الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جنايات فقهية.. لا أحكام شرعية !

جنايات فقهية.. لا أحكام شرعية !
جنايات فقهية.. لا أحكام شرعية !


آراء فقهية شاذة، وفتاوى متروكة –لعلة وبدون- كلها توظف لإخضاع المرأة، وفى هذه الحالة يرتدى الباطل ثياب الحق، وذلك عبر جعل الشاذ حالات عامة، وهجر الأمور الحسنة لو كانت بصالح المرأة وضد الرجل.
البعض يأخذ بما يتفق مع أغراضه، ساقطًا فى وحل الأخذ بشطحات الأقوال، حتى أهانوا المرأة فى حياتها ومماتها استنادًا إلى رأى لا يقبله العقل ولا الإنسانية.
البعض يحاول إبراز أن قائمة المنقولات الزوجية التى تضمن حق الزوجة ليست من الدين ولم يقرها أحد، وهذا أمر حقيقى،لكنها أيضًا ليست محرمة، بل هى كتاب لضمان الحقوق وهو أمر مستحب.
المعركة أصبحت بين طرفين، الأول يحاول أن يُقيد المرأة بما أقره الفقهاء –وهى أفعال لا تقبلها الإنسانية- والآخر يتحايل على الدين ومن ذكر من يرفض قائمة المنقولات.
إجبار المرأة على الزواج
يظلم الشيوخ المرأة فى زواج القاصرات، ويتحجون فيه بأن النبى تزوج السيدة عائشة، وهى ابنة 9 سنين، وهى الفتوى التى ذهب إليها البعض استنادًا إلى حديث عند البٌخارى ومسلم نصه: «عن عائشة رضى الله عنها قالت: «تزوجنى النبى وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة،... فأسلمتنى إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين».
وهى الرواية التى رفضها شيخ الأزهر قائلًا: «ما سمعنا عن زواج سيدة قبل البلوغ».
وهنا إهدار كامل لحق المرأة فى الاختيار فى الزواج، وهو الحق الذى عمل بعض رجال الدين على اعتباره غير موجود، فى حين أن الشرع فى هذه النقطة ينص على حكم فيمنيستى ينتصر للمرأة ولحقها، ومن الأحاديث التى وردت عن البخارى ومسلم أيضًا، «البكر تستأمر وإذنها صمتها والأيم تعرب عن نفسها»،  بمعنى أنه إذا تقدم رجل لخطبة فتاة، وكانت بكرًا أى لم يسبق لها الزواج ورفضت الرجل المتقدم لخطبتها، لا يجوز لولى أمرها أن يجبرها على أن يعرف أسباب رفضها له، بل يكفيها أن تقول أرفض وتصمت، أما الأيم التى سبق لها الزواج، فلها أن تعبر عن رفضها استنادًا إلى أنها أكثر خبرة بأن سبق لها الزواج ويمكنها أن تعبر عن ذلك.
هذا الحديث الذى يرفضه البعض أو لا يذكره ينسف من الأساس فكرة زواج القاصرات، إذ كيف يمكن أن يكون هناك نص على وجوب استشارة المرأة فى رأيها فكيف يمكن لطفلة أن يكون لها رأى حاسم فى مسألة زواجها وهى طفلة.
مضاجعة الوداع
إذا كان التعامل مع التراث يعنى بمنطق أخذه كما هو، دون رده أو تصححه، فالمسلمون سيفعلون أشياءً لا تعرفها الإنسانية.
ومن ذلك مضاجعة الزوجة الميتة أما ما سُمى بمضاجعة الوداع، والتى أعاد الحديث فيها قبل سنوات الدكتور صبرى عبدالرؤوف الأستاذ بجامعة الأزهر، ولام عليه كثيرون، لكن حقيقة الأمر أنه لم يأت بشيءٍ من عنده بل نقل ما قاله الشافعية، ومنها: «لا حد بوطء ميتة فى الأصح»، وذُكر ذلك فى كتاب «جهد المحتاج فى شرح المنهاج»، وهو الرأى الذى قالت به بعض كتب الفقه الأخرى، خاصة المشهور منها، لكن الفتاوى التى حرمت فعل مضاجعة الوداع للزوجة الميتة، إنما حرمتها على أساس أنه فعل يتعارض مع الإنسانية، فى حين أنه ورد بالموافقة فى بعض كتب الفقه.
التعتيم على اختلاط الأنساب
كان أبو حنيفة النعمان ممن سقطوا فى الأمور الشاذة التى بُنى عليها فى الفقه، ومنها قوله أنه إذا تزوج الرجل امرأة فى مجلس، ثم طلقها فيه، ثم أتت امرأته بولد بعد ستة أشهر من العقد أصبح الولد ابنه، ومثله رجل تزوج فى المشرق بامرأة فى المغرب، ثم مضت ستة أشهر وأتت له بولد، فإنه يلحق به، لأن الولد إنما يلحقه بالعقد ومضى مدة الحمل، وإن علم أنه لم يحصل منه الدخول عليها.
من الفتاوى الشاذة أيضًا والتى تركتها الإنسانية –لأبوحنيفة أيضًا أنه لو تزوج رجلان امرأتين، فاختلط الأمر بينهما عند الدخول، فزُفت كل واحدة إلى زوج الأخرى فوطأها وحملت منه لحق الولد بالزوج لا بالواطئ، لأن الولد للفراش، وأفتى بأنه لو ادعى مسلم وذمى ولدًا، وأقام كل منهما بينَّة فإن الولد يلحق بالمسلم، وإن كان شهود الذمى مسلمين وشهود المسلم من أهل الذمة، معللاً بأن ذلك موجب لإسلام الولد، فى حين أن هذا يؤدى لاختلاط الأنساب.
وهناك كتاب مخصص للآراء الشاذة عن أبى حنيفة وهو «المُصنَّف» لابن أبى شيبة باب، باسم «مخالفات أبى حنيفة للأحاديث المروية عن النبى».
مدة الحمل 4 سنوات
الآراء الشاذة جاءت أيضًا عند الإمام الشافعى ومنها قوله أن أكثر مدة للحمل هى أربع سنوات، مستندًا إلى ما رواه البيهقى فى سننه بأن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس: إنى حدثت عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: «لا تزيد المرأة فى حملها على سنتين قدر ظل المغزل»، فقال: سبحان الله من يقول هذا؟ هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن فى اثنتى عشرة سنة تحمل كل بطن أربع سنين.
وعليه فإن المرأة إذا ولدت لأربع سنين فما دون من يوم موت الزوج أو طلاقه ولم تكن تزوجت ولا وطئت ولا انقضت عدتها بالقروء، ولا بوضع الحمل فإن الولد لاحق بالزوج وعدتها منقضية به، كما أن المرأة التى أنجبت بعد فراق زوجها بأقل من أربعة أعوام لا تتهم بالزني.
الزواج من الابنة من الزني
ومن الشاذ أيضًا عند الشافعى أنه أحل زواج الرجل من ابنته من الزنى، ومن أخته وبنت ابنه وبنت بنته وبنت أخيه وأخته من الزنى، مستدلًا بأنها أجنبية منه ولا تنتسب إليه شرعًا.
الإمام أحمد بن حنبل اتفق مع فقهاء الفتاوى الشاذة فى مدة حمل المرأة والتى أمدها إلى 4 سنوات.
العصمة فى يد المرأة
من المهجور والمتروك أيضًا أن تكون المرأة فى يدها عصمتها أى تطلق نفسها وقتما أرادت، وأجمع على ذلك بعض الفقهاء، واستندوا فى ذلك، إلى أن الطلاق حق من حقوق الزوج، فله أن يطلق زوجته بنفسه، وله أن يفوضها فى تطليق نفسها، وله أن يوكل غيره فى التطليق، لكنهم اشترطوا أن التفويض والتوكيل لا يسقطان حقه، ولا يمنعه من استعماله متى شاء، وخالفهم فى ذلك الظاهرية، فقالوا: إنه لا يجوز للزوج أن يفوض لزوجته تطليق نفسها، أو يوكل غيره فى تطليقها، لأن الله تعالى جعل الطلاق للرجال لا للنساء.
وقال مالك، والشافعى: الأمر مقصور على المجلس الذى قيل فيه هذا الأمر فقط،  لأنه تخيير لها.
الزوج ليس مُلزمًا بعلاج زوجته
على غير المتعارف عليه، فإن أصحاب المذاهب الأربعة قد أجمعوا على أن الزوج ليس مكلفًا بعلاج زوجته المريضة ولا بأجرة الطبيب، لكنها فتاوى وآراء أسقطتها الإنسانية، والدليل عليها من كتب الفقهاء.
والدليل من المذهب الحنفى،ما قاله ابن عابدين فى حاشيته  «أن النفقة هى الطعام والكسوة والسكن ولا يجب على الزوج غير هذه الأشياء الثلاثة» وصرح الكسانى بأن الزوجة «لو مرضت فى الحضر كانت المداواة عليها لا على الزوج».
ووصل الأمر إلى «أنه إذا مرضت الزوجة مرضًا يمنعها عن حياتها الزوجية تسقط عنها النفقة».
لم يبتعد كثيرا المذهب المالكى عن المذهب الحنفى فى هذا الخصوص بل سار على الدرب، فقد نص الشيخ خليل على أنه ليس من حق الزوجة المكحلة، أى أدوات الزينة والدواء والحجامة والثياب التى تخرج بها.
وجرى الشافعى على قول المذهب المالكى والحنفى حيث صرح أن الزوج «لا يكلف غير الطعام العام ببلده الذى يقتاته مثلها، ومن الكسوة والإدام بقدر ذلك».
أما المذهب الحنبلى، فذكر ابن قدامة أن الزوج «لا يجب عليه شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب، لأنه لا يراد لإصلاح الجسم فلا يلزمه وتجب عليه كسوتها فقط».