الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

غروب «موافى».. وشروق «السيسى»!

غروب «موافى».. وشروق «السيسى»!
غروب «موافى».. وشروق «السيسى»!


«مراد موافى».. «عبدالفتاح السيسى»، نموذجان للسقوط والسطوع المفاجئين، الغريب أن الأول رئيس المخابرات العامة وكان رئيس المخابرات الحربية، والثانى رئيس المخابرات الحربية.. والأغرب أيضا أن «سقوط موافى» و«سطوع السيسى» تواكب مع حملة مثيرة من الشائعات ضد الاثنين.. شككت فى مهنية ويقظة الأول.. والميول السياسية والانتمائية للثانى، فاتهمت الأول بأنه تطاول على الرئيس وورطه والمجلس العسكرى المقال فيما بعد فى كارثة أحداث رفح، ووجهت أصابع الاتهام للثانى بالانتماء للإخوان وتدبيره انقلابا ناعما على قادته فى المجلس العسكرى لصالح الرئيس الإخوانى!
الفارق أن «السيسى» وجد مؤسسة دافعت عنه لأنه بمنتهى البساطة فى مرحلة «سطوع ممنهج»، لكن «موافى» لم يسمع أحد صوتا يدافع عنه أو يمدحه لأنه فى مرحلة «سقوط متعمد»، والأكثر غرابة أن من باعوه مع انقلاب «مرسى» عليه لمجرد أنه رفض أن تكون المخابرات العامة «كبش فداء» فى أحداث رفح، ذاقوا مرارة هذا الانقلاب مثله تماما بعدها بأيام قليلة، وبنفس العبارة «الإحالة للمعاش».
المشهد تتقاطع فيه التغييرات المحورية الأخيرة بين «تقدير» لرئيس المخابرات الحربية بترقيته إلى فريق أول ليكون واحدا من أصغر وزراء الدفاع فى التاريخ المصرى المعاصر، و«تكدير» رئيس المخابرات العامة بإحالته للتقاعد.. فى الوقت الذى نال «موافى» فيه تقديرا دوليا قبل أقل من شهر فوصفته مجلة «الفورين بوليسى» الأمريكية بأنه الرجل الأكثر تأثيرا فى الشرق الأوسط مؤخرا، وقال المحلل الأمريكى «دافيد إجناتيوس» أن «مرسى» تخلص من جنرال يحظى بتقدير عالٍ من مسئولى المخابرات الأمريكية والأوروبية وحتى الإسرائيلية، كاشفا عن أن «موافى» كان من الذين يضغطون للقيام بحملات ضد الإرهابيين فى سيناء حتى قبل أحداث رفح بفترة طويلة، ولذا كانت الاتهامات التى روجها منتقدوه فى وسائل الإعلام غريبة جدا، ومنها أنه تجاهل التحذيرات بوقوع حادث إرهابى فى سيناء، رغم تأكيده أنه كانت لديه معلومات تفصيلية عن الواقعة وأبلغ بها الجهات المعنية.
الكاتب الأمريكى قال إن «موافى» الذى يتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة ولديه علاقات دولية واسعة مع كل الأطراف، كانت تراه المخابرات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية أحد النجوم الساطعة فى مصر، بل وصل الأمر إلى أن اعتبره البعض خليفة لعمر سليمان فى الترشح للرئاسة ولكن فى 2016، كما كان خليفة ناجحا فى رئاسة المخابرات العامة فى واحدة من أصعب فتراتها، حيث كانت تتعرض إلى أعتى الانتقادات والتى وصلت إلى التشكيك فى وطنيتها، واعتبار أنها من عناصر النظام البائد، مما اضطرها إلى الدفاع عن نفسها فى بيانات خاصة، حتى إنها كانت من أوائل مهنئى مرسى بالفوز بالرئاسة.
وكانت من إنجازات «موافى» الكثيرة فى هذه الفترة العصيبة، التوصل إلى اتفاق مصالحة بين فتح وحماس، بل توصل إلى شبه هدنة بين حماس وإسرائيل.. لكن إنجازاته المؤثرة وعلاقاته الدولية المتشعبة لم ترح البعض، واستغلوا أحداث رفح للتخلص منه، وكان هذا أصدق وآخر تعاون بين المجلس العسكرى ومرسى، وقبل إقالة المجلس العسكرى بأيام قليلة جدا .. مما جعل البعض يتندر على هذه التطورات الدرامية المتسارعة.
لكن ما يضيف علامات استفهام جديدة إلى المشهد أن نفس الاتهام الذى وجه لموافى بالتقصير فى أحداث رفح وانتهى بالرحيل، هو نفسه الذى وجه للمخابرات الحربية ورئيسها السابق ووزير الدفاع الحالى «السيسى»، إلا أنه انتهى بالترقية، بعد حملة من الدفاع عن وزير الدفاع! .. رغم الاعتراف بأن المخابرات الحربية هى المسئولة عن المنطقة، وقال أدمن صفحة المجلس العسكرى أنه حق يراد به باطل لأنها ليست وحدها المسئولة عن كل تفاصيل المشهد فى سيناء.
وبالعودة إلى الكاتب الأمريكى «إجناتيوس»، فقد كشف أن من وصفه بالرجل الاستراتيجى فى جماعة الإخوان «خيرت الشاطر» علق على ظاهرة «مراد موافى» قبل أيام من جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، أن موافى سيبقى فى منصبه لأننا لا نريد الصدام فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، لكن يبدو أن هذا كان الموقف وقتها، وقد تغير كل شىء الآن، كغيره من المواقف الأخرى!
والمثير للسخرية أن «إجناتيوس» رأى أن جنرالات المجلس العسكرى سعداء جدا بالعمل مع مرسى والإخوان والدليل التعاون على إقالة «موافى».. وكانت قراءة المحلل الأمريكى التى فشلت فى فهم مناورات الإخوان قبل أيام من تغييرات مرسى لقيادات المجلس العسكرى وفى مقدمتهم المشير والفريق!.. حيث لم تكن التغييرات الأولى التى شملت موافى وبدين ومحافظ شمال سيناء إلا بروفة للتغييرات الأوسع التى راح فيها الجنرالات العواجيز.
من الواضح جدا أن مدرسة «موافى» تختلف كليا عن مدرسة السيسى'' .. وبالتالى كان طبيعيا أن تختلف الأحاديث التى تتردد عنهما، فالسيسى أشهر ما يذكر عنه موقفه من أزمة «كشوف العذرية» وترديدات الإعلامى توفيق عكاشة بأن «السيسى» منتمٍ للإخوان ولذلك يعدونه لخلافة طنطاوى، وخرج وقتها أدمن صفحة المجلس العسكرى على الفيس بوك للدفاع عنه بكل قوة، بل أرسلوا خبراء عسكريين مقربين منهم لبرامج التوك شو لمهاجمة عكاشة والدفاع عن إخلاص ووطنية السيسى، فيما وصلت الشائعات خلال الأيام الأخيرة إلى أنه قاد انقلابا على قادته العسكريين لصالح الإخوان، ولكن الجيش رفض هذه الاتهامات ووصف مردديها بالحمقى.
فيما دافع الأمريكيون عن «السيسى» باعتبارهم يعرفونه لأنه قضى عاما من التدريب الاحترافى فى الولايات المتحدة، وكان يعد مديراً كفؤا للمخابرات الحربية، ومدح وزير الدفاع الأمريكى «ليون بانيتا» المثير للاستفزاز حديثه الأخير مع «السيسى» الذى أكد فيه التزامه القوى بالعلاقات العسكرية بين مصر وأمريكا، والتعامل بجدية كبيرة مع التزامات مصر الدولية خاصة معاهدة السلام وعزمه على عدم جعل سيناء ممرا للمتطرفين.
إجمالا.. فإن الحديث يدور حول رئيس مخابرات عامة سقط فى ظروف غامضة، ورئيس مخابرات حربية سطع فى أجواء مثيرة، بين هذا السقوط المخطط وهذا ال••طوع المرتب تتجلى تفاصيل المشهد المصرى خلال هذه الأيام.. بل الفترة القادمة، فلقد خسرنا «موافى»، لكن ما يصبرنا على هذا أننا ربحنا خليفته «محمد رأفت» الذى يشبهه كثيرا فى المقومات والتأثير الدولى، وكأن المخابرات العامة جهاز تفريخ لقيادات متميزة دون فجوة فى جيل أو اسم، وفى المقابل نتمنى النجاح للسيسى وخليفته فى رئاسة المخابرات الحربية، خاصة أن وصوله كان له أثر إيجابى على الجيش المصرى، لكن إياك وألاعيب الإخوان فلك فى سابقك ونظيرك السابق فى المخابرات العامة نذير كافٍ.
 

 
السيسى
 

 
مراد موافى