الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اشتعال «حرب الجواسيس» بين بكين وواشنطن

اشتعال «حرب الجواسيس» بين بكين وواشنطن
اشتعال «حرب الجواسيس» بين بكين وواشنطن


وسط أجواء من التوتر والغموض بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، فى ظل الحرب التجارية المعلنة بين الجانبين منذ مارس الماضى، كان أن أعلن الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» عن نيته فرض رسوم جمركية تصل إلى 50 مليار دولار على السلع الصينية.. فردت الحكومة الصينية بفرض رسوم جمركية على أكثر من 182 منتجًا أمريكيًا فى ضربة قوية للاقتصاد الأمريكى.
هنا وجدت وزارة أمن الدولة MSS فى الصين، وهى وزارة غامضة تقوم بعمل أجهزة الاستخبارات، بل إنها تعتبر جهاز الاستخبارات الرئيسى فى الصين، نفسها محط أنظار العالم بعد أن سلطت وسائل الإعلام الأضواء على أنشطتها المختلفة، بدءا من اتهام مسئولين صينيين بالتخطيط لحملة طويلة منذ عقد كامل لسرقة الملكية الفكرية والاستيلاء على الكثير من المعلومات من عدد كبير من الشركات.
وضعت واشنطن المسئولين «زهو هوا» و«زهانج شيلونج» ضمن لائحة اتهام شاملة تضم الاختراقات المختلفة حول العالم، ووجهت إليهما اتهامات فى ديسمبر الماضى بالتنسيق مع مسئولى الـMSS للقيام بحملة ممنهجة من القرصنة والاختراق لـ45 شركة خاصة ووكالة حكومية أمريكية، إلى جانب عدد آخر من الشركات حول العالم. ومن جانبها نفت بكين هذه الاتهامات ووصفتها بأنها «بلا أساس»، بينما أكد وزير الخارجية الأمريكى والمدير السابق لـ«وكالة الاستخبارات المركزية» CIA «مايك بومبيو» أن الأنشطة التى تقوم بها الصين تخرق الاتفاق المبرم بين الجانبين الصينى والأمريكى عام 2015 والذى تعهدت فيه الصين بالتوقف عن دعم سرقة الملكية الفكرية والأسرار التجارية والاختراقات الإلكترونية المختلفة.
بعدها قام عملاء من MSS باعتقال مواطنين كنديين فى الصين بشكل مفاجئ فى أعقاب القبض على المديرة المالية لشركة «هواوى» الصينية فى كندا، بناءً على طلب واشنطن، مما أثار أزمة دبلوماسية، والمعروف أن شركة «هواوى» نفسها واجهت لفترة طويلة اتهامات بكونها تصنع معدات لاسلكية يمكن استخدامها كباب خلفى لجهاز الاستخبارات الصينى للتجسس على شبكات الولايات المتحدة، وهو ما نفته بكين، ورغم ذلك تستمر الوزارة فى النمو والانتشار هذا مع تعزيز الرئيس الصينى «شى جينبينغ» للقوانين الأمنية فى حين تبقى حدود سلطته غامضة.
وفيما يلى نحاول التعرف على جهاز الاستخبارات الصينى الغامض الذى يظهر كوزارة، بينما يعمل فى الواقع على جمع المعلومات والاختراق والقرصنة الإلكترونية وهو عمل استخباراتى وليس إداريًا.   
>ما هى وزارة أمن الدولة الصينية MSS؟
على الرغم من أن وزارة أمن الدولة قد أنشئت فى عام 1983، إلا أنه لا يزال عدد العاملين بها بالإضافة إلى المقر الرئيسى أمرًا سريًا، ويقال عن المقر الرئيسى أنه مبنى مجهول وغير معروف يقع فى غرب بكين، كما أن الوزارة أيضًا لا تمتلك موقعًا رسميًا أو مكتبًا إعلاميًا، أما فيما يتعلق بمهامها، على الأقل إذا ما قارناها بالاستخبارات الأمريكية، فهى تجرى عمليات استخباراتية فى الخارج مثل «وكالة الاستخبارات المركزية» CIA وتعمل على مكافحة التجسس داخل البلاد مثل «مكتب التحقيقات الفيدرالى FBI».
> من يدير وزارة أمن الدولة الصينية؟
يتولى منصب رئيس وزارة MSS رسميًا منذ عام 2016، «تشن وينكيك»، مأمور الشرطة السابق الذى ساعد فى توجيه حملة الرئيس الصينى «شى» لمكافحة الفساد على مستوى الدولة، هذا كما شغل «تشن» منصب نائب مدير لجنة الأمن القومى للحزب الحاكم التى أنشأها «شى» فى عام 2013 من أجل منح الحزب الحاكم السيطرة على الشئون الأمنية، وعلى الرغم من أن الرئيس الصينى الحالى قد كان له دور كبير فى وضع ورسم السياسات أكثر من الرؤساء الذين سبقوه، فإن مجلس الدولة، مجلس الوزراء الصينى الذى يرأسه «لى كه تشيانغ»، هو من يقوم بالإشراف على الوزارة.
نشاط الجهاز الغامض
وبموجب قانون الأمن القومى لعام 2015، توسعت سلطة MSS من الفضاء الخارجى إلى أعماق المحيط بالاضافة إلى الإنترنت كما أن MSS تطلب من إدارات حكومية التعاون معها، رغم أن وزارة أمن الدولة الصينية لا يعرف عنها قيامها بعمليات شبه عسكرية أو عمليات سرية مثلما تفعل CIA فإنها تدير مرافق ومراكز احتجاز سرية، كما أنها تشتهر بوضع معارضيها تحت الإقامة الجبرية بدون توجيه أى الاتهامات جنائية لهم ومن بين هؤلاء « تشن جوانجتشنج» محامى حقوق الإنسان الضرير الذى هرب إلى السفارة الأمريكية فى بكين فى عام 2012، ثم انتقل فى النهاية إلى نيويورك.
أما فى مجال الفضاء الإلكترونى تستفيد الوزارة من العلاقات الوثيقة التى تجمع بينها وبين كبرى الشركات التكنولوجية العملاقة مثل محرك البحث «بايدو» ومجموعة «على بابا القابضة»، وهى شركة صينية شهيرة تتبع القطاع الخاص الصينى وتحقق إيراداتها كبيرة من أنشطتها التجارية عبر شبكة الإنترنت، وشركة «تينسنت» المتخصصة فى مجال الإنترنت والألعاب.
يزعم المحتجزون، سواء كانوا أجانب وصينيين، أنهم تم انتهاك حقوقهم من قبل رجال الأمن، فقد تحدث بعض من المحتجزين عن تعرضهم لاستجوابات امتدت إلى 6ساعات يوميًا، ولم يكن يسمح لهم بالاتصال بمحامين، بل يتم احتجازهم وحبسهم داخل زنزانات تحت أضواء لا تنطفئ أبدًا.
وقد أكد «مايكل كوفريج» أحد الكنديين الذين تم إلقاء القبض عليهما واحتجازهما ردًا على القبض على «منج ونزاو» المديرة المالية وابنة مؤسس شركة «هواوى» فى كندا فى 1 ديسمبر الماضى، أنه واجه ظروفا مشابهة. لم تكن هذه هى الحالة الوحيدة، بل سبق أن اعتقل الناشط الحقوقى السويدى «بيتر داهلين» بتهمة تعريض أمن الدولة للخطر فى عام 2016 وفيما بعد ظهر «داهين» على التليفزيون الحكومى الصينى لإجباره على الاعتراف بالإكراه.
 >ماذا كسبت أو خسرت MSS؟
مؤخرًا، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن المخابرات الصينية ونظيرتها الروسية يرصدان ويتنصتان على مكالمات الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، وذكر «بيتر ماتيس» محلل صينى سابق فى وكالة الاستخبارات المركزية CIA لصحيفة «فورين بوليسى» أنه على الأرجح فإن «وزارة أمن الدولة» الصينية MSS هى المتهم الرئيسى.
ومن ناحية أخرى، ذكرت صحيفة «التايمز» فى عام 2017 أن السلطات الصينية قد قامت بتفكيك عمليات CIA فى الصين على مدى عدة سنوات، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 من مصادر وكالة الاستخبارات المركزية فيما وصف المسئولون الأمريكيون هذا الحدث بكونه أحد أهم الضربات التى تلقتها الاستخبارات الأمريكية بينما اعتبرته الصين انتصارا جديدًا لجهازها الاستخبارى السرى.
هذا كما أعلنت وسائل الإعلام الأسترالية أن وزارة أمن الدولة الصينية كانت مسئولة عن موجة من الهجمات على الشركات الأسترالية فى عام 2018 على الرغم من اتفاقات ثنائية التى تنص على عدم سرقة الأسرار التجارية التى تخص كلا الجانبين.
ومن جهة أخرى تم اعتقال ضابط صينى كبير بوزارة أمن الدولة فى بلجيكا وتم ترحيله إلى الولايات المتحدة فى شهر أكتوبر لاتهامه بالتآمر للاستيلاء على الأسرار التجارية من شركات طيران كبرى وتفيد التقارير بأنها المرة الأولى التى يتم فيها إحضار جاسوس حكومى صينى إلى الولايات المتحدة لتوجيه الاتهام ومواجهة العقوبة، هذا إلى جانب كونها واحدة من لوائح الاتهام التى تزعم التجسس الاقتصادى.
تلعب الوزارة دورًا رائدًا فى أجهزة التجسس الهائلة بما فى ذلك الشرطة والجيش وأجهزة أخرى فى الدولة التى تقوم بنقل وتحويل المعلومات إلى المقر المركزى، ويبدو أن الفروع الإقليمية يكون لديها مهام وملفات محددة، حيث كان لمكتب بكين دور قيادى خلال قضية «كفريديج»، هذا فى حين ظهر مكتب شانجهاى فى عدد من قضايا التجسس المتعلقة بالولايات المتحدة.