الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«البراءة» «المسلحة» فى إفريقيا

«البراءة» «المسلحة» فى إفريقيا
«البراءة» «المسلحة» فى إفريقيا


لا إنسانية لديهم هؤلاء الذين يتخذون من الأطفال دروعًا واقية، وقنابل يفجرونها  لغايتهم وأهدافهم، وهى عادة كل الجماعات الدينية التى تقتل باسم الدين.. الآن أصبح الأمر مختلفًا إذ أصبحت هذه الجماعات تجند الأطفال من الصغر ليكون الإرهاب لديهم فى الصغر كالنقش على الحجر، وهناك فائدة أخرى لهذه الجماعات أنها أصبح لديها إرهابى مصنوع على يدها، ولديه إرهاب متأصل فكرًا وعقيدة.

مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لديها وحدة خاصة بالشأن الإفريقى أجرت دراسة حول تنامى ظاهرة تجنيد الأطفال فى إفريقيا؛ من قبل التنظيمات والجماعات الإرهابية فى القارة السمراء، على يد «داعش» و«القاعدة» و«بوكو حرام» و«حركة الشباب الصومالية» وغيرها.
بدأت الدراسة بعرض نظرة الأطفال للإسلام وأنهم زينة الحياة الدنيا، ثم انتقلت إلى عرض ايديولوجية هذه الجماعات التى تستغل براءة الأطفال للسيطرة عليهم، وملء أدمغتهم بالأفكار الشاذة، لضمان توارث هذا الفكر جيلاً بعد جيل؛ استنادًا إلى أن الأطفال أكثر انصياعًا من غيرهم.
طرق التجنيد
تنوعت  أساليب التنظيمات الإرهابية فى تجنيد الأطفال، مثل: التغرير بالأطفالِ من خلال المخيمات الدعوية وتوزيع هدايا عليهم والسماح لهم باستخدام أسلحتهم واللعب بها، وقد يختطفون الأطفال ويجندونهم دون علم أهاليهم، بمن فيهم اليتامى وأطفال الشوارع، أو استقطابهم من خلال المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى تحت حلم إقامة «إمارة إسلامية».
وكشفت الدراسة عن إرسال الجماعات الإرهابية الأطفال للمعسكرات  كما فعلت جماعة «بوكو حرام» فى إقامة علاقات قوية مع التنظيمات التابعة للقاعدة فى شمال إفريقيا، خاصة تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى عبر إرسال الجماعة لعدد من مقاتليها ومنهم أطفال للقتال فى شمال مالى إلى جانب التنظيم، وهذا ما أسهم فى نسج شبكة علاقات بين التنظيمات القاعدية، وشقيقتها بوكو حرام، فى المقابل مدت بوكو حرام بالأسلحة عبر دول الجوار وتحديدًا النيجر وتشاد.
أرقام مرعبة
اعتمدت الدراسة على رصد التقارير الدولية حول أعداد الأطفال المجندين داخل الجماعات الإرهابية فى إفريقيا، إذ أكدت الدراسة وفقا لعملية الرصد أن هناك 300 ألف طفل مجندين داخل الجماعات الإرهابية بالقارة، وتتراوح أعمارهم ما بين 7 إلى 18 عامًا، وتوزيعهم كالآتى: حركة الشباب الصومالية، تم تجنيد أكثر من 6 آلاف طفل فى الصراعات المسلحة بالصومال خلال العام 2015 فقط، 40 % منهم تم تجنيدهم لصالح ميليشيات حركة الشباب الصومالية، وذلك وفقًا لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر فى 22 ديسمبر 2016، كما تم تجنيد قرابة 1800 طفل فى الصومال من قبل الجماعات المسلحة خلال الشهور العشرة الأولى من عام 2017، وتتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة، ويتلقون تدريبات عسكرية على استخدام الأسلحة النارية والتعامل مع القنابل اليدوية والعبوات الناسفة فى معسكرات خاصة؛ إذ تستغل هذه الحركة الأوضاع الاقتصادية السيئة داخل البلاد لتقديم حوافز لانضمام الأطفال إليها، وتحت وطأة هذه الأوضاع يرضخ الأطفال الصوماليون للالتحاق بـ «حركة الشباب» الإرهابية؛ مقابل راتبٍ شهرى يتراوح من 30 إلى 50 دولارًا.
يقول تقرير لمنظمة العفو الدولية؛ إن هناك شبابًا داخل «حركة الشباب» تعرضوا للجلد والرجم بالحجارة، وحالات بتر للأطراف، وأعمال قتل.
وفى أوغندا التى تشهد أحد أطول الصراعات المسلحة فى القارة الإفريقية بين القوات الحكومية ومنظمة جيش الرب المسيحية، فإنها تعد أيضا من أبرز الدول الإفريقية تجنيدًا للأطفال؛ إذ يمثل جيش الرب أبرز الجيوش الوحشية التى تجند الأطفال قسريًا ضمن حربها التى استمرت 17 عامًا ضد القوات الحكومية بشمال أوغندا.
وفى مالى هناك بؤرة ضبابية فيما يتعلق بتجنيد الأطفال منذ اندلاع القتال الداخلى فى عام 2012، ومع نشاط العديد من التنظيمات الإرهابية المسلحة المتحالفة مع تنظيم القاعدة فى مالى مثل حركة التوحيد والجهاد وحركة أنصار الدين، فإن ظاهرة تجنيد الأطفال هناك رائجة، إذ تم تجنيد ما لا يقل عن 175 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عامًا.
وفى يناير 2013، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن أطفالًا فى مالى لا تتجاوز أعمارهم (12) عامًا شوهدوا يشاركون فى القتال حاملين الأسلحة، وبنادق الصيد، مضيفةً أن الجماعات المتشددة جندت ودربت واستغلت مئات من الأطفال فى قواتها منذ شهر أبريل 2012، وفى أبريل 2015 أظهر مقطع فيديو مجموعات مسلحة تجند الأطفال بالإكراه فى مالى.
النيجر  تعتبر الدولة الإفريقية الثانية التى قد يكون أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم داعش انتقل إليها فى الفترات السابقة أو ظل فيها لبضعة أسابيع، وذلك بحسب ما تردد فى تقارير الصحف الأجنبية خاصة الأمريكية.
أعدت وكالة الأنباء الإيطالية دراسةً إنسانيةً تتحدث  فيها عن أطفالِ النيجر وتجنيدهم من التنظيمات الإرهابية؛ خاصة تنظيم «داعش» الإرهابى،قالت فيها إن أطفالَ النيجر يحيطهم الخطر من جميع الاتجاهات بسبب «داعش» والفقر والجوع، وعقب توارد أنباء عن وجود أبوبكر البغدادى فى النيجر، كثرت العمليات الإرهابية ضد قوات الأمن الأمريكية والفرنسية.
جماعة بوكو حرام الإرهابية فى نيجيريا، ضالعة فى تنامى ظاهرة تجنيد الأطفال بسبب الصراع الدائر بينها وبين الجيش النيجيرى،فوفقًا للتقرير الذى نشرته «ميدل إيست أونلاين» فى أغسطس 2015 بلغ عدد الأطفال المجندين فى نيجيريا ما يزيد على 4 آلاف طفل، وفى عام 2017 أجبرت جماعة بوكو حرام ما لا يقل عن (135) طفلًا على القيام بعمليات انتحارية، أى ما يقرب من خمسة أضعاف عدد العمليات التى وقعت عام 2016.
الدراسة كشفت عن أن الجانب المادى يضع بصمته فى تكوين الأيديولوجية الفكرية والسيكولوجية النفسية لهذه الجماعات؛ فتستغل حاجة الأطفال إلى المال وتجذبهم إلى صفوفها لتنفيذ عمليات إرهابية.
فتاة استطاعت الهروب من بوكو حرام فى نيجيريا قالت: «جاءوا إلى قريتنا بالبنادق، وقالوا لنا إنهم يريدون الزواج منا، فقلنا لهم نحن صغيرات جدا، لكنهم أصروا وتزوجوننا «عنوة»، مضيفة: «قادة بوكو حرام يأتون إلينا ويسألون: «من الذى يريد أن يقوم بتفجيرات انتحارية لنصرخ كلنا، فى البداية كنت أتخيل أن ذلك من شدة حرصهم على اتباع تعليمات الجماعة، لكن تبين أنهم يريدون فقط الهروب من بوكو حرام.
الدراسة أكدت أن واحدة من كل 5 هجمات انتحارية تتبناها الجماعات المسلحة فى (نيجيريا – الكاميرون – تشاد)، ينفذها أطفال، وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 400 ألف طفل إفريقى يتعرضون للخطر بسبب كثرة الجماعات الإرهابية فى مخيمات اللاجئين بنيجيريا، بالإضافة إلى الأمراض التى تنتج عن تلوث المياه والأطعمة.
عمليات نفذها أطفال
رصدت الدراسة عددًا من التفجيرات نفذها أطفال جندتهم الجماعات الإرهابية، وفى أول سابقة من نوعها استخدمت «بوكو حرام» طفلة عمرها 7 سنوات، فى تنفيذ عملية انتحارية بنيجيريا، وذلك فى 22 فبراير 2017، وهى الحادثة التى قتل فيها 5 أشخاص فى أسواق مدينة بوتيسكوم شمال شرقى نيجيريا.
تفجير آخر نفذته بوكو حرام باستخدام طفلتين فى سوق شعبية بمدينة مايدوغورى عاصمة ولاية برنو شمال نيجيريا.
واختتمت الدراسة إن الناظر لتاريخ الجماعات الإرهابية والمتابع لمسيرتها القائمة على أشلاء الأبرياء وأعراض التخريب والتشريد، ليوقن تمامًا أن هذه الجماعات ما كان لها أن تصبح فى هذه القوة لولا الدعم المادى الذى يأتيها من قوى دولية، وأن الأمر الذى يسعى الأزهر الشريف للقيام به جاهدًا من خلال عمل دؤوب على وضع الأمور فى نصابها وكشف زيف هذه الجماعات الملتحفة بعباءة الدين، والدين منها براء، من خلال مواجهة الفكر بالفكر، متبعًا أسلوب العقل فى معالجة ظواهر الغلو والتطرف، كما يقوم الأزهر من خلال مرصده لمواجهة الفكر المتطرف بعرض الأفكار التى يروج لها هؤلاء ويفندها يدحض مزاعمهم القائمة على الاجتزاء والنصوص المبتورة.