بنى مجده بـ «فضة وذهب» .. كرم جابر : سيمفونية النصر على أوتار ممزقة

طارق مرسي
تمزق أوتار عضلات كتفه لم يمنعه من عزف سيمفونية النصر وتحقيق إنجاز مصرى أولمبى غير مسبوق كأول لاعب يحقق ميدالتين أولمبيتين فى تاريخ المشاركات المصرية.
أتحدث عن «كرم جابر» معجزة المصارعة المصرية الفائز بفضية المصارعة الرومانية وزن 84 كيلو فى أولمبياد لندن مسجلاً الفرحة الثانية لمصر فى بطولة الميداليات المرموقة بعد فوز الفارس علاء الدين أبوالقاسم بالفضية الأولى فى سلاح الشيش.
«كرم» سجل له ولمصر مجداً شخصياً بتحقيق ثانى إنجاز أولمبى له بعد فوزه الأول بذهبية المصارعة فى أولمبياد أثينا وزن 96 كيلو عام 2004 واعتبر بهذا النصر أفضل مصارع فى العالم.
وفى دورة لندن 2012 حصل على الميدالية الفضية بعد خطأ تحكيمى فاضح وكان من الممكن حسب تقدير الخبراء أن يقدم مدربه اعتراضاً قانونياً يصحح خطأ التحكيم الذى اتضح أنه جامل رئيس الاتحاد الدولى للمصارعة الروسى الجنسية ومنح فوزاً غير مستحق للمصارع الروسى آلان جوايف، ورغم هذا السقوط الفادح أضاف المصارع المصرى الإسكندرانى فرحة جديدة للشارع المصرى الغاضب من أحداث سيناء وسقوط القتلى فى مذبحة مشبوهة.
وكان «جابر» قد فاز فى دور الـ 16 على المصارع الكرواتى تانيد زوجتيش ثم انتصر على الفرنسى ميلونين ميلونين بدور الثمانية ثم البولندى جانكوسكى وهو وصيف بطل العالم فى الدور قبل النهائى.
البطل التاريخى للمصارعة المصرية لم يأت نصره من فراغ بعد أن تجاوز كل المطبات التقليدية التى صادفت مشواره بداية من عودته بعد غياب طويل عن اللعبة وخضوعه لتدريبات قاسية لإنقاص وزنه قرابة 12 كيلو جرامات بالإضافة إلى عدم وجود رعاية كافية من اتحاد اللعبة الذى يدار حسب تصريحاته على طريقة مراكز الشباب ورغم هذا وبينما أعيش لعبة المصارعة فى أسوأ أيامها نجح فى تحقيق الإنجاز الأولمبى الفريد من نوعه فى مصر والعالم العربى، ورغم إصابته بتمزق شديد فى أوتار الكتف دفعته لوضع لاصقة زرقاء وتناول مسكنات لمواصلة المشوار الصعب وتحقيق المجد رغم إهمال الجميع حوله ورفضه قبل انطلاق الأولمبياد بأيام قليلة الانضمام إلى اتحاد «دابليو دابليو إيه» «WWe» لتنظيم بطولات المصارعة الحرة بالولايات المتحدة الأمريكية ليؤكد رغبته فى استكمال مسيرته الأسطورية فى لعبة المصارعة الرومانية والفوز بلقب جديد لمصر.
ولأننا نعيش تحت سقف من الحرية بعد ثورة يناير فقد شن جابر هجوما عنيفاً على المسئولين باتحاد اللعبة التى أهملته لكنه صمم على تحقيق النصر بالجهود الذاتية والعودة من قرار اعتزال اللعبة بعد ضغوط كبيرة من المقربين منه.
الصحف العالمية وخاصة البريطانية كانت لها وقفة مع إنجاز كرم التى خصصت له مساحات من صفحاتها ووصفته بأنه مصارع يمتلك قلب بطل وذهبت هذه الصحف إلى أبعد بالقول بأن المصريين قادرون دائماً على تحقيق المعجزات وقالت عن جابر إنه واجه مشاكل كثيرة بعضها كان هو السبب فيه وأخرى لم يكن له دخل فيها، وذكرت الصحف بأن إنجاز جابر يفوق الوصف حيث إنه عائد من الاعتزال وأيضا بعد نتائج مخيبة للآمال فى دورة بكين عام 2008 التى احتل فيها المركز الـ 12 الأمر الذى دفعه للتفكير فى الاعتزال ولكنه عاد بطلاً وكان قريباً من حصد الذهبية.
إن مشوار «جابر» الملىء بالإنجازات والذهبيات والفضيات وكما يقولون إنه بنى من طوبة فضة وطوبة ذهب فإنه خالف الأمثال ليحقق مجداً بميدالية فضة وأخرى من ذهب إنه تاريخ يستحق التأمل والدراسة لهذه المعجزة التى من الصعب أن تتكرر رغم المناخ الفاسد الذى نشأ حوله رغم ذلك يحلم البطل الأولمبى الفذ بإصلاح ما يمكن إصلاحه وتوسيع دائرة اللعبة وإنشاء أكاديمية للمصارعة فى الإسكندرية لتكون نواة لإطلاق أبطال لمصر.. أما المفاجأة التى لم يتوقعها أحد فقد فجرها جابر بأنه مازال قادراً على العطاء ويراهن من الآن على المشاركة فى أولمبياد البرازيل عام 2016 حتى أنه يخطط لها من الآن ليؤكد أنه بطل رغم الصعوبات والمحن وأيضا السن.