير أو اغتيال تخرج بعض الصحف تنادى بالقبض على د. ياسر برهامى، وكأن الرجل أمير «داعش».
وبعيدًا عن أن «ناجح» تحدث عن التفجير والاغتيال وكأنهما أمر عابر، وليس مصيبة كبرى تراق فيهما الدماء، فإن الحقيقة بُرهامى ليس أمير «داعش»، لكن ماذا يقول عضو الجماعة الإسلامية- سابقًا- فى فتاوى ياسر بُرهامى المتشددة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: «تكفير المسيحيين، وأن من يتزوج مسيحية يعاشرها بدون مودة، وحرم علامة السيارة ماركة شيفروليه لأنها على هيئة صليب وحرم تهنئة المسيحيين بعيدهم.. والقائمة تطول من فتاوى بُرهامى الذى إن لم يكن يفجر هو أو أتباعه فيكفيه أنه يفخخ العقول.
مؤخرًا، قال «ناجح» فى حوار أجراه مع أحد المواقع الإلكترونية، إن فرج فودة لم يكن صاحب فكر رصين، فلا يوجد علمانيون مصريون حقيقيون، ووصفهم بأنهم مدعو علمانية، إذًا ما وجه الاستفادة من مهاجمة العلمانيين بحججٍ واهية، ومنهم أن بعضهم ذهب ليحصل على مكاسب ممن سماهم الديكتاتوريين وحددهم بالرئيسين السابقين للعراق وليبيا صدام حسين ومعمر القذافى.
عنده ليس هناك أفضل من ياسر بُرهامى وفتاواه، والغريب أيضًا فيما قاله أنه هاجم فرج فودة أكثر مما هاجم قاتله، وفى جل- إن لم يكن كل- تنظيراته يستعرض ما كان عليه فى الماضى، إذ يرى أن الجماعات هى صانعة التطرف ويطالب بحلها، لكنه فى الوقت ذاته يرى أن معركة تجديد الخطاب الدينى لن تفلح لأن المجتمع ممزق.
ومن الذين تركوا هذه الجماعات ظاهريًا، وأعلنوا نيتهم عدم العودة إلى ما كانوا فيه، وما إن ضاقت عليهم الأمور إلا عادوا إلى غيهم القديم، عاصم عبد الماجد وطارق الزمر.
«عبد الماجد» له باع كبير فى التطرف وسفك الدماء، إذ كان المتهم التاسع فى قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وصدر ضده حكم بالسجن 15 عامًا أشغال شاقة، واتهم فى قضية تنظيم الجهاد ومهاجمة قوات الأمن فى أسيوط والتى استشهد فيها 118 فردًا، وصدر ضده حكمًا بالأشغال الشاقة المؤبدة فى 1984، وفى مبادرة وقف العنف الصادرة عام 1997 أعلن توبته، حتى عاد من باب السياسة بتأسيس حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية، وأيّد جماعة الإخوان وحينما تحولوا للعنف مرة أخرى تحول معهم، حتى هرب للخارج وظهر على قنواتهم محرضًا.
الثانى طارق الزمر عضو فى الجماعة الإسلامية، ورئيس حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية، شارك فى اغتيال الرئيس المصرى الأسبق محمد أنور السادات وأطلق سراحه بعدما قضى 29 عامًا فى السجن.
فى مراجعات الشهيرة 1997 رأى أن التغيير لا يكون بالعنف، لكن بالحوار أو الثورات السلمية، لكن انتكاسته كانت قريبة أيضًا، فمع خروج مظاهرات 30 يونيو ضد جماعة الإخوان خرج على منصتهم قائلًا: «أقول للذين سيخرجون فى 30  يونيو سنسحقكم»، ليعود إلى العنف مرة أخرى، ويهرب مع من هربوا بالخارج، ويبقى محرضًا أيضًا.